الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 

 

التحقيق في انتهاكات
برنامج النفط مقابل الغذاء العراقي


ترجمة/عادل العامل
أعلن السيد كوفي عنان، الأمين العام للأمم المتحدة، اليوم، عن تشكيل هيئة مستشارين مستقلة ستتولى التحقق من مزاعم سوء إدارة واستخدام برنامج النفط مقابل الغذاء الخاص بالعراق.
وسيرأس الهيئة السيد بول أ. فولكر، الرئيس السابق لمجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي للولايات المتحدة. العضوان الآخران هما القاضي ريتشارد غولدستون الجنوب أفريقي، الذي عمل سابقاً بوظيفة النائب العام الرئيس لمحاكم الأمم المتحدة للجنايات الخاصة بيوغسلافيا السابقة ورواندا، ومارك بين السويسري، أستاذ القانون الجنائي وعلم الجريمة بجامعة باسل الذي يتمتع بخبرة واسعة في موضوع غسل الأموال.
ووفقاً لشروط الإحالة التي ستحكم التحقيق المستقل، فإن الهيئة ستمتلك سلطة التحقق مما إذا كانت الإجراءات التي اتخذتها الأمم المتحدة لإدارة واستخدام البرنامج المذكور قد تعرضت للانتهاك، وتحديد من مِن المسؤولين والموظفين والوكلاء والمقاولين التابعين للأمم المتحدة قد تورط في أية نشاطات فساد محظورة تتعلق بتنفيذ أدوارهم فيما يخص البرنامج، إضافة إلى تحديد ما إذا كانت البرامج مرتبة ومحافظ عليها وفقاً لأنظمة الأمم المتحدة وقواعدها.
ومن أجل ضمان التحقق الشامل والدقيق، فإن أعضاء الهيئة الاستشارية المستقلة هؤلاء سيتمتعون بالسلطة الكافية للوصول إلى التسجيلات والمعلومات لدى الأمم المتحدة، ذات العلاقة بالموضوع، سواء كانت مكتوبة أو غير مكتوبة، ومقابلة جميع مسؤولي الأمم المتحدة وموظفيها المرتبطين بهذه القضية. كما إن الهيئة مخولة بالحصول على تسجيلات ومقابلات من أشخاص لا علاقة لهم بالأمم المتحدة يمكن أن تكون لديهم دراية تتعلق بالتحقيق، بما في ذلك مزاعم سوء التصرف. وهي مخولة كذلك بطلب التعاون من الدول الأعضاء في المنظمة الدولية فيما يتعلق بإدارة هذا التحقيق.
وقد تبنى مجلس الأمن، في سياق منفصل، قراراً بالإجماع يرحب بتعيين الهيئة ويناشد سلطة التحالف المؤقتة والعراق وجميع الدول الأعضاء الأخرى بالتعاون التام مع التحقيق.
إضافة إلى ذلك، فإن على الهيئة أن تقوم في غضون ثلاثة أشهر من بدء عملها، بتزويد الأمين العام بتقرير قانوني عن عملها هذا، وقد ذكر الأمين العام أنه سوف يستخدم سلطته من أجل أن لا تعوق امتيازات المنظمة واستثناءاتها الجهود الرامية إلى محاسبة أولئك الذين تورطوا في سلوك غير مقبول. وقال لمندوبي الصحافة في مركز الأمم المتحدة: “من الواضح أن هذه مزاعم خطيرة نأخذها نحن على محمل الجد، وهذا هو السبب في تشكيلنا مجموعة رزينة جداً للتحقيق في هذا الأمر. وسوف تتخذ المنظمة أية خطوات تجدها مناسبة للتوجه نحو القضايا التي يثيرها التحقيق. وقد جمعنا عدداً من الأشخاص المحترمين الذين نأمل أن يتموا عملهم بالسرعة العملية الممكنة”.
وأضاف الأمين العام قائلاً: “أما بالنسبة لتأثير نشاطاتنا في العراق، فإني أأمل أن يدرك العراقيون أنه حتى إذا كانت هناك أفعال خاطئة صادرة عن أفراد معينين من طاقم الأمم المتحدة، فإن هذه المنظمة عموماً ستبذل جهداً صادقاً لتلبية احتياجاتهم الإنسانية، وكان هناك المئات من موظفي الأمم المتحدة الذين بذلوا كل ما بوسعهم لترسيخ نظام لتوزيع الغذاء وضمان إدخال الإمدادات الغذائية، وينبغي، كما أعتقد، أن لا يتم إغفال هذا الجانب الإيجابي من نشاط المنظمة”.


الولايات المتحدة تتحول إلى الأعداء القدامى لضمان أمن العراق


سكوت بيترسون
تغيير لافت للنظر في الأجواء المشحونة هو ما يرغب قادة قوات الاحتلال في إنجازه عندما يستيقظ العراقيون في الأول من تموز، اليوم المحدد لاستعادة السيادة. تسليم أمن البلاد للقوات العراقية المشكلة حديثاً سيكون دفعة شديدة لذلك التغيير، لكن لتقديم المساعدة في إعادة الاستقرار وبناء الجيش يتحول القادة الأمريكيون الآن إلى أولئك الذين طردوهم: كبار ضباط صدام حسين.
المنتقدون -ومن بينهم العديد من الضباط العراقيين السابقين- يقولون أن الأمر بحل الجيش بأكمله، الصادر عن الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر العام الماضي، كان خطأً جوهرياً، ويقولون أن ذلك أضاف عبئاً ثقيلاً على كاهل عملية إعادة الاستقرار في العراق، وموفراً مجندين مدربين جيداً للمقاومة المتنامية ضد الأمريكيين، وهو خلاف النصيحة المعبر عنها بوضوح في المخططات الخاصة لفترة ما بعد الحرب والتي أعدت في واشنطن.
يقول غسان العطية، المحلل السياسي في بغداد، “إنك تشذب (الجيش)، لا تقطعه كله” ويضيف “إنك تخلق أعداء- هنالك نصف مليون عاطل مع عوائلهم، إنك تجعل أمر تجنيدهم سهلاً. إنك تسلمهم إلى من يحسن استخدامهم”. بعد أشهر من وضع آمال عظام على جيش وقوى أمن ناشئة، أطلقت المعركة الأخيرة أجراس الإنذار. كتيبة عراقية مشكلة حديثاً رفضت الأوامر بالانضمام إلى قوات المارينز الأمريكية في معركة الفلوجة. الشرطة تركت مواقعها، وفي بعض الحالات انضمت إلى المتمردين، في تقدير نزيه غير عادي قال بول بريمر يوم الأحد الماضي “من الواضح أن القوات العراقية لن تكون قادرة وحدها على التعامل مع هذه التهديدات بحلول الثلاثين من حزيران عندما تتولى حكومة عراقية السيادة. في مستهل هذا الشهر، اجتاح أعداء الديمقراطية مراكز الشرطة العراقية وسيطروا على بنايات عامة في أنحاء عديدة من العراق. لم يكن بمقدور القوات العراقية منعهم”.
200.000 مجند
نظرياً، دربت الولايات المتحدة 200.000 رجل شرطة وجندي ودفاع مدني، لكن الضباط العراقيين السابقين يقولون أن الحل الوحيد للفوضى الحالية هو إحياء أقسام كبيرة من الجيش العراقي السابق قبل أن تستفحل الفوضى وتخرج عن نطاق السيطرة، وهي فكرة بدأت تلقى اهتماماً لدى القادة الأمريكيين.
قال الجنرال جون أبي زيد قائد المنطقة الوسطى الأسبوع الماضي: “من الواضح جداً أنه علينا إعادة المزيد من كبار المسؤولين العراقيين -أصناف من العسكريين السابقين الذين ساهموا في قوى الأمن، خلال يومين سنرى عدداً كبيراً من كبار الضباط يعينون في مواقع رئيسة في وزارة الدفاع وفي هيئة الأركان وفي القيادات العراقية”.
يتباهى الضباط العراقيون السابقون أن بإمكانهم تشكيل لجنة طوارئ في وزارة الدفاع خلال 48 ساعة واستعادة الأمن والنظام في غضون أسبوع. توقعات كهذه هي تفكير متمنى ومرغوب، لكن هؤلاء الرجال لديهم لازمة يكررونها: لا يمكن استعادة الأمن من دونهم.
يقول العقيد سعد، الذي طلب استعمال هذا الاسم المستعار، “القط يعرف مكان الفأر، الأسد لا يعرف” ويضيف: “لن أعود إلى الجيش من أجل الأمريكيين -لا أستطيع مصافحتهم- لكنني سأعود من أجل حكومة عراقية، لقد وعد بوش إعادة بناء العراق، وبأن كل عربي سيتمنى أن يكون عراقياً” ويضيف العقيد سعد: “لقد أعطونا هذه الفكرة عن الحرية، وليس بوسع العراقيين التعامل معها. الحرية بالنسبة إليهم مهاجمة الأمريكيين بالحجارة والطماطم”.
السبب هو حل الجيش العراقي، وهو تصرف جاء على خلاف الوصفات لفترة ما بعد الحرب التي قدمتها المجموعات العاملة في وزارة الخارجية. مشروع لفترة ما بعد الحرب صدر عن المجموعة العاملة للمبادئ الديمقراطية في 10 تشرين الأول عام 2002، وضعه خبراء أمريكيون ومنفيون عراقيون بارزون حذر بوضوح لا لبس فيه هذه المخاطر. يقول المشروع: “المسألة الرئيسة هنا هي إمكانية حدوث فوضى اجتماعية واقتصادية حقيقية إن سرحت أعداد كبيرة من الموظفين العسكريين على الفور”.
لكن ما قد يفعله الجنود العاطلون فكان مسألة أخرى. يلقي التقرير ضوءاً على الأخطاء التي ارتكبت بعد انهيار الأنظمة الشيوعية في وسط وشرق أوربا، “حيث التقليص الكيفي وتسريح رجال الأمن في تلك البلدان أدى إلى زيادة عصابات الجريمة المنظمة. علينا أن نأخذ في الاعتبار نتائج ذلك في ما يتعلق بالعراق”.
المثال الإيراني
هنالك مثل له صداه هنا في إيران، حيث قاد آية الله الخميني ثورة إسلامية في عام 1979 ضد الشاه رضا بهلوي. يقول النقيب فؤاد الركابي: “عندما أزاحوا الشاه، أبقى الخميني على نفس النظم الأمنية ونجح -ومن ثم قام بطرد الأشخاص واحداً بعد واحد دونما تأثير على النظام الأمني. لو فعل الأمريكيون هذا في العراق، لما وصلنا إلى هذا المستوى من العنف”.
هل فات الأوان؟ يقول النقيب الركابي: “تصريح واحد من على شاشة التلفاز يعيد الجيش. الأمن سيعود، معنويات الشرطة العراقية، والشعب يستعيد طمأنينته”.
ذكرت الصحف البريطانية أن فكرة تعيين ضباط النظام السابق اقترحها مسؤولون بريطانيون في الصيف الماضي وبأن الولايات المتحدة: “غيرت المسار سراً” بداية هذا العام وأرسلت 6 من كبار الجنرالات و20 من كبار الضباط إلى الولايات المتحدة للتدريب.
لكن لم يقتنع الجميع بذلك. يقول السيد سعد الذي يعمل مع جماعة من الضباط السابقين تدعى “حركة الضباط الأحرار”: “أن ما يريده الأمريكيون هو جيش رمزي فحسب، جيش غير قادر حتى على حماية نفسه”. ويقول أن التدريب الأمريكي هو “للإعلام فقط” ويؤكد: “إنهم يعودون إلى القصر الجمهوري ليعملوا في التنظيف -لا أكثر”. “الأمريكيون لم يختاروا الوطنيين، اختاروا فقط الموالين لهم، لكن ذلك لن يخدم الأمريكيين”. يقول العميد عبد القادر محمد: “الأمريكيون الآن يقاتلون مجموعات صغيرة، وسوف ينسحبون إن قاتلوا مجموعات كبيرة. من المهم جداً للأمريكيين أن يأخذوا بالنصيحة: إنها مشكلة سياسية وليست مشكلة عسكرية. الجندي هو الورقة الأخيرة بالنسبة للسياسيين”.
عن:كريستيان سانيس مونيتور
ترجمة/ زهير رضوان
 

 

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة