الخطـــــــة الأمريكية في دارفـــــــــــور
*بقلم:
ويسلي كلارك و جون برندغاست
ترجمة: نعم فؤاد
عن:
الواشنطن بوست
مرة
أخرى يزداد قرع الطبول قوة لاتخاذ إجراء أقوى لإنهاء
المعاناة الإنسانية التي لا يمكن تصورها في دار فور
السودان، فقد أرسلت السيناتور هيلاري كلينتون رسالة إلى
الرئيس بوش تحذر فيها قائلة : " إن تراخينا المستمر سيساعد
على استمرار القتل ". فقد اخبرنا مسؤول كبير في الأمم
المتحدة قائلا إن المجتمع الدولي: " يحافظ على حياة الناس
هناك بما يقدمه من مساعدات إنسانية لحين وقت أبادته ". و
قد أعلنت نانسي بيلوسي التي قادت وفدا من الكونغرس يضم كلا
من الحزبين تقول: " لقد ذهبنا إلى دارفور ينتابنا اهتمام
عميق و رجعنا منها ينتابنا غضب و الحاجة إلى القيام بعمل
سريع".
و لكن السؤال ألان هل ستترجم هذه الضجة إلى إجراءات ملموسة
لحماية سكان دارفور؟. لقد راقب الرئيس بوش و من موقع جانبي
هذه الأحداث على مدى ثلاث سنوات و في الوقت نفسه كان
موظفون كبار في إدارته يبحثون عن حلول للكارثة في دارفور.
الرئيس بوش فاجأ الكثير من الناس و بالأخص بعض الأعضاء في
الإدارة السياسية الخارجية في حكومته عندما دعا الناتو
لتقديم الحماية للمدنيين وتثبيت الأمن والاستقرار هناك. و
لكن ملاحظات بوش غير المدونة عن دارفور مرتبطة بمضامين
سياسته و هي مناصرة المضطهدين ضد مضطهديهم. إن على إدارة
بوش ألان تشكيل جبهة متماسكة عن دارفور بسبب المصالح
المتنافرة بين وزارة الخارجية و البنتاغون و وزارة
الخارجية و المخابرات المركزية. سيحتاج بوش إلى أن يجمع
اللاعبين المتخالفين لخلق سياسة واقعية تنهي العداوات و
تعاقب منتهكي حقوق الإنسان و بناء سلام متين.
و ألان و بعد أن اعترف بوش أخيرا بان على أدارته أن تقوم
بما هو أفضل عليه أن يعين مبعوثاً يقوم بتنسيق سياسة
الولايات المتحدة حول دارفور و يعرض آراءه الشخصية. لقد
كان المبعوث السابق للرئيس إلى السودان جاك دانفورث،
السيناتور عن ولاية ميزوري سابقا حازما في إنهاء صراع
استمر 22 عاماً بين الخرطوم و المتمردين في جنوب السودان.
و تحتاج دارفور الآن نفس المستوى من الاهتمام. و بينما كان
بوش قد دعا الناتو للأشراف على حفظ السلام، قام الاتحاد
الأفريقي و بضغط من الخرطوم بتأخير أي إجراء تقوم به الأمم
المتحدة حتى تشرين الأول. و بينما الناس في دارفور في
الانتظار يتفاقم الوضع الأمني على طول الحدود السودانية
التشادية و يتحول إلى محرقة إقليمية و انتهاكات إنسانية
خطيرة.
يحتاج بوش إلى الأمم المتحدة لتامين إسراع منظمة الوحدة
الأفريقية في تسليم مسالة دارفور و كذلك تعيين بلد له
القدرة على تولي قيادة القوة المفوضة من الأمم المتحدة
لفرض الاستقرار الذي سيقدم الدعم الفوري بصورة أفضل للجهود
التي تتبناها منظمة الوحدة الأفريقية لحماية المدنيين و
تامين الحدود. و يتوجب على المخططين العسكريين في
البنتاغون إن يعملوا قريبين مع الدولة التي ستتولى قيادة
هذه القوة لغرض توجيهها و تقديم الدعم العسكري لها الذي من
شانه أن يدعم قدراتها بصورة سريعة و فعالة لمواجه أي عدوان
يقع على المدنين.و كباقي السياسات الأخرى التي تعتمد على
المصالح فقد تورطت العسكرية الأمريكية بصورة ثقيلة في
العراق و أفغانستان و لكن لا تزال هنالك فرص متاحة للتخلص
من هذا التورط. اختيار هذه الفرص يجب أن يبنى على قدرتها
في حماية الناس الأبرياء من القادة المستبدين و كذلك من
التطهير العرقي والتجاوزات على حقوق الإنسان التي تحدث في
هذه المنطقة من العالم. و سيكون للمخابرات المركزية
اهتمامها أيضا لكن من وجه نظر مختلفة. فمنذ الحادي عشر من
أيلول عام 2001 تعاون ضباط الاستخبارات العسكرية السودانية
إلى حد ما مع الحكومة الأمريكية في مواجه الإرهاب. و مما
لا شك فيه فان لدى الاستخبارات العسكرية السودانية أسبابها
لهذا التعاون. إذ في حقيقة الأمر يرتبط هؤلاء الضباط و
بالأخص رئيس الاستخبارات العسكرية السودانية صلاح عبدا لله
غوش بصداقة مع المخابرات المركزية.
قام صلاح غوش بتنظيم حملات إرهابية ضد المدنيين في دارفور
التي أطلقت عليها إدارة بوش حملات الابادة الجماعية
المنتظمة. و لقد كان صلاح غوش الوسيط مع أسامة بن لأدن
الذي كان يعيش في السودان إثناء التسعينات و هو ما يجعله
ذا فائدة بلا شك. و لكن صلاح هو مجرم حرب و قد كانت سياسته
مسؤولة عن موت الآلاف من سكان دارفور. و لغرض زيادة فعالية
هذا التعاون فان على إدارة بوش التركيز على ما يردها من
معلومات عن طريق و سائلها الخاصة، إذ تملك الولايات
المتحدة أفضل الأقمار الاصطناعية و المخابرات البشرية في
العالم. إن على الولايات المتحدة إن تشارك المحكمة الدولية
لجرائم الحرب بالمعلومات التي لديها حول جرائم الحرب في
دارفور، إذ إن هذه المحكمة هي الجهة المسؤولة عن مرتكبي
الجرائم في دارفور، و كذلك فان على الولايات المتحدة
ممارسة ضغوط أقوى لفرض عقوبات على موظفي الدولة في السوادن
و كذلك على المتمردين الذين يتحملون مسؤولية هذه ألازمة. و
عندما يتم تنفيذ هذه السياسة بصورة صحيحة، فان من شانها إن
تقوي التعاون من قبل حكومة السودان.
لقد فتح الرئيس بوش الباب إمام أقوى إجراء تتخذه للولايات
المتحدة في دارفور. و قد حان له الوقت ألان لمواصلة هذه
الجهود و تركيزها على الوسائل الدبلوماسية والعسكرية
لإنهاء هذه الأزمة.
*وسلي كلارك هو القائد الأعلى السابق للتحالف في أوروبا و
عضو مجلس إدارة جماعة ألازمات الدولية. و جون برندار غاست
هو المدير السابق للقضايا الأفريقية في المجلس القومي
الأمريكي و مستشار بارز لجماعة ألازمات الدولية. |