حول رفض
صفقة دبي للموانئ:
خسارة حلفائنا.. وانفسنا
عن: الواشنطن بوست
بقلم:
ديفيد إجناتيوس
ترجمة: مروة وضاء
علم مسؤلون من دبي في وقت
متأخر من يوم الخميس الماضي ان كارل رولف قرر انهاء
المسألة حيث ابلغ مستشار الرئيس بوش السياسي مدير عالم دبي
للموانئ في واشنطن ان البيت الابيض لم يستطع الصمود اكثر
من ذلك في وجه ضغط الكونغرس لانهاء خطة الشركة العربية في
الحصول على محطات شحن في ستة موانئ امريكية وكان الرد
الاول لمدير دبي التنفيذي "من هو كارل رولف؟" لكن في
النهاية ادرك القادة السياسيون هنا انه وقت مواساة الجهة
الخاسرة.
الى ان اعلن قرار رولف كان رجال اعمال دبي مصرين على
الاستمرار بالكفاح. اخبرني مدير عالم دبي للموانئ الشيخ
إبن سلطان أحمد سليم يوم الاربعاء الماضي مؤكدا بأن شركته
ستفعل كل ما هو ضروري لاقناع الكونغرس بأن الصفقة خالية من
اي مخاطر امنية-بل بالعكس ستجلب إستثمارات جديدة وأجهزة
إضافية ومسح أكثر من الشحن وعمليات مراقبة خاصة لموظفي
الإمارات العربية المتحدة ومن بينهم هو نفسه. لكن هذا كان
قبل ان تصوت لجنة الاعتمادات ب62 مقابل 2 للقضاء على
الصفقة.
انا اتوقع ان امريكا ستدفع ثمنا كبيرا لرفض الكونغرس لهذه
الصفقة. فقد ارسلوا رسالة تقول أن كل خطابات الولايات
المتحدة عن التجارة الحرة المشتركة مع الحلفاء كانت لا تخص
الاستثمارات العربية.ولا يجب ان نتفاجأ اذا ما رد العرب
بنفس الطريقة. ان لم تظهر الاستطلاعات ان الامريكيين
يعادون الصفقة بشكل كبير او مرتابين من الاسلام عموما
فاللوم كله يقع على اعضاء الكونغرس الجبناء. حيث تطلعنا
هذه الاستطلاعات ان الامريكيين لم يتغلبوا على احداث
11/9/2001. فقد عمق العراق قلق البلاد وتوقعها للاسوأ.
لمعرفة مدى خطأ الشعور بالخوف من الصفقة الامريكية
الاماراتية يجب ان تقضي بعض الوقت هنا كما فعلت انا هذا
الاسبوع. ففي الحقيقة تعتبر الامارات احدى الدول العربية
القليلة التي تسير فيها الامور على نحو صحيح بعيدا عن
الارهاب والتعصب الديني باتجاة اقتصاد منفتح ومتطور لذلك
اتى رفض الكونغرس للصفقة مفاجأة في الامارات فالناس هنا
يعتقدون انهم اصدقاء لامريكا.
كانت هذه الصفقة تكملة لطريق الامارات في تبني الاساليب
الغربية, لقد سافرت ليلة الأربعاء مع وزير التعليم العالي
الشيخ نهيان بن مبارك إلى مدينة العين لحضور مهرجان موزارت
الذي أدت فيه فرقة أوركسترا فيينا. وزرت الجامعةَ
الأمريكيةَ للشارقة التي تأسست قبل تسع سنوات كمنارة
لتعليمِ الفنون المتحررة وكانت هناك صورة لأبراج التجارة
في نيويورك على حائط بجانب مكتب المستشار أَخذت من قبل إحد
الطلاب في حزيران عام 2001. "ليس هناك كلمات قوية بما فيه
الكفاية لوصف شعورنا اليوم" ببيان وقعه طلاب الإمارات
العربية المتحدة.
من الصعب تخيل عربي أكثر تأييداً لأمريكاَ من سليم. فقد
حصل على شهادة في الإقتصاد من جامعة تمبل في 1981 وهو ما
زال متحيزا الى جبنة ستيك فيلاديلفيا لقد قام عشية السنة
الجديدة برحلة من نيويورك إلى بات كينك اوف ستيك في جنوب
فيلادلفيا ليجد المكان مغلقا. كان سليم قبل إنهيار الصفقةَ
يمتلك قناعات التاجر الحر بأن نتائج العملِ الجيد تتغلب
على الخطابات السياسية. "نحن رجال أعمال لا نفهم في
السياسةَ -- لَكننا تفاجأنا. نحن نَتعاونُ مع الولايات
المتحدة ونعتبرمن افضل أصدقائَها."
كان العديد من قادة الامارات السياسيين ومن ضمنهم ولي
العهد محمد بن زايد قد اقتنعوا هذا الاسبوع ان الاجراء
الاحكم هو الانسحاب لكن تلك الآراء جرى تقييمها حتى
النهاية من قبل رجال الاعمال الكبار في دبي ومن بينهم حاكم
دبي الشيخ محمد بن راشد.
سيشمت الاصوليون العرب بالامارات مرددين "لقد اخبرناكم
بذلك". ان المسؤولين هنا يعترفون انهم في معركة مشتركة
معنا ضد القاعدة. على خلاف الدول العربية الاخرى فالامارات
تحارب بصدق –لقد
قامت بتغير مناهجها لتفويت الفرصة على المتطرفين الاسلامين
ووقفت بجانب الولايات المتحدة علنا رغم التهديدات
الارهابية واسست احدى افضل دوائر المخابرات في العالم
العربي وستحارب قواتهم الخاصة بجانب الولايات المتحدة في
افغانستان غدا وبعده.
حاول الرئيس بوش فعل الشئ الصحيح في صفقة ميناء دبي. لكن
ارادته ابطلت من قبل الكونغرس المنفلت. كَان انهيار الصفقة
مقياساً لضعف بوش السياسي
–
واكثر من ذلك فقد كشفت
حجم صدمة وتأثر أمريكا من سياسة 11 أيلولَ.. إن الحقيقةَ
الساخرةَ هي أن الإمارات تعتبر نوع الحليف العربي الذي
تَحتاج اليه الولايات المتحدةَ بالضبط اليوم. لكن كان
واضحا ان ذلك لم يعن او يهم الكونغرسِ المنتخب هذه السنة
الذي ثار على قضية دبي بالتهجم على المسلمِين متحججا
بمخاوفه من الارهاب. ونحن نتساءل لماذا لا يحبنا بقية
العالمِ.
|