تحالف
قاتل يجب هزيمته ..
الافيون والفساد
والطالبان
*كتابة/ آدم هولو واي
ترجمة/ المدى
عن/الديلي تلغراف
*كاتب المقال آدم هو لو واي: كان ضابطاً سابقاً ومراسلاً
مسؤولاً لـ (آي تي ان) وهو الان عضو في البرلمان من
المحافظين عن مدينة جريفشام وعضو في لجنة الدفاع
ستمر
خمس سنوات منذ ان عملنا مع الأمريكان على غزو افغانستان،
وقد حظي هذا الغزو بدعم عالمي تقريباً على عكس غزونا
للعراق. ولم يكن هذا الغزو موضع انتقاد منذ القيام به. ولم
يدع احد ان غزو افغانستان "كان غير شرعي وان قام على ادلة
مزيفة". ولم تقم كما الان مظاهرات ضده.
ولن يتم انتخاب احد الى مجلس مجلس العموم البريطاني على
اساس مطالبته " بخروج القوات من افغانستان فوراً".
ومن دون نقاش فان القاعدة واسامة بن لادن وبقية الارهابيين
قد قاموا بالتخطيط لهجومات 11/ أيلول من افغانستان. وقد
حصلوا على المساعدة والحماية من حكومة طالبان الدينية
المتشددة. وقد لعنت هذه الحكومة عملياً من قبل كل انسان
لاتباعها سياسات معينة مثل اعدام الأطفال بسبب تحليقهم
طائرات ورقية ورفض معالجة النساء طبياً إذا كان الاطباء من
الذكور فقط.
وهزيمة تلك الحكومة اصبح امراً سهلاً نسبياً، لكن هذا
الهجوم قد نجح جزيئاً في تحيق أهدافه. فلم يكن احد قد صمم
على القاء القبض على اسامة بن لادن. ورغم تدمير القاعدة في
افغانستان فان ارهابييها لم يتوقفوا من زرع القنابل في
المدن الغربية (من اوروبا).
لقد حقق الغزو مهمة التخلص من حكومة طالبان بنجاح، لكنه لم
يتخلص من الطالبان أنفسهم الذين يزداد عدد مقاتليهم
وقدرتهم العسكرية.
وقد نجم عن الغزو اجراء انتخابات قادت الى أول حكومة
برئاسة حميد كرازاي. لكنها لم توصل البلاد الى السلام
العريض والاستقرار وحكم القانون أو تأسيس أي شيء كنا نأمل
قيامه مثل الديمقراطية المتحررة.
فما الذي يحدث الان؟ لقد ألزمَ توني بلير بريطانيا بارسال
(5700) فرد من قواتنا الى افغانستان وبكلفة تقدر بـ(مليار)
واحد من الجنيهات للسنوات الثلاث القادمة. ومهمة هذه
القوات" هو ابراز قيمة الاستقرار والامن والمساعدة في
إعادة الاعمار على المدى الطويل ولاحتواء تجارة الافيون
بالعمل سوية مع القوات الافغانية التي تتم المساعدة على
تطويرها".
واهداف الحكومة تعتمد بشكل كبير على مصداقيتها، فانت
لايمكن ان تغزو ثم تتجاهل اهدافك من الغزو. فنسبة 80% من
الهيرويين المنتشر في شوارع بريطانيا هو من اصل افغاني.
والحكومة قد اشركت بوضوح الخارجية وموظفي وزارة التطوير
الدولي مع الجيش وبذلك اوجدت الحكومة ثلاثة سبل لتقييم
الاداء الحكومي والتطوير إضافة الى توفير القوة العسكرية
التي ستجعل من كل ذلك ممكناً. وأصبحت الفرصة لهؤلاء الرجال
والنساء مهيأة لاقتناصها وهم سيقومون بذلك فهم يؤمنون
بالتغييرات التي يمكنهم القيام بها للافغان العاديين.
لقد عدت للتو من محافظة هلمند وهي المحافظة الافغانية
الجنوبية المتوحشة التي تنتج المخدرات والتي ستكون مسرح
العمليات لقواتنا في افغانستان .
لقد خططت ان اسوق السيارة واتوجه بها من كابل لكن تم
اخباري باني "ساكون مجنونأً تماماً ان قمت بالتوجه
بالسيارة جنوباً ذلك ان الطرق السريعة بين المحافظات هي
خطرة تماماً لان الطالبان هناك في كل مكان".
ولذلك ذهبت جواًً برفقة مهندس زراعي اعلمني بان كل الحقول
المزروعة التي سنشاهدها من الطائرة هي مزارع لنبات الخشخاش
الذي ينتج الافيون. ومرة حين كنا على الأرض فقد عرفت حل
معضلة كانت تحيرني. ذلك ان الطالبان كانوا مكروهين لدرجة
كبيرة. وقد اقيمت احتفالات واسعة بمناسبة سقوطهم. لكن رجال
الطالبان يسرحون بحرية في المناطق الريفية اثناء الليل في
هلمند.
وهم يجدون قبولاً من المزارعين المرعوبين. كنت ابحث عن
السبب وقد وجدته. فرجال الطالبان يعرضون قيامهم بحماية
محصول المزارعين الصغار من الافيون من المحاولات التي تجري
لتدميرها. فقد امتثلت الحكومة الافغانية للاصرار الامريكي
البريطاني على وجوب استئصال زراعة الافيون. ولكن تلك
سياسية لاتلقى شعبية في هلمند، ذلك ان المزارع الذي يزرع
الافيون يحصل على عائدات تبلغ عشرة اضعاف عائدات زراعة
محصول آخر. صحيح انه لن يموت جوعاً من دونها ولكنها تجلب
له الكثير. والامر الذي يدفع المزارعين للغضب هو ان العديد
من "منفذي القانون" من رجال الحكومة هم أنفسهم يشتركون
بانتاج وتصدير الافيون. وفي الوقت الذي تدمر فيه مزارع
البقية فان حقولهم تزدهر.
ولقد تمت تنحية محافظ هلمند السابق بعد انكشاف دوره الكبير
في تجارة الافيون ورغم ذاك فقد ظل اخوه بمنصب نائب المحافظ.
واخبرني احد ضباط الشرطة ان 99% من رجال الشرطة في محافظة
هلمند اما منتجو أو مهربو افيون أو يقومون بالعملين معاً.
وان اغلب الافيون يتم شحنه خارج افغانستان بواسطة سيارات
الشرطة. وان الفساد الذي تكاثر بسبب زراعة الخشخاش قد وصل
الى مراتب الحكومة العليا. وتكثر الاشاعات ان كبار
المسؤولين واقاربهم مشتركون في هذه التجارة. واياً كانت
الحقيقة فان الشائعات تجد قبولاً في هلمند. وفي الوقت الذي
يحتقر فيه الكثير من المزارعين الحكومة فانهم يخافون
الطالبان الذين وعدوهم بالمساعدة في مقاتلة رجال الشرطة
إذا حصلوا على حصة من محصول الافيون الذي يمدهم بالدخل.
وعليه وفي هذه الاحوال فمن الصعوبة وضع حدود فاصلة بين
لوردات الحرب وبين مهربي الافيون من الطالبان فمصلحتهم من
عدم الاستقرار واحدة.
وكل هذا يجعل من مهمة الجنود البريطانيين صعبة وعرضة للفشل
وان كانوا يحظون بدعم محلي واسع. وكما قال لي احد الافغان
"إذا قام الاجانب بمنع الحرب فاننا سنرحب بهم. وسنظل نرحب
بهم إذا قاموا بالاعمار. اما إذا لم يتمكنوا من البناء ولم
يستطيعوا خلق السلام فاننا لا نرغب بوجودهم".
وسينجح الجنود البريطانيون إذا هم تمكنوا من ازالة القوى
الباعثة على اللا استقرار. واذا استطاعوا سحق الفساد
المحلي واذا ساعدوا على خلق اقتصاد لا يعتمد على الافيون
بواسطة ايجاد البيئة الامنة المستقرة. وهذه "إذا" كبيرة
وعديدة ولم يكن توني بلير صريحاً ومنفتحاً بصدد هذه "إذا"
الشرطية وقد اخبرني احد ضباط الشرطة ان هناك "مؤامرة من
التفاؤل" يكون دورها طمس المخاطر في هلمند المتمثلة بالكره
الواسع للحكومة. في حين اخبرني افغاني آخر "الناس ليسوا
سعداء بهذه الحكومة ولن يكونوا سعداء معكم".
وسيقدم الطالبان أنفسهم على انهم حماة القرويين من السلب
الذي يقوم به "الغزاة" ويسهمون بارسال رسائل ليلية تحرض
المزارعين على القتال. وتقول هذه الرسائل "ان اجدادكم (يخرمشون)
قبورهم للقيام الى احفاد الجنود البريطانيين الذي قاتلوهم".
ولعلنا نسينا ان الجيش البريطاني تعرض الى مذبحة عام 1884
في هلمند. لكن الافغان بالتأكيد لم ينسوا. ولعل الطالبان
تواقون لتكرار تلك المأثرة.
وسيحاول الطالبان زيادة حدة الصراع عبر تصوير القوات
البريطانية على انها تحاول مناصرة حكم القانون لانه يمثل "حرباً
على الاسلام" وقد نجحوا في جذب المجاهدين الاجانب
لمساعدتهم. ان تسرب التكنولوجيا والأساليب القتالية من
العراق هو امر واضح وكذلك قدوم المتطوعين من باكستان. وقد
قال محلل استخباراتي ان حدث حقاً. فالانفجاران الانتحاريان
اللذان حدثا في الاشكار جاه يؤكدان صحة هذا التحليل
فالتفجيرات الانتحارية هي امر جديد في افغانستان.
وبالطبع فان الانزلاق الى الفوضى والحرب لا مفر منه وكذلك
لا محيد من انتقال ناجح نحو السلام والنظام المدني. ولم
تكن لمحافظة هلمند حكومة مؤثرة لعقود طويلة ومن المحتمل
لعدة قرون. وستعمل قواتنا بجد مع محافظ هلمند الجديد ومع
رئيس الشرطة الذي سيتم تسميته في محاولة لتحقيق الاستقرار
الذي ينشده ابناء المحافظة. والذي سيمثل فرصتهم الوحيدة
المستقبلية.
وستمنح القوات البريطانية الحاكم الجديد"التخويل" لتطهير
الحكومة والتخلص تماماً من المهربين ومنهم الطالبان.
وكل ذلك يمكن ان ينجح إذ بالامكان القيام به.ولكنني لا
اعتقد ان "ماكنة الحكومة للانباء الجيدة" قد قامت بتهيئتنا
ولا تهيئة الجيش لمهمة بهذه الضخامة. مع وجود امكانيات ان
تسير المهمة برمتها بنحو خاطئ غير مرضِ. فان مهمة مثل هذه
قد تحتاج الى أكثر من بضعة آلاف من جنودنا والى أكثر من
ثلاث سنوات ومليار جنيه لغرض انجازها. |