الحدث الاقتصادي

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

وقائع الجلسة الثالثة لطاولة (المدى) المستديرة بشأن:  اشكاليــــة تداولات سوق الاوراق الماليــــــــة  - القسم الثاني
 

كتب محرر الشؤون الاقتصادية

كانت فعاليات الجلسة الثالثة لطاولة المدى المستديرة تغص بالمشاركين من شتى الفعاليات المعنية في الشأن الاقتصادي، حيث اعتمدت اشكالية تداولات سوق الاوراق المالية موضوعاً للجلسة بعد التدهور الكبير الذي طرأ على اسعارها مترافقا مع تدهور مماثل ولكن اقل اثراً في اسواق المال في البلدان المجاورة، فيما توزع المشاركون على جهات شتى مثل هيئة الاوراق المالية التابعة لمجلس الوزراء والمعنية بمتابعة نشاطات سوق الاوراق ومفوضية النزاهة العامة وادارة سوق الاوراق المالية ورهط من الاكاديميين وممثلي مراكز البحوث الاقتصادية فضلا عن جمع من المستثمرين في سوق الاسهم والمدراء المفوضين لبعض المصارف وبعد ان انجز الخبير الاقتصادي واحد الخبراء الاربعة الذين اعدوا قانون سوق بغداد للاوراق المالية عام 1992 بحثه، قدم الباحث الاقتصادي جعفر ياسين المتخصص بآليات السوق ورقة عمل تضمنت قراءة نقدية لقانون السوق النافذ الذي سبق ان شرعته الادارة المدنية ومدى مطابقته للمعايير المعتمدة في اسواق المال وتعارضه مع متطلبات الواقع.


استعراض نقدي لقانون سوق الاوراق
 

جعفر ياسين
تصوير:نهاد العزاوي

اذا كانت سوق الاوراق المالية مرآة تعكس مستوى التطور الاقتصادي للبلاد وتؤشر مستوى هذا التطور فانها ايضا واحدة من اهم ادوات التطور الاقتصادي من خلال مساهمتها في زيادة رؤوس اموال الشركات وتشجع تاسيس شركات جديدة بهدف توسيع الطاقات الانتاجية او الخدمية. أي ان زيادة حجم الاسهم يرتبط بدوافع زيادة الطاقات وتنظيم الموارد الاقتصادية والمالية. من هذه الاسطر المختصرة والموجزة يمكن طرح السؤال التالي. وهو هل ان سوق العراق للاوراق المالية. يلبي الان طموحات الاقتصاد العراقي ويشجع على الاستثمار في عموم القطاعات بتأسيس شركات مساهمة، ويحقق بعضا من اهداف ومصالح المستثمرين في هذه السوق؟
في العام 1992 تأسس سوق بغداد للاوراق المالية كمؤسسة ذات نفع عام مستقلة عن مؤسسات الدولة باستثناء ان وزير المالية يطلع على قرارات الهيئة العامة للسوق، ومشاركة ممثلين عن البنك المركزي ودائرة تسجيل الشركات وممثل عن وزارة المالية كأعضاء في مجلس ادارة السوق، وذلك لضرورة واهمية دورهم كمؤسسات حكومية ذات علاقة بعمل السوق ونشاطه، والعمل على حل ما يعترض عناصر ومكونات السوق من مشاكل يرتبط حلها بهذه المؤسسات الرسمية وبما يحقق مصالح المستثمرين والاقتصاد الوطني.
وكان وجودهم قد اكتسب اهمية خاصة في الفترة التاريخية الصعبة التي نشأ فيها السوق. ولقد استمر عمل السوق حتى التاسع من نيسان عام 2003، ثم اعقب هذه الفترة توقف عمل سوق بغداد. ثم الغاؤه بقرار من المدير الاداري لسلطة الاحتلال واصداره امراً برقم 74 سمي بالقانون المؤقت لاسواق الاوراق المالية. وبالنظرالى مواد هذا الامر او القانون الذي تأسس بموجبه سوق العراق للاوراق المالية وما حققه من انجازات على الصعيدين الاقتصادي من جهة ومصالح المستثمرين من جهة اخرى، نجد الاخفاقات الكبيرة في الاهداف الرئيسة لاي سوق والمتمثلة بالنشاط الاقتصادي ومصالح المستثمرين من حملة الاسهم او المتعاملين بها، وهنا لا بد من مناقشة وتحليل مواد هذا القانون وتأثيرها على حركة السوق، وما تحقق من نتائج سلبية كانت او ايجابية.
فالقسم الاول من القانون الخاص بالتعاريف يقول ان الهيئة تعني الهيئة العراقية المؤقتة للسندات وسوق الاوراق المالية واعضاء الهيئة اثنان هما الهيئة المؤقتة للسندات وسوق الاوراق المالية، وهي ايضا سوق الاوراق المالية العراقية او أي سوق اخرى مماثلة كالهيئة وبالتالي هل تتحول هيئة السندات الى سوق اوراق مالية وهي جهة المراقبة والاشراف على سوق الاوراق المالية؟
وعند تعريف الجمعية العامة فهي المجلس المكون من كل اعضاء السوق. فهل يعقل ان الجمعية هي المجلس وان جميع اعضاء السوق هم المجلس واذا كان المجلس منتخبا فمن هم الذين انتخبوه. خاصة ان القانون ينص على ان الوسطاء هم كل اعضاء السوق؟
ويعرف مجلس المحافظين بانه يعني مجلس المحافظين (أي عرف الماء بعد الجهد بالماء).
ويعرف الامر او القانون مجلس الحكم في الفقرة السادسة من التعاريف ويقول (ان مجلس الحكم يعني في القانون مجلس الحكم العراقي بعد انتقال كامل سيادة الحكم الى حكومة عراقية مؤقتة سيكون مجلس الحكم جهة وطنية تنفيذية مفوضة) ولم نجد ما يبرر التطرق الى ذلك سوى ان كاتب الامر قد افصح عن جهل كامل بالعراق واهله وظروفه. ويعرف بالانكليزية
IASD هي الجمعية العراقية للمتعاملين بالسندات وهي مؤسسة تجارية للوسطاء الراغبين بان يصبحوا شركاء في اسواق السندات المجازة، وفي الفقرتين التاسعة عشرة والعشرين عندما يعرف القانون والقانون الدائم يقول ان القانون الدائم هو الذي يخلف هذا القانون المؤقت والذي ينشئ هيكلا تنظيمياً وقانونيا شاملا لتجارة الاوراق المالية في العراق ولو دققنا نص الفقرة عشرين من هذا الامر سوف لا نجد قانونا آخر في الدنيا يماثلها ففي الوقت الذي يتحدث عن تعريفات للعمل بهذا الامر يتحدث عن قانون دائم وهو في عالم الغيب.
التعارض بين تصور المشرع والواقع القائم
وفي القسم الثاني من الامر وفي الفقرة الاولى يلغي سوق بغداد ويقول (تتوقف سوق بغداد للاوراق المالية عن عملياتها) وكانت هي فعلا متوقفة قبل صدور الامر. وفي الفقرة (ء) من المادة الاولى من القسم الثاني يقول (لن تكون هناك سلطة اشرافية لمسجل الشركات في وزارة التجارة على السوق، ولا يتطلب ان تسجل في وزارة التجارة، والحقيقة ان الجهل هو الذي اوحى بكتابة هذه الفقرة حيث لم تكن هناك أية سلطة اشرافية لمسجل الشركات على سوق بغداد وانما كان مسجل الشركات عضوا في مجلس ادارة السوق المكون من احد عشر عضواً.
يمثلون كل مفاصل وقطاعات الاقتصاد الوطني. وفي الفقرة الثالثة من القسم الثاني (لا يحق العمل لاي سوق اوراق مالية او أي سوق سندات منظم آخر بدون اجازة من الهيئة) والسؤال كيف للهيئة وهي المكون الثاني والمكون اعضاؤها من الوسطاء ان توافق على منح اجازة سوق اخرى منافسة؟
بيد ان كاتب الامر استدرك بانه اجاز فتح اسواق اخرى عندما لا تتحقق مصالح المستثمرين على الوجه الاكمل. وقد تحقق ذلك الامر بالفعل.
ان مصالح المستثمرين قد تعرضت الى اضرار كبيرة ولم يتحرك السوق والهيئة لايقاف أي تدهور واضرار بمصالح المستثمرين والذين لم يعد لهم صوت في تكوينات وهياكل السوق الحالية، على النقيض مما كان عليه سابقا في سوق بغداد حيث كان للمستثمرين اصوات جاءت بالانتخاب من قبل المستثمرين سواء في تمثيل الشركات او اتحاد الصناعات او اتحاد الغرف التجارية او المصارف، بالاضافة الى ممثلي الهيئات الحكومية التي كانت الى جانب المستثمرين. ويمكن ملاحظة ذلك من خلال رصد المخالفات التي تحصل من قبل بعض اعضاء السوق من الوسطاء واحالة المخالفين الى اللجان التحقيقية ولجنة الانضباط ووفق قانون ونظام وتعليمات السوق، والقوانين الاخرى ذات العلاقة.
في حين ان مجلس محافظي السوق ينتخبهم الوسطاء فكيف يتسنى لهم مراقبة ومحاسبة من انتخبوهم؟ بالله عليكم ان يتم اجتزاء فقرات من قوانين اخرى لدول ومجتمعات مضى على اسواقها مئات السنين يتضمنها قانون مؤقت سمي بقانون سوق العراق للاوراق المالية.
لا توجد اية معايير في السوق القائمة
وفي الفقرة السادسة من القسم الثاني وفي اطار اهداف السوق يقول كاتب القانون تهدف السوق الى تنظيم اعضائها والمحافظة على المعايير المعترف بها للشركات بطريقة تتناسب مع اهداف المستثمرين وتعزيز ثقة المستثمر في السوق.
عند هذه الفقرة ينبغي التوقف كثيراً ونتأمل مضمون هذه الفقرة، وما تحقق حتى الان والسؤال ما المعايير المعترف بها للشركات اولا، وما الطريقة التي تتناسب واهداف المستثمرين ثانيا وما نتائج أي استبيان يجرى من قبل جهات ذات استقلالية وموضوعية ومعترف بها من الناحية العلمية عن تعزيز ثقة المستثمر بالسوق ثالثا؟
في رأينا انه لا توجد اية معايير في السوق التي يتم التداول فيها، ومن حقنا، ان نتعرف على المعايير المعترف بها من جهة، والمعمول بها من جهة اخرى؟
ثم نضيف ان الطريقة التي يجري بها العمل لا تتناسب وايضا تتناقض مع اهداف المستثمرين واخيرا ان ثقة المستثمر بسوق للوسطاء يريدونه ويتحكمون في مقدراته يعني انعداماً كاملا لاي شكل من اشكال الثقة وبأي مستوى كان:
وفي الفقرة "ب" يقول كاتب القانون تعزيز مصالح المستثمرين في الاسواق الكفوءة الموثوق بها والتنافسية، الشفافة، والصادقة.
اين هذه الامور من كل ما يجري في سوق العراق واين هي الاسواق الاخرى، الكفوءة الشفافة ، الصادقة، هناك سوق واحد بل اسواق، وهناك تكتم ومافيات واشاعات، وهناك كذب وافتراء. كنا نتوقع ان يمكن تلافي اخطاء سوق بغداد الذي لا يمتلك تجربة في هذا المجال والذي قام في اسوأ ظرف سياسي واقتصادي واجتماعي فرضته ظروف الحصار ومع ذلك كان سوقاً للمستثمرين رغم الملاحظات التي نوردها بين الحين والآخر .
وفي الفقرة "هـ" المساعدة في زيادة راس مال الشركات المدرجة التي تنوي ادراج نفسها في قائمة السوق، يلاحظ من كل مواد القانون الارتباك في المعاني وحتى الصياغات التي تبدو اكثر من ركيكة وبعيداً عن أي لغة قانونية. هذا من جهة ومن جهة اخرى ما نوع المساعدة التي يقدمها السوق في هذا المجال وثانيا ما آلية تقديم هذه المساعدات؟ فالشركات المدرجة امر مقبول لكن التي تنوي ان تدرج نفسها في قائمة السوق، فهو امر خطير، لقد ابعد الكاتب، أي سلطة او تدخل من قبل مسجل الشركات لصالح المستثمرين على الاقل من باب المراقبة، وثانيا لم يلزم الشركات وفق معايير مقبولة اقتصاديا وماليا بالدخول الى هذه السوق او غيره ولا سلطة لغير الهيئات العامة للشركات حيث اصبحت هذه الهيئات مجرد هياكل ميتة بعد ان كان لتأثيرها في مسارات الشركات ومراقبة ومحاسبة مجالس ادارتها الدور الكبير في تحقيق الكثير من النتائج الايجابية.
فاذا كان كاتب القانون يترك الامر (لنيات الشركات او بالاحرى مجالس ادارتها) ادخال نفسها في قائمة السوق فان النيات كما يقولون غالبا ما تقود الى جهنم ووفقا للمثل القائل انما (الاعمال بالنيات).
لا يوجد سند قانوني او اخلاقي للانقلاب الحاصل على سوق بغداد
وفي القسم الثالث من القانون وفي الفقرة الثانية يؤكد القانون على دور الهيئة التي هي حكومية في المصادقة على قواعد السوق في حين كان الوزير في سوق بغداد يطلع فقط على قرارات الهيئة العامة التي كانت تمثل كل قطاعات النشاط الاقتصادي ومنهم الوسطاء في السوق الذين هم انفسهم الوسطاء في السوق الجديد مع فارق واحد ذي اهمية كبيرة وهو انهم الهيئة العامة وانهم الجمعية العامة وانهم مجلس المحافظين. فاين هي الاستقلالية في السوق التي يتطرق اليها القانون؟
وتؤكد الفقرة الثالثة من القسم الثالث على ان المعاملات تنحصر بالوسطاء المخولين من قبل السوق للتعاطي بمثل هذه التعاملات ـ يلاحظ القارئ ان لغة النص ابعد ما تكون في مفرداتها وصياغاتها عن لغة القانون هذا من جهة ومن جهة اخرى فان الغاء سوق بغداد القديم بكل ما تعنيه مادة وروحاً وقانوناً ونظاماً وتعليمات ينبغي ان ينصرف الالغاء الى اجازات الوساطة الممنوحة من قبل السوق القديم.
وتقديم مواصفات واهليات وامكانات مادية وفكرية وقانونية في الوسطاء الجدد الذين تقبل تعاملاتهم في سوق العراق والا فان الانقلاب على سوق بغداد واستبدال ادارته والغاء مؤسساتها الهيكلية لا يستند الى ما يدعمه من سند اخلاقي او قانوني، وانما يعبر عن صفقة تمت تهيئتها في احد المطابخ المرموقة في المنطقة الخضراء وكنا نسمع عن الاشخاص الذين تستقدمهم دوائر الحاكم المدني لاعداد سوق جديد للاوراق المالية.
ولهذا جاء القانون بعيدا عن ظروف العراق ومتطلباتها في هذا المجال لسبب بسيط جدا وهو ان كل قادم من احدى البورصات والذي يستدعى للمساهمة في تاسيس سوق اوراق مالية يقدم بعضا من المقترحات ولهذا جاءت الطبخة القانونية (مسلوقة) وعلى نار ساخنة فكانت هذه النصوص التي لا يرتبط بعضها بالبعض الاخر لبناء هيكل قانوني متراص ومتوازن وموثوق به.
والفقرتان التاسعة والعاشرة حول التعاملات التي جرت بعد 9 آذار 2003 والتي جرت خارج السوق يؤكد القانون على الرقابة الصارمة عليها بغية ضمان ان تلك التعاملات لم تكن قد اجريت عليها عمليات احتيال او تلاعب والسؤال كيف تم التأكد من ذلك وقد جرت الاف العمليات خلال المدة المشار اليها وتم تحويلها في السوق اضافة الى ان شركات اخرى لم تدخل السوق حتى الان واجرت عمليات كثيرة، وفي هذه الحالة المطلوب من هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية التاكد من نزاهة تلك العمليات التي جرت في الفترة التي اشار اليها كاتب القانون.
حقيقة ولاءات الوسطاء في تداولات السوق
وفيما يتعلق بالقسم الرابع والخاص بالهيئة التي تتألف من وسطاء مخولين للاشتراك في تعاملات السندات في سوق الاوراق المالية وهم الذين ينتخبون اعضاء لمجلس ادارة السوق. وهذه الفقرة هي جزء من الخراب الذي عم البلاد حيث النقيض هو القاضي وهو المنفذ وهو المصادق على القرار. ان من حق الوسطاء ان ينتخبوا ممثلين عنهم في مجلس الادارة لكن ان ينتخبوا جميع اعضاء المجلس فهو امر غريب وبعيد عن الموضوعية المتعلقة بالتكوين الاقتصادي والاجتماعي والهيكلي لوضع العراق!.
وفي القسم الخامس المتعلق بالوسطاء اشارة الى ان لا تكون على الوسيط مديونية وان لا يكون مدانا بجريمة تتعلق باحتيال مالي او امور متعلقة بشرف وهنا نقف امام هذه الكلمة التي لا نعرف المقصود بها.
ان أي منصف في قراءة التاريخ ولأحكامه العادلة يجد ان الاحتلال قد كتب قوانين واوامر هي بمثابة القوانين وكانت السبب وراء كل ما يمر به العراق من مآس وويلات واهمها واكبرها خطراً عن حاضر ومستقبل العراق هو قانون ادارة الدولة البعيد عن فهم الظروف التاريخية والموضوعية لبلد مثل العراق.
وفي الفقرة 13 يجب على الوسيط حماية المعلومات السرية التي تخص المستثمرين والسؤال كم نسبة الحفاظ على هذه المعلومات سواء من قبل بعض موظفي السوق او من قبل بعض الوسطاء؟.
واخطر نقطة في هذا القانون وضرورة متابعتها ورصدها، وتدقيقها من قبل هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية مجتمعين هي ان يعمل الوسيط بكل امانة ونزاهة والتزام بقواعد المهنة والسوق ومبادئ العمل التجاري من اجل مصلحة الزبائن (لاسيما وضع مصلحة الزبائن قبل مصلحته والحفاظ على حقوقهم والامتناع عن الاشتراك في تعاملات كاذبة وزائفة وجميع اشكال الاحتيال في السوق والتصرفات والممارسات التي تساعد على تضليل وخداع المستثمرين او خلق انطباع كاذب ومضلل عن فعالية السوق) لو تم الكشف عن الثروات الكبيرة التي جمعها بعض الوسطاء من وراء تلك التصرفات التي اشار اليها القانون لوجدناها لا تنطبق الا على القليل والقليل جداً من الوسطاء لقد كان الوسطاء جزءاً من السوق وجزءاً من هيئته العامة وممثل واحد من احد عشر عضوا في مجلس ادارة سوق بغداد وتصرفات البعض منهم كان يشار اليها بوضوح على مخالفة تلك الصفات ومحاضر التحقيق في المخالفات ومحاضر جلسات لجنة الانضباط والاوامر الادارية تؤكد ما نذهب اليه فكيف والحال ان الوسطاء هم انفسهم كما اشارت الفقرة 6 من القسم الخامس هم السوق بهيئته العامة ومجلس ادارته وجمعيته العامة. ان أي تدقيق على الوضع المالي لبعض الوسطاء يشير الى الثروات التي تم جمعها من خلال قانون سوق العراق حيث لا رقيب ولا حسيب كما يقول المثل الجاري.
ديمقراطية على طريقة افلام
رعاة البقر

وفي القسم السادس المتعلق بمجلس الادارة تقول المادة 1 (تدار السوق وتعمل بموجب توجيهات مجلس الادارة المكون من... الخ والمعروف ان مجالس الادارة تتخذ قرارات وبالمستوى الادنى توجيهات) فاي سوق وهو مرآة اقتصاد أي بلد يدار بتوجيهات؟.
وعن تأليف المجلس فالمسألة مضحكة اكثر من أي شيء آخر حيث تشير المادة الثانية من القسم السادس الى تاليف المجلس وترشيح اعضائه. فرئيس المجلس يقترح ترشيحه المجلس او لجنة ترشيح تابعة للمجلس واعضاء المجلس عضو يمثل الشركات المدرجة في السوق وايضا باقتراح من مجلس الادارة او لجنة الترشيح واحد الاعضاء ويكون المسؤول الاقدم للجمعية العراقية للتداول بالسندات او عضو اقدم لاحدى الشركات الاعضاء في
IDSD) ) عضوا ممثلاً للوسطاء واربعة اعضاء يعينهم مجلس الادارة من اعضاء الادارة العامة. ثم يتدرج الامر بالانحدار حتى يصل الى نقطة تقول (لمجلس الادارة ان يتألف من أشخاص ليس بالضرورة ان يلبوا المعايير المحددة في هذا القانون). هذه هي الديمقراطية على طريقة افلام رعاة البقر وآل كابوني. ومن الممكن ان نجد من يصنع لنا هذه المعايير كما صنع لنا هذا القانون.
وفي الفقرة (و) من المادة السادسة قبول او عدم قبول وسطاء جدد والسؤال كيف يسمح الوسطاء لدائرة التعامل ان تتسع لغيرهم والمطلوب اجراء مراجعة كاملة لوضع السوق من حيث قانونه ونظامه وهيكله التنظيمي والا فان هذا السوق الذي يدار من قبل مجلس ينتخبه الوسطاء لا امل من ورائه يضمن مصالح المستثمرين ويخفف العدالة والنزاهة في التعامل. وفي الفقرة (ح) تنص على اتخاذ اجراءات ضرورية بخصوص العمليات المشكوك فيها وفقا لقواعد السوق وهذا القانون وقواعد الهيئة. والسؤال كم المعاملات المشكوك فيها وما اجراءات السوق ازاءها وفي احد الاسواق الخليجية دفع الوسيط غرامة اكثر من خمسين مليون دولار لمخالفته قواعد السوق وحدث ذلك في الشهر الماضي. فهل حصل ذلك في سوق العراق؟.
وفيما يتعلق بالهيئة العراقية للسندات فان الامور كلها مناطة بالمدير الاداري ومجلس الحكم ـ والان لم يعد هناك مجلس حكم ولا مدير اداري اميركي ومع ذلك فالقانون نافذ.. وهو ما يشير الى ان سوق العراق اذا استمر بهذه الحال ووفق هذا القانون فانه سوق وسطاء وليس سوق مستثمرين.. ولا يمكن ان يساهم في بناء اقتصاد وطني.. ويزيد من فرص التعتيم بدل الشفافية... فرص التلاعب بدل النزاهة.. وفرص الهيمنة لبعض الوسطاء بدل ان يكون سوقا للجميع.. يسهم ويطور الاقتصاد ويجعل من العراق ساحة لاسواق مالية تقبل اسهم الشركات العربية والعالمية.. وهو مؤهل فيما اذا عدل القانون بتشريع عراقي ياخذ بنظر الاعتبار كل الاعتبارات التي تحكم الوضع العراقي.. وآفاق تطوره اللاحقة..
وفي الفقرة 12 من القسم الخاص بالهيئة يقول القانون تخول الهيئة اصدار القوانين في حين ان الجهة المخولة باصدار القوانين هي السلطة التشريعية ، كما ورد في الفقرات ب، د، هـ، و ، في حين ان الهيئة تقترح بدل ان تصدر القوانين وتكون جهة تشريعية واخيرا فان نتائج السوق وقانونه يتجسد فيما يلي:
ـ احباط كامل لدى المستثمرين.
ـ تقلص الطاقات الانتاجية للشركات.
ـ عدم تاسيس شركات صناعية او خدمية مساهمة جديدة.
ـ هروب اصحاب الاسهم الكبيرة من غير المضاربين بعد بيعها باسعار متدنية.

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة