اسبوع المدى الثقافي

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

على طاولة (المدى): آليات التحول الديمقراطي والتنوع الثقافي
 


تحت عنوان (الديمقراطية أداة التحول من النظام الاستبدادي إلى المجتمع الحر والتعدد السياسي والتنوع الثقافي) وضمن نشاطات أسبوع المدى عقدت طاولة مستديرة في قاعة الشيراتون بأربيل توزعت على عدة محاور تنوعت بين موضوعات أثارت جدلاً واسعاً وحواراً مستفيضاً شارك فيه عدد من المثقفين فضلاً عن المشاركين بالأوراق الأساسية للطاولة.
وقد أدار الجلسة المفكر (كريم مروة) وكانت أولى الأوراق للدكتور فتحي فتاح أستاذ الاجتماع السياسي في جامعة القاهرة (الحرية الفكرية بين التفكير والتكفير) والتي تركزت حول الحرية الفكرية بوصفها واحدة من السبل الناجحة في التحول الديمقراطي.
الدكتور فتحي فتاح تحدث عن الجلسة قائلاً: كانت جلسة غنية، والمشاركون فيها من مدارس سياسية وفكرية مختلفة، وكان من الطبيعي أيضاً أن تحدث خلافات حول توصيف الوضع الراهن في العراق والعالم العربي ومحاولة تلمس مفاتيح المستقبل، برغم ذلك كان هناك اتفاق على عدد من القضايا المحورية، منها أهمية الديمقراطية في العالم العربي، وأهمية الحوار وعدم إقصاء الآخر، ومحاولة وضع أسس لمجتمعات ديمقراطية علمانية تقوم على أساس فصل الدين عن الدولة ومواجهة الخطرين وهما: النظم الدكتاتورية الحاكمة والمتحكمة في العالم العربي، وهي في الواقع تسهل الأمور كثيراً بالنسبة للقوى الاستعمارية بالاستيلاء على خيرات الشعوب العربية.
وعن رؤيته للتجربة العراقية التي وجد إنها عسيرة ومعقدة تحدث قائلاً: (رغم كل المعاناة ورغم ما يجري في العراق من تخريب وتدمير وصراعات، إلا أن هناك عراقاً جديداً يؤكد ولا شك أن هذه التجربة يمكن أن تصل إلى نافذة حقيقية ومؤكدة.
الورقة الثانية كانت للمفكر التونسي العفيف الأخضر وكانت بعنوان (فدرالية كردستان كأقليم قائد) وقد قرأها نيابة عنه الكاتب المصري (أشرف عبد القادر) وقد تركزت آراؤه حول مسألة إمكانية أن تلعب: "فيدرالية كردستان دوراً قائداً، وأن تكون قدوة حسنة لباقي فيدراليات العراق. ولا شيء يمنع الأغلبية العربية الشيعية والأقلية العربية السنية عندما تستبطن شرطها كأقلية، من التعلم من تجربة كردستان العراق حيث نجح الحزبان الكرديان الكبيران بزعامة رئيس الجمهورية العراقية جلال الطالباني ورئيس حكومة إقليم كردستان مسعود البارزاني في بناء سلطة ديمقراطية وإقليم مزدهر اقتصادياً).
بعد ذلك قدم الكاتب حسين درويش العادلي ورقة بعنوان (الدولة العراقية وإشكالية الهوية السياسية). وفي ورقته قدم العادلي تعداداً لإشكالية الهوية وقد لخصها بأنها: إشكالية بنيوية، أدلجة الدولة، المنشأ النخبوي، المنشأ التاريخي، وفي سياقه عرج على موضوعة المواطنة والهوية كجزء من الإشكالية.
الورقة الرابعة كانت للأستاذ زهير كاظم عبود والتي جاءت تحت عنوان (الإرهاب في العراق) والتي عرض فيها لمصطلح الإرهاب من حيث النشأة وكيف برز بشكل واضح في المنطقة العربية وما هي الدوافع لهذه النشأة والوجود، والممارسات. وأكد على أن: التناحر المذهبي في العراق بشكل خاص وإن كان ناراً تحت الرماد، إلا أنه تم تأجيجه من قبل الإعلام العربي المريض والمبتلي بالابتعاد عن الموضوعية والحيادية، كما تم تأجيجه من قبل بعض السياسيين العراقيين ممن يشعرون بعدم وجود أرضية وقاعدة تساندهم دون هذه الورقة.
بعد ذلك فتح كريم مروة باب النقاش بين الحاضرين لغرض عرض آرائهم وتعليقاتهم على الأوراق التي قرئت وكانت المداخلة الأولى للكاتبة فريدة النقاش والتي أشارت إلى ورقة العادلي وقالت: إنها تتفق مع ما ورد فيها حول مفهوم الأقلية باعتبار أن المعيار تمييزي وتوزعت مداخلتها على نقطتين:
إطلاق مفهوم النخبة بشكل تعميمي.. إذ إن هناك نخباً عربية قدمت تضحيات كبيرة وتعرضت للقتل والتشريد منذ القرن التاسع عشر، والنخبة ليست شيئاً واحداً حسب الرؤى والمنطلقات.
النقطة الثانية خاصة بالتعميم بين الأيديولوجيات الإسلامية والماركسية والقومية وقالت يجب أن نميز بين هذه الأيديولوجيات ولا نضعها في خانة واحدة.
مداخلات الحضور حول الأوراق التي نوقشت تباينت في عدة مواقف ولكنها في مجملها عبرت عن تفاؤل حذر وأحلام كبيرة بالتغيير.
في حين رأى الكاتب المصري أشرف عبد القادر أن الحل للواقع العربي برمته يتمثل بالممارسة الديمقراطية وأكد على إن الديمقراطية هي الحل الوحيد الناجز لمشاكل العالم العربي كله، ولكن السؤال الذي يجب أن يطرح هو ما هي عوائق إدخال الديمقراطية للعالم العربي؟ أن الديمقراطية أثبتت نجاحها في جميع بلدان العالم ونرفضها نحن، فنحن كمن يرى الشمس ساطعة فيغلق عينيه وينكر وجودها. أول عوائق إدخال الديمقراطية في العالم العربي هو علو سلطة الخطاب الديني وتكفيره للديمقراطية لا عن حجة عقلية، بل عن حجة نقلية.
في ختام الجلسة تحدث كريم مروة وقدم ملخصاً لما قيل في الجلسة من آراء ومواقف فختم الجلسة بالقول: اعتقد إن النقاش كان غنياً من المشاركين الذين عبروا عن آرائهم وقدموا اقتراحات أولية، إننا لا نزال نعمل على توصيف الواقع، ولم نخرج من التوصيف إلى قاعدة بناء الدولة وفق الديمقراطية.
الديمقراطية غير متوفرة لا عند الحاكم ولا المواطن لذلك نحن مدعوون لبناء المواطنة. ويجب علينا ممارسة نقد للذات وأن نقرأ السنوات الماضية بدقة وموضوعية حتى نستطيع أن نخرج مما نحن فيه إلى ما يضعنا على أعتاب الممارسة الحقيقية. وفيما يتعلق بالعراق قال مروة: أنا متفائل بما يحصل في العراق وان الانتخابات التي أجريت وكتابة الدستور خطوة وإن كانت بطيئة لكنها خطوة حقيقية من الممكن أن تتطور وإن التجربة العراقية يمكن لها النجاح إذا ما سارت على هذه الوتيرة وإن كانت تتسم بالبطء، أنا متفائل وإن كان العراقيون يشعرون ببعض الإحباط.


هذا ألاسبوع
 

رشيد الخيون
المرة الثانية تحضر دار (المدى) في ذاكرة الثقافة العراقية، وأكون أنا شاهداً على تفاصيل الحدثين: تكريم الجواهري من قبل كردستان العراق، في مئويته، وكان التكريم محفوفاً بالمكاره يوم كان الظلم جاثماً على بغداد، فمن حضر من العراقيين من دول الشتات والمنافي، ينظر من خلف الجبال إلى الطريق الذي قطع لسنوات، بين أربيل وبغداد. وعدنا اليوم في حدث آخر، هو "أسبوع المدى الثقافي" وبأربيل أيضاً، كان مع فتح الطريق على بغداد، ولم تعد المخاطر مخيمة على النفوس من أنفال وأسلحة كيمياوية، وحضر من حضر من بغداد وآفاق العراق الأخرى، حضوراً قوياً وبتلاوين مختلفة، متوشحة ذلك الموزائيك العراقي، الذي لم تخل أربيل والسليمانية ودهوك منه يوماً من الأيام. وحضر العرب أيضاً معنا، وبرؤى مختلفة.
أسبوع المدى مناسبة لقاء وإعادة تذكر لما كدنا نفقده من زمن طويل، ألا وهو صوت المثقف العراقي، وهو يعيد تأسيس ثقافة خالية من الاستبداد والهيمنة، وأعني أن تكون أسابيع ومهرجانات ثقافية ومنصة القاعة خالية من صورة مستبد، وخالية من قصائد تمتدح المعارك والقبور، وتخلو من اشتراطات مسبقة على المثقف. ربما بالنسبة لي في الأقل وأنا قادم إلى المهرجان، ولا أملك غير صوتي وأوراق ضمنتها ما أريد من الآراء والمشاكسات، شعرت بأني حر بما أقول وأسمع، وأول مرة، بالنسبة لي في الأقل أيضاً، استأنست بالاستماع إلى ندوة تبث على الهواء من دون تقيد والتزام وتكليف.
يمكن لمثل هذا الأسبوع، الذي تقوم به دار نشر، أي مؤسسة مدنية لم تعقد تحت الحراب وتحت الوصاية، أن يؤسس للقاءات ثقافية متعاقبة على مختلف المشارب والملل والنحل، من غير وصاية، أتمنى بحق أن يتحقق ذلك على هامش أسبوع (أسبوع المدى) حصلت مكاشفات بين العراقيين القادمين من الخارج والحاملين حنينهم وأشواقهم إلى أرض وبين العراقيين التاركين بغداد خلفهم يسودها الخوف والفزع يقطع أوصالها الشحن الطائفي وبث الكراهية، مكاشفات كانت صادقة، واقتراب بعد تباعد حتى في نبرة الصوت وأسلوب الحوار، هذا من جهة، ومن جهة أخرى وفر أسبوع المدى مكاشفة من نوع آخر جرت بين العراقيين وأخوتهم من مثقفي العرب الذين يأخذون العراقيين في الاحتلال فقط، ويحاولون ربطه بفلسطين، وهذا الأمر فيه ما فيه من القسوة التي تشير بحال من الأحوال إلى نوع من التواطؤ بين العراقي وسلب حريته إلى حد التشكيك بوطنية العراقي، من دون أن يتفحص ثقل الاستبداد الذي جعل العراقي لا يفرق بين دبابة الحرس الجمهوري والدبابة الأمريكية، وله الحق في ذلك.
ختاماً هذه كلمة سريعة على هامش المؤتمر، أجد من الأمانة القول أن أسبوع المدى أعاد لي الاتصال ثانية ببغداد التي كانت وما زالت بعيدة عني كشف لي عبر الحاضرين أن بغداد لم تنس أبناءها. الطريق بين أربيل وبغداد لا يغلقه غير التعصب وإلغاء الآخر، وعندما يكون للكردي ما للعربي في شأن الثقافة والدولة سيتسع هذا الطريق لأسابيع عراقية.


كلمة الشاعر عباس بيضون في مؤتمر المثقفين العراقيين
 

هذه أول مرة أطأ فيها ترابا عراقيا وانا سعيد لان انتظاري كوفئ اخيرا وها انا الان من هنا.. أطل على العراق العظيم بشماله وجنوبه وشرقه وغربه ووسطه.. على بغداد الجريحة الصابرة وعلى كل رقعة عراقية دامية اريد لها ان تتجرع حريتها وتخلص من الطغيان عصفاً وآلاما. أطأ لاول مرة ترابا عراقيا وكنت تجنبت ان البي اي دعوة الى العراق لانني ما كنت احل لنفسي ان ادخل بقدمي الى عراق مغلق عن صفوته وومبدعيه. ما كنت لابتذل الشعر بتلاوته تحت صورة الطاغية او اتيح للطغيان بخفة او دراية ان يسرق صوتي ويزوره. وانا سعيد الان لانني في مؤتمر حر على ارض حرة واذا كان في القلب غصة لاننا بعيدون عن بغداد جوهرة ثقافتنا في القدم والحديث فان في انعقاد هذا المهرجان في شمال العراق فرصة اعتذار للشعب الكردي الذي قال شقاؤنا الخاص ان نولي عذاباته والامه عنايتنا ودعمنا، لم نغضب بما يكفي له وتركناه في احيان كثيرة يواجه وحده النار والتصفية والقتل الجماعي، اعتذر عن نفسي وربما عن غيري اذا حق لي ذلك لان في اهمالنا هذا شبهة انكفاء ينبغي ان ننزه ثقافتنا وانفسنا عنها ولاننا غفلنا عن اننا بدون ان ننتصر لاخوتنا في الارض والتاريخ لا نستحق ان ننظر لانفسنا ولان الثقافة قبل كل شيء وخارج أي انتماء لمذهب او عرق ينبغي ان تخدم الحرية وان تصون بذلك شرفها الخاص.
ايها الاخوة...
سعداء نحن لاننا في العراق الذي تتساوى كل حبة تراب فيه بكل حبة تراب اخرى وتتساوى فيه الميمنة والميسرة والقلب. لكننا مضطرون لاننا لا نستطيع ان نبتعد فيه الى اكثر من هذا الحد. ان قوسا من الدخان والنار يخيم على ارضه بدلا من قوس قزح الثقافة والعلم الذي شع دائما فيه من المؤلم ان يستخف مثقفون عرب اليوم بما يدبر للعراق او يدبر فيه ان يستخفوا بالقائه طعمتا لنيران الحرب الاهلية فهذا الثمن افدح من اي مسألة او قضية او خلاف. لايقوم دين ولا تقوم قومية ولا يقوم تحرر ولا استقلال بنار كهذه ومن الكذب على النفس وعلى الله وعلى الامة ان نسمي هذه المجزرة اليومية بغير اسمها الحقيقي.
كما ان من التردي والانحطاط الى ابعد مدى ان تتوسل اتجاهات مسماة وطنية وتحررية وحديثة الطلامية الاشد سوادا سلاحا اوحد أو أملا اوحد لها ولمعركتها. العراق على شفير حرب اهلية وفي حال كهذه يغدو سوء الفهم واختلاط الامور خطرا ومشبوها. في حال كهذه تكون المسؤولية هائلة على من يريدون ان يكون العراق ارضا مروقة او مختبر للعنف او مكباً لكل السلبيات والمشاكل والنزاعات، وانا العائد من حرب اهلية ادرى من غيري بالخلاصة البائسة والعقيم لمغامرة كهذه.
مع العراق العظيم بدون مراعاة ومجاملة، العراق الرائد في القديم والحديث مع عراق السياب وعلي الوردي وجواد سليم وسعدي يوسف وشيريكو بيكس لا مع عراق الظلاميات في كمل صف والانكفاءات من كل نوع والقوة الباغية خارج القانون والقتل العادي والثار والثأر المضاد والغلبة الجاهلة والتعدي على الاقليات الضئيلة والعسف العام والتطهير المذهبي والعرقي. ان عراق كهذا لا يشكل ندامة وذنبا لاهله فحسب بل يشكل ذنبا للمنطقة كلها وللثقافة العربية بوجه عام، ان تدمير حاضرة كبرى كالعراق يعني ان لا تكون حاضرة بعد كما يعني اننا اخترنا لانفسنا ان نغدو في عولمة كاسحة ووحشية نافلة في التاريخ وسقط متاع في العالم والعصر. لست ادري اذا كان نداء كهذا مسموعا لكن قوله ليس على سبيل ان يسمع في العراق فقط بل ان يسمع في ثقافتنا كلها لان ما يجري في العراق والمواقف من العراق هي رهان ثقافتنا العربية اليوم والخلط في امور كهذه لا يعني إلا ان الظلامية باسمائها الشتى قد استولت على ثقافتنا ولن تقوم لنا قائمة بعد اجيال.
أيها الأخوة...
نحن الآن أمام الرهان العراقي وهو اليوم بحق رهان مستقبلنا ومنطقتنا وإذا خسرناه فقد ضيعنا أنفسنا، أنه رهان تحرر يقوم بقوتنا وقدرتنا ويتعامل لدا للد مع العالم، رهان استقلال نستحقه بمقدار ما نعي مصالحنا داخل التجاذب الدولي والإقليمي. رهان ثورة ثانية في العلم والادب والفن رهان تجديد لمعركة التحديث والعلمانية والديمقراطية رهان استخدام عقلاني لمصادر القوة رهان التخلص من الاستثناء الاستبدادي العربي وبأي ثمن كان، رهان التعددية التي بدون ان تتحول نموذجاً عربياً لا نستطيع أن نواجه التمييز الدولي والتمييز الإسرائيلي ضد الحق الفلسطيني. ليكن العراق هذه الرهانات مجتمعة، ولنعلم أن من هنا نبدأ وإذا فضلنا أن نختبئ وراء أصابعنا فإن العالم لن يرحمنا إذ لن نكون شيئاً بدون أن نربح رفعة عصرنا أولاً وأن نتكلم في مستواه.
أخيراً شكراً لـ(المدى) التي جمعتنا
شكر للعراق الكردي الذي استقبلنا
لتحيى الثقافة وليحيى العراق
والسلام


قراءات  .. محمد سعيد الصكار .. صلاح نيازي ..صادق الصائغ .. ياسين طه حافظ يقرأون قصائدهم
 

في قاعة فندق الشيراتون، وضمن فعاليات اليوم الثالث لأسبوع المدى الثقافي أقيمت جلسة شعرية شارك فيها أربعة شعراء عراقيين (محمد سعيد الصكار صلاح نيازي صادق الصائغ ياسين طه حافظ).
قدم للشعراء الروائي على بدر قائلاً: في الحديث عن الشعر يحتار المرء من أين يبتدئ، وأنا لا يعنيني إن كنت أبتدئ من نقطة أو خط.
ثم قرأ الشاعر محمد سعيد الصكار عدداً من قصائده ومنها هذه القصيدة التي عبرت عن إحساس الشاعر تجاه وطنه وكانت بعنوان نافذة للوطن:
صرت بالأمس عصفورةً،
قلت: ياوطني
على أي غصن أحطّ،
وفي أي دار؟
فلمّ عباءته العسجدية ثم أشار
فألفيت عشي على كل دار.

صرت بالأمس سنبلةً،
قلت: يا وطني
ان تجع فالتمس من حنيني مآكل
فلمّ عباءته العسجدية ثم انحنى
وباركني

بعد ذلك قرأ الشاعر صلاح نيازي قصيدة طويلة تحت عنوان (الجندي وبنات نعش) جاء في مقاطع منها:
هكذا من بلد إلى بلد
أفتش بين النجوم عن بنات نعش
وأقول: إذن من هنا العراق
درجت معهن منذ الطفولة
أعرفهن واحدة واحدة
ويعرفنني من بين كل الصبيان
في بعض الأحيان،
يغمزن لي حين أكون وحيداً
يومها دخلت رهبوت السر،
وانتشيت كطائر.. كطائر
هن كالقناديل في صواني العرس
يطفن في السماء
ثم قرأ الشاعر صادق الصائغ قصيدة بعنوان (هنا بغداد) نأخذ منها هذه المقاطع:

إلى مالك المطلبي
هذه المدينة عجيبة
ضربت بالقنابل
سحقت تحت الأقدام
كما تسحق ساعة معطلة
لكنها
كما لو ولدت للتو
سمعت تحت الأنقاض تتك
متحسسة قلبها
وأوصالها المفقودة

مدينة عجيبة
في حالة من الحلم والهذيان
يحفظ أشعارها التاريخ عن ظهر
قلب
بيوتها مهدمة
وميادينها مهجورة
لكن أعلامها الملونة
المستسلمة لملامسات ريح نيسان
المثبتة فوق السطوح والصواري
المخاطة بالخرق البالية
لكن المصممة بأحاسيس فنية بسيطة
لا تتجاوز حدود اللوعة والخسران
تخفق تحت الشمس وتلتمع
ملونة أوجه الفقراء والشوارع
بألوان السماء والملائك.

واختتم الشاعر ياسين طه حافظ القراءات الشعرية بقصيدة (الجنود العرب يصطادون الوعول):
أتوقف من غير ما سبب
وأعلق كالهاربين
على عصن سترتي.

أتذكر، لا صفة للمسدس ثابتة
والحوادث تأخذ من غمزات التواقيع أشكالها
وأرى للسطوح مدثرة بالربيع، لكنها
تتململ، ترصدني
والربايا تحرك بين الصخور خراطيمها!

وأرى الماء يضحك من نفسه
وأرى الأفق مسترخياً خلف تل القمامة
والطائر الأبيض يأتي ويذهب في بله،
يتدرب وسط السماء
وأحس بأني في مأمن،
مثل باقي العظايا،
وديع وأزحف ملتصقاً بالحياة،
فلماذا أخاف؟

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة