في مستشفى
ابن البيطار للجراحة القلبية:
ردهة فيها
النساء والرجال والأطفال ..و(الكافتريا) تحولت إلى صالة
عناية مركزة!
- جهاز ايكو واحد لكل
60 طفلاً مريضاً
- في الوقت الذي يحتاج
فيه السرير الواحد لممرضتين، فان ردهة التهيئة للعمليات
تحتوي على 22 سريراً وممرضة واحدة فقط.
- يحتاج المستشفى الى دعم
بالملاكات الوسطية وبناء سريع للمنشآت غير الصالحة التي
تستطيع استيعاب الزخم المتصاعد من المرضى.
بغداد/سها الشيخلي
تصوير/ نهاد العزاوي
مستشفى ابن البيطار الخاص
بجراحة القلب كان الى وقت قريب من اكبر المستشفيات في
الشرق الاوسط وقد تم اجراء عمليات نادرة في صالاته التي
عرفت بدقتها وكفاءتها.. الا ان هذا الصرح الطبي المهم تعرض
الى اعمال السرقة والنهب والحرق على ايدي
–
السرّاق
–
بعد سقوط الطاغية. بعد 6
اشهر من تلك السرقة والتخريب تم افتتاح المستشفى المذكور
بعد جهود حثيثة من قبل ملاكاته الطبية والعاملين فيه الآن
بنسبة 60% من طاقته السابقة.
امراض القلب والشد النفسي
يقول الدكتور (ع. أ): كنا نادراً ما نسمع ان الشباب باعمار
30-40
سنة يصابون بامراض القلب الآن تجرى عمليات القلب لشباب في
العشرين.. عن ذلك يحدثنا الدكتور (ع. أ) ويواصل:
- من الملاحظ ان امراض ضغط الدم واعراضه في تزايد، كذلك
الذبحات داهمت فئات كانت محمية وقد يكون السبب الشد النفسي،
وتغير نمط الحياة اهم الاسباب في هذه الزيادة اضافة الى
الحالة التغذوية.. وعن انواع مرض ضغط الدم يشير الدكتورالى
ان ارتفاع ضغط الدم الاولي الذي يصيب أي شخص وباي عمر كان
يُنهك القلب كما ان ارتفاع ضغط الدم الثانوي الناتج عن
تضيق الشريان يؤدي الى عجز الكلية.. ومن اعراض ضغط الدم (الدوار،
و التعب) لاي مجهود بسيط..
الاطفال والقلب
وعن تزايد عدد الاطفال المصابين بامراض القلب يؤكد الدكتور
ان الاسباب عديدة منها اصابة احد الابوين بامراض معدية او
تناول الام بعض العقاقير الطبية اثناء الحمل و امراض
وراثية اخرى وغالباً ما تكون الاعراض فتحات في القلب او
عطل في الصمام او خلل في الشريان التاجي واغلب تلك الامراض
ممكن علاجها جراحياً او حتى الانتظار لحين بلوغ الطفل
المريض السن المعينة لاجراء العملية.. ويواصل:
- ان لدينا استشاريين وجراحين بلغوا شهرة عالمية ولكننا
نعاني نقص المعدات والاجهزة الحديثة الخاصة بجراحة القلب
وسبب هذا النقص هو ان الدولة في السابق لم تعتن بصحة
المواطن ولا يهمها ذلك.. وكان شغلها الشاغل التسليح فقط..
وخلال العقود المنصرمة تم انشاء مراكز ومستشفيات خاصة
بجراحة وامراض القلب عززت بملاكات متمرسة وكفوءة واجريت
عمليات ناجحة رغم افتقارنا للاجهزة الحديثة..
ومع كل ما تقدم يبقى مستشفى ابن البيطار اهم تلك
المستشفيات.
تخريب 100%
يحدثنا المعاون الفني الدكتور موفق بديل حسو عن السرقة
والتخريب والحرق لاجزاء عديدة من هذا المستشفى وبنسبة 100%
بعد 9/4/2003 وكان القرار ان المستشفى غير قابل للاصلاح
ولكن حرص الملاكات العاملة وكفاحها من اجل اعادة العمل به
واعادة بنائه ذلل كل الصعوبات.
ويشير الدكتور حسو الى ان صالة العناية المركزة كانت ارقى
صالة في الشرق الاوسط الا انها أُحرقت بكاملها مما استدعى
تحويل (الكافتريا) الى صالة عناية مركزة كما تم قتل خيرة
الاطباء فيها وخطف البعض الآخر.. وما تبقى هاجر الى خارج
الوطن..
شحة الادوية
والمعدات
يواصل الدكتور حسو حديثه المُحزن فيشير الى ان المستشفى
كان يضم 8 صالات عمليات بكامل عدتها تم حرق (5) صالات منها
وتعمل الآن 3 صالات فقط..!
والمستشفى الآن يعمل بحدود 60% من طاقته السابقة ويستقبل
أي مريض من أي احالة لطبيب اخصائي.. الا ان الزخم الحاصل
الآن اكبر بكثير من الطاقة الاستيعابية ففي السابق كان
لدينا (20) سريراً في ردهة انعاش القلب، الآن (120) سريراً..
نعاني شحة الادوية والتجهيزات. بعض الادوية المنقذة للحياة
مفقودة لدينا.. نعاني نقصاً في الملاكات العاملة (اطباء،
ممرضون، ممرضات، معاون طبيب فني) نتيجة الظروف الامنية
المتعبة.
نحتاج الى دعم الملاكات الوسطية وعملية بناء سريعة للمنشآت
المدمرة لكي نستوعب الزخم اليومي الذي هو 200 مراجع يومياً.
ويواصل الدكتور حسو قائلاً: ان المستشفى يفتقر الى الاجهزة
والمعدات فليس من المعقول ان يعمل جهاز ايكو واحد قديم
وشاشته مشوشة. كما يحتاج المستشفى الى خبرات طبية للاطفال
المرضى من حديثي الولادة والى ملاك متمرس في التداخل
الجراحي وردهات الانعاش.. الملاك العامل حالياً جيد جداً
لكنه لا يسد الحاجة المتزايدة..
الوصول الى
المستشفى
وتجدر الاشارة هنا الى ان مكان المستشفى المذكور غير ملائم
حيث صعوبة الوصول اليه فالطرق المحيطة به اغلبها مغلقة
ويقع على شارع مزدحم بالمارة وشركات النقل وقريب من منطقة
العلاوي المزدحمة وعليه نقترح ايجاد مكان بديل في منطقة
هادئة مفتوحة ذات انسيابية مرورية مريحة لكي يصل المريض
بوقت مناسب للعلاج..
وبعد ان تعرفنا على هموم العمل في المستشفى قمنا بجولة في
اقسامه وردهاته.
صالة العمليات
كانت في السابق 8 صالات عُرفت بدقة العمل وبضمنها صالة
طوارئ وقد اتبعت تلك الصالات سياقات كفوءة في التعقيم
والتطهير بعد التداخل الجراحي بحيث لم تعُد الالتهابات
الجرثومية تسبب اية مضاعفات الا انها أُحرقت وسُرقت ولم
يبق منها سوى 3 صالات عاملة الآن وتقوم هذه الصالات بكل
انواع العمليات منها تبديل الصمام، زرع الشريان، غلق
الفتحات، في القلب اما جراحياً او عن طريق التداخل
القسطاري.. ويعتبر هذا المستشفى ذا خبرة جيدة في امراض
الاطفال القلبية حيث يتم التشخيص في سن مبكرة.. وتجرى فيه
عمليات فتحات القلب للاطفال بنجاح يصل الى اكثر من 90%
ويؤكد الدكتور حسو ان مشكلة الاطفال تكمن في وزن الطفل
وخاصة اذا ما كان وزنه دون العشرة كيلوغرامات حيث يحتاج
الى عناية ورعاية خاصة.
الاطفال وجهاز
الايكو
في ردهة الاطفال هناك مشكلة اسمها (جهاز الايكو) فعلى
الرغم من قدم الجهاز وعدم صلاحيته للعمل وصورته على الشاشة
مشوشة الا انه يستقبل كل يوم من 50
-60
طفلاً.. (طوابير) الاطفال تنتظر دورها في الفحص بهذا
الجهاز (التعبان)..
نتحدث مع امهات الاطفال..
والدة الطفل محمد عدنان البالغ من العمر (3 سنوات) تشير
الى ان محمد يعاني تضخم القلب الولادي وفتحة في القلب وهي
تحضره كل 6 اشهر الى هذا المستشفى لاجراء الفحوصات. واذا
لم يتحسن فسوف تجرى له عملية. ويعاني الطلف ايضاً لين
العظام وكساحاً لذا فهو لايقوى على السير.
الطفل عباس عمره (35 يوماً) تقول والدته نضال شاكر: ان
طفلها يعاني تضخماً في القلب وتنتظر دورها للفحص بجهاز
الايكو.
الطفلة احلام اسماعيل عمرها (4 اشهر) تعاني فتحة في القلب
وكانت مصابة بالزكام.
الطفل احمد محمد عمره (3 سنوات) جاء مع امه من الموصل
يعاني انسداداً في الصمام وفتحة في القلب وتقف امه في
انتظار دوره بفحص الايكو.
الطبيب المشرف على جهاز الايكو (رفض ذكر اسمه) بعد اختطاف
وقتل العديد من زملائه يحدثنا عن عمل جهاز الايكو حيث يقول:
- يعمل الايكو على تحديد وظيفة القلب التشريحية ويؤشر
التشوهات، اختلال العضلة، تضيق الصمامات، التهاب شغاف
القلب، مرض استسقاء القلب أي دخول الماء اليه، الا ان تضيق
ما تحت الصمام الابهر مع فتحة ما بين البطينين وهذا ما
كانت تعانيه الطفلة مريم عبد الله في اثناء فحصها وحديثنا
مع الطبيب كان عمرها (5 سنوات).
يواصل الطبيب شرحه لامراض القلب الولادية فيشير الى ان
هناك توقيتات محددة لاجراء العملية ولكن عدم وجود الاجهزة
الحديثة والتشخيصية تحول دون الاسراع في انقاذ الحياة
للكثيرين! ويؤكد الدكتور ان هذا الجهاز أُخفي عن السراق
والا لكان قد سرق!.. نحتاج الى ناظور والى تدريب الطلاب في
دورات خارج البلد..
ردهة الرازي
تقوم هذه الردهة بتحضير المريض قبل العملية وبعد القسطرة
والتداخل القسطاري (البالون) مع المنظمات القلبية.
تشير رئيسة الممرضات مسؤولة الردهة مها وليد طاهر الى ان
الردهة غير اصولية كونها تضم الرجال والنساء والاطفال معاً..
فيها (22) سريراً مشغولة كلها بالمرضى.. تعاني الردهة عدم
وجود الستائر الى جانب رداءة الاغطية والفرش ونقص في
الملاكات وخاصة الممرضات فمن المفروض ان تتواجد ممرضتان
لكل سرير ولكن الردهة كلها من مسؤولية الممرضة الجامعية
مها.. كما تعاني الردهة من نقص الاطباء المقيمين الدوريين..
اما عن الاخصائيين فموجودون.. الحمام مشترك بين الرجال
والنساء في الردهة، وتعاني الردهة نقصاً في المغذيات..
وتؤكد الممرضة مها ان المرضى في هذه الردهة هم على ثلاث
مراحل مرضى البارحة ومرضى اليوم ومرضى الغد.. وتشهد الردهة
ازدحاماً شديداً فسعتها (22) سريراً في حين جدول اليوم
يشير الى وجود (26) مريضاً.
ادوية من خارج المستشفى
قبل ان ندخل ردهة القسطرة لنستمع الى بعض المرضى وهم يشكون
عدم توفر الصبغة الخاصة بالقسطرة في المستشفى مما يضطرهم
الى شرائها باسعار مرتفعة من خارج المستشفى..
المواطن حازم عبد الرزاق (مرافق مع قريبه المريض) يقول: ان
الصبغة الخاصة بالقسطرة سعتها (400 سي سي) سعرها 160 الف
دينار موجودة في الصيدليات خارج المستشفى ومفقودة داخل
المستشفى..
المواطنة فوزية حسين (مرافقة للمريضة هدية محمد) تقول:
تأجل العلاج لعدم توفر الصبغة الى الشهر السادس فهل يعقل
ذلك!؟ وهل ينتظر المرض توفر الصبغة؟؟
لبسنا انا وزميلي المصور احذية واقية.. ودخلنا ردهة
القسطرة التقينا المريضة اشواق عبد الواحد عمرها 27 سنة
وقد انهت قبل ساعة عملية القسطرة وبصوت واهن تتحدث اشواق
فتقول انها ربة بيت ولديها ابنة واحدة كانت تعاني ارتفاع
الضغط وكانت النتيجة انسداد الشريان وعن عملية القسطرة
تقول: انها قد اشترت الصبغة بسعر 220 الف دينار من احدى
الصيدليات..
كان من الصعب ان ندخل صالة عملية القسطرة ففضلنا ان نتحدث
مع المرضى الذين اجروا عملية القسطرة فقط.
منبع المشاعر
بعد ان انهينا جولتنا في ذلك المستشفى وقبل مغادرتنا
توجهنا بالسؤال التالي الى مجموعة من اطباء جراحة القلب:
* اذا كان القلب مجرد آلة صماء.. فمن المسؤول عن مشاعر
الحب والكره التي يعيشها الانسان؟
ضحك البعض.. وصمت البعض الآخر.. الا ان احد الاطباء تقدم
للاجابة بشرط ان لا اذكر اسمه.. قال موضحاً:
- ما يشعر به العشاق من خفقان في القلب والارتباك مرده
ارتفاع نسبة (الادريالين) في الدم وهذا ما يحدث في حالات
الخوف، الجهد، الانفعالات العصبية ومن ضمنها لحظات الغزل،
الحب في العقل.. وليس في القلب.. وكل مايقال هو كلام شعراء
وكلام عشاق!!
|