قاموس
وبستر: محاولة رجل لتعريف" امريكا “
بقلم : ادم كوهين
ترجمة: بشرى الهلالي
عندما
نشر نوح وبستر"القاموس الموجز للغة الأنكليزية"،اصيب
الأصوليون بالرعب. فقد أمرك- جعله امريكيا-اللفظ البريطاني
الذي كان سائدا في قاموس سامويل جونسون المشهور, محولا"
defence"
و"honour
" الى "defense"و"honor"...
واسقط ال"k"
من "musick".وضمّن
وبستر قاموسه كلمات امريكية جديدة مثل "subsidize"و"caucus",
كما تخلى عن
الكلمات البريطانية- الشائخة -مثل"fishefy".
جون كوينسي آدمز ,رئيس
المستقبل ، صعق با" الأبتذال المحلي", وانتابه الشك من ان
هارفارد ، التي كان هو أحد أمنائها قد توافق على مثل هذه
ال" الهجرة عن اللغة الأنكليزية"
" قاموس وبستر الموجز"الذي طبع قبل 200 سنة من هذا التاريخ
،تحدى المتشككين ليتحول الى نجاح، وليكون الرائد والممهد
لأنجاز وبستر الكبير والكلاسيكي في سنة 1828" القاموس
الأمريكي للغة الأنكليزية"..
ويذكر وبستر اليوم تقريبا وبشكل خاص على انه المعجمي
الأمريكي العظيم،و الأب المؤسس من الطراز الأول.. بصراحة،
كانت القواميس التي الفها وبستر بمثابة عامل مساعد في
صياغة شكل الامة التي ستكونها امريكا.. .كان وبستر شخصية
بارزة و متعددة المواهب ، على طراز بن فرانكلين .انه يدعى
ب" والد قانون حق النشر الأمريكي" وذلك نتيجة نجاح حملته
للفوز بحماية كتاباته ..كما يعتبر :" المؤرخ الأول للمرض
الوبائي "بسبب بحثه الرائد في الحمى الصفراء : وايضا هو"
مدير المدرسة الأمريكية" - عنوان مأخوذ من سيرة 1936- بسبب
شيوع لفظه المؤثر وكتبه المقروءة .
رغم كل ذلك، كانت السياسة اهتمام وبستر الأول ، وتبنى
العديد من وجهات النظر التي تعتبر اليوم حديثة،لقد ابقى
الدين والله خارج حدود كتبه اللفظية...و ناقش وجوب ان ينص
الدستور على التعليم الأجباري عالميا وكذلك على الغاء
العبودية. و في كونكتيكيت، ساعد على تكوين الأنظمة الأولى
فيما يخص تعويض العمال.
عندما تشكلت الدولة الأولى ، كانت الثقافة البريطانية
لاتزال هي السائدة، ولم يكن قد اتضح بعد مالذي قد تعنيه
لفظة-امريكي-.اعتقد وبستر بانه من الضروري نفض اليد من "
عادات السلوك الأجنبية" وبناء ثفافة وطنية مستقلة . وكتب "لاشئ
مثير للسخرية اكثر من التقليد العبودي للسلوك ، كاللغة وكل
نقائص الأجانب "..و اعتقد بان قواميسه كان لها دور فعال في
بناء الثقافة المحلية حيث عكست اللغة التي كان الأمريكي
يستعملها في حياته اليومية..لقد كان مهما ، حسب اعتقاد
وبستر، بالنسبة لأمريكا القيام بتحديد مؤسساتها الخاصة. "
لااحد بهذا البلد سوف يكون راضيا بالتعاريف الأنكليزية
للكلمات التالية: الكونغرس ، مجلس الشيوخ، الجمعية ،
والمحكمة ، وغيرها،" ..كتب وبسترفي مقدمته لقاموسه في
العام 1828.
اما غرض وبستر السياسي الآخر من كتابته لقواميسه فهو تعزيز
الوحدة الوطنية.كان منزعجا لأكتشافه ،خلال سفراته، ان
البيض الجنوبيين والسود ، والجيل الأول من اليانكيز
والمهاجرين الذين وصلوا حديثا، كانوا في اوقات عديدة
يعجزون عن التواصل فيما بينهم بسبب اللغة. لقد اعتقد بان"
لغة فيدرالية" هي الخيار الأفضل لدعم" الأتحاد الوطني".
لكنه ايضا ادرك بان الجهود اللغوية لن تكون كافية . كان
منزعجا بسبب الأنقسامات السياسية الحادة التي رآها :
الشمال ضد الجنوب ، المناطق الريفية ضد المدنيين و، فوق كل
هذا ، حزبه الفيدرالي ضد حزب توماس جيفرسون، الديمقراطيون
الثوريون .. خلال المعارك المريرة على تمثيل المقاطعة في
1807. دعا وبستر الأحزاب الى " نبذ حربهم الحالية ، وتوحيد
بعض وجهات النظر العامة في السياسة".
في ذلك الوقت ، كان امام الولايات المتحدة الكثير لتنجره
اكثر من الأستقلالية الثقافية التي حلم بها وبستر. ربما
سيذهله مايراه الآن من ان امريكا لاتتحكم فقط في ثقافتها
بل تصدرها الى كل بلدان العالم- ومن ضمنها بريطانيا.
آماله بالوحدة الوطنية برهنت على الكثير من المراوغة ، ففي
الوقت الذي اصبح لامريكا " لغة فيدرالية" اسهمت قواميسه في
تثبيت دعائمها ، كان تقسيم الدولة الى حمراء و زرقاء،
وكذلك معارك واشنطن وحروبها الشريرة ، بمثابة معادل غريب
للحرب على المقاطعة في1807.
لو كان وبستر هنا الآن ، لربما سيصرخ ، كما يفعل العديد من
الأمريكيين الان ، بسبب رغبة الزعماء في النظر الى ماوراء
الإنتساب الحزبي. ومهما حاول ، لن يكون خبير الكلمات
العظيم اكثر فصاحة من خطبه الرنانة المعارضة للتحيز المفرط
..."عندما يكون الحزب اقلية ، فانه على استعداد للعق
التراب للوصول الى الأكثرية"، وحذر من انه " عندما يصل
الحزب الى موقع القوة ، فانه يصاب بالإفلاس ويصبح ميالاً
للأنتقام وطاغية ايضا"...
|