مواقف

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

امنحوا إعادة البناء أولوية أقل في حروبكم القادمة
 

ترجمة نوال لايقة

عن: الواشنطن بواست

بينما الفصائل المختلفة في إدارة بوش تتابع الشجار فيما بينها حول برنامج إعادة البناء في العراق، اصدرت وزارة الخارجية مسودة لوثيقة تخطيط تقول انه بعد اية حرب مستقبلية، يجب على الولايات المتحدة ان لا تسارع فورا إلى الشروع في برنامج عام لإعادة البناء.
بدلاً من ذلك، يجب منح الأولوية الاساسية لتحقيق الامن والاستقرار، والبدء بالمصالحة السياسية. ويقول المسؤولون انه إذا لم يتحقق هذا فإن واشنطن و أية حكومة محلية يتم تشكيلها في البلد المعني، ستواجهان نتائج سلبية من جراء قطعهما وعودا يتعذر عليهما الوفاء بها.
في العراق، "نحن هيأنا الظروف لفشلنا،" قال اندرو إس. ناتسيوس، الذي كان مديراً لمكتب التنمية الدولية في حكومة الولايات المتحدة حتى كانون الثاني الماضي. ويقول هو وبعض المسؤولين في البيت الابيض ووزارة الخارجية انهم كانوا قد اكدوا فيما مضى انه يستحيل نجاح برنامج عام لإعادة البناء في محيط يتسم بالعدوانية والعنف.
"نحن بالتاكيد لم نتمكن من تحقيق ما كنا نامل في تحقيقة"، هذا ما أعلنه جيمس جسفري، منسق وزارة الخارجية لشؤون العراق. ويقول بعض المسؤولين رفيعي المستوى أنهم يخشون من ان فشل برنامج إعادة البناء سيخلق خطراً داهماً بالنسبة لمسؤولي الحكومة العراقية، بعد تشكيلها. وقال أحد هؤلاء المسؤولين الامريكيين،: " سيتعرض هؤلاء المسؤولين للاحتجاجات و العدوانية بسبب عدم قدرتهم على تزويد المواطنين بالكهرباء أو مياه الشرب".
كارلوس باسكال، الذي كان حتى وقت قريب يترأس مكتب " إعادة البناء وتحقيق الاستقرار" في الخارجية الامريكية، وهو المكتب الذي اعد مسودة الوثيقة المذكورة أعلاه، قال ان هذه المشكلة هي، جزئياً، " مشكلة خلقناها نحن لأنفسنا
حين دخلنا و قلنا أننا سنعيد بناء البلاد ونحافظ عليها."
بحسب مسودة الخطة الجديدة، ستسعى الولايات المتحدة إلى تحقيق الأمن وحفظ النظام العام، ومن ثم تشجع النشاطات الاقتصادية المتواضعة بينما تسعى إلى تحقيق وتعزيز المصالحة السياسية. " إذا لم نفعل ذلك، سيبلغ البلد حد الانهيار،" يؤكد السيد باسكال.
وبعد ذلك، يتم الانتقال إلى إنشاء البنوك و الاحزاب السياسية وغيرها من المؤسسات، ثم المؤسسات الإعلامية ومنظمات الإغاثة الخاصة و مجموعات الدفاع المدني. ولن تبدا عملية إعادة البناء الا عندما تبدو " منسجمة مع الأولويات الاخرى،.على حد قول السيد باسكال الذي يضيف، " لكن القدرة على إعادة بناء البنى التحتية قبل تحقيق الأمن والاستقرار هي معدومة لأنها ستتعرض للتفجير."
مسودة الخطة تبدو وكانها دحض و تفنيد وإثبات خطأ كل ما فعلته الولايات المتحدة في العراق. كما انها تبدو كفصلً جديد في الجدل الطويل و الحاد بين وزارة الخارجية والبنتاغون، هذا الجدل الذي بدأ خلال الاشهر التي سبقت اجتياح العراق منذ اكثر من 3 سنوات.
"الفريق المهتم بالشأن العراقي" في وزارة الخارجية الامريكية أمضى اكثر من عام كامل في إعداد دراسة مفصلة حول كيفية مغادرة البلد بعد الإطاحة بصدام حسين. هذه الدراسة تنبأت بكثير من المشاكل التي ظهرت، بما في ذلك انتشار العنف على نطاق واسع وعمليات النهب التي شهدتها القوات الأمريكية بعد الاجتياح وحالة التدهور والتلف التي بلغها نظام التزويد بالكهرباء و الماء في البلد.
لكن البنتاغون تولى إدارة عملية إعادة البناء و السيطرة عليها رغم اعتراضات وزارة الخارجية و وكالة التنمية الدولية. و رفض المسؤولون في البنتاغون استخدام هذه الدراسة قائلين انها سطحية جداً. كما ان البنتاغون ايضاً منع تعيين توم واريك، موظف وزارة الخارجية المسؤول عن الدراسة، في منصب في المكتب العسكري لإعادة البناء.
يقول مسؤولون في وزارة الخارجية أنه قد تمت المشاورة مع البنتاغون قبل وضع مسودة الخطة الجديدة. لكن الوثيقة تتميز بطابع ديبلوماسي واضح، وتبدو كأنها خطوة استباقية من قبل وزارة الخارجية كي تعيد فرض سلطتها و دورها النافذ في أي مساع لإعادة البناء في المستقبل.
قال الناطق باسم البنتاغون ان الجميع يقر بأن عملية إعادة البناء هي أسهل في بيئة مستقرة، ولكننا " لا نستطيع النظر إلى هذا بصورة مبالغ في بساطتها. فمن الصعب تحقيق بيئة سياسية مستقرة إذا لم ينعم الناس بالكهرباء والماء النظيف. ويجب تحقيق كل ذلك بشكل متواز بحيث ان تحقيق جانب يعزز تحقيق الجانب الآخر."
ماريكا وونغ، نائبة رئيسة مكتب (إعادة البناء و تحقيق الاستقرار) قالت: أنه يجب عدم اعتبار مسودة الخطة صيغة ثابتة غير قابلة للتغيير. "إذ أن الكثير مما تحتويه تفرضه الأحداث على أرض الواقع."


ولماذا لا أغيّر رأيي؟
 

بقلم / فرانسيس فوكوياما
ترجمة /المدى

عن :الواشنطن بوست

قبل سبعة اسابيع اصدرت كتابي المضاد للحرب في العراق. وقد كتبت عن هذا الموقف رغم أني ابتداء كنت قد ناصرت التدخل العسكري في العراق. وقد وقعت على رسالة بهذا الشأن بعد فترة وجيزة من ضربة الحادي عشر من ايلول. وقد غيرت رأيي فيما يتعلق بهذا الموضوع.
ولكن وحسبما يقال فان اعترافا نزيها كهذا محظور. وفي الاسابيع السابقة لصدور كتابي وكان علي ان اتحدى المهاجمة والقدح من طرفي التشكيلة الفكرية. فمن اليمين اتهمني الكاتب الصحفي جارلسو كراد ثمر بالانتهازية وخيانة قضية المحافظين الجدد ونعتني بالجبان الذي يجب ان يركل. اما من اليسار فقد ابلغت بان "يدي ملطختان بالدماء" لاني كنت بداية متحمسا لازاحة صدام حسين وعليه فان "اعتذاري" لن يقبل.
وفي مناظراتنا السياسية التي اتسمت باكبر قدر من الاستقطاب يبدو الان ان من الخطأ ان تبدل رأيك، حتى وان كانت الادلة التجريبية المتأتية من العالم الحقيقي تستوجب عليك القيام بذلك. وانا اجد كل ذلك استنتاجا غريبا ومحيراً.
وللتاريخ اقول اني قد غيرت رأيي حقا في السنة التي سبقت الحرب وليس بعد الهجوم. ففي عام 2002 اخبرت صحيفة لندن تايمز ان "ان استخدام القوة العسكرية لدفع (الديمقراطية العراقية) إلى الامام يتوقف على تدحرج النرد ولعلنا لن نكسب هذه المرة". وبمناسبة الذكرى السنوية الاولى للحادي عشر من ايلول كنت قد نبهت في صحيفة الواشنطن بوست، بانه يتوجب علينا غزو العراق في حال موافقة مجلس الامن التابع للامم المتحدة. وكنت قد حذرت في قصاصة نشرت في صحيفة الوول ستريت جورنال في كانون الاول من تلك السنة بان مشروع جعل العراق والشرق الاوسط ديمقراطيين ربما سينظر اليه على انه توسع امبراطوري وهذا سيخرق مبدأ الحصافة المحافظ.
ولكن حدوث تحولي السياسي ليس أمرا مهما، حتى وان جاء متأخراً سنة او سنتين، فهو لحد الان لا يمثل تراجعا جبانا او اعتذارا ولكنه يمثل ارادة شريفة واقعية ذكية لمواجهة الوقائع الجديدة التي تتعلق بهذه الحالة.
وفي رأيي انه ينبغي ان لا يطالب احد بالاعتذار عن مساندته للتدخل في العراق قبل وقوع الحرب. فقد كان هناك منافس للاخلاق الحسنة لطرفي الجدال. وهو الامر الذي لا يزال الكثير من اليساريين يرفضون فهمه. ففي عام 1999 اعلنت الامم المتحدة ان كل الامم عليها "واجب اكيد لحماية وتقدم وتحقيق" حقوق الانسان. قائلة بهذا الصدد ان دول العالم القوية ستكون متواطئة في الاساءة لحقوق الانسان ان هي لم تستخدم قوتها في تقديم نهج الحيف. والنقاش حول الحرب لا يجب ان يكون حول ان كان من الصحيح اخلاقيا الاطاحة بصدام حسين (وهو امر كان كذلك) ولكن النقاش يكون حول ان كان من الحصافة تقديم (كما يحدث راهنا) هذه الخسائر وعن النتائج المحتملة للتدخل وعن مدى مشروعية قيام الولايات بالغزو عن جانب واحد وبالطريقة التي حدثت.
وانه من النبل تماما ان نتألم بسبب المغزى من الحرب. وبصور اخرى نعجب ان اشخاصا من اليسار امثال كريستوفر هكنز وجورج بيكر وميشيل لجناتيف جاكوب ويسبيرج قد ساندوا التدخل، وكان من السهولة الدفاع عن مثل هذه الوضعية في بداية عام 2003. قبل عدم العثور وبصورة مؤكدة على مخازن للاسلحة الكيمياوية والبيولوجية وعدم وجود اي دليل على استمرار برنامج الاسلحة النووية (وانا اعرف تماما ان العديد من جماعة اليسار يعتقدون بان التقديرات حول اسلحة صدام حسين للدمار الشامل في فترة ما قبل الحرب كانت كلها غشاً متعمداً قامت به ادارة بوش هذا اذا لم يكن مفتشو الامم المتحدة حول اسلحة الدمار الشامل والاستخبارات الفرنسية قد اشتركوا بالتواطؤ). وكان من السهولة دعم الحرب قبل ان نعرف ابعاد التمرد المتوحش الذي كان سيظهر والسهولة التي يستطيع بها المتمردون ارباك بناء دولة ديمقراطية.
ولكن ومنذ تلك السنين فان اليمين هو الذي لم يرغب في التوافق مع هذه الحقائق المزعجة. ذلك ان الفشل في العصور على اسلحة الدمار الشامل ومحاولة تحقيق نقلة سريعة لديمقراطية مستقرة (يضاف إلى ذلك الاساءة للسجناء والضغط الذي لابد منه الناتج عن اي احتلال تطول مدته).
كل ذلك ألحق ضررا كبيرا بمصداقية الولايات المتحدة ووضعها في العالم. وكل هذه الخسائر غير المنظورة كان يفترض اضافتها إلى كفي الموازنة سوية مع الخسائر البشرية والمادية للحرب.
واعترفت الانسة وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس مؤخرا بان الولايات المتحدة ارتكبت اخطاء جسيمة على المستوى التكتيكي. لكنها ما زالت تصر على ان القرار الاستراتيجي الاساسي بالقيام بالحرب مازال صحيحا كما كان في الماضي ذلك لاننا قمنا ولمرة إلى الابد نعلق كل امكانيات قيام العراق باختراق العقوبات والبدء مجددا ببرنامج اسلحة الدمار الشامل.
ولكننا نعرف الان الكثير مما يجعلنا نطرح ذلك القرار الاستراتيجي الاساسي الحصيف في دائرة السؤال.
لقد اصدرت (مجموعة المسح الشامل) والقوات المسلحة المئات من الصفحات التي تتضمن وثائق عن البرنامج العراقي لاسلحة الدمار الشامل لفترة ما قبل الحرب وتظهر هذه الوثائق وفي عدة احيان اعتقاد صدام بامتلاكه الاسلحة البايلوجية والتي لم تظهر. وكذلك تبين هذه الوثائق في احيان اخرى قيام صدام بجر كبار قادته للاعتقاد بامتلاكه القدرات التدميرية الشاملة التي كان يعرف تماما بانها موضوع مختلف. لقد كانت حكومته فاسدة وعاجزة ومجزأة بصورة كاملة ولذا فمن المستبعد التصديق بانه سينجح في بناء برنامج نووي حتى في حال رفع العقوبات ولم يكن رفع العقوبات امرا لا مفر منه بسبب المناخ السياسي المختلف السائد والمتعاظم في الولايات المتحدة بعد 11/9.
ومنطق تبدل موقفي عما كنت عليه قبل الحرب اصبح راسخا بصورة مضاعفة ذلك اني أؤمن بان حركة المحافظين الجدد التي ارتبطت بها اصبحت وبصورة لاتخفى مرتبطة بسياسة فاشلة. وان الاحادية والتغيير القسري للنظام لايمكن ان يكون اساسا لسياسة خارجية امريكية فاعلة.
لقد بدلت رأيي كجزء من تعديل ضروري نحو الواقعية.
وما يغيظ الكثير من الناس هو عدم رغبة الرئيس بوش بالاعتراف بانه ارتكب اخطاء بغض النظر عما حصل في المغامرة العراقية كاملة.
وعلى الجانب الاخر فان اولئك النقاد الذين يصرون على انهم متأكدون قبلا بان الحرب ستتحول إلى كارثة هم على العموم يتحدثون عن حصانة ما كانوا هم من عناوينها.
ويعتقد العديد من الناس انه طالما ازداد الاستقطاب السياسي الامريكي المنعكس في برامج الحوارات واخبار القنوان التلفازية فان ذلك سيخدم المشاهدين المحدودين فكريا. اما في مجلس النواب الذي قسم نفسه إلى دوائر انتخابية متجانسة فان بضعة من اعضائه يلتمسون من الناخبين ان يقوموا بخيارات مختلفة. وهذا الاستقطاب تضخم بصورة واسعة بسبب العراق. فالكثير من اليساريين لا يعتبرون الآن الحرب خطأ سياسيا قاتلا بل مؤامرة جرمية معتمدة في حين يهاجم جماعة اليمين اولئك الذين يثيرون الاسئلة عن الحرب.
وهذا النوع من الاستقطاب قد ولد سلسلة من القضايا المعقدة كما هو معروف: منها انك لن تكون جمهوريا طيبا اذا كنت تعتقد ان ثمة شيئاً ما يتعلق بازدياد الحرارة في العالم. وانك لن تكون ديمقراطيا جيدا ان كنت من يدعم سياسة اختيار المدرسة او خصخصة مبالغ الضمان الاجتماعي.
فقد اصبحت النقاشات السياسية اشبه بالفرجة الرياضية حيث يتأمل الانحياز لدى الناس لفريقهم ويهتفون حين يسجل نقاطا دون ان يسألوا ان كانوا يقفون مع الجانب المحق وبدلاً من محاولة الدفاع عن حالات الاستقطاب الحاد والتي استمرت للسنوات الثلاث الماضية.
فانه سيكون من الافضل بصورة تامة لو ان الناس حصلوا حقا على معلومات جديدة خارجية وفكروا بنوعية التزاماتهم السابقة التي التزموا بها باخلاص ولو غيروا وجهة مراكبهم نحو الحقيقة حتى وان كانت هذه ليست المناسبة التي تتطلب ان تغير رأيك.


الخطـــــــة الأمريكية في دارفـــــــــــور
 

*بقلم: ويسلي كلارك و جون برندغاست
ترجمة: نعم فؤاد

عن: الواشنطن بوست

مرة أخرى يزداد قرع الطبول قوة لاتخاذ إجراء أقوى لإنهاء المعاناة الإنسانية التي لا يمكن تصورها في دار فور السودان، فقد أرسلت السيناتور هيلاري كلينتون رسالة إلى الرئيس بوش تحذر فيها قائلة : " إن تراخينا المستمر سيساعد على استمرار القتل ". فقد اخبرنا مسؤول كبير في الأمم المتحدة قائلا إن المجتمع الدولي: " يحافظ على حياة الناس هناك بما يقدمه من مساعدات إنسانية لحين وقت أبادته ". و قد أعلنت نانسي بيلوسي التي قادت وفدا من الكونغرس يضم كلا من الحزبين تقول: " لقد ذهبنا إلى دارفور ينتابنا اهتمام عميق و رجعنا منها ينتابنا غضب و الحاجة إلى القيام بعمل سريع".
و لكن السؤال ألان هل ستترجم هذه الضجة إلى إجراءات ملموسة لحماية سكان دارفور؟. لقد راقب الرئيس بوش و من موقع جانبي هذه الأحداث على مدى ثلاث سنوات و في الوقت نفسه كان موظفون كبار في إدارته يبحثون عن حلول للكارثة في دارفور. الرئيس بوش فاجأ الكثير من الناس و بالأخص بعض الأعضاء في الإدارة السياسية الخارجية في حكومته عندما دعا الناتو لتقديم الحماية للمدنيين وتثبيت الأمن والاستقرار هناك. و لكن ملاحظات بوش غير المدونة عن دارفور مرتبطة بمضامين سياسته و هي مناصرة المضطهدين ضد مضطهديهم. إن على إدارة بوش ألان تشكيل جبهة متماسكة عن دارفور بسبب المصالح المتنافرة بين وزارة الخارجية و البنتاغون و وزارة الخارجية و المخابرات المركزية. سيحتاج بوش إلى أن يجمع اللاعبين المتخالفين لخلق سياسة واقعية تنهي العداوات و تعاقب منتهكي حقوق الإنسان و بناء سلام متين.
و ألان و بعد أن اعترف بوش أخيرا بان على أدارته أن تقوم بما هو أفضل عليه أن يعين مبعوثاً يقوم بتنسيق سياسة الولايات المتحدة حول دارفور و يعرض آراءه الشخصية. لقد كان المبعوث السابق للرئيس إلى السودان جاك دانفورث، السيناتور عن ولاية ميزوري سابقا حازما في إنهاء صراع استمر 22 عاماً بين الخرطوم و المتمردين في جنوب السودان. و تحتاج دارفور الآن نفس المستوى من الاهتمام. و بينما كان بوش قد دعا الناتو للأشراف على حفظ السلام، قام الاتحاد الأفريقي و بضغط من الخرطوم بتأخير أي إجراء تقوم به الأمم المتحدة حتى تشرين الأول. و بينما الناس في دارفور في الانتظار يتفاقم الوضع الأمني على طول الحدود السودانية التشادية و يتحول إلى محرقة إقليمية و انتهاكات إنسانية خطيرة.
يحتاج بوش إلى الأمم المتحدة لتامين إسراع منظمة الوحدة الأفريقية في تسليم مسالة دارفور و كذلك تعيين بلد له القدرة على تولي قيادة القوة المفوضة من الأمم المتحدة لفرض الاستقرار الذي سيقدم الدعم الفوري بصورة أفضل للجهود التي تتبناها منظمة الوحدة الأفريقية لحماية المدنيين و تامين الحدود. و يتوجب على المخططين العسكريين في البنتاغون إن يعملوا قريبين مع الدولة التي ستتولى قيادة هذه القوة لغرض توجيهها و تقديم الدعم العسكري لها الذي من شانه أن يدعم قدراتها بصورة سريعة و فعالة لمواجه أي عدوان يقع على المدنين.و كباقي السياسات الأخرى التي تعتمد على المصالح فقد تورطت العسكرية الأمريكية بصورة ثقيلة في العراق و أفغانستان و لكن لا تزال هنالك فرص متاحة للتخلص من هذا التورط. اختيار هذه الفرص يجب أن يبنى على قدرتها في حماية الناس الأبرياء من القادة المستبدين و كذلك من التطهير العرقي والتجاوزات على حقوق الإنسان التي تحدث في هذه المنطقة من العالم. و سيكون للمخابرات المركزية اهتمامها أيضا لكن من وجه نظر مختلفة. فمنذ الحادي عشر من أيلول عام 2001 تعاون ضباط الاستخبارات العسكرية السودانية إلى حد ما مع الحكومة الأمريكية في مواجه الإرهاب. و مما لا شك فيه فان لدى الاستخبارات العسكرية السودانية أسبابها لهذا التعاون. إذ في حقيقة الأمر يرتبط هؤلاء الضباط و بالأخص رئيس الاستخبارات العسكرية السودانية صلاح عبدا لله غوش بصداقة مع المخابرات المركزية.
قام صلاح غوش بتنظيم حملات إرهابية ضد المدنيين في دارفور التي أطلقت عليها إدارة بوش حملات الابادة الجماعية المنتظمة. و لقد كان صلاح غوش الوسيط مع أسامة بن لأدن الذي كان يعيش في السودان إثناء التسعينات و هو ما يجعله ذا فائدة بلا شك. و لكن صلاح هو مجرم حرب و قد كانت سياسته مسؤولة عن موت الآلاف من سكان دارفور. و لغرض زيادة فعالية هذا التعاون فان على إدارة بوش التركيز على ما يردها من معلومات عن طريق و سائلها الخاصة، إذ تملك الولايات المتحدة أفضل الأقمار الاصطناعية و المخابرات البشرية في العالم. إن على الولايات المتحدة إن تشارك المحكمة الدولية لجرائم الحرب بالمعلومات التي لديها حول جرائم الحرب في دارفور، إذ إن هذه المحكمة هي الجهة المسؤولة عن مرتكبي الجرائم في دارفور، و كذلك فان على الولايات المتحدة ممارسة ضغوط أقوى لفرض عقوبات على موظفي الدولة في السوادن و كذلك على المتمردين الذين يتحملون مسؤولية هذه ألازمة. و عندما يتم تنفيذ هذه السياسة بصورة صحيحة، فان من شانها إن تقوي التعاون من قبل حكومة السودان.
لقد فتح الرئيس بوش الباب إمام أقوى إجراء تتخذه للولايات المتحدة في دارفور. و قد حان له الوقت ألان لمواصلة هذه الجهود و تركيزها على الوسائل الدبلوماسية والعسكرية لإنهاء هذه الأزمة.


*وسلي كلارك هو القائد الأعلى السابق للتحالف في أوروبا و عضو مجلس إدارة جماعة ألازمات الدولية. و جون برندار غاست هو المدير السابق للقضايا الأفريقية في المجلس القومي الأمريكي و مستشار بارز لجماعة ألازمات الدولية.

 
 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة