على
منظمة الأمم المتحدة ابتكار برنامج جديد للدفاع عن حقوق
الإنسان
بقلم:
الوزير السويسري للشؤون الخارجية
ترجمة: عدوية الهلالي
عن:
لوفيغارو
دعيت
منظمة الأمم المتحدة لإعلان موقفها حول قيام مجلس عالمي
لحقوق الإنسان ليحل محل لجنة حقوق الإنسان التي رفضت دول
عديدة سلطتها ومواقفها..
جاء ذلك بعد أشهر من المفاوضات العنيفة التي سبقت القمة
العالمية المنعقدة في أيلول الماضي في نيويورك. حيث طالبت
تلك الدول بإعادة التأكيد على أن حقوق الإنسان تشغل حيزاً
أساسياً بين مهام منظمة الأمم المتحدة ورأى جميع قادة تلك
الدول المشاركة في الحوار إن على المجلس الجديد أن يكون
مؤسسة راسخة وقوية عسى أن يحقق هذا المشروع المعروض على
هيئة الأمم المتحدة أمنيات تلك الدول بامتلاكه القدرة على
التعامل مع انتهاكات حقوق الإنسان في كل مكان من العالم
بطريقة أكثر موضوعية وفيها الكثير من المصداقية، وسيكون
على المجلس الجديد أن يضع قوانين جديدة ويفرض على الدول
الأعضاء فيه الالتزام بها صراحة بالدفاع عن حقوق الإنسان
والمطالبة بمحاسبة المتجاوزين وكل من وراء خروقات واضحة
وإبادات شاملة.
ومن نقاط الاختلاف الأخرى بين المجلس الجديد ولجنة حقوق
الإنسان التابعة لهيئة الأمم المتحدة ضرورة قيام المجلس
بمهمة عمل موازنة دورية ومتابعة ما تؤول إليه حقوق الإنسان
في جميع الدول بدءاً بأعضائه، ولن يستثنى أي بلد من هذا
الاختبار الدقيق، حتى تلك الدول المنتمية أصلاً إلى اللجنة
الرئيسة للدفاع عن حقوق الإنسان، كما سيكون على المجلس أن
يعقد عدة دورات طويلة جداً وموسعة خلال العام لضمان التدخل
السريع كلما تعرضت حقوق الإنسان إلى تهديدات وانتهاكات.
وتستمر اللجنة العالمية لحقوق الإنسان بالاجتماع دورياً
لتثبت قدرتها على حماية الحريات الأساسية برغم ما أثاره
المعارضون من نقاشات عديدة حول الخروقات الكثيرة لحقوق
الإنسان. وكانت اللجنة قد سمحت لمنظمات المجتمع المدني
بتقديم اعتراضات المواطنين وشكاواهم حول المشهد العالمي
وهو ما كشف العديد من التجاوزات وحالات التعسف وفضح
الواقفين خلفها..
وبهذه الطريقة فقد فقدت اللجنة تقريباً كل مصداقيتها إضافة
إلى خطواتها البطيئة في ما يخص ردود الفعل حول وضع نهايات
رادعة لحالات العنف الخطرة في مناسبات ودول مختلفة.
ومن المؤكد أن غياب المصداقية سيقوض تلك القوانين الموضوعة
من قبل منظمة الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان.. وهو ما
سيحاول المجلس الجديد تعويضه من خلال إزالة الأسباب التي
تؤدي إلى غياب تلك المصداقية مع ذلك، فإن البرنامج الذي
وضعه المجلس وجاء كثمرة لاتفاق بين الدول الأعضاء فيه،
لايُعُّد حلاً نموذجياً، فلا شيء يضمن الوصول إلى حل وسط
ونتائج جيدة إلا من خلال متابعة المفاوضات، وهذا يعني إن
مؤسسة كاملة كالمجلس المدافع عن حقوق الإنسان لا يمكنها
النجاح ما لم تساعدها منظمة الأمم المتحدة على إعادة صياغة
برنامج الدفاع عن حقوق الإنسان.. فالمجلس الجديد بحاجة إلى
إفساح المجال له لإجراء التغيير المطلوب والقفز على قواعد
النظام العالمي لحقوق الإنسان بعد أن أصاب الركود والعجز
بل الشلل برنامج اللجنة العالمية للدفاع عن حقوق الإنسان،
، فما جرى وللأسف في رواندا هو مثال ودليل واضح بهذا الصدد،
فقد باشرت اللجنة إجراءات التحقيق في القضية لكن النتائج
التي وردت على لسان المحققين بقيت معلقة ولم تقابلها
العواقب المطلوبة، وإذن فلن يكون المجلس الجديد ذا فاعلية
وتأثير إلا إذا اعتمد على الإرادة السياسية للدول وعلى عزم
الجمعية العالمية لحقوق الإنسان على إصلاح حالات الخلل في
هيكلها الأساس، آنذاك فقط سيتمكن المجلس من إنجاز برنامجه
بالاشتراك مع المفوضية العليا لحقوق الإنسان بهدف تسهيل
مهمته وممارسة الضغط على المخالفين. |