مواقف

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

القوات العراقية الخاصة ترسخ أقدامها محل القوات الامريكية

بقلم: توم شانكر
ترجمة زهير رضوان

عن نيويورك تايمز

انطلقت ثلاث طائرات هليكوبتر من قاعدة العلميات الخاصة الواقعة خارج بغداد بعد منتصف الليل ، متجهة نحو منطقة ريفية حيث كان يختبيء رجل يشتبه بأنه قائد مجموعة من المتمردين . حطت الطائرات خارج مدى سمع القرية وبدأ قرابة ثلاثين رجلا مسيرتهم السريعة على طول الشوارع الساكنة ، وعبر الحقول ، خائضين في اخاديد مليئة بالمياه القذرة الباردة ، ومسرعين لأنجاز عمليتهم قبل شروق الشمس . احاطت القوات بالمنزل للأيقاع بأي شخص يحاول الهرب .
انها نوع من مهمات ((حطم وأمسك)) التي كانت تقوم بها القوات الامريكية بمفردها قبل بضعة اشهر . لكن هذه المرة ، كان ثلث القوة من الامريكين ووجودهم كان للمراقبة والمشورة . الرجال الذين اقتحموا المنزل وألقوا القبض على المشتبه به كانوا افرادا من قوة مكافحة الارهاب العراقية الجديدة.
لقد استندت خطط ادارة بوش في سحب القوات الامريكية من العراق على الوعد بزيادة قدرة القوات الامن العراقية : الجيش ،الشرطة ، دوريات الحدود ، وقوات حماية المنشآت ، التي يبلغ مجموعها الان قرابة 227000 عنصر ، مع انهم دربوا بمستويات كفاءة مختلفة جدا . الان وكجزء من البرنامج ، يقول قادة قوات العمليات الخاصة الامريكية ، بأنهم حولوا جهودهم من شن الغارات والهجمات الى تدريب فرق النخبة العراقية ليتولوا المهمات الاكثر تحديا . ومثل نظيرتها الامريكية فأن قوات العمليات الخاصة العراقية الجديدة ، التي يقدر عددها بـ1800 عنصر ستشكل نسبة ضئيلة من قوات الامن العراقية لكنها ستتولى بعضاً من اكثر المهمات خطورة والتي تشمل القبض على أو قتل المتمردين وقادة الارهاب اضافة الى حماية القادة الحكوميين وانقاذ الرهائن .
تتحرك قوات العمليات الخاصة قدما نحو تحقيق الكفاية الذاتية الكاملة في شن المعارك بمفردها ، وهنالك اتفاق عام على ان هذه القوات هي الافضل في الجيش العراقي الجديد. من الواضح ان بعض القوات الامريكية ستبقى في العراق لبعض الوقت . يقول القادة الامريكيون بأن ذلك يعود الى انهم سيشاركون في تحمل اعباء تجهيز القوات العراقية بالاسلحة والذخيرة وقطع الغيار والادامة ، لكن الاهم من كل هذا هو توفير المعلومات الاسستخبارية وتحديد الاهداف الفردية وتقديم عملية تخطيط نظامية .
يقول الكولونيل كينيث توفو ، القائد الجديد لقوات العمليات الخاصة الامريكية في العراق ان هدفه في الاشهر القليلة القادمة هو ادراج قوات العمليات الخاصة الامريكية في العراق في تدريب العراقيين ومن ثم الوقوف من خلفهم لمراقبة ادائهم خلال قيامهم بمهماتهم . يصاحب وحدة مكافحة الارهاب العراقية افراد من قوات ((القبعات الخضر)) و((فقمات البحرية)) لكن العراقيين يتولون القيادة . لقد تلقت قوات العمليات الخاصة العراقية مستويات التدريب العليا وتوفرت لها افضل التجهيزات في البلاد ، رجالها يقودون طائرات هليكوبتر مزودة بأجهزة رؤية ليلية ذات تقنية عالية ، ويقودون عربات الهمفي المدرعة مع تمويه صحراوي وأعلام عراقية . ميزانية قاعدة عملياتهم تشمل 50 مليون دولار لبناء مقرات القيادة ومركز للتدريب ومهاجع ومستشفى . ويتلقى الافراد رواتب تزيد على زملائهم في الجيش العراقي النظامي . كما يتلقى الافراد محاضرات يومية من مستشارين امريكين حول الحاجة الى احترام قوانين الاشتباكات المسلحة ، بالاضافة الى التحذير من استخدام قدراتهم العسكرية في تسوية احقاد اثنية او دينية قديمة .
يواجه العراقيون الذين انضموا الى هذه القوات درجة من المخاطر تفوق مخاطر اولئك الذين اختاروا الانضمام الى الجيش النظامي او قوات الشرطة . لذلك فأن هذه القوات مدرجة في وزارة الدفاع بالارقام وليس بالاسماء ، بعد ان خطف وقتل بعضهم بعد كشف هوياتهم .
قال قائد قوات العمليات الخاصة العراقية العميد فاضل جميل البرواري ان افراد قواته يعيشون في مجتمعاتهم على نحو سري ، ويحصلون على عشرة ايام اجازة كل شهر ، ليس فقط للاستراحة من مهامهم بل لمنحهم الوقت الكافي لايصال رواتبهم الى عوائلهم في جميع انحاء البلاد . والمتطوعون يخبرون اهاليهم واقاربهم بأنهم يعملون في الحكومة ، وليس فيهم من قال الحقيقة كاملة .
يقول العميد برواري (( انهم مواطنون يعيشون خارج القاعدة - لذلك فأنهم يشاهدون كل شيء ويجمعون المعلومات لنا كل يوم ، حتى اذ كانوا خارج التدريب او ليسوا في مهمات محددة )).
هذه الوحدة الجديدة تتألف من افراد ينتمون الى جميع مكونات الشعب العراقي : شيعة وسنة واكراداً ، وحوالي 65% منهم يملكون خبرة عسكرية سابقة .
يقول الميجور الامريكي الذي يترأس برنامج التدريب ، والذي يبقى على اسمه سراً طبقا للتعليمات ((انني اقضي اغلب يومي ادربهم على كيفية معاملة المدنيين وكيفية معاملة المعتقلين )) ويقول الكولونيل كيفن ماكدونيل ، الذي كان يقود قوات العمليات الخاصة الامريكية حتى كانون الثاني الماضي (( عند هذه النقطة ، فأننا لانقوم بأية عمليات احادية . كل شيء يجري مع قوات العمليات الخاصة العراقية )) ويضيف بأن التركيز في الهجمات ليس فقط على القاء القبض على المتمردين بل ايضا استحداث معلومات استخبارية لتشخيص قادة آخرين في التمرد ، والمخططين والممولين .
ان لواء قوات العمليات الخاصة العراقية جرى تشكيله في عام 2004 من قبل قوات العمليات الخاصة الامريكية ، ويقودها العميد برواري وهو ضابط كردي عمل مع قوات القبعات الخضر الامريكية في شمال العراق خلال الحرب التي اطاحت بصدام حسين .
يتألف اللواء من كتيبتين احداهما هي قوات مكافحة الارهاب وقد تشكلت على غرار وحدات المهام الخاصة السرية الامريكية . وهذه الكتيبة دربت للقيام بعمليات دقيقة وبوحدات صغيرة العدد .


فشل امريكي اخر في العراق اسمه (الاقتصاد)

بقلم ايريك لوبوشيه
ترجمة عدوية الهلالي

عن: لوموند

ضمن محاولات ادراة بوش لمطالبة البرلمان بمبالغ اضافية للنفقات الحربية في العراق وافغانستان قامت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس بشرح الموقف امام مجلس الشيوخ الامريكي والتأكيد على ان الوضع في العراق قد يتحسن رغم كل العوائق ..
وواجه عضو مجلس الشيوخ الديمقراطي لولاية داكوتا الشمالية كنيت كونراد السيدة رايس بدبلوماسية قائلا : (( قال لنا المفتش العام قبل ايام عكس ما ذكرته ، فالاوضاع تزداد سوءا رغم كل المال الممنوح لتحسينها ، وأذن فمن سيكون علينا ان نصدقه ؟! : تلعثمت السيدة رايس امام اعتراض السيناتور وكان عليها ان تقر بالحقائق وتتقبلها .. اما المفتش العام ! ستيوارت باون ، فقد لخص الاحداث بوصفها بـ((الرهيبة )) امام مجلس الشيوخ في الثامن من شباط الجاري )) وكان الكونغرس قد دعا المفتش العام في نهاية عام 2004 لمراقبة سير عمليات الاتفاق وحالات التأخير والتبذير التي رافقت الاشهر الاولى بعد الانتصار العسكري الامريكي في العراق ، اضافة الى حالات التحايل والتزوير وما الى ذلك .. وكان مستر باون قد اكتشف أن الاحداث الجارية وخاصة الظروف الامنية قد غيرت الآراء بشكل كامل وان التفاوت كبير جدا بين اهداف اعادة اعمار البلاد المحددة منذ سقوط صدام حسين في عام 2003 والواقع الحالي ..
ففي ما يخص الـ(136) مشروعا التي تم التخطيط لها لتوفير الماء، لم ينفذ الا 49 منها كما ان 36% فقط من المشاريع جرت متابعتها وتخص اعمال التنظيف والري والسدود بينما اهمل الجزء الاكبر منها ، وكذلك جرى الامر بالنسبة لتوفير الطاقة الكهربائية .
وكانت النتائج ان البنى التحتية قد تعرضت للخراب والتلف ومعها الخدمات الحيوية التي يجري تقديمها للمواطنين بشكل رديء جدا فلم ينتج من الطاقة الكهربائية الا الشيء القليل ، وبات التيار الكهربائي يزور البيوت العراقية في بغداد مثلا بمعدل 3 ساعات في اليوم ، وقد يكون الحال افضل بقليل بالنسبة لبقية المحافظات .. اما بالنسبة للماء الصالح للشرب فلا تزال نسبة كبيرة من السكان محرومة منه .
ولكن يبقى الفشل الاكبر لادارة بوش هو ما يتعلق بالنفط اذ ان الانتاج لم يتجاوز ( مليوني ) برميل في اليوم ، وتقول تقديرات اخرى انه لم يتجاوز (1,7) مليون برميل في اليوم .. كما ان سعر النفط الخام ارتفع الى 60 دولاراً.
بموازاة ذلك لا بد من القول ان حالة التمرد في العراق تدمر حالة البناء وان كلفة الامن استلزمت منذ ذلك الحين ما بين 20-50 % من قروض المشاريع بسبب الانفجارات والاعتداءات والتخريب اضافة الى استمرار التهديدات التي يعاني منها الاشخاص العاملون في تلك المشاريع .. ومن المعروف لدينا ان 2300 جندي امريكي قد قتلوا وحدث الشيء بالنسبة لـ(467) من المتعاقدين من المدنيين . ويحدث هذا رغم وجود قوات امريكية تتألف من 138000 رجل ليسوا عاجزين عن ضمان امن المنشآت النفطية اضافة الى الجنود العراقيين الذين يصل عددهم حاليا الى 227000 جندي وهم ليسوا باقل كفاءة من الامريكان .. ويبد ان سير العملية السياسية للبرلمان والحكومة العراقية التي تمثل عنصرا ايجابيا لن تساعد في تقويم الاقتصاد العراقي . وهو ما أثار شكوك المفتش العام بشكل اكبر .. اذ ان الحكومة العراقية قاصرة حتى الان عن ادارة مسؤوليات البلد ومحرومة من الاشراف على مشاريعه ..
في ما يخص ادراة بوش ، فأن الديمقراطية لها ثمنها مقابل انتعاش اقتصادي .. وبعد ان سقط نظام حكم صدام وصار عمل العراقيين ان ينتخبوا مرشحهيم ، فمن الضروري البدء بعملية السلام والبناء وتحقيق الرخاء والازدهار ، لكن حرب العصابات وعمليات المتمردين احبطت هذا الامل ، وبعد ثلاث سنوات من الانتصار الامريكي يبدو ان الديمقراطية في العراق تستحق الكثير من التضحيات لكن الاقتصاد مازال ينمو بشكل خامل جدا ولم يتطور مطلقا .. وفي شهر اب المنصرم ، وصلت وزارة الدولة للأمور المالية في الولايات المتحدة الامريكية الى نفس النتيجة اذ ادت حالات العنف الى ايقاف الاستثمارات وضمور التجارة ، ويبدو ان الفشل الامريكي في السيطرة على البلد يرافقه فشل اقتصادي واضح ، وهذا ليس كل شيء ، اذ ان نفقات الحرب فجرت قضية جديدة ، فقد قدرت ادارة بوش في عام 2003 نفقات حربها في العراق ما بين 50- 60 مليار دولار بينما انفق حتى الان 251 مليار دولار وفق دراسة اجرتها المحللة الاقتصادية لورا بايلمز وجوزيف ستغلتز (الحائزة على جائزة نوبل) ونشرت في جريدة فينانشيال تايمز وجاء فيها ايضا مامعناه ان قرار ادراة بوش، بابقاء قواتها في العراق لخمس سنوات اخرى حتى بعدد قليل جدا سيكلفها 200-270 مليار دولار اضافية .
يضاف اليها نفقات العناية بالجرحى ومؤونة الجيش واستبدال عجلاتهم وتجهيزاتهم العسكرية ، وهكذا فقد ارتفعت التكاليف الى ما بين 750-1200 مليار من الدولارات وهو ما يفوق المبلغ السنوي لتطوير جميع البلدان الغنية بمقدار 10 مرات .
ولعمل موازنة مناسبة ، كان يجب الاعتماد على النفط العراقي لكن تناقص انتاجه يشارك في قلة عرضه ويسهم في رفع اسعار النفط .. واذن فلابد لادارة بوش ومن قبلها الكونغرس ومجلس الشيوخ التنازل عن حساب النتائج الاخرى والنظر بروية اكبر لثمن اثارة سخط المسلمين في العالم كله والى تلك البقعة التي لطخت سمعة الولايات المتحدة في غوانتانامو!!


حفيدة خروتشوف : لماذا لاتزال روسيا تحب ستالين ؟

بقلم: نينا خروتشوف
ترجمة عبد علي سلمان

عن الواشنطن بوست

حينما كنت في الاتحاد السوفيتي في سبعينيات القرن الماضي . كان ليونيد بريجينيف الذي كنت اكرهه كرها شديدا هو رئيس الاتحاد السوفيتي اما جوزيف ستالين المرعب فما كان سوى اسم من الماضي البعيد . وتم اعتباره وحشا من قبل جدي العظيم نيكيتا خروتشوف في ((خطابه السري)) الشهير في المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي الذي عقد عام 1956 . وشطب اسمه من التاريخ
لكن بريجينيف كان في كل مكان بحاجبيه المرعبين . كان مهيمنا علي وعلى زملائي في الصف من خلال الملصقات في المدرسة وهو يعد بالمستقبل المشرق والمضيء للشيوعية . لقد جعل من وجوده المنذر بالشؤم امرا تشعر عائلتي به . وكانت مدرستي كاتو زوفسكي هي محط النخبة الحزبية حيث كان اعضاء المكتب السياسي بمن فيهم - عائلة بريجينيف - يرسلون اولادهم للتعلم فيها . وكان اصدقائي يتفاخرون باجدادهم الذين كان منهم سفير في انكلترا او رئيس للاستخبارات السوفيتية
KGB . ولكن قوة جدي الكبير لم يكن لها وجود على المستوى الرسمي . ففي عام 1964 تمت احالة جدي خروتشوف على (التقاعد الطوعي ) من قبل بريجينيف لجريمة مبهمة وغير محددة وتم نفيه الى بلدة خارج موسكو . ومثله مثل ستالين تم شطبه من الماضي .
وافهمت في البيت ان علي ان افتخر بكوني من ال خروتشوف ذلك ان التاريخ لا يزال موجودا فقد اخبرني والدي عن الخطاب السري رغم ان ذلك لم يعن لي الشيء الكثير لحين اصبحت في المدرسة الثانوية . وبينما كان الخطاب لم يمض بعيدا في تفكيك النظام الاستبدادي الا انه دشن ما اصبح يعرف بمرحلة التذويب حينما تم تحرير ملايين المواطنين السوفيت من الكولاغ ، ومن ثم الانفتاح على المزيد من الافكار وفتح الباب امام المزيد من الزوار وانسياب البضائع . وان الحريات التي تتمتع بها اليوم الدول الشيوعية السابقة قد انسابت من التصدعات في النظام التي قام بها خروتشوف بخطابه في 25 شباط 1956 .
والان وبعد مرور ما يقرب من خمسين عاما على ذلك الخطاب فأن جدي العظيم اصبح كبش فداء لكثير من امراض المرحلة الشيوعية السابقة وكذلك لامراض المرحلة الديمقراطية الروسية .اما ستالين وهو الرجل الذي فضح باعتباره ديكتاتوراً وحشيا والذي قام بارهاب وخنق حريات الامة فانه يعد الان وفقا لاستطلاعات الرأي العام القائم الفعلي باعادة تأهيل المجتمع الروسي ، وتكشف هذه الاستطلاعات شعبيته الصاعقة خصوصا بين اوساط الشباب . وليس في ذلك مفاجأة . فبعد الفوضى التي اعقبت انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 وهي الفترة التي جاءت فيها الديمقراطية لتمثل الاضطراب والارتباك والجريمة والفقر وتحكم القلة والغضب والخيبة وهي تظهر ان الروس لايحبون (جديدهم) أي النفوس الحرة فهم ولقرون طويلة لم يشعروا بأي احترام لذاتهم خارج الدولة .
لقد وجدنا انفسنا نرغب بعودة الحكام السابقين . الحكام الذين يمنحوننا شعورا بالنظام والحماس الوطني الملهم وبأننا امة عظيمة ، نحن نتوق الى قادة كبار حتى لو كانوا عدوانيين مثل ايفان الرهيب او ستالين .
نعم لقد مارس هولاء الحكام القتل والسجن ولكن كم كانت عظيمة الانتصارات والاناشيد ... لذا فما الضير ان يحكم ستالين بالخوف ؟
انه ببساطة خوف على الحياة الشخصية . ومهما كان الخوف مرعبا فهو ليس تهديدا موجودا في الوقت الحاضر مثل الخوف من الحرية . الخوف من تحمل مسؤولية الاختيار مع عدم وجود شخص غير انفسنا نلقي باللوم عليه اذا انقلبت الديمقراطية الى فوضى وتحولت الرأسمالية الى فساد . ولهذا السبب فأن البلد يريد ان يسترد قوته بواسطة زعامة فلاديمير بوتين الذي يقدم نفسه على ان الديمقراطي الروسي الجديد . وفي الحقيقة فأن الشعب الروسي ينظر اليه على انه نصف اله انه (ابو الامة كلها ) كما كان ستالين ، وانه لايشبه الرجل الروسي العادي . وهي علامة تمثل في الاقل جزءا من الديمقراطية . ويلاحظ بوتين غالبا ان روسيا تطور ( ماركتها الخاصة من الديمقراطية ) وترجمة ذلك هو : لقد تم اكتشاف ان استبداده الجديد يحتاج الى اعمال تطهير ضخمة مثلما فعل ستالين لحماية نفسه من الشعب .وعدم حبنا للحرية جعلنا متلهفين لدعمه واصبحنا عن طيب خاطر معجبين بقبضته القوية بدلا من تحميله الامور المروعة في الشيشان . ووافقنا على ( تعييناته الديمقراطية ) للقادة في تلك الارض المنحوسة ، واعجبنا كذلك بكشفه القناع عن الجواسيس الغربيين ودعمنا قيامه بسجن الاقلية ( غير النزيهة) وتعزيزه لديكتاتورية النظام اضافة الى حكومة بقوانين انتقالية . والبوتينية هي الهجين الشامل الذي يحتضن كل العناصر من (الستالينية) والشيوعية ، والمخابراتية وسياسة السوق . انه رجل كل الفصول وكل المخاوف فالرئيس الروسي يعتقد انه وعبر اعتماده وتكييفه بعض العناصر من اسلافه من الحكام حيث اعتمد الكنيسة الارثوذوكسية من حكم القياصرة ونظام المخابرات من الحكم السوفيتي ونظام اقتصاد السوق من فترة بوريس يلستين . انه يتجاهل تطرفات الماضي خالقا نظام قوة قابلا للحياة والديمومة . ولكن نظامه المغلق والسري للحكم أي النظام العمودي ( الهرمي ) هو نظام مألوف اثناء الفترة السابقة للخطاب السري .
ويفيد التلاعب ثانية بالمعلومات من قبل السلطات أن الوحدة المقترحة هي جهد لاعادة الماضي .
ولن يمضي وقت طويل حتى يتم اعتبار ( الخطاب السري ) تصرفا سياسيا صادرا عن ضمير شجاع دعا اثناءه خروتشوف الى اصلاح النظام الاستبدادي الذي ساعد هو على تكوينه وذلك لاجل حفظ العدالة لضحايا الستالينية ولتحرير المثل الشيوعية من الوحشية البشعة للكولاغ .
اما في وسائل الاعلام الروسية حاليا فيتم استبعاد الخطاب بوصفه امرا اكثر من خسيس ويعتبر مجرد انتقام قام به خروتشوف ثأراً لابنه الاكبر ليونيد الذي اضطهده ستالين بصورة غير قانونية ((لخيانته الافكار الاشتراكية . بخدمته للنازية خلال الحرب العالمية الثانية )) هذه الاشاعات كانت تظهر الى السطح منذ عهد بريجينيف . لكن قامت العامة برفضها باعتبارها دعاية زرعتها المخابرات السوفيتية . لكن اليوم ، والبلاد تبحث عن جواب سهل لشعورها باللاأمان ، فأن خروتشوف الاب والابن قد اصبحا كبشي فداء لمشاكل روسيا . ان منتقدي خروتشوف يعتبرون انهيار الاتحاد السوفياتي خطأه بقدر خطأ غورباتشيف ويالتسين . ان انهيار النظام الشيوعي لم يبشر بدنو الديمقراطية ، على عكس توقعات الشعب . لقد كان الروس على عجلة من امرهم في التخلص من الاعباء السلبية للنظام السوفياتي الى درجة انهم تخلصوا من كل شيء ايجابي ايضا . لقد قيل لهم بأن الفترة السوفياتية - التي استغرقت قرابة قرن- كانت غير مفيدة بالمرة . ان سنوات التسعينات رفضت الاعتراف بالعهد الشيوعي - الذي جلب ايضا التصنيع ، النمو التعليمي ، القضاء على الامية ، الانتصار في الحرب العالمية الثانية ، ان التطورات العلمية والفضائية . ان الميل لنبذ الماضي شائع جدا في التاريخ الروسي .
بعد حرمانهم من كبريائهم القومي ومعتقداتهم التي عاشوها طوال حياتهم ، نظر الروس الى نهاية العهد السوفييتي على انها نهاية للامبراطورية وللاحساس بالهوية الوطنية .
وفي حالة من اليأس الاخلاقي والمادي والنفسي ، يتشوق الروس الى الافضل بشأن انفسهم ووطنهم . ان صورة ستالين ، بابتسامته الحكيمة وشاربيه الغليظين ، تملأ الفراغ ولان خروتشوف قد دحض هذه الطروحات فقد تم اعتباره مهندسا لجميع علل روسيا .
تكتب الصحفية يلينا برودنيكوفا في كتابها ( القتل الثاني) عن ادانة خروتشوف لستالين بعد وفاته كما لو انها جريمة قتل متعمد وقالت (لو لم يكن ذلك الاعدام لستالين ما كنا وصلنا الى هذه الحالة المؤسفة , ومنذ ذلك الحين بدأنا نعيش وبصورة مطردة حياة قذرة لا معنى لها ( ولأن ( قتل ستالين كان في الوقت نفسه قتلا لشعبه ايضا ، فقد حرم هذا الشعب وخلال عقود من المثل العليا التي تجذرت فيه )
لقد حاول جدي العظيم ان يبدأ بعملية تحرير روسيا من الماضي الستاليني الدموي ولكن الامة تتعامل مع جرائم الستالينية على نحو كامل .
ان تعقيدات الحياة في مجتمع عصري مجزأ وعدم وجود منجزات سياسية ، جعلت الروس يشعرون بالحنين الى ( الدولة القوية) التي عاشوها ذات مرة . انها الدائرة التي ستكرر نفسها حتى تقوم روسيا بمواجهة ماضيها بصورة تامة ونهائية .

 
 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة