اسبوع المدى الثقافي

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

موعدنا العام القادم .. اختتام اسبوع المدى الثقافي الرابع
 

عبد الزهرة زكي

في الطريق بين اربيل والسليمانية، كثيراً ما ارتفعت اكفنا، تحيي او ترد تحايا مواطنين كرد عراقيين، كانوا ينتشرون على طول الطريق في سفرات ربيعية ساحرة او حفلات اعراس مقامة في الهواء الطلق، في الحضن الرحيم للطبيعة الام.
اثناء تنقلي وحدي او مع زملاء آخرين، في سيارات الاجرة داخل العاصمة الاقليمية هه ولير والسليمانية، ادركت ان الناس، باختلاف طبقاتهم يتابعون عبر التلفزيون ما يحدث في قاعات وصالات مدينتهم من نشاط ثقافي وفني. قال لي احد السائقين: "كاكا، نريد الربيع ان يستمر، حتى يستمر معه مهرجان الربيع". وقال لي آخر "لماذا اسبوع المدى؟ نريد شهر المدى". فيما رفضت طبيبة الاسنان الشابة التي زرتها في عيادتها اثر ألم مفاجئ، ان تتسلم اجور الفحص والعلاج قالت "اقبلها.. مشاركة مني في اسبوع المدى".
كانت سيارات الوفد المنطلقة من اربيل باتجاه السليمانية، تضطراحيانا الى التوقف، نزولا عند رغبة اعضاء الوفد، وقد انسحروا بجمال الطبيعة وجلالها، وقبل هذا فتنوا بكرم الكردستانيين ونبل اخلاقهم، حتى بات مألوفا ان يقف هؤلاء المواطنون الطيبون لتحية الوفد الذي يتعرفون عليه من خلال اللوحات المثبتة على العربات، ومن خلال النجوم والمشهورين من اعضائه.
فكرت حينها، مع الاصدقاء بحجم المفارقة!
تخيلت ارتالا كانت تبعث بها السلطات في بغداد، ارتالا من القوات والاسلحة، يضطر معها هؤلاء المواطنون الكردستانيون الطيبون الى الهرب والاحتماء بطبيعتهم الحانية، لكن بغداد اليوم تبعث اليهم برتل آخر مختلف، رتل من شعر وموسيقى وفكر ومسرح وسينما وغناء، رتل يجتمع فيه العراقي الشيعي بالعراقي السني والكردي والمسيحي والصابئي والتركماني، رتل يتحاور فيه بسلام، العراقي مع اللبناني والسوري والمصري والتونسي والجزائري والفرنسي والبلجيكي، رتل من كلمات وموسيقى والوان، لذلك يهرع اليه الكردستانيون، جنودا وفلاحين ومثقفين وسياسيين.
ما اجمل الاطمئنان بين البشر!..
وما اعظم المفارقة!
المفارقة بين أرتال للقتل، وأخرى للثقافة.
قال رئيس الجمهورية لأعضاء الوفد، وهو يستقبلهم ويحتفي بهم في منتجع دوكان قبل وصولهم إلى السليمانية: أريد أن اسمع ملاحظاتكم ونقدكم.
لم يكن الرجل، طوال مسيرته النضالية، بعيداً عن المثقفين. وكان واضحاًَ أنه يدرك قيمة الدور النقدي للثقافة والمثقفين، هذا الدور الذي تتخلى من دونه الثقافة عن واجبها في المجتمع والحياة. لذلك، فإن رئيساً ديمقراطياً لا يحتاج من المثقفين إلى كلام معاد ومجامل، قد يوفره الكثيرون الطامحون إلى منصب أرفع ومرتب أعلى. ما يحتاجه مثل هذا الرئيس من مثل هؤلاء المثقفين، كمثقفين، هو الرأي الحر الصريح والشجاع، الرأي الذي يبني ويسهم في التقدم، بينما المجاملة والتزلف يراكمان الاستقرار والسكون والثبات، ويبقيان الأمور على أحوالها.
كان حوار المثقفين مع رئيس دولتهم، في جانب كبير منه، ينطوي على مثل هذه الصراحة، وقبل هذا كان الدور النقدي الثقافي هو محور نشاط أسبوع المدى الذي كرس جهداً من طاولاته الفكرية وحلقاته الدراسية لإجراء مراجعات في الشأن الثقافي، وفي صلته بالشأن السياسي والاجتماعي، مراجعات في الاجتماع والاقتصاد، ومراجعات أخرى في طبيعة الفنون الإبداعية والفكرية نفسها التي كانت محور نشاط الأسبوع.
برأي بعض من شاركوا في الأسبوع، أن هذه الفعاليات بداية حقيقية لمراجعة ونهوض حقيقيين في مجال الثقافة. وكان الوصول عملياً إلى مثل هذا اليقين هدفاً أساسياً، ليس من أهداف الأسبوع حسب، وإنما من جوهر عمل المدى، كمؤسسة وكصحيفة. وما كان ولن يكون بإمكان المدى وحدها ومجردة لتنهض بهذا الدور. إن تغيير الثقافة هو مهمة المثقفين أنفسهم، ولن تقوى أعظم المؤسسات، حكومية أو غير حكومية، على القيام بعمل مفيد في هذا الصدد، ما لم تعمل في داخل المثقفين وسط الحراك الاجتماعي والسياسي المؤثر والمتأثر بتغيرات الثقافة.
كان أسبوع المدى الثقافي في العراق تجربة أولى، ولم يكن للنتائج العظيمة التي نتوقعها لهذا الأسبوع، إن تصرف انتباهنا عن أخطاء، عن هفوات، عن نسيان، وعن سهوٍ ما، كان يمكن من دونها لتلك النتائج أن تكون أعظم. غير إن هذه هي مشكلات التجارب الأولى ومشكلات المبادرات الأولى.. واعتقد أن تجرب وتبادر أولاً وتخطئ خير من أن تركن إلى السكون الذي هو خطأ جملة وتفصيلاً.
ولعل ما يطمئن في (أخطاء) الأسبوع هو تمركز (معظمها) في بعض الجوانب الإجرائية له، بينما تحررت معظم فعالياته العضوية من مثل تلك الأخطاء. فأخطاء الإدارة تنسى وتمحوها الأيام وتراكم الخبرة والتجارب، لكن من العسير تفادي نتائج الأخطاء العضوية. نستطيع أن نبرر أخطاء الإدارة (وإن لم نكن بصدد التبرير) بطبيعة الظرف القاسي الذي جرى فيه الإعداد في بيت (المدى) في بغداد لنشاطات الأسبوع في أربيل، لكن الأخطاء العضوية لا يمكن تبريرها، ولا ينبغي لها، إن حدثت، أن تبرر.
إن الروح الحميمة التي رافقت نشاطات الأسبوع، وفرت جانباً كبيراً من إمكانات تفادي مثل تلك الأخطاء. لذلك، وكما جاء في البيان الختامي للأسبوع، فإن نجاحاته، هي حاصل جهد الجميع الذين كانوا بمثابة هيئة تحضيرية عامة. كان الكثير الكثير من المشاركين يفكر ويعمل، وكما لو كان هو مسؤولاً مباشراً عن أي جهد تفصيلي في نشاطات الأسبوع. ولعل مفارقة الندوة المسرحية التي أقامها المسرحيون المشاركون حول الأعمال المسرحية المقدمة في الأسبوع، مثال صالح للاستشهاد به في هذا المجال. لقد ختم الأسبوع أعماله وقرئ البيان الختامي، وانفض كل شيء، لكن فسحة تبقت من الوقت بعد هذا الانفضاض، آثر المسرحيون استثمارها فخططوا ونفذوا ندوة، لم يكن لأي من أعضاء الهيئة التحضيرية (الأساسيين) دور فيها. مثل هذا الأمر، ما كان له أن يحدث، ما لم يشعر المسرحيون، أنهم جزء أساس في الأسبوع وفي التخطيط له، ليبادروا ويعملوا حتى في (الوقت الضائع).
أهل السليمانية ومثقفوها، هم أيضاً تجاوزوا الأطر التقليدية، فأعادوا الأسبوع إلى نشاطه، برغم ختامه، حين استقبلوا المشاركين فيه، بجدول خصب من الفعاليات والنشاطات. هكذا وجدنا ِأنفسنا تستعيد حيويتها من جديد في فضاء السليمانية بيوم ربيعي، امتزجت فيه نسائم أزمر العليلة بقطرات مطر أنعشت الروح، وهي تحلق مع الحمام الطائر من باحة مبنى (الأمن) القديم في المدينة، وقد استحال متحفاً يذكّر بالجريمة، وبالبطولة على حد سواء.


في (ازمر) .. عمر فتاح يقيم مأدبة للمدعوين
 

أقام السيد عمر فتاح رئيس وزراء الاقليم ادارة السليمانية مأدبة غداء على شرف المشاركين في أسبوع المدى الثقافي في (أزمر) وسط أجواء من البهجة في مناخ سادته المودة والألفة والاستمتاع الباذخ بجمال الطبيعة حيث جالت أبصار المدعوين على مد النظر في هذه المناظر الخلابة شاكرين للسيد عمر فتاح حسن ضيافته وكرمه وإتاحته الفرصة للضيوف أن يكونوا حيث وجدوا الصحبة الطيبة والود الصادق. وقد حضرت المأدبة السيدة الاولى هيرو خان وعقيلة السيد رئيس الوزراء رئيسة اتحاد نساء كردستان ووزراء الاقليم وعدد من وزراء الاقليم وممثلوا المنظمات الجماهيرية.


عشرة أيام في كردستان ولم يروا منها غير روحها الكريمة! .. هؤلاء... أصدروا (المدى الثقافي)
 

كتابة وتصوبر مدير التحرير

هذا هو العدد الاخير من ملحق (المدى الثقافي) الذي تابع عبر عشرة ايام جميع تفاصيل أسبوع المدى الثقافي ونشاطاته وفعالياته.
سهر على الملحق فريق عظيم بحبه ومهنيته وانتمائه لـ (بيت المدى)، فريق لم ير من كردستان، طيلة ايامه العشرة، سوى روحها الكريمة، وهو منحشر في غرفة في فندق هاورمان في أربيل، وأخرى في فندق اشتي في السليمانية، يحرر ويصف ويصمم ويصحح ويصور، ليفاجأ بيومه العاشر بالعودة الى بيته الام (المدى) في بغداد من دون ان يرى صديقا او سوقا او مصيفاً.
انهم زملاؤنا الذين نفتخر بهم: قاسم محمد عباس بادارته وحرصه وغضبه لاي تأخير او سهو. وعلاء المفرجي بهدوئه وصمته وجديته في العمل، وماجد الماجدي باتزانه وانصرافه الخالص الى التصميم وحسن وحسين حيدر التوأمان وصبرهما على عجالة خطوط المحررين والمندوبين، وطارق فاروق الذي التحق اخيراً ببيتنا (المدى) وحثه المستمر للكتاب لانجاز متابعاتهم، وخليل الاسدي الشاعر الذي كفاه زهده في الصحافة باختيار التصحيح فكان احد افضل مصححي العراق.. وجلال حسن ومفيد الصافي وعلي المالكي المندوبان الدؤوبان.. ومحمد درويش وآمنة عبد العزيز، والمصور النشيط نهاد العزاوي الطاقة التي لا تنضب للعمل.
وبين هؤلاء وقف الاخ الاكبر رياض قاسم بخبرته الثرة، وبكرم اخلاقه ونبل تواضعه.
اذكر الصديق الشاعر صادق الصائغ ورشاقة تداخلاته في تصاميم واعداد مطبوعات وملصقات الاسبوع.
لايمكن ان انسى زملاءنا في بغداد وصبرهم وحرصهم على اخراج الملحق وتأخرهم في العودة الى البيت في الظروف السيئة التي نعرف.
ينبغي ان اشير بالعرفان الى زملاء اخرين اسهموا بجدية في الكتابة والمتابعة، مثل سعد محمد رحيم ومحمد الحمراني وكاظم الواسطي ومحمد الغزي وماجد طوفان.
لكل هؤلاء اقف احتراما واقول: شكراً لقد كنتم النصف غير المرئي من الاسبوع.
 

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة