الحدث الاقتصادي

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

فعاليات الجلسة الثانية لطاولة ( المدى )المستديرة .. البطاقة التموينية ..الواقع والمستقبل .. الجزء الثالث

د. عبد الرحمن المشهداني

كتب : محرر الشؤون الاقتصادية
ووسط الحشد الذي ضم جمعاً من الباحثين الاقتصاديين وحضره فريق عمل من وزارة التجارة بعدما وجهنا كتاباً رسمياً خاطبنا فيه السيد الوزير باولوية ان يكون لوزارته حضور في تلك اللقاءات بالغة الاهمية لتوضيح موقف الوزارة مما يثار حول ادائها وتعاملها مع مشروع البطاقة التموينية حيث كان لمنتسبيها شرف الايفاء بالتزاماتهم طيلة ثلاثة عشر عاما، اظهرت فئات منهم تلكؤاً واضحاً في السنتين الاخيرتين، فيما لم يرد على كتاب مماثل وجهناه الى كل من السيدين وزير المالية ووزير التخطيط وسط استغراب المشاركين لهذا التجاهل الذي يبدو انه متعمد.
وبعد ان طرح كل من الباحثين د. ماجد الصوري ود. ثائر العاني ورقتي العمل اللتين تقدما بهما الى الطاولة وتم توثيقهما في العددين السابقين حان وقت مداخلات المعقبين حيث شارك الدكتور عبد الرحمن المشهداني بتعقيب مستفيض تناول فيه مجمل مفردات اشكالية مشروع البطاقة وفيما يلي نص التعقيب الخاص بالدكتور المشهداني رئيس قسم الدراسات الاقتصادية في مركز بحوث ودراسات الوطن العربي في الجامعة المستنصرية:
لقد افرز الحصار الاقتصادي الذي فرض على العراق بموجب قرار مجلس الامن الدولي 661 في 6 آب 1990، والذي استمر ثلاثة عشر عاما، نظاما لتوزيع المواد الغذائية (نظام البطاقة التموينية) منذ بداية التسعينيات حتى اليوم، والذي عد من انجح البرامج المطبقة في العالم من حيث دقة وعدالة التوزيع اشرفت عليه الامم المتحدة بعد توقيع مذكرة التفاهم (النفط مقابل الغذاء) نهاية عام 1995.
لقد اعتمد ولا يزال على هذا البرنامج ما يقرب من 90% من العائلات العراقية بشكل تام والباقي بشكل جزئي من اصحاب الدخول المرتفعة، وتغطي مواد البطاقة اكثر من 75% من المواد الغذائية الرئيسة كالدقيق والسكر والرز والسمن والحليب المجفف. كانت صمام امان لحماية المستهلك خلال فترة الحصار الاقتصادي وما تبعها والتي اتصفت بتوقف التعامل التجاري الخارجي وارتفاع معدلات البطالة وانتشار الكساد ونشاط السوق السوداء وتفاقم معدلات التضخم، من خلال توفير الحد الادنى من متطلبات المعيشة جنبت العراق حصول مجاعة مؤكدة، اضافة الى ان توفير مواد البطاقة التموينية بداية كل شهر جنب الاسرة العراقية تفككا وتمزقاً مؤكدا في ظل ظروف اقتصادية غاية في الصعوبة.
وبعد مرور ثلاث سنوات على سقوط النظام نجد ان الوضع الاقتصادي ازداد سوءا اثقل كاهل المواطنين بدلا من التخفيف عنه مكافأة لما عاناه طيلة الحقبة الماضية فقد ازدادت معدلات البطالة من 28% في عام 2002 الى اكثر من 50% عام 2005 ومعدلات الفقر زادت عن 60% حسب احصاءات وزارة التخطيط والتعاون الانمائي، اضافة الى تزايد الاعتماد على مفردات البطاقة التموينية والتي يعتاش عليها اكثر من ثلثي سكان العراق وفق دراسات الوزارة.
واليوم تتزايد دعوات السياسيين لالغاء البطاقة التموينية رغم اهميتها ورفع اسعار المحروقات واستخدام سياسة التعويض المالي عن مفردات البطاقة بحجج وذرائع منها:
1-الاصلاح الاقتصادي: بدأ الحديث عن مشكلة ديون العراق وضخامتها بعد سقوط النظام والتي قدرت بـ 120 مليار دولار اميركي وتضمنها قرارا مجلس الامن الدولي (1483) و (1546) والذي التمس فيهما من الدول الدائنة للعراق حل مشكلة الديون الكبيرة كونها معرقلا حقيقياً لإعادة الاعمار والبناء الديمقراطي، فكلف نادي باريس باعتباره الجهة غير الرسمية المتخصصة في النظر بقضايا المديونية العالمية لدراسة ديون العراق وتقديم المشورة للدول الدائنة لشطب و / او اعادة جدولة ديونها.
ان تسارع الحكومة آنذاك في اللجوء الى نادي باريس وتوقيع مذكرة التفاهم مع صندوق النقد الدولي في ايلول عام 2004 لجدولة ديون العراق كان خطوة متسرعة الزمت العراق بشروط الاصلاح الاقتصادي التي يفرضها الصندوق على البلدان الموقعة معه لغرض جدولة ديونها والتي من اهمها الغاء كل انواع الدعم المقدم للمستهلك سواء كان مباشرا ام غير مباشر كالدعم المقدم للبطاقة التموينية والدعم المقدم للخدمات كاجور الهاتف والكهرباء والخدمات الصحية والوقود، وكذلك التحول نحو اقتصاد السوق وخصخصة القطاع العام وتحرير التجارة الخارجية وتحرير اسعار الصرف والاسعار وفقا لقوى العرض والطلب على ان يجري ذلك كله خلال مدة اقصاها ثلاث سنوات تبدأ من 1/ 1/ 2005 وتنتهي بـ 31/ 12/ 2005.
ان قضية ديون العراق قضية شائكة لا يمكن ان تحل بقرار سياسي سريع بل كان من الضروري اللجوء الى المحاكم الدولية المختصة للنظر فيها وبشرعيتها والتثبت من صحتها بعدها يمكن اللجوء الى المؤسسات الدولية للنظر فيها خاصة اذا ما علمنا ان قراري مجلس الامن اعلاه ضمنا للعراق عدم سيطرة او استيلاء اية جهة على صادراته من النفط الخام سواء كانت دائنة او غير ذلك حتى نهاية عام 2007، كما نص القرار 1483 على عدم دفع الديون لاية جهة خلال الخمس سنوات القادمة، وهي فترة جيدة يمكن ان يشكل فيها فريق متخصص للنظر في مشروعية الديون ثم السعي للمطالبة بالشطب او اعادة الجدولة خاصة ان العراق يمتلك موردا اقتصاديا مهما هو النفط يمكن ان تسهم عائداته في حل هذه الازمة وبشكل تدريجي.
2-اعادة الاعمار: تزايد الحديث عن اعادة الاعمار والاموال التي خصصتها الدول المانحة التي عقدت عدة اجتماعات لها حول هذا الموضوع وتعهدت بتوفير 33 مليار دولار اميركي بما فيها المنحة الاميركية وربطت هذه المنح بشروط الاصلاح الاقتصادي لصندوق النقد الدولي والتي لم تقدم منها سوى ارقام بسيطة.
3-الكلف العالية التي تتحملها وزارة التجارة بحجة عدم وجود الية نقل تسهل عملية نقل السلع والبضائع من مناشئها الى داخل العراق، اضافة الى عدم توفير الاجراءات الامنية لنقل هذه المواد وعدم توفر التخصصات المالية لها من قبل وزارة المالية.
4-تهريب مواد البطاقة التموينية الى خارج البلاد بحجة رخص اسعارها مقارنة بالدول المجاورة.
5-الادعاء بان المواطن متمسك بالبطاقة التموينية كاحد الحقوق المكتسبة له الناجم عن الغبن الواقع عليه من قبل السلطة السياسية وجهازها الاداري، ادعاء غير صحيح بل ناجم عن الحاجة الماسة لمفرداتها فما ان يتحسن وضعه الاقتصادي لا بد ان يعزف عن استلامها ويتحول الى بديل افضل منها.
6-ثمة ادعاءات بان لدعم البطاقة التموينية اثرا سلبيا على الاقتصاد الوطني وتضعف قطاعاته خاصة القطاع الزراعي، وهو كلام غير دقيق فقد اشترطت الامم المتحدة على العراق بموجب مذكرة التفاهم عدم ادخال أي منتج محلي ضمن مفردات المذكرة سواء ما يخص البطاقة التموينية او الادوية او اية مستلزمات يمكن للقطاع العام او الخاص انتاجها ، وبالتالي فان اضعاف الاقتصاد الوطني بقطاعاته المختلفة كان عملية مقصودة.
7-ان تحسن الوضع الاقتصادي العام وتحسن مستوى المعيشة الناجم عن ارتفاع الدخل وارتفاع متوسط دخل الاسرة والفرد في الاعوام الثلاثة الماضية الذي اشارت اليه وزارة التخطيط لم يكن حقيقيا فقد تناولت ارتفاع الدخل ولكنها لم تشر الى ارتفاع معدلات التضخم خلال نفس الفترة الذي ارتفع خلال الثمانية اشهر الاخيرة من عام 2005 بـ33% حسب احصاءات الثاني من عام 2006 أي بعد زيادة اسعار المحروقات الى اكثر من 20% والتي شملت معظم متطلبات الحياة اليومية كالنقل والسكن والمأكل والوقود... الخ فكم ستترفع معدلات الاسعار بالغاء البطاقة التموينية؟!.
8-ضعف اداء القطاع التجاري الخاص العراقي في توفير المواد الاساسية الداخلة في البطاقة التموينية في السوق التجارية وهروب رؤوس الاموال واصحابها الى خارج الدول المجاورة نتيجة للظرف الامني السيء وقتل وخطف البعض منهم والابتزاز والتهديد المستمر لهم افقد القطاع الخاص العراقي القدرة على سد الفراغ الذي يمكن ان يتركه انسحاب وزارة التجارة عن توفيرها.
ان الغاء البطاقة التموينية او تعويضها بمبالغ نقدية سينتج حتما اثارا سلبية وخطيرة على المواطن والمجتمع العراقي منها:
1-ارتفاع معدلات الاسعار بشكل كبير جدا خاصة اذا دفعت مبالغ نقدية عنها، فقد يؤدي ذلك الى ضخ مبالغ نقدية هائلة تقدر بـ 1.5 تريليون دينار عراقي سنويا سيؤدي الى زيادة معدلات التضخم النقدي وتضخم الاسعار الناجم عن زيادة الطلب المحلي على مفرداتها الاساسية. ففي استطلاع اجراه المعهد المستقل لدراسات الادارة والمجتمع المدني في العام الماضي حول الغاء البطاقة التموينية تبين ان 90% من المستهلكين يفضلون الابقاء عليها بدلا من التعويض المالي لاعتقادهم بان الاسعار سترتفع بمعدلات اكبر بكثير من المبالغ التعويضية.
2-الغاء البطاقة التموينية وزيادة معدلات التضخم سيؤدي الى زيادة معدلات الفقر والبطالة، فاذا كانت معدلات الفقر اليوم تقدر 60% والبطالة باكثر من 50% فكم ستكون بعد الغائها؟!.
3-الغاء البطاقة التموينية سيؤدي الى مشاكل اجتماعية خطيرة تنعكس في اثارها على الفرد والاسرة والمجتمع ككل اهمها تزايد معدلات الجريمة والارهاب وتعاطي المخدرات والسرقة والتسرب من الدراسة وتزايد معدلات الامية والجهل.
4-ان تنصل الحكومة عن القيام بدورها في توفير المتطلبات الاساسية للمواطن كحقه في العيش الكريم والحصول على مسكن وعمل وخدمات صحية وتعليمية يثير تساؤلا هو: اين ستذهب الموارد المتحققة من النفط سنويا فاذا ما تمت جدولة الديون او الغيت وخصخص القطاع العام والغي الدعم المقدم بشكل مباشر وغير مباشر فاين ستذهب العوائد النفطية التي تزيد اليوم عن 30 مليار دولار سنويا قابلة للزيادة الى اضعاف ذلك!؟.
5-ضعف الآليات المتبعة من قبل الحكومة في التخفيف من وطأة الفقر والبطالة خاصة شبكة الحماية الاجتماعية التي اعلن عنها قبل رفع اسعار المحروقات ولم تظهر فاعليتها او حتى اثارها.


هموم المواطن في التعامل مع مولدات الكهرباء

بغداد/ دلير الجاف

بعد ان اعتاد المواطن على حياة بلا كهرباء ولاننا لا نريد ان نتعب القارئ بالحديث عن الطاقة الكهربائية والتحديات التي تواجهها وزارتها العتيدة وبعد الفشل الذريع الذي لحق بهذه الوزارة الغنية بمواردها الفقيرة بانجازاتها هذا الفشل الذي لازمها لثلاث حكومات متوالية ،

نجد ان كل وزارة كهربائية تلعن سابقتها ملصقة بها سبب اخفاقها ناهيك عن ملفات الفساد الاداري التي اصبح عددها اكثر من عدد الفولتات التي تنتجها شركات الوزارة. يكاد لا يخلو زقاق او حي من احياء بغداد من مولدة ضخمة تغذي اهالي المنطقة بالكهرباء التي عجزت الوزارة عن ايصالها اليهم فمن المناظر الجديدة والتي اصبحت مألوفة تفرعات اسلاك الكهرباء بصورة مفزعة والتي تتخذ أشكالاً تشبه الى حد بعيد بيوت العنكبوت اضافة الى الاصوات الهادرة لتلك المولدات التي ملأ دخانها الاسود فضاء الاحياء السكنية حيث وكما يبدو لا يدخل هذا الموضوع ضمن اهتمامات امانة بغداد او وزارة البيئة. وتوفر هذه المولدات التيار الكهربائي لمن يدفع. ويتحدد السعر تبعاً للمنطقة ومزاج صاحب المولدة ولمزيد من التفصيل التقينا بـ(ابو احمد) وهو صاحب مولدة في احد احياء بغداد افاد بأن سعر الامبير ارتفع من 6 الى 9 الاف دينار شهرياً وذلك لارتفاع سعر الوقود وصعوبة الحصول عليه كذلك فان ساعات التشغيل للمولدة الكهربائية اصبحت اقل مما كانت عليه وحين سألنا فيما اذا قمتم بزيادة سعر الامبير فلماذا التقليل في ساعات التشغيل؟ أي اما ان تقللوا من ساعات التشغيل او زيادة سعر الامبير. فاجاب ببساطة هذا ما يناسبنا وهذا بالتاكيد لا يناسب المواطن. وفي طريق تجوالنا بين مولدات احياء عاصمتنا الحبيبة استوقفتنا قطعة موضوعة على احدى المولدات مخطوط عليها نعتذر لزيادة سعر الامبير الى 9 الاف دينار وحين سالنا عن صاحب المولدة الذي تبين ان اسمه السيد مصطفى او (ابو كرار) قال لنا عامل المولدة انه غير موجود لانشغاله باعمال اخرى وبعد نقاش قليل لم يكن هادئا اضطررنا نحن وعامل المولدة للصياح كي يسمع بعضنا الاخر اذ كان صوت المولدة يطغي على كل شيء قبلنا دعوة العامل للدخول داخل غرفته التي تم بناؤها قرب المولدة وافادنا العامل فراس هادي وهو طالب في كلية الهندسة قبل بهذا العمل المتعب لمساعدة والده المتقاعد في نفقات البيت وحين سألنا عن رأي اصحاب الدور المجاورة للمولدة عن هذا الصوت المفزع اجاب فراس بانه ليس لديهم الخيار فهم مضطرون للقبول بالواقع حيث ان صاحب المولدة لم ياخذ رايهم بشأن مولدته وعلى العموم فتحمل الصوت المزعج خير من تحمل الظلمة. واضاف إن (ابو كرار) يملك ثلاث مولدات اضافة الى مولدته هذه موزعة في مناطق مختلفة. ومن خلال البحث تبين لنا ان سياسة اصحاب المولدات في تعاملهم مع المواطنين متشابهة وكأنهم ينتمون الى رابطة او جمعية لها اهداف واحدة. اما المواطن المسكين فقد وجد نفسه مضطرا للاشتراك بالمولدة القريبة من داره ودفع المبلغ الذي يفرضه عليه صاحبها حيث يقول المواطن احمد عدنان ان مولدة البيت الصغيرة (التايكر) اكثر الوقت في التصليح اضافة الى البنزين وصعوبة الحصول عليه لهذا فان الاشتراك في مولدة المنطقة هو الحل الوحيد اما المواطن هاني جاسم ورغم تذمره ومقته لاصحاب المولدات عموما لانهم برأيه اناس استغلاليون لانهم في الكثير من الاحيان لا يقومون بتشغيل مولداتهم متذرعين بمختلف الحجج ورغم كل هذا لا يجد المواطن حلا غير ان يشترك بخط من خطوط المولدة القريبة من منزله لكي لايضطر ابناؤه الطلبة للقراءة على ضوء الفانوس. اما محمد عبد الله وهو عامل بناء فقد تساءل عن امكانية ايجاد حل لمشكلة الكهرباء التي صارت جزءا من حياة المواطن وقال ان الـ(52) الف دينار يدفعها كل شهر مقابل الـ(6) امبيرات قد اثقلت كاهله اضافة الى اجرة البيت ونفقات الاطفال ناهيك عن اسعار الغاز والنفط فقد وصف والكلام ما زال لمحمد، حياته بالتعيسة، اما ابو كرار صاحب مولدات الكهرباء فقد اطلقنا عليه لقب (سيد الكهرباء) حيث بدأ ظريفاً بقوله انه يشكر الحكومة وعلى رأسهم السادة المسؤولون في وزارة الكهرباء لزيادة ساعات القطع وذلك لتشغيل الايدي العاملة والقضاء على مشكلة البطالة وتشجيع تجارة الكهرباء. وفي الختام من يدري ربما تكون هناك خطة غير معلنة من قبل الحكومة لتشجيع دور القطاع الخاص لتجارة الكهرباء... من يدري..؟!

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة