المطر و
دموع
اخوتنا!
محمد
درويش علي
نعم المطر جميل، و لكن
لاخوتنا معاناتهم، ودموعهم التي تمتزج مع حباته، حينما
يجبرون على مغادرة مراتعهم الجميلة. انهم لاجئون في بلدهم،
مأواهم الخيم و مساعدات الصليب الاحمر.
كم
هو جميل صوت نقرات المطر، على الارض، او سطح الغرفة، او أي
شيءٍ متروك قرب نافذتك، او في باحة البيت. عليك عندها، و
لاسيما اذا ما كان الوقت ليلاً، ان تلتف بأي غطاء و تصيخ
السمع لسمفونية المطر. و لا اعتقد ان مشتغلاً في حقل
الثقافة و الادب سواء كان شاعراً ام قاصاً ام ناقداً ام
تشكيلياً، لا يتذكر في الحال قصيدة خالد الذكر بدر شاكر
السياب "انشودة المطر"
"اتعلمين أي حزن يبعث المَطَرْ
و كيف تنشج المرازيب اذا انهمر"
و في الصباح حينما تخرج الى الشارع، ترى الموظفات و
الطالبات منزويات بإنتظار سيارة تقلهن الى مبتغاهن. الشارع
يملؤه الماء، و الوجوه تطفح بنظارة هذا الماء الذي بلل كل
شيء في الليل.
اتذكر طفولتي في المطر، حينما كنا نسكن في غرفة قميئة، ابي
و امي و انا ولدهما البكر، و كيف كانا يدخلان في انذار (ج)
على حد التعبير العسكري، عندما كانت تمطر السماء، لان سطح
الغرفة كان يخرُّ ماءً، في اكثر من مكان، فكانت امي تأتي
بالطست و تضعه تحت المكان الذي يخر، سواء اكان الوقت ليلاً
ام نهاراً، و كلما يمتلئ كانت تفرغه و تعيده ثانية.
انها محنة الحياة في تلك الايام. عندما لم يكن هنالك
كونكريت مسلح، او قصور منيفة، او دبل فاليوم، و انما بيوت
من طين زائداً رحمة الله.
و لكن في هذه الايام، لنا اخوة يعيشون في العراء، تحت خيمٍ
لتُسربٌ الماء و الهواء. نعم يعيشون في العراءْ، لانهم
يحبون بلدهم، و هنالك مَنْ يريد ان يضع برزخاً بينهم و بين
البلد، يهددهم، يشردهم، و اليوم باتوا يشكلون حالة، و ازمة
بإنتظار حكومةٍ قادمة اصبحت مثل غودو الذي يأبى ان يعود او
يأتي لتحل مشكلتهم.
نعم المطر جميل، و لكن لاخوتنا معاناتهم، ودموعهم التي
تمتزج مع حباته، حينما يجبرون على مغادرة مراتعهم الجميلة.
انهم لاجئون في بلدهم، مأواهم الخيم و مساعدات الصليب
الاحمر.
|