المخرج
البريطاني لوتش في أفضل أفلامه الواقعية
ترجمة وإعداد / عادل
العامل
يتجه
عدد من المخرجين السينمائيين اليوم إلى الواقعية الجديدة
في صناعة أفلامهم، شكلاً ومضموناً، حيث يقتربون من التوثيق
في الأسلوب، ويصورون في الشوارع، ويعتمدون في تمثيل هذه
الأفلام في الغالب على ممثلين وممثلات غير متدربين من
الذين يستجيبون للإعلانات التي يصدرونها لهذا الغرض.
ويناصر أحد هؤلاء المخرجين، وهو السينمائي البريطاني كين
لوتش، الواقعية الاجتماعية منذ مدة طويلة، وشخصياته عادة
من الطبقات الدنيا الذين يحلمون بحياة أفضل ويدخل فلمه
المميز Sweet
Sixteen، (أي سن
السادسة عشرة الحلوة)، ضمن هذه الموجة الواقعية الجديدة،
ويعتبر أفضل ما قدمه للسينما من أعمال. ويصور الفلم حياة
مراهق في مدينة غرينوك، في اسكتلندة، وهي مدينة انقلبت بها
الأحوال من مركز لصناعة بناء السفن إلى بلدة تتلقى
المعونات وتباع فيها المخدرات، ولهذا المراهق، ليام،
البالغ من العمر 15 عاماً (يمثل دوره مارتن كومبستون) صديق
يدعى بينبال (وليام رون) يساعده في الطلب من الأطفال
الصغار لقاء بضعة سنتات التطلع عبر تلسكوبه إلى أحد
الكواكب في السماء. وفقراء لوتش هؤلاء يمكن أن يكونوا
مسحوقين إلا أنهم إذا ما أعطوا فرصة سيصلون مع هذا إلى
النجوم. ومعظم الفقراء في غرينوك سوف يستسلمون على كل حال
لإغراء المخدرات وإلى حياة من دون معنى. فأم ليام مدمنة
تخدم مدة في السجن لأنها تحملت العقوبة عن ستان، زوجها،
وهو تأجر مخدرات صغير. ويشعر ليام بالكراهية تجاه ستان
هذا، ويحلم بتكوين ما يكفي من المال للابتعاد بأمه عن ستان
ومخدراته إلى بيت خاص في قطاع أفضل من غرينوك.
عندما كان المخرج لوتش والكاتب بول لافيرتي يبحثان أمر
الفلم ويتحدثان إلى الشباب في منطقة غلاسكو، أدهشهما تعلق
مراهقين مثل ليام بأمهاتهم، فيقدم لوتش في الفلم ذلك
التعلق كتراجيديا أغريقية للحب الأعمى. ونجد ليام مصمماً
على إنقاذ أمه وسيفعل أي شيء لتدبير المال
–
بما في ذلك بيع سجائر
مسروقة وجعل الأطفال ينظرون عبر تلسكوبه. غير أن لزوج أمه،
ستان، خططه أيضاً، فيأخذ ليام لزيارة أمه في السجن ويطلب
منه تمرير لفيفة مخدرات إليها وهو يقبلها كي تبيع المخدرات
للنزلاء، ويرفض ليام الاستمرار بالخطة، فيضربه زوج أمه بعد
ذلك بوحشية ويحطم تلسكوبه، ويرمي بالفتى خارج المنزل.
ويبدأ ليام بتدبير المال اللازم لإنقاذ أمه بالتعاون مع
صديقه بينبال وذلك بسرقة مخدرات ستان وبيعها بأسعار ميسرة.
وهكذا يصبح ليام مجرماً لأسباب تستلزم غفران المشاهدين،
كما هي الحال في أفلام الواقعية مثل (سارق الدراجة)
لفيتوريو دي سيكا.
وفي اليوم الذي تغادر فيه الأم السجن، يأخذها ليام، الثري
الآن، إلى شقة أنيقة في أفضل مكان من البلدة ويعطيها
المفاتيح، لكنها تعود في اليوم التالي إلى ستان، ومخدراته
ومعاملته السيئة. ويتبعها ليام، وعندما يسخر منه ستان يحدث
شجار ويطعن ليام زوج أمه، مكملاً التراجيديا الأغريقية.
وبالرغم من بذاءات الألفاظ الجنسية في الفلم، فإنه يخلو من
الجنس. فليام عفيف تماماً، وهي حالة غير طبيعية بالتأكيد
بالنسبة لمراهق ذكر في العالم الواقعي، غير أن لوتش مصمم
على المحافظة على براءة بطله الطفولية. وربما كان ليام
يتصرف هكذا كمجرم بالغ الرشد، إلا أنه في حبه النقي الأعمى
لأمه يبقى طفلاً، وهو حب يصلح من شخصيته ويؤدي إلى تدميره
على حد سواء.
|