كارثة
انسانية للاجئين العراقيين في الدنمارك ..
احتجاز في
معسكر للجيش منذ 6 سنوات وتهديد بمنح اطفالهم الى
الأوربيين
تقرير/ بشير الاعرجي
اثارت
(المدى) قبل مدة قضية المغتربين العراقيين الذين رفض
لجوئهم في الدنمارك، ومنذ ذلك التاريخ ولليوم ازداد وضعهم
الانساني سوءاً وبات يشكل كارثة حقيقية لمن فضل الغربة على
العيش تحت تسلط النظام السابق.
حصلت (المدى) على معلومات
من داخل مركز حجز اللاجئين العراقيين عن وضعهم الانساني
وصرخات الاستغاثة لانتشالهم من واقعهم المأساوي. (أمستغوب)
وهواسم مركز حجز اللاجئين العراقيين يقع في معسكر سابق
للجيش الدنماركي في منطقة نائية تبعد مسافة 3.كم من مركز
مدينة روسكلة جنوب الدنمارك ويوجد حوالي 350 عراقيا منهم
خمسون طفلا تتراوح اعمارهم بين الثلاثة اشهر وست سنوات
محتجزين فيه منذ ست سنوات، أي ان هؤلاء الاطفال ولدوا في
مركز الحجز ولا يعرفون شيئا عن العالم ابعد من سور المعسكر
الاشبه بالسجن كما يصفوه وكما يتصف به (السجناء) من وجوه
كالحة... متعبة وصفراء خصوصاً وجوه الاطفال المصاب بعضهم
بامراض نفسية حادة والبعض الاخر يعاني هيجان عصبي واضح
نتيجة الظروف المعيشية الصعبة البعيدة عن اجواء الطفولة
والدراسة المحرومين منها. الكبار منهم لا يحصلون على دعم
مادي او مخصصات مباشرة من الحكومة الدنماركية بل يخصص لهم
يوميا ثلاث وجبات طعام لا يؤخذ رايهم او رغبتهم فيها وقد
تتقاطع مع معتقداتهم الدينية ويصفها البعض بـ(السيئة جداً)
بعدما تناولوا ولعدة مرات وجبات عفنة، وهم جراء الضغوط
النفسية فقدوا الثقة باية جهة تسعى لمساعدتهم.
المغتربون في المحتجز من فئات عمرية مختلفة واوضاع غير
متشابهة، بعضهم لديه عائلة في العراق والبعض الاخر كوّنها
في الغربة او مشتته في البلدان الاخرى، الا انهم يتشاركون
في اقتسام الظروف التي اجبرتهم على السفر وتقاسم ألم
الاحتجاز، الحريات الشخصية في المعسكر شبه معدومة فلا يسمح
بالخروج او الدخول الا من خلال باب المحتجز مع وجود اجهزة
الكترونية لا تفتح الا ببطاقة الكترونية ممغنطة تعمل على
هذا الاساس، والذين يسمح لهم بالخروج عليهم الرجوع بعد مدة
محددة ويسجل حضوره في سجل خاص.
ومع وجود امراض نفسية فهناك امراض عضوية اصيب بها العديد
من العراقيين كالجلطة القلبية والدماغية، وعلى الرغم من
صعوبة الوضع الصحي لهم فلهذا الامر عواقب اجتماعية خطرة
غير موجودة في مجتمعاتنا، فالقانون الدنماركي يجيز سحب
الطفل من اهله و (منحه) الى عوائل اوروبية في حال تعرض
ذويه الى مرض نفسي او عضوي يؤثر على مستوى حياة الطفل بين
اهله، ومعنى هذا ونتيجة التوصيف الحالي لوضعهم فان الكثير
من الاطفال معرضين لهذا الاجراء القاسي ان استسلم ذويهم
وتخلوا عن مكابرتهم المحافظة على ابناءهم.
جهات عراقية غير حكومية اجرت اتصالات مع الجانب الدنماركي
لحل هذه المشكلة وتمثلت بلقاء السيد صباح كندنان رئيس
جمعية الصداقة العراقية الدنماركية ووفد مرافق له مع السيد
ثيور كريستيانسن وكيل وزارة الخارجية الدنماركية للشرق
الاوسط وتم التباحث في امور اللاجئين العراقيين المرفوض
لجوئهم ووعد الوكيل ببحث الامر مع وزير الخارجية والحكومة
الدنماركية، الا ان حكومته وفي قراراتها لاحقا لا تعرض
حلاًَ سوى ترحيل العراقيين مع مبلغ رمزي من المال وبمباركة
بعض الجمعيات والافراد العراقيين الموجودين في الدنمارك
الذين يضغطون ايضا على اللاجئين لغرض ارجاعهم قسرا وعللوا
سبب هذا الموقف (إرضاءً للجهات الدنماركية المعنية)
ومتجاهلين المشاكل الاجتماعية التي تنتظر المبعدين الى
بلدهم وقد يكون ثمنها الموت.
ولغرض دراسة فرص المساعدة التي يمكن القيام بها زار وفد
(متطوع) مكون من السيد فاضل الركابي ممثلا عن جمعية
الصداقة العراقية الدنماركية والسيدة ناهد جبر ممثلة عن
الشبكة العراقية في الدنمارك اضافة الى شخصيات مستقلة منها
الاكاديمي العراقي محمد الوادي ووصف الوفد وضع اللاجئين
(بأن حجم المشاكل والمآسي داخل المعسكر اكبر من امكانيات
الجمعيات او الاشخاص المتطوعين لهذا العمل). لذا قرروا
واثناء لقاءهم باللاجئين العراقيين الاتصال بوزيرة
المهجرين والمهاجرين السيدة سهيلة عبد جعفر لاطلاعها على
احوالهم الصعبة وليتحدثوا معها مباشرة عبر الهاتف، وقد
ابدت الوزيرة تفهما كبيراً ووعدت بتقديم المساعدة، وبالفعل
اتصلت بالسفير الدنماركي في بغداد وظهرت على احدى
الفضائيات (الفيحاء) تدعو فيها الحكومة الدنماركية الى عدم
الضغط على العراقيين الموجودين في المعسكر لاجل العودة،
ولكن هذه الجهود لم تأت ثمارها لمحدودية صلاحية الوزارة في
هذه الامور التي تحتاج الى جهة رسمية اكبر لا تبتعد عن
مكاتب رئاسة الجمهورية او الوزراء وهو ما ناشد به
المغتربون العراقيون الذين قالوا (ان حل مشكلتهم يجب ان
يقترن بأسم السيد جلال طالباني او الدكتور الجعفري فهما
عراقيان ولا يرتضيان لابناء جلدتهم تحمل كل هذه الظروف)
واضافوا ان بامكان الحكومة العراقية مفاتحة الجهات
الدنماركية لمنح العراقيين اقامة مؤقتة لسنتين او ثلاث
لاجل ممارسة حياتهم الانسانية الطبيعية التي نصت عليها كل
التشريعات السماوية والقوانين الدولية واضعين في الحسبان
ان العراقيات (بالاخص) يتسولن اليوم في شوارع كوبنهاكن
وبدرجة حرارة تصل حد الانجماد بعدما عانين الامرّين من
كوارث الوضع الانساني الصعب في معسكر اللاجئين.
|