لماذا
نضحك ؟ ..
معظم الضحك لأسباب لا
تتصل بالنكتة !ّ
روبرت بروفاين
ترجمة/ عادل العامل
الضحك
جزء من المعجم البشري العالمي، وكل افراد الجنس البشري
يفهمونه. وبخلاف اللغة الانكليزية أو الفرنسية أو
السواحلية، فليس علينا ان نتعلم النطق به، فنحن مولودون
بالقدرة على الضحك.
واحد الامور اللافتة للنظر بشأن الضحك هو انه يحدث بطريقة
لا شعورية. فانت لا تقرر فعلياً ان تقوم بذلك. بينما
نستطيع شعورياً ان نكبته، لا نولَّد ضحكاً بصورة شعورية.
وذلك هو لماذا من الصعب جداً علينا ان نضحك حقاً بالامر أو
ان نزيف الضحك.
(ولا تأخذوا كلمتي هكذا: اطلبوا من صديق لكم ان يضحك على
الفور)!
والضحك يوفر تبصرات قوية وغير خاضعة للرقابة في داخل لا
شعورنا، فهو يتدفق ببساطة من اعماقنا في مواقف معينة. ولا
يعرف الا القليل جداً عن آليات المخ النوعية المسؤولة عن
الضحك. غير اننا نعرف بالفعل انه ينطلق بفعل أحاسيس وافكارِ
كثيرة، وانه ينشط الكثير من اجزاء الجسم.
فعندما نضحك، نغير تعابيرنا الوجهية ونطلق اصواتاً وخلال
الضحك الشديد، تتدخل عضلات الذراعين، والساقين والجذع كما
ان الضحك يستلزم تعديلاً في اسلوب تنفسنا.
ونحن نعرف كذلك ان الضحك رسالة نبعثها الى اناس آخرين.
وندرك هذا لاننا نادراً ما نضحك عندما نكون لوحدنا (ونحن
نضحك لانفسنا حتى اقل مما نتحدث اليها).
فالضحك اجتماعي ويتسم بالعدوى. فنحن نضحك لصوت الضحك نفسه،
وذلك هو السبب في ان دمية (دغدغيني ياإيلمو) تعد عملاً
ناجحاً، وذلك لانها تجعلنا نضحك ونبتسم.
واول ضحكة تظهر لدى الإنسان في سن الثلاثة اشهر ونصف الى
أربعة، أي قبل ان نكون قادرين على التكلم بوقتٍ طويل. فهو،
مثل البكاء، بالنسبة لطفل في هذه السن، طريقة للتفاعل أو
التعامل مع الام وغيرها من المهتمين برعايته.
وعلى الضد من الحكمة الشعبية، فان معظم الضحك لا يتعلق
بالفكاهة أو الدعابة، وانما بالعلاقات بين الناس، ولاكتشاف
متى ولماذا يضحك الناس، ذهبت انا والعديد من طلبة البحث
الجامعي المساعدين الى اسواق محلية وارصفة مشاة في المدينة
وسجلنا ما حصل قبل ان يضحك الناس. ودرسنا، لفترة تتجاوز
العشر سنوات، أكثر من 2.000 حالة من الضحك الحاصل بطريقة
طبيعية.
ومن المثير للفضول، ان الضحك قلما يقاطع بنية الجملة في
الكلام، انه يمثل فواصل للكلام. فنحن نضحك فقط خلال
الوقفات عندما سنسعل أو نتنفس.
ونعتقد بان الضحك قد تطور من سلوك اللهاث لدى اسلافنا
القدماء المعروفين بالرئيسات
primate.
فنحن اليوم إذا دغدغنا
قروداً أو غوريلات، فانهم لا يضحكون "ها ها ها" وانما
يظهرون صوتاً لاهثاً. وذلك هو صوت ضحك القرد. وهو اصل
الضحك البشري.
فالقرود يضحكون في الحالات التي يتولد فيها الضحك البشري،
مثل الدغدغة، واللهو المتسم بالشقلبة وعدم التهذيب، والعاب
المطاردة.
وهناك حيوانات أخر تصدر عنها تلفظات خلال اللعب، لكنها
مختلفة جداً بحيث ان من الصعب مساواتها بالضحك.
ونحن عندما نضحك، نقوم في الغالب بايصال قصدٍ يتسم بالمزاح
أو اللهو. وهكذا فان للضحك وظيفة رابطة ضمن افراد في جماعة
وهو في الغالب ايجابي، لكنه يمكن ان يكون سلبياً ايضاً.
فهناك فارق بين "الضحك مع" و "الضحك على" فالاشخاص الذين
يضحكون على آخرين ربما يحاولون ارغامهم على المشاكلة أو
الطرد خارج الجماعة.
وليس هناك من حسب فعلياً كم يضحك أشخاص من اعمار مختلفة،
لكن من المحتمل ان الاطفال الصغار يضحكون أكثر من غيرهم.
ففي سن الخامسة والسادسة، يتهيأ لنا ان نشهد حالات الضحك
الأكثر وفرة. اما البالغون فانهم اقل من الأطفال، ربما
لانهم يلهون أو يلعبون اقل. والضحك مرتبط باللهو.
ولقد تعلمنا قدراً من المعلومات عن متى ولماذا نضحك،
والبحث مستمر الآن لمعرفة المزيد عن آليات الضحك الدماغية
وكيف تطور ولماذا نحن حساسون هكذا بالنسبة للدغدغة- احدى
أكثر السلوكات البشرية غموضاً.
|