تاريخ
ميسان وعشائر العمارة
في كتاب جديد للباحث جبار
الجويبراوي
محمد
الحمراني - ميسان
عن
مؤسسة دار المحبين في ايران صدر كتاب تاريخ ميسان وعشائر
العمارة للباحث جبار عبد الله الجويبراوي... و يقع الكتاب
في (400) صفحة من القطع المتوسط وقام بمراجعته شيخ
المؤرخين السيد عبد الرزاق الحسني رحمة الله في 25 آيار من
عام 1990 م. ومما قاله فيه :(هذا كتاب كبير الحجم ، غزير
المادة ، متنوع الاسانيد والمراجع تدل المعلومات التي فيه
على ان واضعه الفاضل (جبار عبدالله الجويبراوي) بذل جهدا
عظيما في جمع وتنسيق ابوابه وتطريز هوامشه فاستحق الحمد
والثناء من كل من طالع الكتاب. فقد بحث (المؤلف) في
المنطقه التي قامت فيها مدينة العمارة بحثا مطولا وجاء على
اسماء الدول التى حكمت المنطقة ، والظروف التي مرت بها
والحروب التي شاهدتها وقد اعجبني ما نقله من (خواطر) (الجنرال
طاوزند) في الحرب العالمية الاولى (1914 ــ1918) ومن معارك
ضارية وحوادث دامية واعجبني اكثر من ذلك ما سجله من
معلومات دقيقة عن العشائر التي تقطن (لواء العمارة) اصولها
وفروعها وعاداتها مما لم يحتوه كتاب اخر. وقبلا قيل (اهل
مكة ادرى بشعابها) فلو لم يكن صاحب الكتاب من فضلاء
المنطقة ولو لم يتصل برؤسائها وزعمائها وساداتها واهل
الدراية والمعرفة فيها لما تسنى له الالمام بهذه المعلومات
المفيدة والنقول الدقيقة والمظان المختلفة)..
وقد تصدرت الكتاب مقدمة المؤلف و مما جاء فيها : (كانت
قبائل العمارة كقبائل المنتفك بالقوة والعدد خلال فترتي
الاحتلال العثماني والانكليزي.. التي كانت تحكم سيطرتها
على الملاحة النهرية بين ولايتي بغداد والبصرة مما جعل
السلطات العثمانية والانكليزية تفكر جديا في شتى الوسائل
في الانتقام او التخلص من تلك القبائل.وتم هذا فعلا عندما
اتبع المحتلون عدة وسائل في تفتيت تلك القوة لاضعافها
وابعادها عن خط الملاحة النهرية على اقل تقدير.. كما فعل
العثمانيون قبل احتلال العمارة عام 1861 حيث شنوا عشرات
الغارات العسكرية على قبائل بني لام والبو محمد ــ وهما
اكبر قبائل العمارة انذاك ــ ومن ثم احداث الفرقة بين
القبيلتين ودخولهما في صراع دام عشرات السنين لأشغالهما عن
مهمتهم الوطنية وهي الدفاع عن تربة العراق الحبيب
والكتاب يقع في ستة فصول ، اشتمل الفصل الاول منها على
اخبار مملكة ميسان التي نشأت في جنوب ارض بابل تحت حماية
السلوقيين عندما ضعف شأنهم في الفترة الواقعة بين (223ق.م
-178ق.م) أستقلت ثم تدرجت في سلم القوة وأصبحت دولة مهمة
.. حكمها ثلاثة وعشرون ملكا مايقارب ثلاثة قرون ونصف
وبالتحديد ما بين عامي (129قبل الميلاد و225 ميلادي).
فيما أشتمل الفصل الثاني على ولاية ميسان في العصر
الأسلامي (تلك الولاية التي كان المثل يضرب بخصوبتها في
العصرالعربي الأسلامي وأسبغ عليها مركزها منذ العصور
القديمة أهمية خاصة بأعتبارها مدخل البضائع الهندية
والعربية الى دول الهلال الخصيب الواردة عن طريق الخليج
العربي. وهي التي كانت تمون البصرة وتوابعها بالحبوب
والموارد المالية المهمة وكانت كورة واسعة كثيرة القرى
والنخل بين البصرة وواسط وفيها قبر العزير (النبي)
وقبرعبيدالله بن علي بن أبي طالب (ع) وكانت تضم المذار
والبطائح والطيب.
وتناول الفصل الثالث أخبارالعمارة في العهد العثماني أذ
أحتوى على عدةأبواب أهمها سياسة العثمانيين مع قبائل
العمارة أذ أن قيام مشيخة بني لام في شمال شرقي العمارة
كان يثير مخاوفهم من أستفحال أمر المشيخة وسيطرتها على
الطريق النهري بين ولايتي بغداد والبصرة.
وهذا ماتم فعلا فقد صارت لهذه المشيخة القدرة والسيطرة على
شرقي نهر دجلة وغربه والاقتراب من ضواحي ولايتي بغداد
والبصرة اللتين كانتا تخضعان لسيطرة العثمانيين آنذاك.
فقد كانت قبيلة بني لام وحليفاتها تشن الغارات الكثيرة
وتقطع الطرق وتعرقل سير الملاحة في نهر دجلة وتقترب من
حدود الولايتين بغداد والبصرة لمعرفة قوة الحكام
العثمانيين في تينك الولايتين.
كماورد في هذا الفصل مشكلات الأراضي وتوزيعها في العمارة
والتقسيمات الأدارية وأهم المزارات في المدينة وقائمة
بأسماء الباشوات
الذين حكموها كما يختتم المؤلف هذا الفصل بأخبار وحوادث
مهمة وطريفة ونادرة ..
أما في الفصل الرابع فقد تناول المؤلف تاريخ العمارة في
العهد الأنكليزي حيث المعارك الطاحنة بين العراقيين
والقوات الانكليزية الزاحفة نحو بغداد العاصمة، والوضع
السياسي في المدينة بعد الأحتلال وتعرض أقتصادها وثروتها
الحيوانية الى النهب والسلب كما ذكر المؤلف جملة أسباب
أفرزت نتائج الاحتلال السريع للمدينة من قبل الانكليز في
الرابع من حزيران عام 1915م وهذه المادة جديرة بالمطالعة
لانها تسلط الضوء على الظروف التي عاشها العماريون في تلك
الايام الصعبة. كمايتطرق الباحث في هذا الفصل الى الجهاز
الاداري والحكام السياسيين الذين حكموا المدينة طيلة فترتي
الاحتلال والانتداب واحوال الاراضي في العمارة في تلك
الفترة والتركيب الاجتماعي والأقتصادي في المجتمع العماري
واليهود ونشاطهم الصهيوني في العمارة . ويختم المؤلف هذا
الفصل بأهم الحوادث والاخبار.
فيما كان الفصل الخامس زاخرا بتاريخ المدينة من عام
1933الى عام 1958والتقسيمات الأدارية حيث كانت العمارة
مكونة من قضاءين هما قضاء علي الغربي وقضاء قلعة صالح ومن
ثلاث نواح ورئاسة بلدية واحدة مربوطة بمركز اللواء (المحافظة).
أماالنواحي فهي المشرح وكميت والمجرالكبيروأما البلدية فهي
بلدية مسيعيدة (الكحلاء) كما رافق المؤلف قائمة بأسماء
المتصرفين من عام 1933 الى عام 1958.
وأشارالى عوامل هجرة فلاحي العمارة الى بغداد والبصرة
والظروف القاسية التي دفعتهم الى ذلك كما ذكر ممثلي
العمارة في مجالس النواب خلال دوراته الأنتخابية الخامسة
والسادسة والسابعة والثامنة و التاسعة والعاشرة والحادية
عشرة والثانية عشرة والثالثة عشرة والرابعة عشرة والخامسة
عشرة والسادسة عشرة وهي الدورة الأخيرة اذ قامت ثورة 14
تموز عام 1958بقيادة الزعيم الوطني عبد الكريم قاسم . وقد
الحق المؤلف دور أهل العمارة في الدفاع عن تراب العراق.
كما ختم هذا الفصل كالعادة بالحوادث والاخبار المهمة .
أماالفصل السادس من الكتاب فكان دراسة في عشائر العمارة
وأصولها ومناطقها وشيوخها ورؤساء الأفخاذ فيها كما تطرق
الى البيوت العمارية التي سكنت العمارة وساهمت في بنائها
في مطلع القرن التاسع عشر والقرن العشرين..
والكتاب جدير بالمطالعة والقراءة لما يحتويه من معلومات
جديدة وذات اهمية تاريخية تلقي الضوء على مدينة كان شيوخها
يمثلون ثقلا في الاقتصاد العراقي يومذاك.
|