(المدى) تفتح ملف الواقع
الصحي في مدينة الصدر
(القسم الاول)
..
مستشفى
فاطمة الزهراء للولادة بمدينة الصدر
مختبراته
تعمل بأجهزة القرن الماضي والأدوية شحيحة والآن يمر بمرحلة
الشيخوخة
انسجاما مع توجهات الصحيفة في القاء الضوء
على مختلف جوانب حياة المجتمع العراقي، تفتح (المدى) الملف
الصحي في مدينة الصدر. فعلى مدار اسبوع كامل تجول محرر (المدى)
بين ردهات المستشفيات والعيادات الطبية في المدينة كاشفا
عن معاناتهم ومشكلاتهم الصحية حاملاً اسئلتهم ومطالبهم الى
المسؤولين للاجابة عنها.
ولكن من استمع ومن اجاب؟!
- احد الاطباء:
تكلفة الرواتب الشهرية، لملاك المستشفى البالغ عددهم
(400) موظف يمكننا من بناء مستشفى مجهز بكامل
احتياجاته وبالامكان ادارته بخمسين شخصاً فقط!.
بغداد : عبد الزهرة المنشداوي
في الطريق الى مستشفى
الولادة في منطقة الحبيبية جنوب مدينة الصدر وبالقرب من
البناية كان وراءنا شاب يحمل طفله ويكيل اللعنات للنظام
البائد بينما كانت زوجته تسير الى جانبه بصمت وترمق
بعينيها الطفل الصغير.
كان واضحا ان لديه الرغبة في الحديث مع اي كان سألناه عما
اصاب طفله، فسارع بالقول بانه في سبيل مراجعة مستشفى
فاطمةالزهراء للولادة (قبل سقوط النظام كان يطلق عليه
مستشفى الحبيبية للولادة) من اجل الحصول على علاج خاص
للاطفال الذين يولدون من ابوين صنفا دمهما غير متطابقين،
اكتفينا منه بهذه الاجابة المقتضبة. وتركناه وراءنا لندخل
من الباب الرئيس للمستشفى حيث تجمع العديد من منتسبيه
معلنين اضراباً عن العمل وجودنا بينهم اعطى التجمع حماساً
اكثر حين علموا بان الصحافة تقف بينهم ظناً بان الزيارة
جاءت لتغطي اضرابهم فاندفع البعض منهم ليقول:
اضطررنا لهذا الاضراب اضطراراً، لم نشمل بمخصصات الخطورة
التي صرفت للاطباء دون غيرهم من العاملين في المستشفى
اردنا بكل السبل تجنيب المرضى انعكاسات الاضراب ولكن ليس
في اليد حيلة.
المضربون عن العمل كان بينهم الممرض والمصور الشعاعي
والبايلوجي والمنظفة.
السيد قاسم محمد الذي يشغل منصب نائب نقيب المهن
الصحية.قال لنا لقد استثنينا مشاركة من يعملون في مجال
الطوارئ والمجالات الاخرى التي تحتاج الى وجود الكادر
بالقرب من المريض الراقد في السرير.
الموت والميلاد
موظفة الاعلام قادتنا مشكورة الى السجلات الاحصائية
المعتمدة في مستشفى فاطمة الزهراء للولادة من هذه السجلات
وبعد ان قلبتها الموظفة الموكلة اليها مهام الاحصاء عرفنا.
بان مجموع ولادات الاطفال التي حدثت فيه خلال عام 2005
المنصرم كانت (16278) حالة ولادة (8365) ذكوراً و(7913)
اناثاً واضافت كان عدد الوفيات بينهم (120) والرقم الاعلى
كذلك للاطفال الذكور (59) مقابل (61) للاناث.
معلومات اخرى استقيناها من السجلات اذ تبين ان عدد اسرة
المستشفى الكلية تبلغ 299 سريراً الجاهز منها للاستقبال
252 سريراً وكذلك عدد من راجعوا المستشفى خلال العام
المنصرم بلغ (89216) مراجعاً من النساء بطبيعة الحال
واطفالهن، وان عدد الذين ادخلوا المستشفى بلغ (25365) ما
بقي علينا معرفته في هذا الباب ان عدد الاطباء العاملين في
المستشفى يبلغ 150 طبيبا و250 موظفا في شتى الاختصاصات
المهنية سواء الطبية او الادارية. احد الاطباء كان يقف الى
جانبنا علق على الفقرة الاخيرة مازحاً. ان تكلفة رواتب هذا
الكادر الشهرية يمكنها بناء مستشفى مجهز بكامل احتياجاته
ولو انه كان يدار من قبل قطاع خاص لاقتصر كادر المستشفى
على عدد يمكن تقدير بخمسين موظفاً بدلا من 400 موظف.
ولا نعلم ان كان يقول ذلك مازحاً ام جاداً.
التزام النظام
قسم الامراض النسائية يعج بالنساء اللواتي ينتظرن دورهن
لمعاينة الطبيبة: (25) امراة كانت ما بين واقفة وجالسة
بانتظار دورها. رجل يلف رأسه باليشماغ كان بينهن يشعر
بالامتعاض الشديد وينتقد سلوك البعض منهن لعدم التزامها
بالنظام. عبر عن ذلك بالقول: انه باستطاعته التقدم بزوجته
الى الطبيبة دون ان ينتظر دوره (اعطي للفراشة الف دينار).
قال ذلك وخرج مشيحا بوجهه تاركا زوجته بانتظارها الذي يبدو
انه سيطول اكثر. ابو العادة ما يبطل عادته
ذلك ما ذكرته لنا امرأة في العقد الرابع من العمر حين
اطلقنا تساؤلاً غير موجه ان كان الارتشاء لايزال فاعلا في
موسسات الدولة واسترسلت في كلامها مقطوعة.
اذهب الى قسم الولادات لترى العاملات فيه كيف يجردن النساء
اللواتي يلدن من نقودهن مستغلات غمرة الفرح بالمولود.
يطالبن بالنقود ولا يقبلن باقل مما يطلبن وكأنهن قد بعن
الطفل لامه.
ما ذكرته لنا هذه المرأة ايدته النسوة المستمعات وطالبن
ادارة المستشفى بايقاف هذه العادة التي تجعل البعض يقف
محرجا خاصة من الذين لا يملكون الكفاية من النقود لتوزيعها
على (الفراشات) اللواتي يسلكن هذا السلوك غير المستحب.
توفير العلاج
ام احمد (49 سنة) وضعت مولودها في المستشفى قبل يوم اسمته
(علي) جاءت من منطقة غير بعيدة وجدناها امامنا وهي تقف في
باب غرفة المدير الذي يحتمل اصابته بعلة فيما بعد نتيجة دم
الزوجين غير المتطابق، قالت لنا انها حظيت برعاية ووضعت
مولودها في هذا المستشفى من دون عناء لتوفر الرعاية الطبية.
احدى الممرضات سالناها ان كانت ام احمد ستحصل على العلاج
المطلوب فاجابت بالايجاب بصيغة : ان العلاج هذا يباع بسعر
غال في الصيدليات لكن المستشفى يوفره لمن يحتاجه مجاناً.
لا جديد
الاجهزة الحديثة لم تصل الى الان، المختبر في المستشفى
يعتمد على اجهزة بالية مصنعة منذ السبعينيات وبعض الادوية
غير متوفرة خاصة تلك الادوية التي لا غنى عنها لمستشفى
مختص بالولادة مثل التي تستخدم في توسيع الرحم لدى النساء
اللواتي يجدن صعوبة في حالات الولادة، وهذا ما ينطبق على
ادوية المضادات الحيوية، التجهيز يعتمد اكثر ما يعتمد على
المناقلات بين المستشفيات نطلب الادوية من وزارة الصحة
فتقول لنا اذهبوا الى المخازن والمخازن تقول لا توجد ادوية
هذا هو الحل في اغلب مستشفياتنا. ذلك نص ما قاله لنا رئيس
القسم الفني في المستشفى واضاف. ان كنت تريد دواء فاذهب
الى باعة الباب الشرقي وهو دواء اشد فتكا من المرض نفسه
فهو غير خاضع لفحوصات ومنتج من شركات غير معروفة ويتداول
بيعه تجار دخلوا هذا المضمار الذي لا علاقة لهم به.
من المؤسف ان نشكو نقصاً في علاج المغذيات وصناعتها من
البساطة بمكان (ماء شديد النقاوة يضاف له الملح او السكر
ليس إلا) ومع ذلك فنحن نعاني شحته، على وزارتي الصحة
والصناعة ان تفعل دور معمل ادوية سامراء وادوية الموصل.
الصناعة الدوائية العراقية جيدة ولدينا سبع كليات صيدلة في
العراق يمكن لها ان توفر الكادر الذي يستطيع الانتاج
والاشراف.
هدر مادي في المستشفيات على موظفي الحراسات واشياء من هذا
القبيل.
هذا ما ذكره لنا مدير القسم الفني الذي عرفنا منه بانه
اختصاص صيدلة، فاخذ حديثه الجانب الدوائي اكثر من غيره.
ولقد كان صريحا في ما تحدث به، اذ من اللافت للنظر ان اغلب
المسؤولين في المستشفيات يتجنبون في حديثهم توجيه النقد او
مطالبة الوزارة بما ينقص مستشفياتهم واحاديثهم غالباً ما
تتضمن كيل المديح لوزارة الصحة ومباركة جهودها وانها تقف
معهم في كل الاوقات.
مرحلة الشيخوخة
ابتسمت الدكتورة خولة محمد مديرة مستشفى فاطمة الزهراء
للولادة ووضعت قلمها جانبا ونحن نسالها عن علة مستشفاها
ومم يشكو قائلة: المستشفى شيد منذ عام 1984 بطريقة البناء
الجاهز وعمره الافتراضي (خلص) منذ سنين اي انه يمر بمرحلة
الشيخوخة ودليلنا على ذلك انه عرضة لطفح مياه المجاري
والامطار بسبب انخفاضه عن بقية مباني البيوت في المنطقة
الترميم والصيانة لا تجدي نفعاً ما لم يتم تشييد مبنى جديد
محاولات التصليح هنا وهناك لا يمكن الاعتماد عليها بعض
الاجزاء لا يمكن اصلاحها والحلول كلها مؤقتة.
هذا ما ذكرته عن بناء المستشفى اما عن المرأة والصحة فمما
يؤسف له ان الوعي الصحي مازال عند نسائنا قليلاً هناك نساء
يستمررن بالحمل والولادة غير منتبهات الى الخطورة التي
يمكن ان تطولهن، خاصة النساء المصابات بفقر دم شديد او من
ولدن ثلاث مرات متتالية عن طريق التدخل الجراحي (عمليات
قيصرية) فلو كان لهن الوعي الكامل بخطورة الحمل لامتنعن عن
الحمل ولا يراجعن إلا بعد الولادة.
التوأمان
السياميان
مما ذكرته الدكتورة خولة محمد لنا ان المرأة التي انجبت
توأمين سياميين كانت قد وضعت حملها في مستشفى فاطمة
الزهراء واضافت ان المرأة من منطقة جرف النداف ومن عائلة
فقيرة وان التوأمين كانا أول مولود تضعه وعندما سألناها عن
الفرق بين الامكانيات المتوفرة في مستشفياتنا ومستشفيات
المملكة العربية السعودية التي تم نقل التوأمين اليها
لاجراء عمليات الفصل بينهما اجابت صراحة لا اعتقد بان
الطبيب عندنا اقل مهارة من الطبيب في السعودية ولكن مثل
هذه العملية لا تشجع اي طبيب على اجرائها ولاسباب قد تكون
اخلاقية ودينية فالتوأمان لا يمكن فصلهما من دون منح حياة
لأحدهما على حساب الاخر منهما بقلب واحد وكبد واحد ولابد
من التضحية باحدهما عند اجراء العملية. اغلب الاطباء
يتحاشون اجراء هذه العملية التي تهب حياة على حساب حياة
اخرى.
ان عائلة التوأمين عائلة فقيرة والام كانت ترتدي ثياباً
شبه بالية دفع احد الراقدات في المستشفى الى التبرع بثوبها
لها.
|