المدى الثقافي

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

الواقع الحالي للكتاب: مواطنون يشخصون اسباب انحسار الاقبال على القراءة

 

استطلاع/عدنان الفضلي
في فترة الخمسينيات والستينيات ولغاية السبعينيات من القرن المنصرم كانت القراءة طقساً محبباً للعراقيين يمارسونه بشغف ويتلهفون للاصدارات كما يتلهف الطفل للعيد، حتى عرف عن العراقيين بانهم اكثر الشعوب ولعاً بالقراءة. ولكن في الفترة التي تلت ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا تراجعت تلك النسبة من الاقبال على مجالسة الكتاب بشكل ملحوظ ولاسباب عديدة استطعنا ان نجمع منها الكثير من خلال هذا الاستطلاع الذي اجريناه مع عدد من المواطنين الذين ما زالوا ينظرون للكتاب على انه (خير جليس في الزمان).
البناء الفوقي والبناء التحتي
يقول السيد محسن وادي جاسم (ضابط متقاعد) معبراً عن رأيه:
-الاسباب الرئيسية والمباشرة لظاهرة العزوف عن القراءة متعددة، ولكن اهمها والتي اقر بها جازماً هي الارتباكات السياسية الحاصلة في الاوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي ادت الى انغلاق الآفاق امام المتلقي الذي كان يعشق القراءة. كما ان قيام النظام السابق طيلة فترة حكمه التي امتدت لاكثر من خمسة وثلاثين عاماً بدفع المجتمع نحو خندق الحروب المتتالية والعسكرة المقيتة،قد ساهم في تفشي تلك الظاهرة نتيجة لما رافق تلك الحروب من فقدان القارئ الاستقرار الحياتي والسايكلوجي، ولو توقفنا هنا عند هذه النقطة بالذات لوجدنا انها تحتوي التاويل العلمي المنطقي لما آل اليه مجتمعنا العراقي من تخلف واضح. فالبناء التحتي لاي مجتمع يحدد شكل البناء الفوقي. وهنا طبعاً نتفق على ان ثقافة الانسان وارتقاء افكاره التي تعتمد اساساً على الاطلاع والبحث وقراءة الاصدارات هي مشعل دروب التحضر. وبذلك نستطيع القول ان الثقافة واحد مصادرها الكتاب، محكومة ومحددة موضوعياً بطبيعة البناء التحتي للمجتمع،بغض النظر عن مستوى التحضر والتخلف. ولو عدنا الى جيل الخمسينيات الذي انتمي انا اليه سنجد ان تلك الحقبة كانت فترة ازدهار القراءات،وكان ان انتجت العديد من المثقفين البارزين في جميع فروع المعرفة الانسانية. ومجيء النظام البعثي وهيمنته على كافة مفاصل الحياة كان احلك الفترات التي مرت على العراق الحديث، فقد شهدت تلك الفترة إهانة حقيقية مشتركة للكتاب والقارئ فقد صار الكتاب مرميا على قارعة الطريق كوسيلة عرض فيما رص المثقفون كتبهم على رفوف لتعتليها الاتربة التي مازالت تنتظر من ينفض عنها ذلك التراب.

التكنلوجيا
الاستاذ حبيب حرز علاوي (استاذ جامعي)كانت له آراء واسباب اخرى قال.
_يمكننا تقييم ظاهرة العزوف عن مجالسة الكتاب والقراءة الى قسمين او وجهين الأول عالمي ناتج عن انتشار وسائل النشر الالكتروني(كومبيوتر /انترنت) وبالتالي يمكن تلقي المعلومة المراد الحصول عليها بكل سهولة ويسر وباسعار زهيدة. هذه الظاهرة ولدت هجرة للكتاب المطبوع وليس هجرة للقراءة بصورة عامة.لكن،هذه القراءات (الالكترونية)هي قراءات سريعة لملخصات خاصة بمواضيع معينة او عملية عرض لكتاب ربما سينشر لاحقاً. الامر الاخر الذي يجب ملاحظته هو ان تطور التكنولوجيا زاد من عملية التعقيد لدى الانسان المعاصر وبالتالي الكتب بعد يوم مرهق يمر به.فانتشار المحطات الفضائية وتوسع مجالات الكومبيوتر والانترنت واجهزة الاتصال الحديثة جعلت من هذا الانسان العصري عبداً للتقنية التي لم تعطه المجال الذي كان متوفراً لدى جيل الستينيات او السبعينيات كمثال على انهم اكثر من جليسي الكتاب.
اما الوجه الاخر فهو المتمثل بالمحلية في العزوف عن القراءة، وهذه تعود لاسباب عديدة ومعروفة كان اهمها الوضع السياسي للبلد منذ مجيء صدام للسلطة وحتى يومنا الحالي، فكانت التكالبات..التي اثرت على المثقف والقارئ تجعلهم يبتعدون عن المطالعة من حيث يدرون ولا يدرون، العامل الاخر هو قلة الوعي التربوي في المدارس لحث الطلبة منذ الصغر على القراءة، وكلنا يعرف مدى اهمية المكتبات المدرسية في تنشئة جيل قارئ ومثقف وكذلك الوعي الثقافي داخل الجامعات نفسها. اما في الوقت الحاضر فان ارتفاع اسعار الكتب المهمة وغياب دور النشر الفعالة والمدعومة من قبل وزارة الثقافة، وكذلك عدم خبرة ومعرفة القائمين على الوضع الثقافي ادى الى تراجع ملموس في مستوى الثقافة بصورة عامة وفي القراءة بصورة خاصة.
الاسرة والقراءة
الاستاذ كريم عبود جابر (معلم) كان له رأيه ايضاً حيث قال:
- القراءة الحرة يجد فيها القارئ الحقيقي تميزاً عذباً يسد حاجته في تنمية ثقافته بسعة وحرية، واسمى الغايات التي يتوخاها كل منا ان تصبح القراءة عادة أصيلة في نفس المتلقي، لانها حتما ستسمو بالعقول وتهذب الغرائز والاحاسيس، ويستقيم الوجدان. وعند اضمحلال فكرة القراءة ويقل الرحيل الى سمائها فان العقول تموت والعواطف تجف ويصغر الوجدان ويتداعى الابداع.واعتقد ان تحبيب الانسان بالقراءة يبدأ من الاسرة فالاسرة التي تحترم الكتاب قادرة على دفع ابنائها نحو المطالعة الدائمة اما العكس فان نتائجه هي ان ابناءها سوف يشبون وهم لايعرفون قيمة الكتاب وفوائد القراءة.وعن ظاهرة العزوف فاعتقد ان الخلل ليس في الكتاب. فالكتب متوفرة والمطابع تعج بالعناوين، الخلل الواضح هو ازمة قارئ وليس ازمة كتاب..في الوقت الحاضر لا يوجد القارئ المثالي الذي يمتلك الميل الحقيقي للاطلاع على العلوم المعرفية. وما اتمناه الان هو ان تسود الثقافية الحقيقية بين الاجيال القادمة التي تتطلع الى السلام والحرية والمحبة وتكون قادرة على الغاء الثقافة الدخيلة على بلدنا (ثقافة العنف) ويبقى الكتاب خير جليس في الزمان.
الوزارة والمطابع
اما السيد بدر ناصر البدري (مصمم صحف)فقد عبر عن رايه بالقول
- الكتاب له اناس يعرفون قيمته وتقديره وطوال السنين التي مضت لم يكن الكتاب بمتناول الجميع لاسباب عديدة يقف في مقدمتها مستوى التخلف الواضح قي بعض فئات المجتمع العراقي، وخصوصا الريفية منها، واعتقد جازما ان للحكومات المتعاقبة دوراً كبيراً في جعل التخلف حالة مرضية مزمنة اصابت هذا المجتمع. وحين اقول ذلك فانا اقصد انها لم تكلف نفسها عناء ايصال الثقافة والتحضر الذي وصل اليه العالم، بل وتقصد بعضها جعل الظلام يلف هذا المجتمع خوفا على مكتسباتها السياسية التي لاينفعها تحضر الشعب ووعيه. ولو ان الحكومات سعت ومنذ البداية الى ايصال المطبوعات الى كافة شرائح المجتمع من خلال دعمها للمطابع واسعار الكتب لكان الواقع الحالي لمجتمعنا في حال افضل بكثير مما هو عليه الان. فاسعار الكتب المرتفعة جعلت المتلقي او المواطن الاعتيادي يعزف عن شرائها.
ويؤيده في القول السيد حسن عبد الله (موظف) حيث قال:
-اذا قامت وزارة الثقافة بانشاء مطابع خاصة تقوم بطبع ونشر وترجمة الكتب وطرحها في الاسواق بأسعار رمزية او مقبولة فأنا متأكد من إن الاقبال على القراءة سيعود الى سابق عهده بل وربما الى افضل من ذلك خصوصا وان نسبة الوعي في المجتمع قد توسعت عما كانت عليه في الفترات السابقة، اذن فالوزارة بامكانها تحقيق ذلك فقط.


قصة قصيرة: الرجل الذي فقد صوته

 

ابتسام يوسف طاهر
اعتاد الحوار مع الذات بصمت. لكنه اليوم وفي هذا الوقت المبكر من الصباح، احتوته رغبة في ان يرفع صوته، فخرج الى حيث لن يتهمه احد بالجنون، فليس هناك سوى حفيف اوراق الاشجار والريح تداعبها.
لكنه شعر فجأة بالكلمات تتعثر وهو يحاور نفسه، كأن هناك هوة سحيقة تبتلع صوته، فتحولت تلك الرغبة، الى حاجة مُلّحة.. تطلع حوله بشيء من القلق، المكان خال في هذه الساعة المبكرة، اذن ليصح.. ليسمع صوته. فتح فمه محاولا ان يقول شيئاً ما.. او ليدندن لحنا من الالحان التي كان يرددها في الشارع، في الحمام، او وهو في طريقه للعمل.. كان يضحك من اعتراض اولاده عليه، وهم يشعرون بالحرج حين يسمعونه يغني بصوت مسموع في الشارع. حاول ان يشرح لهم حاجته تلك، واحساسه بالاختناق لو قمع تلك الرغبة. يعرف ان صوته ليس جميلا، لكنها اشبه بحاجة للبكاء لخيبة ما، او اشبه بالحاجة للضحك لموقف طريف، او ربما هي حالة الحلم بالفرح او الرغبة بالصراخ..
لم يفهموه، فتجنبوا السير معه تدريجيا! هاهم اختفوا وتضاءلت زياراتهم، حتى اتصالاتهم التلفونية تلاشت هي الاخرى.
فكر في ان يسأل احد المارة، يسأل عن شيء ما. فقط ليسمع صوته، ليتأكد من انه مازال قادرا على الحديث، مازال حيوانا ناطقا، فكر باشياء عديدة.. منها ان يسأل عن الوقت، عن محطة ما. استوقف شابا كان يسير مع فتاة جميلة تتهادي بسيرها. أشار لهما بيده مبتسما، لم يسمعا تحيته على مايبدو, فقد بدت على ابتسامتيهما الحيرة والتساؤل:
ـ نعم، هل انت بحاجة لشيء ما؟ كيف نستطيع مساعدتك؟
تطلع اليهما بعيون حيرى متوسلة، بذل جهده لاستخراج السؤال من بين شفتيه اللتين جففهما الارتباك. ظنّا انه اخرس، او اطرش، فصارا يحاولان سؤاله بالاشارة!
إحتار كيف يوصل اليهما انه يسمعهما، والسؤال فقط ليشعره انه مازال له صوت وانه لم يفقده هو الاخر! ثم اشار بيده لهما شاكرا مبتعدا بسرعة قبل اكتشاف دمعته.
ـ أما مجنون او غبي..
سمع تعليق الفتاة ولم يسمع اعتراض الشاب عليها.
ارتمى على اقرب اريكة من الارائك المنتشرة في حديقة الهايد بارك. فاجأه الصوت الذي اعتقد انه اختفى, ليهمس بتشف من بين اغصان الشجرة التي يستظل بها، او كأنه يهبط مع أحدى الوريقات الصفر الخريفية التي تتطاير من الاغصان.
"انت غبي.. واناني" قالتها قبل عشرين عاما ومازالت طرية تتجدد كتلك الاوراق.
اعتقد في بدايات حياتهما ان مجيء الاولاد مبكرا، سيمنحها دفء الامومة ويطهر روحها من
نزعات التلاعب بمشاعره... لذا أصر على الاحتفاظ بعلاقتهما بالرغم من توسلاتها, في بادئ الامر، ثم اصرارها الوقح على التخلي عنه، بعد ان لاحظت تهرب الاخر منها..
اصرت على قتل الحب الذي توهمه قويا, بعد نموه لسنوات قبل الزواج! لكنه عاند كرامته والاحساس بمرارة الخيبة، وراهن على حبه لها بالرغم من انتقاد الجميع له!
لماذا أحبَّها؟ بعد كل تلك السنين مازال ذلك السؤال يعذبه.. وبالرغم من ابتعادها ورحيلها عنه منذ زمن.
نهض متثاقلا وسار بلا اتجاه، وضع يديه بجيبي معطفه الداكن، منحنيا يتدلى رأسه المثقل بالحيرة والاسئلة. يتأمل قدميه وهما تهرسان اوراق الخريف الجافة، منحه ذلك ابتسامة
ازاحت بعضا من غيوم ذلك الكابوس. تذكر ابنه الاصغر حين كانا يتسابقان ليدوسا الاوراق الاكثر جفافا فيأنسا للصوت الذي يشبه قروطة الكرسب ـ شرائح البطاطا الرقيقة المقلية ـ كما يعلق ابنه بفرح.
اين هو الان؟ انقطعت مكالماته هو الاخر، حتى رسائله صارت شحيحة.
باغتته فكرة تحمس لها، لم يبق امامه الا ان يتصل باحدهم، ليسمع صوته! فهو بعد ان اتعبته قوائم التلفون، حيث صار كلما تراكمت في دواخله الحوارات والاسئلة بالسياسة او الادب، اتصل باحدهم، فتطول الحوارات معهم بالساعات. اراد اختبار اهتماهم به وسؤالهم عنه! فرمي دفتر العناوين..وجعل خط التلفون للاستقبال فقط، ليسمع اولاده في الاقل، لكنهم هم ايضا انقطعوا تدريجيا. لابد من انها نجحت بتحويل مشاعرهم عنه، بطريقتها الذكية البارعة باختلاق كذبات عن كرهه للاصدقاء، عن بخله وانانيته! عن عنفه وقسوته معها او مع الاولاد؟ كل ذلك لتبرر سلوكها, الذي حاول ان يكتمه ولا يخبرهم بشيء لا تتشوه صورتها بنظرهم.
وصل احدى كابينات التلفون العمومي، حاول ان يتذكر ايا من الارقام التي كان يحفظها، لم يتذكر سوى رقم احدهم "لابد من انه رقم تلفون ابنه الاصغر"، الذي كان اقربهم اليه واكثرهم حميمية.
هلل للفكرة، فضرب الارقام، شعر ان قلبه هو الذي ينبض باصابعه..
لم يرن سوى مرة واحدة.. فجاءه الصوت حادا قويا، عرفه توا، انه صوتها... تدلت السماعة من يده. خرج مسرعا من الكابينة, وهو يسمع صوتها بعيدا كأنه آت من هوة سحيقة.
"الو..نعم..غريب..الخط مفتوح.. من ياترى..."!؟


 

ضمن فعاليات ملتقى حوار في سدني: أمسية موسعة عن الانتماء السومري

 

سدني /خاص بالمدى الثقافي
أقام ملتقى حوار في أستراليا أمسية للشاعر والمهندس المهتم بالدراسات السومرية الأستاذ هادي القزويني تحت عنوان (الانتماء السومري بين الادعاء والافتراض). وقد حضر الأمسية التي عززها القزويني بالصور والسلايدات جمع من المثقفين العراقيين المقيمين في سدني.
قدم الكاتب والمترجم حسن ناصر المحاضر القزويني الى جمهوره بايجاز حيث قال: أعرف كيف بدأ هذا الأهتمام بالسومريات وخطوطها وثقافتها عند هادي، لقد دفعه الى ذلك حلم، رؤيا قادته الى صياغة رؤيته عن أصلنا جميعا.
أخذ القزويني الحضور في رحلة الى ماض عمرة آلاف السنين وأعاد بالكلمات وبحاسوبه المحمول اسماء وصور وكلام اناس يختلف الآن على أصولهم وتظهر حمى التأويل فكل يريد أن ينسب السومريين اليه أو اذا كان متواضعا يريد ان ينتسب الى السومريين. تم عرض مجموعة من خرائط المنطقة القديمة ورقم من مراحل تدوين الكتابة والخط السومري فجاء ت المحاضرة الشيقة معززة بالعشرات من اللوحات والصور التي عثر عليها المنقبون الآثاريون في مناطق جنوب العراق. واشار المحاضر إلى أثر السومرية في اللغات والحضارات المجاورة لها في ذلك الوقت ووضح مراحل ظهور فنون التصوير والحساب والقسمة وأيضاً فترة ظهور الآداب والأديان والفترات ما قبل الفترة الأكدية.
وفي سياق المحاضرة عرض الباحث هادي القزويني صورا مختلفة للقطع الآثارية التي كانت معروضة في المتحف الوطني العراقي معرجاً في حديثه على ما تعرضت له المواقع الآثارية العراقية أيام النظام السابق من عمليات إهمال وما تعرض له المتحف الوطني بعد سقوط ذلك النظام من عمليات نهب وسرقة.
وقد توقف الباحث عند تحديد عمر الرقم الطينية وكيفية حسابها على اساس العنصر كاربون 14 وعلاقة ذلك بتحديد اقدم النصوص المكتوبة التي وصلت الينا. كما تحدث عن الدراسات اللسانية في اللغة السومرية واصلها بل واصل كلمة سومر التي يقول الباحث انها اطلقت عليهم لاحقا وان بلادهم كانت تعرف باسماء اخرى منها ارض النبلاء السود أو ارض اصحاب الرؤوس السود. وخصص الباحث بعض الوقت مركزا على شخصية أور- نمو وقوانينه التي سبقت قوانين حمورابي و كذلك على شخصية غوديا باعتباره من أعدل ملوك العراق القديم وهو الملك الوحيد الذي لم تتعرض تماثيله إلى الهدم خاصة وأنه لم يعرف عنه خوضه حروباً أو ما شابه بل كانت فترة حكمه فترة سلام وعلم وعدل. كما ركز الباحث على شخصية الشاعرة الكاهنة انخدوانا التي ذكر انها كانت اول شخص في التاريخ يكتب عن نفسه معلنا هويته مباشرة لنا (أنا أنخدوانا كاهنة انانّا). وتنّقل الباحث بنا بين فترات التاريخ ليصل في النهاية الى اصل الحكاية: من اين جاء السومريون؟
ناقش الباحث إدعاءات الأقوام المختلفة التي تنسب السومريين اليها، ومن تلك الإدعاءات إدعاءات مصدرها تارتاريا حيث تم العثور على مدونات تتشابه مع الكتابة السومرية واخرى من هنكارية ودراسات من تركيا تريد جعلهم طورانيين أو اخرى تفيد بأن السومريين أصلهم من الأكراد ليصل الباحث إلى خلاصة تفيد بإن تلك الإدعاءات غالبا ما تكون مبنية على أساس قومي فكما اراد القوميون في زمن دولة البعث اعادة كتابة التاريخ وفقا لتصوراتهم ينبرى القوميون من اماكن اخرى لاثبات أقدميتها التاريخية والحضارية من خلال التعكز على الحضارة السومرية التي تعد بلا شك أقدم الحضارات المعروفة وأصل الكثير من المظاهر المدنية في عالم اليوم والكتابة اولها بلا ادنى شك.
ختم الشاعر هادي القزويني محاضرته الشيقة بقراءته نصاً سومرياً لأول شاعرة في تاريخ البشرية الكاهنة أنخيدوانا، وهو من ترجمته حيث يعكف القزويني منذ أكثر من ثلاث سنوات على ترجمة نصوص شعرية وأدعية لهذه الشاعرة. دارت بعد ذلك مناقشة حميمة شارك فيها عدد من الحضور ومنهم الناقد الدكتور حسن ناظم والشاعر فاضل الخياط والفنان التشكيلي جسام خضر.
جدير بالذكر أن الأمسية القادمة لملتقى حوار ستكون بعنوان: الحياة تعود إلى الأهوار(رواية شاهد عيان) للباحث الدكتور حسن الجنابي.

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة