استراحة المدى

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

قصار القامة، كبار النفوس

كاظم ناصر السعدي

طاقة الإنسان لاتقف عند حد معين، فنوع الجسم لاعلاقة له، بما يقدمه في حياته، فالإصرار على مواصلة الحياة، هو المقياس الحقيقي للإنسان، بعيداً عن طوله وشكله ومكوناته الاخرى. لذلك اثرنا في هذا التحقيق الوقوف عند بعض الاشخاص الذين يدفع بهم الاصرار، لكي يبنوا حياتهم ويتواصلوا معها.
يقول(م.هـ)موظف صحي (قاطع تذاكر مراجعة الطبيب) العمر 40 سنة
الطول 80 سم متزوج وله ستة أولاد ثلاثة ذكور وثلاث اناث: قصر قامتي غير الاعتيادي سببه وراثي.. لكن ليس عن طريق الوالدين مباشرة بل عن طريق احد الاجداد.. فالوالدان طولهما اعتيادي وأولادي أطوالهم اعتيادية ايضاً، كذلك اشقائي وشقيقاتي ويضيف: على الرغم من المصاعب والمشاكل التي أوجهها يومياً والمعاناة المؤلمة والقاسية التي اعيشها جراء قصر قامتي الشديد فانني اتعامل مع المحيط بوعي وثقة بالنفس وبروح مفعمة بالتفاؤل ومشحونة بالاصرار والتحدي والقدرة على فعل ما يعجز عنه احياناً طوال القامة فنظرات الاستهزاء والسخرية وكلمات الاستهانة لا تؤثر على إرادتي في ان أعيش الحياة كما أتمنى.. لم اشعر بالضعف والخذلان .. كوني امتلك عقلاً متفتحاً واحس باعتزاز قوي بنفسي وإنسانيتي.
ويقول (ل.ح) مأمور بدالة متقاعد_ العمر 45 سنة
الطول 85 سم- متزوج من مدرسة وله ابن مواليد 1992 طويل القامة: قصر قامتي سببه وراثي عن طريق الأجداد وليس عن طريق الابوين فابي وامي طويلان كذلك اخوتي واخواتي. ويواصل حديثه قائلاً: لا أكتمك إنني أتألم احياناً بسبب نظرة المجتمع الي وأشعر كأنني شجرة صغيرة جداً تعيش بين نخيل .. لكنني بالرغم من الصعوبات الكثيرة التي اواجهها في حياتي لم ادع الخوف واليأس يتغلبان على عزيمتي وارادتي بفضل ما اتحلى به من روح مرحة وما أتمتع به من قدرة على التكيف مع الوسط الاجتماعي وعلى تكوين علاقات ودية مع الناس تكسبني احترامهم فشخصيتي قوية ومؤثرة.. اعتقد ان صنع الحياة الجميلة لا يتحقق بطول الإنسان أو بعرضه بل بوعيه العميق بالحياة وفهمه الصحيح لمعانيها ودلالاتها.
اما (س.ر) موظف متقاعد
العمر 60 سنة- الطول 90 سم متزوج وله سبعة أولاد طوال القامات.. احد ابنائه حاصل على شهادة الدكتوراه في العلوم الإسلامية،يقول: قصر قامتي وراثي جاءني من اصلاب بعيدة. وانا اعيش حياة طبيعية لم اشعر بالنقص ولا بالوهن في التغلب على أي نوع من العقبات بل لدي جرأة وشجاعة في اقتحام مصاعب الحياة فقد كونت اسرة متماسكة كل افرادها يعملون وهم متعلمون ومؤثرون في المجتمع فإحساسي بأهميتي كانسان وبدلالة وجودي دفعني الى التفكير الايجابي وهو ان اعيش حياتي بإرادة قوية ووعي عميق كما لو أنني طويل القامة فكم من طويل لم يجعل لحياته معنى سامياً وأهدافاً نبيلة وكم من قصير استطاع بفضل شخصيته القوية وإرادته الصلبة وفكره النير المتفتح وثقافته وموهبته ان يرتقي سلم المجد والشهرة في مجالات العلم والأدب والفنون وغيرها، فما دام عقلي سليماً وصحتي جيدة يمكنني ان احقق ما اطمح إليه فبين جنبيّ روح وثابة وتواقة لا تستسلم للأقدار فانا الذي أقرر بإرادتي مصيري ومستقبلي.
وتقول (ف.ع) ربة بيت عزباء
العمر 35 سنة الطول 80 سنة تقرأ وتكتب: بصراحة لا احد من الناس لا يتمنى ان يكون طوله وشكله ولياقته البدنية ومظهره جميلاً وفي احسن تقويم.. لكن ما حيلة الإنسان الذي يولد عن أبوين لم يخترهما ولم يعرف عنهما شيئاً؟. لا يعرف ان كانا طويلين ام قصيرين.. ذكيين ام غبيين.. جميلين ام دميمين.فكل إنسان وقدره في الحياة، والفرق بين الناس هو في التفكير والموقف من القدر هل يخضع لإرادته ونستسلم ونحكم على أنفسنا بالموت ونحن احياء؟ ام نخضع القدر لارادتنا ونروضه لصالحنا بحيث نحقق رغماً عنه انسانيتنا.. الإنسان لا يعيش بجسمه فقط بل وبروحه التي تصنع المستحيل بوحي العقل الكبير الذي ليس بالضرورة ان يضمه جسم طويل وضخم.
(ص. أ) ربة بيت متزوجة لكن زوجها متوفى وهي تعيش براتبه التقاعدي العمر 50 سنة الطول 100 سم. لم تنجب اطفالاً، شقيقها الذي يعيش معها بقدر طولها وهو موظف متقاعد لم يتزوج بسبب مرض مزمن يكبرها بعشرة اعوام تقول: انا وأخي قصيران بالوراثة ففي سلسلة أجدادنا من كان على شاكلتنا.. من الطبيعي ان يتألم ويحزن ويعاني كثيراً صاحب العاهة أو العوق أو قصر القامة .. لكن الحكمة البليغة هي كيف يستطيع ذو النقص الطبيعي أو الخلقي ان يعوض جمال الشكل أو اللياقة البدنية المفقودة بجمال الروح والاخلاق ويرسم حياته المضيئة بقيم الخير والحب والفضيلة من اجل ان يشعر بانسانيته ووجوده الحي فان لم يأخذ بهذه الحكمة فسيصبح هباءة هائمة وليس مركزاً للكون ومستودعاً للعقل المبدع.


اسمي عبء علي
 

بشرى الهلالي

كان يقف مستندا الى الحائط يدخن سيكارته بهدوء.. هو لايعرفني لكني اعرفه جيدا.. كانت عيناه تتابعان بقلق اؤلئك الذين يصعدون السلم باتجاه صالة الانتظار.. أعقب صاحبنا سيكارته بسيكارة اخرى أشعلها من عقب سيكارته التي ألقاها ارضا وداسها ناقما بعقب حذائه.. كان التوتر يسود على جميع الحاضرين.. فالحصول على عمل هذه الأيام ليس بالأمر السهل.. ودون وعي مني التفت الى صاحبنا الكاتب لأرى رد فعله.. لمحت طيف ابتسامة على شفتيه.. بدا إن توتره قد خف قليلا فقد سحب كرسياً قريباً منه وجلس منزويا يدخن بهدوء كأن مايدورحوله لايعنيه.. لم استطع تمالك نفسي أكثر.. اقتربت منه بود والقيت عليه التحية.. فز من كرسيه كأن صاعقة أصابته.. اربكني شعوره بالأحراج وكرهت فضولي الذي دفعني لتعكير سلام هذا الشخص وأدركت الآن إن ماكان يقلقه هو خوفه من أن يتعرف اليه أحد.. تغلبت على احراجي وعبرت له عن اعجابي بكتاباته التي كانت اشبه بالصرخة المدوية في عالم الأدب.. حدثته عن كتبه الأربعة التي قرأتها بنهم وحفظت جملا كاملة منها.. قابل كل ماقلته بابتسامة مجاملة وهو يتلفت ليرى فيما اذا كان ماقلته أثار انتباه احد من الحاضرين.. زاد ذلك من ارتباكي وحراجة وضعي.. فاقتربت منه أكثر لتقديم الإعتذار والإنسحاب.. وكأنه ادرك مابي.. سبقني الى الإعتذار عن ارتباكه الذي يعود الى وجوده هنا بين كل هؤلاء المتقدمين الذين يصغرونه سنا.. تدفقت كلماته كالسيل الجارف حزينة متقطعة.. كانت تقف بين اللسان والحنجرة تكاد تخنقه.. قال إنها المرة الأولى التي يضطر فيها الى الحضور لإجراء مقابلة.. وإنه يرى ذلك غير مبرر.. ادركت حجم عذاباته.. فعندما يفغر الفقر فاه المفجوع ابدا.. لإلتهام الشرفاء يجد الإنسان نفسه مجبرا على تقديم الكثير من التنازلات.. لم يصرح بذلك قولا لكنني أدركته ضمنا.. وددت أن اقول له إن المرارة التي يتجرعها الآن مازال طعمها عالقا في أفواه الكثيرين.. لكن مواساة شخص كهذا قد تزيد الأمرسوءا في هذا الموقف.. قلت له فقط : إن العمل شرف ولاضير من المنافسة للحصول عليه وإنه من المؤكد ستكون له الأولوية كونه اسما لامعا في عالم الأدب.. ابتسم ساخرا وقال: وماذا إن كان العكس ؟ لن يكون ذلك رفضا بل عقابا لي على قدومي الى هنا.. نظرت اليه مستفهمة غير مصدقة.. فهل يعقل أن يتسلل اليأس الى مثله وهو الأديب صاحب التاريخ الحافل بالإنجازات؟ قال بمرارة: تغيرت الموازين.. لم تعد الجودة هي المقياس بل الكم.. نحن ننتمي إلى جيل آيل الىالأنقراض.. وماهذه المؤسسات الا صوت ناطق بأفكار و مصالح مجموعة معينة من الناس.. لم تعد الثقافة هي المعيار بل السوق وأنا لست من تجار القلم.. أنا لاأعرف حتى كيف استعمل الأنترنيت بينما تستعرض صفحات الصحف والمجلات يوميا آخرنتاجات هذه الشبكة التي اصبحت تمثل الثقافة الجديدة الآن.. لم أكن مع من ذهبوا ولا استطيع ان اكون مع القادمين.. أجدني غريباً على هذا العالم لكني بحاجة الى العمل.. لقد إنهار العرف وعندما ينهار العرف يتدنى المستوى الإنساني كله.. فاجأني ماسمعته.. وربما آلمني أكثر.. قلت له : لكنه زمن الحرية الذي طالما حلمنا به كي نستطيع رفع اصواتنا فنقول مانريد ونكتب مانشاء.. اجابني ساخرا: حقا! ولكن أين نكتب وماذا نقول ؟ عندما تمنح الحرية الى مجنون فإن اول مايفعله هو أن يجري خارج حدود المصحة بجنون أكبر وقد تصدمه سيارة في اللحظة الأولى التي تطأ قدماه الشارع.. اجبته: المهم إنه خرج.. تنسم الحرية ولو للحظات.. يجب أن تخرج انت أيضا الى هذا العالم.. كن جزءا منه.. قال: إني أخرج يوميا إلى هذا العالم ولاأجد ما يستحق.. أمتهن نفسي يوميا.. كل مايدور حولنا هو كذبة.. لامكان هنا للصواب والخطأ.. عالمنا تحكمه الأكاذيب فقط.. كان يأسه أكبر من كل محاولاتي.. وربما كان على حق.. فمن الصعب أن يمضي الإنسان شبابه في تلميع اسمه ليصحو فيجده يتلاشى خلف أسماء السياسيين والفنانين.. التفت حولنا لم يتبق الا نحن وواحد آخر.. لم أجد ماأقوله.. خرجت الكلمات خجولة مواسية: لكن إسمك سيكون جواز سفرك.. نحن من عليه أن يقلق.
ضحك ساخرا وقال: اينما ذهبت قدموا لي كرسيا وسيكارة وفنجان قهوة.. وقالوا لي إنك اسم لامع وتستحق عملا يليق بإسمك.. الاترين إنها طر يقة مهذبة لقولهم أنني لاأنفع لشيء.. ليتني كنت من أصحاب الحرف لكنت وجدت ماأعيل به اطفالي.. أما اسمي فهو لايباع ولايشترى ولاينفع عائلتي.. لقد اصبح اسمي عبئاً علي !


استعراض روماني يقام في مدينة جرش التاريخية
 

عمان /المدى-وكالات
- جلس مئات المشاهدين في مدرج تاريخي يهتفون لرجلين لبسا زي المقاتلين الرومانيين ووقفا في الحلبة حاملين السيوف والدروع ومتأهبين للقتال حتى يفوز احدهما.
هذا المشهد ليس جزءا من ملحمة تاريخية جرت قبل الاف السنين لكنه مقطع من استعراض روماني يقام يوميا في احدى ساحات مدينة جرش التاريخية والتي لا زالت اعمدتها ومدرجاتها وساحاتها وشوارعها شاهدة على عبق التاريخ الذي يعود الى الاف السنين.
بالاضافة الى المبارزات الثنائية والتي تؤدي مجازا الى مقتل احد المقاتلين يشمل الاستعراض سباق عربات قديمة تجرها الخيول بينما ينطلق البوق ايذانا بالتحام الجيوش بكامل عدتها الرومانية.
وحرص القائمون على المشروع على اعادة امجاد مدينة جرش الرومانية (جراسيا قديما) الواقعة على بعد حوالي 40 كيلومتراً من عمان والتي شهدت حياة بشرية منذ 6500 عام وشهدت عصرها الذهبي اثناء الحكم الروماني.
وقال فواز الزعبي مدير شركة احياء تراث جرش وهي شركة خاصة بدأت المشروع بموافقة ودعم الحكومة الاردنية "طبعا هو اقامة استعراض لتقنية جيش رومانية ومبارزين وسباق عربات خيل مثل ما كانت قبل الفين سنة."
وتعد مدينة جرش من اكثر المدن الرومانية التي جرى الحفاظ عليها في العالم. وضرب المدينة زلزال في القرن السابع دفنت المدينة على اثره حتى اعاد اكتشافها رحالة الماني في عام 1806. وبدأت اعمال التنقيب في عشرينات القرن الماضي. بدأت العروض في تشرين الثاني 2005 وتضم 55 مقاتلا في الجيش الروماني و14 مبارزا تم تدريبهم على ايدي محترفين بريطانيين لاتقان فنون القتال الرومانية. وقال الزعبي "الزي هو اللبس الاصلي الذي كان موجوداً في سنة 120 بعد الميلاد. اخذنا النسخ من المتحف وصنعناهم هنا في الاردن." وتشير الصفحة الالكترونية الخاصة بالمشروع الى ان معظم اعضاء الجيش الروماني هم من افراد الجيش والشرطة الاردني السابقين ومن سكان جرش. ويقدم المقاتلون عرضين كل يوم للسياح الذين يزورون المدينة من مختلف دول العالم الا ان المشروع ما زال بحاجة الى مزيد من الدعاية والاعلان لجذب المزيد من الزوار. وقال الزعبي "الاقبال جيد لكن الناس لا يعرفون عنها بعد ونحن نحاول ان نروج للموضوع في الاردن والخارج." وابدى المشاهدون الذين كان معظمهم من السياح الاجانب اعجابهم بالعروض والشرح لتاريخ الحضارة الرومانية وعمليات القتال التي تمثل العروض. وقال والتر ايتفلت الذي اصطحب ولديه لمشاهدة العرض "استمتعنا كثيرا والاطفال احبوه كثيرا وكان ترفيهيا وتعليميا ايضا." وقالت ناتاشا الطوال وهي اردنية "انا الحقيقة استغربت ان هكذا استعراضاً موجود في الاردن وانا اطالب الجهات المسؤولة الاعلان عنه اكثر ليس فقط للسياح الاجانب ولكن لسكان البلد حتى يعرفوا ان هذه الاشياء تحدث في هذا المكان التاريخي العريق.

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة