تحقيقات

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

تفتح ملف (مدن حزام الفقر) حول بغداد .. في الحميدية الجنوبية الأمطار تجبر الناس على تغيير مواقع أبواب منازلهم (القسم الاول)
 

تحقيق / مفيد الصافي
تصوير / نهاد العزاوي

دائرة الكهرباء تطلب من الاهالي أربعة ملايين دينار لنصب محولة جديدة والأهالي يتساءلون: حتى لو دفعنا هل تأتي الكهرباء؟
مستوصف واحد وطبيب واحد لعلاج أكثر من 30 الف مواطن ومدرسة واحدة بلا تلامذة

طوال اسبوع تجولت (المدى) في مدن (حزام الفقر) التي تقع شرق بغداد أو مناطق خلف السدة، لتتعرف على احوال المواطنين ومعاناتهم هناك. يسكن هذه المدن نحو مليون مواطن، وهم يعانون وما زالوا من ضعف الخدمات في كل شيء.
(المدى) تنقل صوراً من الحميدية الجنوبيـــــــــــــة و( سبع قصور ) والمعامل وحي طارق، حاملة أسئلة المواطنين إلى المسؤولين.
كانت زوجة السيد جاسب تقف وسط الغرفة الصغيرة الوحيدة في البيت الصغير المرصوف من قطع البلوك ، ومياه (النزيز) تصل الى كعبيها، ولم يكن بيد السيد جاسب جودة إلا أن يجبر على النوم هو وبناته الأربع وزوجته في غرفة(المطبخ) الضيقة بعد ان دخلت مياه الأمطار الى داخل البيت الصغير. ولم تكن المنطقة أفضل حالا،اذ انتشرت البرك والمستنقعات في منطقة الحميدية الجنوبية الواقعة خلف السدة في نهاية كسرة وعطش..يبدو من الصعب ان يتخيل المرء كيف يمكن لمساحة متر ونصف ان تتسع لستة أشخاص. في منزل إيجاره 25 الف دينار. جاسب جودة يبلغ من العمر 43 عاما، كان يمتهن العمل كعامل بناء ولكنه أصيب مؤخرا بمرض السكر، قال بصوت مضطرب وهو يقف خارج منزله متطلعا الى منظر المدينة الغارقة في الوحل، وبيوتها المنتشرة بشكل غير منظم يثير الكثير من الحزن. قال" نحن نعيش على الله".
مدرسة مهجورة
تحدث مختار المنطقة السيد حاتم عبد الله واصفا الأحوال الشاقة التي يعيشها السكان وشكا من مياه الأمطار التي تحيط بالبيوت بينما كان الأطفال بأجسادهم الهزيلة يلعبون بالمياه الآسنة وهم يرفعون ملابسهم إلى الأعلى.البيوت تتوسط المسطحات التي تنبعث منها الروائح المزعجة.من الصعب أن تصل الى أي منزل هناك بسهولة.
المختار في الخمسينيات من العمر يرتدي العقال والدشداشة اشار إلى ان هذه المنطقة في الثمانينيات كانت أرضاً زراعية اشتراها المواطنون بأموالهم من أشخاص يملكونها وهم يعرفون إنها لم تكن أرضا سكنية تجاورها معسكرات للجيش - ومع إنها ملاصقة إلى مدينة كسرة وعطش وكثيرا ما قيل لهم إنها تابعة إلى محافظة ديالى - والتي تبعد عنهم عشرات الكيلو مترات.هم لا يعرفون كيف يصفون ذلك.سكن المواطنون الحميدية الجنوبية منذ عام 1987 وهم يعانون من عدم وجود شبكة ماء نظيف فيها سوى أنبوب ماء خام يسحبون منه الماء عن طريق المضخات، "لا توجد مدرسة هنا سوى مدرسة ابتدائية هجرها التلاميذ ولا يداوم المعلمون فيها إلا نادرا".
وأكد المختار ان عدد سكانها يصل 30 الف مواطن وعدد المنازل المسجلة في سجل يملكه هو، نحو 1200 منزل.وأضاف ان اسم المنطقة مسجل في الدوائر الرسمية باسم الحميدية الجنوبية (حاليا سميت حي الزهراء). قال"نسمع عن تقديم الخدمات من قبل المسؤولين ولا نراها" وحينما يتحدثون مع مسؤولين من مدينة الصدر يقولون لهم إن المدينة نفسها ليس فيها من الخدمات ما يكفي، فكيف يقومون بخدمة مناطق تقع على حدودها" هل نحن لسنا عراقيين لماذا لا يهتم بنا احد" "ما يفصلنا عن مدينة الصدر لا يزيد على 500 متر فما علاقتنا بمحافظة ديالى؟ "

معاناة متواصلة

منطقة الحميدية الجنوبية ليس فيها أي مستوصف ويعاني أهلها من مصاعب جمة في نقل مرضاهم إلى مدينة الصدر وخاصة في أوقات الليل روى بعض المواطنين قصة نساء من المنطقة ولدن أطفالهن على الطريق قبل الوصول الى اقرب مستشفى ومن يكن حظه تعيسا يصاب بالمرض ليلا ويكون من الصعب أن تنقله الى إحد مستشفيات مدينة الصدر.
قبل سقوط النظام كانوا مهددين بالترحيل لأنهم كانوا يعتبرون من النازحين وبقي وضعهم المحزن أسوأ بكثير من المناطق المجاورة لهم الواقعة خلف السدة. قال المختار حاتم بصوت حزين " كنا نظن ان من انتخبناهم سوف ينظرون الينا بعين العطف بعد طول معاناة"
يؤكد الأهالي ان أمانة بغداد - ولأول مرة- قامت قبل شهر بوضع مادة السبيس على الشارعين الرئيسيين فيها، وهم يعتبرون ذلك (مكرمة).ومازالوا ينتظرون من يأتي بساحبات مياه تسحب مياه الأمطار التي تحاصر منازلهم منذ فترة طويلة.
المواطن رحيم حاشوش 27 عاما، أوقف عربته التي يجرها حصان كبير الحجم. رحيم اب لخمسة أطفال، أشار بيده إلى منزل بعيد حاصرت المياه الخضر الآسنة جهاته الأربع قال" علي ان اجلب لهم الطعام من السوق يوميا فهم لا يستطيعون الخروج من المنزل وإذا تأخرت سوف يبقون من دون طعام"
اقترب خلف داود الحلفي 38 عاما بوجهه الذي احرقته الشمس، وتحدث عن أوضاع المدينة وقصة إعدام أخويه في زمن الطاغية بسبب ارتباطهم بأحزاب دينية معارضة واشتكى من البطالة الشديدة التي يعاني منها سكان المنطقة و فقرهم و قلة من يعمل في الدوائر الحكومية فيها. وكرر إن المعاناة مستمرة في الشتاء والصيف، واشد ما يعانون منه في الشتاء هو مياه الأمطار التي تدخل إلى المنازل فيضطر المواطن معها إلى تغيير باب داره بسبب محاصرة المياه.
تحدث المواطنون عن المحولة الوحيدة في المنطقة والتي احترقت بفعل تجاوزات المواطنين عليها وعن المقياس الصناعي الذي سجل عليهم مرة في زمن النظام السابق مليونا وسبعمائة الف دينار واضطر معها الأهالي الى جمع المبلغ المطلوب رغم فقرهم الواضح ليسددوا المبلغ المذكور وبعد سقوط النظام سجل عليهم نحو اربعة ملايين دينار ضريبة عن استهلاك الكهرباء. وأكد المواطنون هناك انها ضريبة قديمة عن استهلاك الكهرباء وان جزءا كبيرا منها محسوب من زمن النظام السابق ولم يستطيعوا ان يجمعوها. وقالوا إن مدير كهرباء الرصافة قال لهم بأنه لن يضع لهم اية محولة جديدة الا بعد سداد المبالغ القديمة، قال احمد حسين 45 عاما" المشكلة إن الأهالي هنا يخشون أنهم حتى لو سددوا المبلغ، فمن يضمن لهم عودة الكهرباء اليهم؟"

صيد السمك

سحب جاسم رحيم لازم 30 عاما ولده الصغير من وسط الوحل والمياه ودون ان يغادر نبرة مرحة في صوته قائلا " لا نحتاج الا إلى شبك حتى نصطاد السمك ولكن ما ذنب الأولاد!" ووصف الأحوال الصعبة وعن الأطفال الذين يصابون بالأنفلونزا والإسهال بسبب شرب المياه غير المعقمة "إن إيجار منزل في مدينة الصدر لايقل عن مئة وخمسين الف دينار،وهو مبلغ لا يستطيع أي شخص ان يدفعه، لهذا نحن مجبرون على العيش هنا". هنالك مستوصف ساعدت في بنائه منظمة إنسانية ألمانية بعد سقوط النظام وبعد تشكيل الحكومة المؤقتة تركوه الى وزارة الصحة، لا يعمل فيه الا طبيب واحد وثلاثة معاونين والعلاج فيه محدود جدا. يحاول المواطنون هناك ان يراجعوا دوائر امانة بغداد والمحافظة لعلهم يثبتون بشكل رسمي العودة إلى حدود أمانة بغداد حتى يشملوا بالخدمات.
في منزل مسقف بالأعمدة والحصير الباب الرئيسي حاصرته مياه الأمطار. في داخل المنزل مضخة مربوطة بمولد كهربائي صغير صيني المنشا. أم عماد زوجة موظف براتب مئة الف دينار - يبلغ عدد افرادها احد عشر- شكت من سوء احوالها وتذكرت ان المستوصف الجديد في الحميدية الجنوبية ليس فيه الا أدوية قليلة. والمنطقة ليس فيها شبكة ماء صالح للشرب سوى الأنبوب الممتد إلى سكان منطقة (السادة) التي تقع بجوارهم.ويستعملون الماء لأرضهم الزراعية وحيواناتهم قرب معسكر مهجور كان يستعمل كقاعدة صواريخ، وسكان الحميدية الجنوبية يعتمدون عليه في شربهم.
جاسم محمد 49 عاما، معوق واب لثمانية أولاد يعيش براتب يصل الى مئة وخمسين الف دينار وصف الحالة المأساوية التي يعيشونها في هذا المكان قائلا "لا ماء، لا كهرباء، لا تبليط، لا مدارس" الغريب ان الكثير من السكان لم يعرف اسم المدرسة الابتدائية الوحيدة في المنطقة التي هجرها أطفالهم. وكان يقف بجواره المواطن،اياد فيصل 33 عاما لديه عربة يجرها حمار قال انه ترك منزله الذي غرق وهويسكن في منزل أهل زوجته.

من دون راتب

المضمدة نورية محمد غانم وصفت المؤسسة الألمانية بان لها الفضل الكبير في مساعدة المنطقة. وتحدثت عن ممارستها هذه المهنة بعد السقوط وتعلمها من المؤسسة الالمانية." انا منذ ثمانية اشهر من دون راتب". وعن عدم إمكانية المستوصف على شراء الأدوية الا عن طريق بيع (الباصات). وكثيرا ما تطوع العاملون في المستوصف لمساعدة الأهالي و شراء الادوية.
وعن الأمراض المنتشرة هناك قالت "انها التيفوئيد وابو صفار والإسهال وهو أكثرها شيوعا" ونسبت ذلك الى الماء غير المعقم الذي يشربه السكان هناك. وكيف كانت المنظمة الألمانية تساعدهم على توفير مواد لتعقيم المياه.
وشكت أيضا سوء الحال قائلة " في المستوصف لا نستطيع ان نجلب المغذي لأن سعره مكلف". لقد راجعوا وزارة الصحة من اجل مساعدتهم في تزوديهم بالأدوية وهم مازالوا ينتظرون. وذكرت خوفها من حدوث وباء كأنفلونزا الطيور وتطالب المسؤولين بان ياتوا الى منطقتها التي ينقصها الكثير لتصلح للحياة. وقالت اخيرا " متى نصبح بحالة تمكننا من الاستغناء عن المؤسسات الانسانية، السنا دولة نفطية؟"


(سبع قصور) بلا قصور وتعاني العطش في الشتاء!
 

  • وزارة الصحة تمتنع عن تسلم مستوصف طبي من جمعية المانية والسبب انه لم يكن كاملاً مكملاً!!
  • بين تقصير مديرية الماء ولا مبالاة دائرة الكهرباء يبحث المواطنون عن حلول!
     

وصلت السيارة الحوضية الى محطة الماء في منطقة (سبع قصور) بعد أن عبرت السدة، نزل السائق منها وابعد عددا من الأولاد الصغار الذين كانوا يملأون حاويات وقدور لهم من ماء (الشمعة) الكبيرة الذي تدلى خرطوم الماء منها. سائق السيارة مكلف بنقل الماء إلى بيوت بعيدة داخل المنطقة التي يعيش فيها ما بين 75-80 ألف شخص. سكان (سبع قصور) لديهم مشكلاتهم الكثيرة وهم يعانون العطش حتى في الشتاء. خارج سياج مضخة الماء كان المعلم مصطفى حسين يدفع عربته الصغيرة ذات العجلة الواحدة ويحمل عليها حاوية ماء من البلاستيك، بينما يحاول ولده الصغير محمد - في السادسة من عمره- ان يساعد اباه في الحفاظ على توازنها.
تحدث السيد مصطفى 28 عاما، معلم ابتدائية في مدينة الصدر وهو يدفع عربته الصغيرة عن احوال مدينته مؤكدا انها تابعة الى حدود بغداد ولكنها لا تحصل على اية خدمات واشتكى وتساءل في نفسه عن السر في ذلك. وذكر إن عددا من اعضاء المجلس البلدي في مدينته يجتمعون دائما بأعضاء المجلس البلدي في قاطع الاعظمية لان منطقتهم تقع ضمن حدود قاطع الاعظمية. منطقة سبع قصور او حي الإمام المهدي- الاسم الجديد لها- المنازل القريبة من أنبوب الماء يمكن ان يصل لهم الماء بعض الشيء ولكنها منازل قليلة اذا ما قورنت بغالبيتها التي تعاني من العطش. وقال " حينما عدت اليوم من الدوام لم اجد ماء نظيفا، وزوجتي لم تستطع اليوم إحضار كمية كافية منه".
الكثير من الأهالي اعتاد على كسر انبوب الماء الصالح للشرب وذلك بثقبه وربطه بانبوب آخر مربوط الى مضخة ماء يشغلها عن طريق مولد ليحاول ان يسحب ما فيه من الماء، ولكن الفتحات التي تعمل ليست محكمة مما يؤدي إلى سحب الماء الآسن الى داخل الأنبوب وتلويث الماء. تقوم منظمة اليونيسيف بجلب نحو 20 سيارة حوضية لمساعدة الأهالي في الحصول على الماء المعقم ولكن ذلك لا يكفي حاجات الاهالي الى مياه الشرب والاستعمالات الاخرى. يقول المواطنون ان عدم وجود تبليط للشوارع كافة ساعد في امتصاص الارض لمياه الأمطار التي سقطت قبل فترة، واختلفوا بذلك عما تعانيه منطقة الحميدية الجنوبية من غرقها بالمياه الآسنة.ومع ذلك تبقى الشوارع الطينية تسبب تعبا وإرهاقا لكثير من العائلات.
يعاني المواطنون من شبكة الكهرباء القديمة والتي تنقطع مع أول زخات المطر. لم تكن هناك اية كهرباء منذ أكثر من أسبوع. أشار السيد مصطفى الى اللافتة الملصقة على واجهة المستشفى المبني حديثا، كان مكتوباً عليها - المستشفى تابع الى قطاع الرعاية الصحية في الاعظمية - قال " الا تدل هذه اللافتة على ان مدينتنا تابعة الى بغداد وليس الى ديالى، فلماذا هذا الإهمال؟"

قصة المدينة

علي طاهر حيدر 43 عاما رئيس المجلس البلدي تحدث عن تاريخ المدينة وكيف انها كانت موجودة في زمن الملكية وعن وجود سبعة قصور تعود الى نوري السعيد باعها إلى تاجر يدعى حميد النجار ولم يتبق الا اثنان منها
(سبع قصور) مدينة كبيرة يصل تعدادها إلى 75 الف نسمة كما تؤكد المعلومات التي حصل عليها رئيس المجلس البلدي من عدد العائلات حسب بطاقة الغذائية. احدى مدارسها فيها ثلاثة الاف تلميذ. اغلب سكانها من الفقراء الذي عانوا من الحصار والتشريد.اعضاء المجلس البلدي المشكل بعد سقوط النظام طرقوا جميع الأبواب الممكنة في محاولة منهم للحصول على خدمات ومنافع لمنطقتهم وهم يراجعون قاطع الاعظمية ومجلس محافظة بغداد. زار رئيس المجلس السيد مازن مكية المنطقة كما يقولون والتقى رئيس الوزراء وفد من سكانها في حادثة جسر الائمة اذ كانت لهم حصة من الشهداء فيها وهناك تحدثوا عن معاناتهم الكبيرة.
شحة المياه في المدينة ازمة قديمة يعاني منها السكان منذ ايام النظام السابق ومما زاد في سوء الأحوال زيادة عدد المستوطنين فيها بعد سقوط النظام وعدد المنازل. يؤكد المواطنون إنهم في آخر موقع لشبكة الماء في بغداد ولها ويصل الماء اليهم عبر المجمع الموجود منذ عام 1954 ضعيفا. وبعد سقوط النظام قامت وحدة من متعددة الجنسية بوضع مجمع للماء بحجم 50 متراً مكعباً من اجل تعقيم الماء.
يعاني التلاميذ في (سبع قصور) من اهمال كبير فلهم مدرستان فقط لا تتناسب مع عددهم الكبير. وربما ضم الصف اكثر من 60 طالبا ويجلس البعض على الارض لعدم وجود ما يمكن الجلوس عليه.مدرسة المستقبل الابتدائية فيها 14 صفا ومدرسة الكميل فيها 10 صفوف. ويتناوب الدراسة فيها صبحا وظهرا.
تحدثوا مع السيد معين الكاظمي رئيس مجلس محافظة بغداد وبوجود مدير كهرباء الرصافة الذي اتهم الأهالي بتجاوزهم على الشبكة الكهربائية.فاظهروا له وصولات رسمية تثبت استمرايتهم بدفع الضــــــــــــــــــــــــــــــــــــرائب عن استخدام الطاقة الكهرابئيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة.
قالوا لهم ان ارضهم زراعية وليس سكنية وهم يريدون ان يعرفوا ما هو مصيرهم قال رئيس المجلس البلدي بثبات" نريد حقنا ولتأخذ الدولة حقها، ولكننا نريد خدمات كذلك" انهم ينقلون شكواهم الى مجلس محافظة بغداد والى الحكومة العراقية القادمة.
على الشارع العام كان هنالك صبية يدفعون عرباتهم الصغيرة التي تحمل حاويات ماء صفر اللون.يستريحون من طول الطريق قال احدهم " اننا نستعمل هذا الماء للشرب فقط " اما استخدامات الماء لغير الشرب فهم يحفرون أبارا للماء.
طالب الأهالي بتحويل صنف المدينة من منطقة زراعية الى منطقة سكنية لأنهم فعلا كذلك وهم يملكون الوثائق الكاملة وليس فيها متر زراعي. قال السيد علي" نطلب من الحكومة ان تنظر بعين العطف إلى اهالي المدينة واغلبهم من الفقراء".
" اننا نعيش على السيارت الحوضية واليونيسيف" قال السيد علي وهو يتأمل قدح الماء القريب منه. وواصل كلامه متحدثا عن بعض المنظمات الإنسانية التي دخلت الى المنطقة وخاصة منظمة اليونيسيف. ورغم عدم حصولها على دعم كاف الا إنها تشكل عاملا مهما في حصول الأهالي على كميات الماء الصالح للشرب. رئيس المجلس البلدي نفسه اكد انه كل سبعة أيام يملأ برميلين للشرب. وبعض البراميل والحاويات التي يستعملها الاهالي كانت وسخة من الخارج مما قد يعرضهم الى التسمم.
قرب احد البيوت القريبة، كان خرطوم الماء يتدفق منه الماء بسبب تشغيل مضخة صغيرة، هنالك نسوة يحملن قدور الماء على رؤوسهن قالت إحداهن " لا نريد اية خدمات سوى الماء، ويقولون اننا نملك نهري دجلة والفرات؟ وتقاطعت أصوات النسوة وهن يتحدثن عن سوء الأحوال في المنطقة وعن شحة الماء فيها، قالت إحداهن " هذا في الشتاء فما بالك في الصيف".
بعض المواطنين كان يعطي(إكرامية) الى سائقي أحواض الماء لانهم يعتبرونهم متفضلين عليهم.ان منظمة اليونيسيف لا تعمل بكل حريتها فالمهندسون العاملون فيها يقللون حركتهم خوفا من سوء الأوضاع الأمنية في بغداد لذا فهم لا يضعون علامات اليونيسيف السابقة كما كانوا يفعلون. وهم يدركون انهم اذا توقفوا عن ممارسة نشاطاتهم في منطقة (سبع قصور) فان الكثير من الأهالي سوف يواجهون مشكلة حقيقية.ان دائرة ماء بغداد على علم بشحة الماء في المدينة وقالوا انه قبل نهاية عام 2005 سوف يقومون بنصب شبكة ماء على أساس منحة يابانية ولكن "ماذا لو امتنع اليابانيون عن تقديم المساعدة لاي سبب كان فماذا يكون المصير" هذا ما قاله احد المواطنين. منذ أكثر من ثلاثة أشهر لم يصل التيار الكهربائي الى مجمع تصفية الماء لان مديرية توزيع كهرباء الرصافة لم توفر المواد التالية: قاطع دورة واطئ ومحولات تيار ومقياس صناعي وقابلوات ضغط واطئ.
في الطريق تقدم احد المخولين للتحدث حول منظمة اليونيسيف وكيف ان عملها لا يقتصر على توفير الماء لهذه المنطقة قائلا ان المنطقة تغذى يوميا بنحو مليون لتر. وكيف ان حصة الماء في الماضي كانت اعلى مما هي الان. ولكن بسبب قلة المعونات التي تحصل عليها منظمة اليونيسيف انخفضت حصة الماء..حاول المجلس البلدي ان يغطي على النقص الحاصل وتحرك لجلب محطة تصفية مياه ثانية. المنطقة تحصل على الماء من الانبوب الناقل للمنطقة من خلال (الشمعات) وتاتي السيارات الحوضية المؤجرة من قبل احد المقاولين عن طريق اليونيسيف واغلب موظفيها يسكنون في فنادق في بغداد.
اما عن المستوى الصحي في المنطقة فقال علي سوادي 36 عاما وهو معاون رئيس ممرضين فيها " اكثر ما تعانيه المنطقة من إمراض التيفوئيد والاسهال " كما ان المنطقة لم تكن تملك مستوصفا فيها.. لقد قامت الجمعية الالمانية بتشييد مستوصف ولكن وزارة الصحة لم تتسلمه لأنه لم يكن كاملا!! " قال " عجيب اليس فضلا منهم انهم قاموا بذلك " قام المختبر التابع له بفحص عينات من الماء فوجد انه غير صحي. المركز الصحي غير فعال ويطالبون بتفعيله وزيادة خدماته وهو لا يضم سوى طبيب واحد يتناوب مع طبيب آخر.

حفر الابار

امرأة عجوز تقف امام دارها وهي تضع طستا كبيرا تملؤه بماء البئر عن طريق تحريك خرطوم الماء البلاستيكي عدة مرات. قالت ام حسن ان البئر التي حفروها يبلغ عمقها سبعة امتار وهنالك من يحفر البئر بعمق عشرة امتار. عادة كل ثلاثة او اربعة بيوت تحفر بئرا. قالت" انت وحظك" بعض مياه الآبار يخرج حلوا والبعض الآخر ماء (مجا). قرب البئر كان هنالك صنبور قديم للماء قالت ام حسن: انها نسيت وجوده منذ زمن بعيد.
كان العديد من المواطنين يتحدثون عن معاناتهم بسبب شحة المياه وهم يقفون قرب الشارع الرئيس في المنطقة فقال احد المواطنين ان الكثير من المواطنين لا يغلق خزانات الماء التي يملكونها بأحكام وماذا لو سقطت داخل الخزانات هذه فضلات الطيور المهاجرة".

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة