النصف الاخر

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

ذاكرة امرأة عراقية: بعد سقوط الصنم وجدت الرجل الذي دمــر حياتها واسرتها وقد اصبح اكثر جاهاً كرجل تقي ووطني
 

تفتح صفحة (قضايا عراقية)، نافذة لذاكرة المرأة العراقية المناضلة كي تكتب تاريخ وقفتها المشهودة والنادرة في تاريخ النضال السياسي للشعب العراقي بكل تياراته السياسية والفكرية التي قارعت حكم الطاغية وقدمت المرأة العراقية على مذبح حريتها ثمناً باهظاً شهيدة وسجينة ومنفية، نساء من طراز خاص تحدين إرهاب الدولة وصرخن عالياً بـ(يعيش العراق) وهن متوجهات إلى ساحة الاعدام أو حبل المشنقة، وتحملن كل عسف وألم زنزانات النظام المقبور. امرأة عراقية أخفت زوجها وابنها واخاها وحبيبها بل جارها، عن أعين فئران الزيتوني البؤساء هذه المرأة مطلوب منها ان تكتب هذا التاريخ الحقيقي للمرأة العراقية لا تاريخ اتحاد النساء وحفلات نادي الصيد! (قضايا عراقية) تفتح هذه النافذة.
 

بغداد/شذى الشبيبي

(ع م رافت) حره من هذا العراق الحر زجت في درب النضال دون ان تنتمي الى اي حزب سياسي اذا بها تحرق الجناة بنزاهة كفاحها.
استقبلتني كضيفه واشترطت ان لا احمل قلماً او ورقه لغاية ادركتها فيما بعد.
وضعت بجانبها طبقاً فيه اصناف من الادوية ضئيلة الجسد ترافق يدها ورقبتها رعشة ظاهرة كاي عجوز ذهلت حينما عرفت انها من مواليد 1952وبسرعة بديهية لا حظت ذهولي وعلقت : لا تستغربي شكلي ذات يوم قال لي ضابط الامن احمدي الله واشكريه لانك تتنفسين. فعلاً كانت هذه اصدق كلمة سمعتها من لسان شيطان لان ماجرى علي يصهر الحديد وانا لحم ودم.
ففي عام 1982 اعتقل زوجي وكان تاجراً معروفاً لم اعرف كيف اتصرف ولي سبعة اولاد ( خمس بنات وولدان ) كان عمري وقتها (29) سنه اسرعت الى جارلنا اعرف انه يعمل بالامن وطلبت منه المساعدة بحكم علاقة الجوار، فرحب بي وابدى استعداده للمساعدة وبعد يوم ابلغني بأن اترك الموضوع له كي يتصرف بمعرفته ثم بعد ايام جاء واخبرني بانه عرف اين زوجي وبامكانه ان ياخذني الى مكانه لنراه شكرته وكنت ممتنه ولكنه حذرني من اصطحاب الاطفال واقترح ان ترافقني ابنتي الكبيرة فقط. لم اناقشه ووافقت بدون تردد لم يكن يهمني آنذاك اي شئ، المهم زوجي واخباره في اليوم التالي ذهبنا معه.
وهناك لم اواجه زوجي بل فابلت رجلاً سالني بعض الاسئلة عن اتجاهنا السياسي ووضعنا المالي وما يملك زوجي وهل لديه حسابات في البنوك اجبته بكل صدق وامانة، وبالرغم من الحاله الصعبة التي كنت بها في تلك الساعه لفت انتباهي ان ذلك المسؤول (الامني) كان يتكلم ولكن عينيه على ابنتي وبكل وقاحة.
والمسكينه بدورها كانت مطرقة نحو الارض، قال لي اذهبي الان وسنتصل بك عن طريق ابي فلان الجار الوفي حينما ناخذ موافقة المسؤول الكبير وفي اليوم الثاني جاء الجار الغيور وابلغني بانهم سمحوا لي برؤية زوجي وانني محظوظة ونبهني على ضرورة التحفظ على ذلك وهذا سر يجب ان لايعلم به اقرب الناس لانه قد يكون السبب في قطع رزقه وحتى حياته ... وعدته بذلك لانه صاحب فضل وجميل علينا ولسنا جاحدين وحينما اخذت ابني الصغير اعترض بعصبيه وطلب مني ان اصطحب ابنتي الكبيرة.. لم تنفع حجتي بانها يجب ان تبقى لرعاية اخوتها . فطاوعته مكرهة في هذه المرة ادخلوني الى المكتب وبقيت ابنتي في الباب... وبعد جلسة قصيرة واسئلة غير مترابطة طلب مني ان اتبعه وخرج من باب اخرغير الذي دخلت منه.. رغم قلقي وخوفي تصنّعت الهدوء ولم يراودني اي خوف على ابنتي لانني اوصيت ابا فلان عليها وبعد مروري بممرات عديدة دخلنا مكتب اخروانا اتبعه بصمت اخاف من طرح اي سؤال كان عذابي قاتل فكرت بكل الاحتمالات السيئة...... ولكن ايماني كان رفيقي وبعد فترة طويلة رميت نفسي على كرسي في المكتب كان احساسي بالارهاق والضياع ورغبة بالصراخ والبكاء ليس لها مثيل... سالته ان كانت زيارتي لهم ستطول وان ابنتي ستقلق علي فسالني هل انت خائفة منا ؟ قلت : كلا ولكن كان المفروض ان اترك ابنتي الكبيرة لترعى اخوتها , سالني سؤالاً غريباً هل تظنين ان اطفالك يحتاجون الى الام والاب أم الاخت اكثر ... استغربت سؤاله وتمنيت لو اني لم اتورط فهؤلاء الناس انذال ولا يتورعون عند اي شئ وسرعان ما تذكرت جارنا وطمأنت نفسي وبقيت ادعو الله ان يدفع ما كان اعظم وبعد اكثر من ساعة بقيت فيها وحدي عاد ليقول اخت ام رافت اني اسف كان بودي ان اساعدك وتواجهي زوجك ولكن ظروف العمل.. والان عندي واجب وانتِ تقدرين طبيعة عملنا).
على كل اضطرت ام رافت لمغادرة المكان الموبوء على امل ان يتصلوا بها من خلال جارها الشريف , كان لا بد لي من التركيز الشديد كي اجتاز الابواب والممرات العديدة كي اصل الى المكان الذي دخلت منه وتركت فيه ابنتي واقسمت في داخلي ان لا اعود الى هنا مهما كان السبب.. فالرعب والخوف الذي عشته في تلك الساعات لا يقاس .
حتى زوجي ساترك امره لله واغلق بابي انا واولادي لان ما رايته من دناءة في الاسئلة والنظرات لا يمكن احتماله . وصلت اخيرا الى المكان الذي تركت فيه ابنتي لم اجدها .. بقيت اتلفت برأسي واجول بنظراتي لعلها ذهبت لتشرب الماء فالجو حار ولو انني اوصيتها ان لا تتناول اي شئ في هذا المكان ... سالت عنها في الغرف الاخرى لم يرد علي احد وصرخ بي احدهم ... بقيت اسال كل من يمر بقربي عن جارنا فلم يتعرف عليه احد ولم اعد قادرة على التفكير ... تعب وجوع وزوج معتقل وستة اطفال في البيت وابنتي الكبيرة اختفت ... راودتني شكوك سيئة جلست على المصطبة وازدحمت الافكار برأسي كانت الدنيا قد اسودت بعيني تماما .
عجبت لسعة صدر هذه المرأة لم تأبه لدموعي ولانني بدأت افهم رغبتها بالاسترسال وهي تشعل السيكارة تلو الاخرى لا تبكِ واسمعيني جيدا ليعلم الناس جميعا ويعلم القاضي الذي يحاكم هؤلاء المجرمين بجرائم لم يعرفها التاريخ ان هؤلاء الكبار الذين في القفص خلفهم مجرمون ما زالوا احراراً يعيشون في بيوت فارهة بكل سعادة .
وفي الصباح التالي ذهبت وحدها الى نفس الدائرة ( الامنية ) سالت عن ( ابو فلان ) جارها فلم يعرفه احد سالت عن الرجل الذي قابلته وبعد التي واللتيا قابلها احدهم للتحقيق معها كيف وصلت الى هنا وماذا تريد ومن اين تعرف فلان وفلان وباي حق تسال عن ابنتها واتهمها بالجنون والاستهتار وبعد التهديد غادرت المكان المشبوه شبه مجنونة ذهبت الى اهلها استنهضت غيرة اخوتها ووسط البكاء واللوم الشديد ايقنت ان لا احد يستطيع نجدتها فالقضية فيها اسم (الامن)
الذي يثير الرعب في النفوس واتفق الجميع على ان الجار الامني له ضلع كبير بما حدث .
تقول ( ام رافت ) مرت عليّ أيام وانا كالمجنونة لانني جنيت على ابنتي، لقد اخذتها بيدي للمذبح , وبعدما التقيت بالجار الغدار اعتذر مني بخشونة وامتعاض، وحاول التهرب من اسئلتي بكل وقاحة قائلا : والله يا اختي عملت ما بوسعي لمساعدتكم ولكن يبدو انكِ تريدين ان تلبسيني تهمة... صحيح اتقي شر من احسنت اليه ... كان كلامه سما تجرعته من اجل ابنة الخمسة عشر عامل لا بل توسلت واعتذرت وكانت ام رأفت مستعدة لتقبيل الاحذية فقط ليكمل فضله ويذهب معها الى نفس المكان من اجل ابنتها ... اقتنع وذهب معها على مضض لان ( قلبه الطيب ) سيجره الى التهلكة ...
التقت اخيرا ب( العبد لله ) المسؤول الامني الذي فوجئ بمسألة الفتاة وادعى انه لا يتذكر حتى شكلها تقول: حينما راني ابكي واتوسل بدأ يصرخ ويشتم وحينما وقعت على حذائه دفعني وركلني وهو يصرخ بهيستريا خذوها المجنونة زوجة الجاسوس ...
هذه المرة وضعوها في غرفة انفرادية فيها سرير وبعض الاثاث وثلاجة صغيرة ,
هناك جاءها الجار البعثي ... فوجئت بشخصية اخرى , ارتمى عليها كالحيوان يبثها غراما واعجابا وانه كان يحسد زوجها عليها وهي لا تشبه زوجته في الشكل والاخلاق وانه مغرم بها منذ زمن واذا ما اطفات نار هيامه سيزول حقده على زوجها ويعمل المستحيل ليخلي سبيل زوجها وقد يحل لغز ابنتها ...
صمتت ام رافت ولطمت فمها بقساوة وهي تقول : هذا الفم قبل احذية الانذال لا يستحق الحياة. كنت اتصور ان لهم قلوباً مثل البشر . في هذه المرة رفضت المساومة القذرة وباصرار ورغم انه منحها فرصة ثلاثة ايام لتراجع نفسها وكانت مصرة على موقفها الشجاع . فلن تخسر نفسها مهما كان المقابل ... بعدها مورست ضدها اساليب متنوعة من التعذيب وتمزيق الملابس وقص الشعر بالسكين واطفاء اعقاب السكائر في مناطق حساسة من جسدها ... واخيرا وضعوها في الممر امام الزنزانة التي كان فيها زوجها ليمارسوا انحطاطهم على مراى منه ...
تقول : جاهدت كي لا افقد الوعي وان لا اتفوه بشيء كي لا يسمع صوتي ويموت قهرا رغم انهم كانوا يصرخون ويقهقهون باسمه ... اصعب موقف على المراة ان تكون بيد انذال ورغم انني كنت مدللة في بيت زوجي تمنيت من الله ان يحرمني من كل شئ فقط اخرج من ذلك المكان الموبوء حتى لو انام على الرصيف ..
بعد ايام من التعذيب الوحشي وجدت نفسها في مستشفى كان الحليب قد تخثر في صدرها وسبب تقيحا ودما وكان لابد من عملية ( استئصال ) !!
تواصل أم رأفت أفرج عني بعد ان وقعت على تعهد ان لا اتكلم باي شئ يمس الحزب واعضاء
الحزب والامن واكف التساؤل عن ابنتي ولا ولا ولا .. وابلغوني ان ابنتي عندهم لانها مطلوبة امنيا واذا تفوهت بحرف واحد سيوزعون على الناس شريط فيديو وصور ليس بصالح العائلة ... وحينما عادوا بها الى البيت جاء الجار النذل ليبلغها بان ابنتها في مكان امين لان مديره اعجب بها ولكنها عنده واجبرها على كتابة رسالة لابنتها لكي ( تلين راسها ) ولا يحصل معها كما حصل مع امها حفاظا على اختها الاصغر ...
بعد (16 ) يوماً طرق الباب فجرا اربعة مجهولين جلبوا ابنتي شبه ميتة دفعوا بها نحوي وحذروني من مراجعة اي طبيب او مستشفى، حذروني من البكاء والكلام وذكروني بالتعهد الذي وقعته ( والا سينقطع لسانك ) وفي نفس اليوم في الساعة الثامنة والنصف صباحا عادوا ومعهم ورقة تقول بان امرا صدر بمصادرة البيت العائد لزوجي الذي نفذ به حكم الاعدام (لعلاقته بجهات اجنبية) كما يقولون.. لم اتنفس ولم اصرخ اعطوني مهلة ثلاث ساعات رحمة منهم ومنعونا من اخراج اي قطعة اثاث ما عدا قليلاً من الملابس .. وقفت امامهم عزلاء ضعيفة اردت ان استصرخ فيهم النخوة ولكن لساني لم يتحرك ... ذهبت مع اطفالي الى بيت اهلي، وهناك ماتت ابنتي الغالية بصمت لم تكن تتكلم ممددة كالذبيحة تدور بنظراتها المسالمة نحوي لا ادري ان كانت تلومني ام تواسيني بقيت ممسكه بيدي، جسمها ملئ بالكدمات ليست اثار التعذيب ولكنها كدمات من نوع اخر... ماتت بسرعة غريبة كانها تناولت مادة قاتلة او ابرة ... تشاور اخوتي فيما بينهم ولعل الخوف من الانذال دفعهم لذلك واقترحوا علي ان اسكن في بيت احدهم الذي لم يكتمل بعد ( هيكل ) وافقت بسرعة لرغبتي في العيش بعيدا عن الناس كما اني خشيت على اخوتي ... عشت في بيت لا ابواب فيه ولا شبابيك كنت لا أنام احرس اولادي ولكن بعد فترة اقل من شهر اعتقلوا اخي واخرجت من المكان فقد تمت مصادرته !!
سكنت بعدها في ( صريفة ) وصرت في ذلك الوقت اشعر بانني مثل ( الكلب الاجرب ) الجميع يتحاشى حتى السؤال عني وعرفت ان الخوف سيد الموقف وان الحق بعيد المنال .. كان لزاما علي ان اطعم ستة افواه ظلموا بلا وجه حق وكنت اخرج في الصباح الى الاحياء المجاورة اخدم في بيوت الاعنياء وقد اكون دخلت بيوت المجرمين الذين قتلوا ابنتي وزوجي ودمروني دون ان اعراف ... ولطالما راودتني تلك الفكرة ولذلك كنت اتفنن في لبس الحجاب لتغيير وجهي رغم ان شكلي قد تشوه كثيرا .
وهكذا مرت علي سنوات طوال حتى كانت الانتفاضة الاذارية ولم نترك المدينة فنحن متنا منذ زمن ... ولكن الجيش اجبرنا على الخروج الى الناحية الغربية قرب مدينه الفلوجة , هناك وجدنا من احتضنونا واوونا ... وهناك عرفت ان بلدنا ما زال بخير وان اهل العراق لن تحكمهم الطائفية او العقيدة السياسية مهما تحكمت فيهم، ولكن يبقى قلبي ينبض الى المدينة التي ولدت فيها والارض التي ابتلعت زوجي وابنتي تبقى عزيزة علي .
التزمت ( ام رافت ) بتعهدها للانذال ولم يعرف بقصتها احد تركت جميع بناتها المدارس واصرت على ان ينال ابناؤها الذكور نصيبهم من التعليم لانهم اولاد، ساعدتها بناتها في تدبير لقمة العيش , تقول : كنا نطبخ في الافراح والماتم وننظف دون ان نعرف للراحة طعماً.
بعد سقوط الطاغية كان اول ما فعلته الذهاب الى منطقتها لكي تلقي نظرة على بيتها وتعرف اخبار المجرم جارها .. وتقول ليتني لم افعل فقد وجدت ان الرجل الذي احرق حياتي وقلبي اصبح اكثر جاها واوسع املاكا يحترمه الناس كرجل تقوى وطني من الطراز الاول !..
وفي سؤال لها عن رايها بمحاكمة صدام واعوانه : تبتسم ام رافت بلا مبالاة وتقول:
وما يهمني منه , يحاكم او لا يحاكم فالذين نفذوا الجرائم هم اخطر منه , احرقوا قلوبنا وما زالوا يذبحوننا كل يوم ويعيشون بيننا مرفهين واحراراً .. اما نحن عباد الله فليس لنا إلا ان نعزي انفسنا ونرثي موتانا وننتظر المعجزة ...


الرجل وعيد المرأة العالمي
 

المحرر

ولانها بحاجة إلى الكثير من الاعتبار والاعتراف صار لها عيد عالمي نحتفل به كل عام في الثامن من اذر وحين ينتهي وتنتهي معه خطبنا وكلماتنا ومقالاتنا التي تجعل من المرأة كائنا خرافيا يستحق الدعم والمساندة ويستحق ان نقف معه لينال حقوقه في هذا المجتمع الذكوري الذي لا يعترف الا مظهريا بكائن يدعى المرأة نذهب إلى اعمالنا مستقري الضمائر، فقد ادينا ما علينا واعطينا النسوة جميعا حقوقهن وماذا يرون أكثر من هتاف في قاعة بمساواة المرأة بالرجل يتصدر مقاعدها الرجال ويدبج كلماتها الختامية الرجال ويتولى اخفاءها في ادراج البيروقراطية الرجولية.
الرجال ايضا وتعود المرأة فرحة مسرورة إلى دارها تذكرها السيد الرجل وكرمها بالاحتفال وهنا تلتفت فلا تجد امامها إلى المطبخ والغسالة ومسح الارضية وتنظيف الجدران وغسيل الملابس وتغطية الاولاد حين تزاج عنهم الاغطية وهم حالمون بعالم لرجل المثالي بينما تتعطف السيدة المرأة على زميلتها ونبت جنسها مذكرة اياها بالفقرة القانونية أو الشاعرية أو الـ التي قالها الرئيس الفلاني أو الوزير أو المدير الفلاني أو الكاتب والصحفي والمثقف نصير المرأة المعروف.
هكذا تقول لبنت جنسها ونقول لبعضنا وكفى الله المؤمنين شر القتال فماذا تريد منا هذه المرأة أكثر من التنازل عن سقوف رجولتنا وخطوطها العالية والقبول بها على مقياس ريختر أو على مقياس سارتر أو اولئك الكتاب الذين جفت اقلامهم ونفد صبرها وهم يدبجون المقالات تسبيحا وحمدا ودفاعا واندافاعا وراء السيدة العظيمة المرأة، نصيرة الديمقراطية وضمانتها ونصف المجتمع الماضي إلى الامام بقوة اندافاعها وهي تربي لنا اجيالا ستخلق المستحيلات في بناء مجتمع زاهر متحضر متمثلين بقول الشاعر:
الام مدرسة اذا اعددتها
        اعددت شعبا طيب الاعراق
وحين نعود إلى البيت نلقي بكل ما كتبنا وما قلنا وما هتفنا به في تنور الرجولة لمستعر مجدا وفخرا بالذكورة الآمتياز الذي ما بعده امتياز وان هي الا ذلك الروبوت الذي خلقه الله لنا لامتاعنا.
واحفظ واحترم واقدس قول رسول الله محمد (ص) رفقا بالقوارير وقد قالها قبل أكثر من 1400 عام فاينك يا عزيزي الرجل من هذا القول؟ لا تحزن كثيرا اعدد عدتك للاحتفال بيوم 8 آذار القادم وانس كل ما قلته في قاعة لاحتفال عن حقوق امراتك فلن يحاسبك احد.. فأنت السيد.


مملكة الزواج والاحلام المؤجلة .. عراقيات فاتهن القطار بسبب هجرة الشباب واخريات عاشرن العنوسة بسبب الحروب

  • الوضع المادي المتحسن هل يغير الواقع؟ .. الاحلام الراحلة هل تعود
     

بغداد/المدى

فات القطار ولم يعد لهذا السؤال جواب
لكن (.....)
نعم يبقى حلما مؤجلا ليس اكثر
هذا جزء من حوار مع عراقية ما زالت في الثلاثين من العمر لكنها تشعر انها هرمت قبل سنوات يوم اعدم النظام المباد خطيبها وعائلته باكملها بدعوى المشاركة في الانتفاضة الشعبانية-آذار 1991.
مثلما يمكننا النظر الى موضوع الانسة (س) نظرنا الى ملايين الفتيات اللواتي تأجل او رحل حلمهن في دخول المملكة السعيدة مملكة الزواج حلم كل فتاة على هذه الارض.
تأجل الحلم.. ثم ارتحل.. لماذا؟ وهل من عودة ترتجى؟ انها مشكلة اجتماعية ليست بالهينة وهي تمس شريحة واسعة من المجتمع العراقي وتمس العائلة العراقية في صميم وجودها وكيانها وقيامها.. وللنظام المباد دوره السيئ في تفاقم المشكلة بل في ايجادها اصلا وماكنا في العراق نعانيها، ونحن هنا نحاول عبر الحوار استجلاء ابعاد المشكلة وتبين امكانية حلها.
الدكتورة خولة ناجي سعيد/ اختصاص علم الاجتماع جامعة بغداد تقول:
-المشكلة بدأت عندما تدنت الارقام في المحاكم الشرعية التي تتولى عقود الزواج اوائل السبعينيات بسبب ارتفاع معدلات المهور والشروط التعجيزية التي كانت تضعها الفتيات وعوائلهن في حينها وعندما بدأت الفتاة في التخلي عن الكثير من هذه الشروط في الثمانينيات سحقت سنوات الحرب احلام الكثيرات فقد تأجل العديد من صفقات الزواج على امل انتهاء الحرب سريعا وعودة الشباب الى الحياة المدنية، وعندما وضعت الحرب اوزارها بعد ثماني سنوات كان عدد النساء قد تجاوز عدد الرجال واليك هذه الاحصائية عن بغداد فقط:
في النصف الثاني من السبعينيات كان معدل الزيجات يصل الى 1000 زيجة في الاسبوع وفي عام 1985 تدنى هذا المعدل ليصبح 450 زيجة اسبوعيا وفي العام 1994 تدنى العدد الى 340 زيجة اسبوعيا وتضيف الدكتورة خولة: اما الذين عادوا من الحرب فقد ظهروا محطمين نفوسهم ملأى بعقد الحرب وجيوبهم خاوية ليعودوا الى نقطة الصفر لرسم مستقبلهم الذي ما لبث غزو الكويت والحصار الذي اعقبه ان اغلق الابواب في وجوههم وهم مشاريع جاهزة عمريا للزواج وغير قادرة ماديا ومعنويا عليه برغم تخلي المرأة عن كل شروطها القديمة.
وحتى الان لم تتغير الظروف ولحين تغيرها نحو الاحسن علينا الانتظار زمنا مضافا، فهناك علاقة جدلية بين القوانين والمفاهيم والاعراف السائدة والحالة المعيشية من جهة والاقبال على الزواج او العزوف عنه من جهة اخرى.
نبيلة عبد الكريم/ مدرسة اعدادية(...) في مدينة الشعب تقول:
الزواج مسؤولية قبل كل شيء واذا لم يكن الرجل والمرأة قادرين على تحملها فمن الافضل تجنبه او تأجيله بالمعنى الاصح لحين فهم الضرورة والاستجابة لمتطلباتها.
-لهذا تأجل زواجك؟
ليس بالضبط، كان هناك مشروع لكن ظروف الحرب والحصار الاقتصادي و.. لقد انتظرت طويلا وحين الغيت انتظاري تقدم من لا ينفع.
-كيف؟
اقراننا غادروا البلد للعمل في الهجرة والبحث عن فرصة لبناء المستقبل وحين عاد بعضهم فان هؤلاء بحثوا عن فتيات صغيرات في العمر اما الذين يكبروننا في العمر فقد خاضوا التجربة وترتبت عليهم مسؤوليات لا اعتقدني قادرة على مشاركتهم في تحملها وانت تفهم.
*سلمى/ من ريف بغداد.. في السابعة والثلاثين من العمر تقول: انهيت دراستي الجامعية ادارة واقتصاد عام 1990ولم اتمكن من الحصول على وظيفة في المكان المناسب، بعد ذلك زهدت في الوظيفة.
مجتمعنا الريفي ضيق ومحصور وهنا يتزوج الفتاة بأمر عائلتها مهما كان وضعها وشهادتها، رفضت الزواج من ابن عمي لاننا مختلفان وفضلت العمل خياطة لاقضي على فراغي فنحن في سعة من العيش وهكذا لم اعد ارى احدا ويبدو لي ان العيش هكذا لم اعد ارى احدا ويبدو لي ان ربة البيت مثلي وفي سني لم تعد لها فرصة الا بين الارامل من كبار السن واصحاب العوائل.
ابو الفضل فائق ياسين/ خريج معهد الادارة، يعمل حاليا سائق تاكسي عمره 28 عاما يعلق على حديث سلمى قائلا: بالعكس انا خطبت ربة بيت لكنني تأخرت كثيرا فوالدي مثلا تزوج والدتي وعمره 22 سنة وكان موظفا في الموانئ العراقية براتب جيد حتى اننا كنا نسافر خارج العراق للاستجمام كل موسم، الا ان الوظيفة بدأت تستعيد اعتبارها بعد سنوات من التقصير والغبن لكن الشباب لم يعودوا الى البلد من مهجرهم بسبب الاوضاع الامنية لهذا ما زالت فرص الزواج اقل مما ينبغي ونسبة العنوسة مرتفعة.
وحين يعود هؤلاء الشباب من المهجر يختارون فتيات صغيرات ويقطعون خيوطهم القديمة اليس كذلك؟
ليس تماما فالعلاقات المبنية على اسس صحيحة لا يمكن هدمها بسهولة، انا اختارت لي عائلتي خطيبتي وقد اقتنعت بها وبهذا الاسلوب في بناء الحياة الزوجية ولهذا ادعو العوائل العراقية لممارسة دورها القديم في اختيار الفتاة والجمع بين الرؤوس في الحلال.
-كم كلفتك الخطبة؟
لا شيء يذكر.. الذهب فقط والضرورات الملحقة وهي لا تخص الخطبة وحدها التي كلفتني 300000 الف دينار وغرفة النوم 600000 الف دينار ورصدت 500000 الف دينار لبقية الضرورات وسيساعدنا الاهل.
فراس ابراهيم/ تاجر قماش في شارع النهر يقول: معرفتنا ابتدأت من السنة الاولى في دراستنا الجامعية وبعد ان انهيت الخدمة الالزامية بعد التخرج وتمت خطوبتنا ثم زواجنا.
-وهل اعانك اهلها؟
نعم.. قدموا هدايا مهمة وتحملت هي قسطا فاشترت بعض اللوازم الضرورية للبيت من مدخراتها فهي موظفة.
وفي استطلاعنا لاراء العديد من الشباب والشابات والرجال والنساء وعدد من المثقفين وأرباب العوائل تمكنا من تحديد عدد من النقاط التي يمكن ان تؤدي الى انفراج في موضوع العزوف عن الزواج وهذه النقاط تتلخص في تخلي الفتيات والعوائل العراقية عن شروطها الصعبة وتنشيط دور العائلة في اختيار الفتاة وتوفير فرص التعارف بين الفتى والفتاة بطرق بريئة والنظر بارتياح الى انتهاء معوقات زواج العسكريين وعدم وضع شروط جديدة كالسابق وتشجيع عودة المهجرين ورصد سلف زواج للموظفين.
ويضيف الدكتور عبد الرحمن النداوي استاذ علم الاجتماع في جامعة الموصل قائلا:
تأخر الزواج مسألة طبيعية في المجتمعات المتمدنة حيث تجد العلاقات بين المرأة والرجل غير المسجلة كحالات زواج تفهما من الجميع وحتى غير المسجلة وتعد امرا طبيعيا ويمكنهم انجاب الاطفال دون زواج لذا لا يشكل الزواج مشكلة لدى احد، اما مجتمعاتنا الشرقية ومجتمعنا العراقي الملتزم دينيا والخاضع للاعراف والتقاليد المتوارثة، فالموضوع يعد معضلة قاسية تلقي بظلالها القائمة على المرأة تحديدا ويسبب لها احباطا مؤلما، فهي بمجرد ان تجتاز الثلاثين تصبح عانسا امام الاخرين وامام نفسها وينشغل الجميع بموضوعها مما يسبب لها حرجا واذى نفسيا كبيرا.
والمسببات في نظري هي أمراضنا الاجتماعية وموروثنا القبلي والاقطاعي والديني الضيق الافق والوضع الحزبي وقيوده في ايام النظام المباد، نعم انتهى هذا النظام ولهذا اظن بل انا على يقين ان لدينا الان فرصة يجب ان نستغلها لاعادة النظر حتى في العقد الدينية لتجاوز عقلية عدد من وعاظ السلاطين الذين وضعوا الدين في خدمة الدولة والعشيرة فغرست هلوساتها العرقية والطائفية تحت غطائه، اعتقد ان الدين الصحيح فيه مجالات رحبة جدا لنفهمه بشكل اوضح وبصيغ معرفية تخدمنا وتخدمه.
وثمة اراء طرحت من قبل عدد من المثقفين تتعلق بضرورة ان تأخذ الدولة على عاتقها مهمة تسهيل زواج الشباب وترويج سلف خاصة لهذا الغرض وتسهيل القوانين التي تحكمه وتوفير فرص العمل والسكن واقترح البعض انشاء نواد خاصة بالعزاب بقصد تزويجهم وفسح المجال في الصحافة ووسائل الاعلام والانترنيت لنشر طلبات الزواج وهناك من طرح فكرة ربما اعتبرها البعض جريئة ولكنها تحمل مشروعيتها كفكرة من الممكن مناقشتها وهي تشريع الزواج المنقطع او الزواج المؤقت.

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة