الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 

 

ماذا حقق مجلس الحكم بعد تسعة اشهر من تشكيله؟
                                                                                                       د.عادل الملا
لابد لاي مراقب منصف يحاول تقييم اداء مجلس الحكم الانتقالي في العراق تقييما موضوعيا ان يضع نصب عينيه حقيقة اساسية وهي ان العراق بعد 2003/4/9اصبح بلدا محتلا من قبل قوات التحالف وان هذا الاحتلال قد شرع بموجب قرار مجلس الامن 1483 وعليه فان الحاكم الفعلي للبلاد هو الادارة المدنية لقوات الائتلاف .
ولقد جوبه قرار مجلس الامن المشار اليه بالرفض من قطاعات واسعة من الشعب العراقي وقواه السياسية التي كانت تسعى الى تشكيل حكومة ائتلافية مؤقتة ذات سيادة في حين كان التحالف الدولي يسعى الى انشاء (مجلس استشاري عراقي ) لا يمتلك اية صلاحيات بل يقتصر دوره على تقديم المشورة الى الادارة المدنية المؤقتة للائتلاف ولان فكرة المجلس الاستشاري لاقت رفضا كبيرا من لدن القوى السياسية العراقية فقد تم التوصل لاحقا الى صيغة مجلس الحكم كحالة وسطية بين المجلس الاستشاري وبين الحكومة كاملة السيادة . لقد تعرض اداء مجلس الحكم الى الكثير من الانتقادات والاتهامات وتنطلق هذه الانتقادات من اوساط عديدة تختلف في دوافعها فهناك:
1- اطراف وطنية صادقة يهمها مصلحة البلد وتحاول تصحيح المسار ويدخل في هذا الاطار جماهير واسعة من ابناء الشعب لم تلمس أي تحسن في اوضاعها الاقتصادية والمعيشية برغم مرور وقت طويل نسبيا على التغيير.
2- اطراف تنطلق من نظرة ضيقة بسبب استبعادها من تشكيلة المجلس برغم ان بعض الاطراف المستبعدة وقفت موقفا ايجابيا من المجلس (على سبيل المثال موقف الحركة الاشتراكية العربية).
3- اطراف تحاول افشال التجربة من الاساس واشاعة اجواء عدم الاستقرار والفوضى في العراق.
وقبل الدخول في تقييم اداء المجلس خلال الفترة الماضية نشير الى وجود العديد من الثغرات في طريقة تشكيل المجلس وتركيبته والية عمله يمكن ايجازها على النحو الاتي:
1- يؤخذ على المجلس انه معين من قبل سلطات الاحتلال برغم ان هذا التعيين لم يأت من فراغ حيث ان اغلبية اعضاء المجلس يمثلون قوى وتيارات اساسية في المجتمع ومنها قوى عارضت الحرب قبل وقوعها واسهمت بنشاط في الجهد العالمي الجماهيري المناهض للحرب التي كانت العواصم الاوروبية مسرحا له وبرغم ان عملية اختيار مجلس اعضاء الحكم كان حصيلة مفاوضات ومشاورات واسعة بين اطراف عديدة الا ان الافضل كان انبثاق المجلس عن مؤتمر وطني عراقي شامل وهذا كفيل باصباغ نوع من الشرعية عليه.
2- ضم المجلس بعض العناصر قليلة الكفاءة وغير معروفة في اوساط الجماهير في حين استبعدت بعض التيارات المهمة ( كالتيار القومي العربي وبعض الاتجاهات الاسلامية) والكثير من الشخصيات الوطنية المعروفة المشهود لها بالكفاءة والنزاهة.
3- لم يمنح المجلس أي صلاحيات حقيقية يستطيع من خلالها حل المشاكل الهائلة التي تواجهها البلاد حيث بقي الملفان المالي والامني بشكل كامل بيد سلطات الاحتلال اضافة الى خضوع القرارات في المجالات الاخرى الى مصادقة الحاكم المدني لقوات الاحتلال
4- انعدام الشفافية في عمل المجلس والتناقض في ما يرشح من داخل اروقة المجلس حول هذه القضية او تلك مما افسح المجال للكثير من الشائعات والمعلومات غير الدقيقة.
5- اخفاق المجلس في انتخاب رئيس واحد له مما اثار ردود فعل سلبية واعتبره الكثيرون مؤشرا على عدم وحدة وانسجام المجلس.
لقد استهل المجلس عمله في اليوم الاول من تشكيله بقرار اثار الكثير من التساؤل في اوساط واسعة من الناس التي كانت تنتظر من المجلس في اليوم الاول قرارا قويا يتناسب مع حجم المشاكل التي يعانيها البلد في حين لم يكن موضع العيد الوطني يشغل بال أي مواطن عادي في خضم متاعبه اليومية الهائلة.
بعد ذلك باشر المجلس مشاوراته لتشكيل الوزارة المنتظرة واستغرق ذلك وقتا طويلا جدا لا مبرر له مما اشاع مشاعر الاحباط لدى الكثيرين وبرغم ان التشكيلة الوزارية ضمت عناصر كفوءة الا انها جاءت انعكاسا لتركيبة مجلس الحكم مما اضاع فرصة توسيع القاعدة الاجتماعية للحكم في ما لو اشركت تيارات من خارج المجلس.
واخفق المجلس والوزارة المشكلة في اجراء التغيرات الضرورية والملحة في الادارات العليا لاغلب الوزارات ومن بينها عناصر سيئة في حين عانت العناصر الوطنية والكفوءه المزيد من الابعاد والتهميش . ومن بين اهم الانتقادات التي توجه مجلس الحكم تعامله مع موضوع الغاء قانون الاحوال الشخصية الصادر عام 1959 وكان من الافضل تاجيل هذا الموضوع وسواه من الامور غير المستعجلة الى مرحلة قادمة فكان اصدار القرار رقم 138 ثم الغاؤه بقرار اخر مؤشرا سلبيا على اداء المجلس . وعجز المجلس عن ايجاد الحلول المناسبة للكثير من المشاكل التي تمس الحياة اليومية للناس بشكل مباشر ومنها مشكلة اعادة المفصولين وزيادة رواتب المتقاعدين ومصير منتسبي الدوائر المنحلة برغم ان ذلك يعزى بشكل اساس الى عدم امتلاك المجلس للصلاحيات الكافية على مستوى الملف المالي كما اشرنا الى ذلك سابقا وعلى الضد من ذلك استطاع المجلس تحقيق بعض المنجزات التي تدخل حصرا في اطارين هما تفعيل العملية السياسية والتحرك باتجاه المحيط الخارجي فعلى صعيد تفعيل العملية السياسية تم تحقيق خطوتين هما:
1ـ الاتفاق مع سلطات الاحتلال على جدول زمني لانهاء الاحتلال وتسليم السلطة للعراقيين بموجب اتفاق تشرين الثاني 2003 الذي نص على تسليم السلطة للعراقيين قبل 2004/6/30.
2- انجاز قانون ادارة الدولة المؤقت للمرحلة الانتقالية والتوقيع عليه في2004/3/8.
3- التدخل لوضع حل سلمي لاحداث الفلوجة والتوتر في مدن الجنوب.
اما في اطار العلاقات الخارجية فكان الاتي:
1- استعادة مقعدي العراق في الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي وغيرها من المنظمات الدولية والاقليمية.
2- المشاركة الناشطة في مؤتمر الدول المانحة الذي تمخض عن تخصيص مبالغ جيدة من هذه الدول لدعم عملية اعمار العراق.
3- العمل على الغاء او تقليل ديون العراق الخارجية وقد تحقق الكثير في هذا المجال.
4- تعزيز العلاقات مع الدول العربية ودول الجوار وخلق قنوات للحوار معها لغرض اطلاعها على حقائق الوضع في العراق.
5- احباط خطة ارسال قوات تركية الى العراق وما يمكن ان تخلفه هذه الخطة من تداعيات سلبية على الوضع الداخلي.
وعلى العموم فان تجربة مجلس الحكم بما فيها من ايجابيات وسلبيات يجب ان تحظى بالمراجعة والنقاش بما يخدم مسيرة التطور السياسي في بلادنا على ان تتم هذه العملية بروح موضوعية بناءة.


ظلال طهران على العراق .. المسعى الايراني في النجف يثير قلق الولايات المتحدة حول النفوذ الايراني

                                                                                                         سكوت بيترسون
غادر الدبلومسيون الايرانيون خاليي الوفاض. لكن حتى فشل المسعى الايراني الذي دام خمسة ايام من اجل نزع فتيل الازمة بين رجل الدين الشيعي والقوات الامريكية جعل واشنطن تدرك بان طهران ليست مجرد متفرج.
تدخل ايران المثير للجدل يُبرز من جديد تساؤلات حول التأثير الايراني في اوساط الاكثرية الشيعية في العراق، ومدى امتداد ظل الجمهورية الاسلامية على الخطط الامريكية حول مستقبل العراق. في الايام الاخيرة، دأب مسؤولون مدنيون وعسكريون امريكيون على اتهام ايران ـ التي وصفها الرئيس بوش بأنها جزء من محور الشر ـ بانها النصير السري لمقتدى الصدر ولجيش المهدي المناهض للامريكيين. بينما ابقت ايران تحفظاتها، إلا ان بعض الايرانيين من الخط المتشدد دعموا رسالة الصدر الحادة المعادية للولايات المتحدة. يقول مستشار في سلطة الائتلاف المؤقتة، وخبراء آخرون، ان طهران تنظم شبكات لها في العراق في اوساط بعض المتعاطفين، لكن ذلك لم يكن له دور مباشر في الهجمات على قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة.
روابط ايران بالصدر ـ الذي هو على خلاف مع القوى الشيعية المعتدلة التي دعمتها طهران لسنوات طوال ـ ليست بتلك السلاسة. يقول مستشار غربي في سلطة التحالف المؤقتة في جنوب العراق طلب عدم ذكر اسمه، (انا متأكد بأن الايرانيين لا يقفون خلف الفوضى الجارية الان. ليس هنالك من دليل على ان ايران تقف وراءها ولم يكن من بين الاشخاص الذين اعتقلناهم في الجنوب عملاء لإيران”. ويضيف “ان ايران تحاول ان تكون على درجة من الحذر حول اي دعم للصدر. انهم لا يريدون ان تشن الولايات المتحدة هجوماً على ايران، او ان تغزوها، وهم يعرفون امكانية حدوث ذلك ان تبين انهم وراء الهجمات على القوات الامريكية، لا معنى لمهاجمة قوات التحالف. انها ستراتيجية عالية المخاطر”.
بعض الشخصيات العراقية تتفق مع هذا الرأي. “من هو ذلك العبقري الذي احدث الفوضى في الجنوب حتى تستدعى ايران، التهديد الاكبر للامن في العراق، وتقدم المساعدة؟” يتساءل غازي الياور، الزعيم القبائلي السني وعضو مجلس الحكم. ويجيب بلومه الولايات المتحدة والمجلس على حد سواء لأنهم اساءوا ادارة الازمة مع الصدر.
الجيش البطولي والوحش الجريح
العرب الشيعة في العراق تربطهم قرابة دينية بايران الفارسية، ومئات الآلاف من الحجاج الايرانيين اكتسحوا كربلاء والنجف لزيارة المراقد الدينية في السنة الماضية. الحكومة بقيادة الاصلاحي محمد خاتمي حافظت على مسافة آمنة من الصدر، وساعدت في ضمان الهدوء في المناطق الشيعية من العراق. لكن بعض المتشددين الرئيسين في ايران ساندوا الصدر علانية ـ ومعلمه المخلص هو احد آيات الله المتشددين في ايران.
الرئيس الايراني السابق على اكبر هاشمي رفسنجاني، رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام واسع النفوذ، اعلن ان جيش المهدي هو “جيش بطولي”، وبأن امريكا “وحش جريح” في العراق وهزيمته ستمدنا “بدرس قيم”، واضاف في صلاة الجمعة قبل اسبوعين “لدينا بعض الحسابات مع امريكا والتي يجب حلها يوماً ونغلق الموضوع”.
يقول الخبراء ان ايران تعد وتنظم بنشاط “شبكات” لها في العراق لتكون جاهزة لاثارة حالة من عدم الاستقرار في حال قيام الولايات المتحدة باي فعل ضد ايران. يقول المستشار في سلطة الائتلاف المؤقتة، ان الايرانيين يحاولون ان يكونوا في وضع يمكنهم التدخل. انهم يجمعون معلومات استخبارية، ومن المحتمل انهم يجمعون اسلحة لتفجير الوضع ان هاجمتهم الولايات المتحدة، لو كنت ايرانيا، فمن المنطقي ان تنشيء مثل هذه الشبكات”.
نشأت الازمة بين الولايات المتحدة والصدر نتيجة اصدار امر توقيف بحقه على خلفية مقتل منافس معتدل في النجف العام الماضي، اعتقال احد كبار مساعدية واغلاق صحيفته، باندلاع العنف في جنوب العراق، تعهدت الولايات المتحدة “باعتقال او قتل” الصدر. في الاسبوع الماضي طوق 2500 من القوات الامريكية النجف وقاعدة الصدر في الكوفة. آية الله العظمى علي السيستاني، الذي يحظى باتباع كثر، حذر الصدر من جلب المعركة الى داخل المدن المقدسة. مع ذلك، اصدر السيستاني فتوى من ان دخول القوات الامريكية كربلاء او النجف سيعتبر اجتيازاً لـ”خط احمر”.
وخلال خطبته في الكوفة، رفض الصدر بصورة قاطعة حل جيش المهدي تحت اية ظروف ـ وهو المطلب الرئيس للامريكيين.
\مقتل الوسيط
في ظل هذا الاضطراب الكبير تقدمت ايران بوساطتها الاسبوع الماضي، برئاسة مبعوث وزارة الخارجية حسين صادقي، وقد القى مقتل دبلوماسي ايراني بظلاله على الزيارة، الذي اطلق عليه النار يوم وصول الوفد.
التقى الوفد الايراني بدبلو ماسيين امريكيين في جلسة نادرة، كما التقى عدد من المسؤولين العراقيين ورجال الدين، واللقاء مع آية الله السيستاني لم يجر ابداً.
ولقاء الصدر لم يتقرر اصلاً. قال دان سينور الناطق باسم سلطة الائتلاف المؤقتة “لدينا رسالة حازمة للايرانيين عبر الحدود.. عليهم ان يتصرفوا بطريقة بناءة، لا هدامة، واضاف “من وجهة نظرنا، ليس للايرانيين شأن في مسألة الصدر التي يجب ان تحل من قبل العراقيين انفسهم”.
يقول داو\د هرامداس بافاند، الاستاذ في المركز الايراني للدراسات السياسية والدولية في طهران “لا شك ان هناك بعض التأثير، السلبي او الايجابي، لايران في العراق” ويقول ان ايران “تجامل” المصالح الامريكية. “اذا واجهت امريكا صعوبات متزايدة فأنها سوف تبحث عن كبش فداء”.
اوصى مسؤولون امريكيون ومنذ زمن بأن الصدر يتلقى دعماً مباشراً من الحرس الثوري الايراني ومن حزب الله اللبناني. صحيفة الشرق الاوسط اللندنية اقتبست مما دعته مصدراً في الحرس الثوري بأن هنالك ثلاثة معسكرات عند الحدود العراقية الايرانية، فيها نحو 1200 من مجندي جيش المهدي.
علاقة الصدر بايران واضحة: انه يقلد الايراني المتشدد آية الله كاظم الحائري، الذي عين خلفاً لوالده الذي قتل عام 1999. لكن الخبراء يقولون ان علاقة الصدر ـ الحائري قد قطعت. يكتب ديفيد باتل، استاذ العلوم السياسية في جامعة ستانفورد الذي كان يدير بحثاً في جنوب العراق “لا أظن ان مقتدى الصدر يتلقى التوجيهات من قم او طهران، اعتقد انه مستقل عن ايران. ان أراد الايرانيون المتشددون دعم “لاعب” في العراق، فانه سيكون من المجلس الاعلى للثورة الاسلامية/ فيلق بدر، وليس مقتدى الصدر” وحتى معلم الصدر في ايران دعى العراقيين الى “التحلي بالصبر”.
عن: كريستيان ساينس مونيتر
ترجمة: زهير رضوان.

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة