فشل امريكي اخر في العراق اسمه
(الاقتصاد)
بقلم ايريك لوبوشيه
ترجمة عدوية الهلالي
عن: لوموند
ضمن
محاولات ادراة بوش لمطالبة البرلمان بمبالغ اضافية للنفقات
الحربية في العراق وافغانستان قامت وزيرة الخارجية
كوندوليزا رايس بشرح الموقف امام مجلس الشيوخ الامريكي
والتأكيد على ان الوضع في العراق قد يتحسن رغم كل العوائق
..
وواجه عضو مجلس الشيوخ الديمقراطي لولاية داكوتا الشمالية
كنيت كونراد السيدة رايس بدبلوماسية قائلا : (( قال لنا
المفتش العام قبل ايام عكس ما ذكرته ، فالاوضاع تزداد سوءا
رغم كل المال الممنوح لتحسينها ، وأذن فمن سيكون علينا ان
نصدقه ؟! : تلعثمت السيدة رايس امام اعتراض السيناتور وكان
عليها ان تقر بالحقائق وتتقبلها .. اما المفتش العام !
ستيوارت باون ، فقد لخص الاحداث بوصفها بـ((الرهيبة ))
امام مجلس الشيوخ في الثامن من شباط الجاري )) وكان
الكونغرس قد دعا المفتش العام في نهاية عام 2004 لمراقبة
سير عمليات الاتفاق وحالات التأخير والتبذير التي رافقت
الاشهر الاولى بعد الانتصار العسكري الامريكي في العراق ،
اضافة الى حالات التحايل والتزوير وما الى ذلك .. وكان
مستر باون قد اكتشف أن الاحداث الجارية وخاصة الظروف
الامنية قد غيرت الآراء بشكل كامل وان التفاوت كبير جدا
بين اهداف اعادة اعمار البلاد المحددة منذ سقوط صدام حسين
في عام 2003 والواقع الحالي ..
ففي ما يخص الـ(136) مشروعا التي تم التخطيط لها لتوفير
الماء، لم ينفذ الا 49 منها كما ان 36% فقط من المشاريع
جرت متابعتها وتخص اعمال التنظيف والري والسدود بينما اهمل
الجزء الاكبر منها ، وكذلك جرى الامر بالنسبة لتوفير
الطاقة الكهربائية .
وكانت النتائج ان البنى التحتية قد تعرضت للخراب والتلف
ومعها الخدمات الحيوية التي يجري تقديمها للمواطنين بشكل
رديء جدا فلم ينتج من الطاقة الكهربائية الا الشيء القليل
، وبات التيار الكهربائي يزور البيوت العراقية في بغداد
مثلا بمعدل 3 ساعات في اليوم ، وقد يكون الحال افضل بقليل
بالنسبة لبقية المحافظات .. اما بالنسبة للماء الصالح
للشرب فلا تزال نسبة كبيرة من السكان محرومة منه .
ولكن يبقى الفشل الاكبر لادارة بوش هو ما يتعلق بالنفط اذ
ان الانتاج لم يتجاوز ( مليوني ) برميل في اليوم ، وتقول
تقديرات اخرى انه لم يتجاوز (1,7) مليون برميل في اليوم ..
كما ان سعر النفط الخام ارتفع الى 60 دولاراً.
بموازاة ذلك لا بد من القول ان حالة التمرد في العراق تدمر
حالة البناء وان كلفة الامن استلزمت منذ ذلك الحين ما بين
20-50 % من قروض المشاريع بسبب الانفجارات والاعتداءات
والتخريب اضافة الى استمرار التهديدات التي يعاني منها
الاشخاص العاملون في تلك المشاريع .. ومن المعروف لدينا ان
2300 جندي امريكي قد قتلوا وحدث الشيء بالنسبة لـ(467) من
المتعاقدين من المدنيين . ويحدث هذا رغم وجود قوات امريكية
تتألف من 138000 رجل ليسوا عاجزين عن ضمان امن المنشآت
النفطية اضافة الى الجنود العراقيين الذين يصل عددهم حاليا
الى 227000 جندي وهم ليسوا باقل كفاءة من الامريكان ..
ويبد ان سير العملية السياسية للبرلمان والحكومة العراقية
التي تمثل عنصرا ايجابيا لن تساعد في تقويم الاقتصاد
العراقي . وهو ما أثار شكوك المفتش العام بشكل اكبر .. اذ
ان الحكومة العراقية قاصرة حتى الان عن ادارة مسؤوليات
البلد ومحرومة من الاشراف على مشاريعه ..
في ما يخص ادراة بوش ، فأن الديمقراطية لها ثمنها مقابل
انتعاش اقتصادي .. وبعد ان سقط نظام حكم صدام وصار عمل
العراقيين ان ينتخبوا مرشحهيم ، فمن الضروري البدء بعملية
السلام والبناء وتحقيق الرخاء والازدهار ، لكن حرب
العصابات وعمليات المتمردين احبطت هذا الامل ، وبعد ثلاث
سنوات من الانتصار الامريكي يبدو ان الديمقراطية في العراق
تستحق الكثير من التضحيات لكن الاقتصاد مازال ينمو بشكل
خامل جدا ولم يتطور مطلقا .. وفي شهر اب المنصرم ، وصلت
وزارة الدولة للأمور المالية في الولايات المتحدة
الامريكية الى نفس النتيجة اذ ادت حالات العنف الى ايقاف
الاستثمارات وضمور التجارة ، ويبدو ان الفشل الامريكي في
السيطرة على البلد يرافقه فشل اقتصادي واضح ، وهذا ليس كل
شيء ، اذ ان نفقات الحرب فجرت قضية جديدة ، فقد قدرت ادارة
بوش في عام 2003 نفقات حربها في العراق ما بين 50- 60
مليار دولار بينما انفق حتى الان 251 مليار دولار وفق
دراسة اجرتها المحللة الاقتصادية لورا بايلمز وجوزيف
ستغلتز (الحائزة على جائزة نوبل) ونشرت في جريدة فينانشيال
تايمز وجاء فيها ايضا مامعناه ان قرار ادراة بوش، بابقاء
قواتها في العراق لخمس سنوات اخرى حتى بعدد قليل جدا
سيكلفها 200-270 مليار دولار اضافية .
يضاف اليها نفقات العناية بالجرحى ومؤونة الجيش واستبدال
عجلاتهم وتجهيزاتهم العسكرية ، وهكذا فقد ارتفعت التكاليف
الى ما بين 750-1200 مليار من الدولارات وهو ما يفوق
المبلغ السنوي لتطوير جميع البلدان الغنية بمقدار 10 مرات
.
ولعمل موازنة مناسبة ، كان يجب الاعتماد على النفط العراقي
لكن تناقص انتاجه يشارك في قلة عرضه ويسهم في رفع اسعار
النفط .. واذن فلابد لادارة بوش ومن قبلها الكونغرس ومجلس
الشيوخ التنازل عن حساب النتائج الاخرى والنظر بروية اكبر
لثمن اثارة سخط المسلمين في العالم كله والى تلك البقعة
التي لطخت سمعة الولايات المتحدة في غوانتانامو!!
|