الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 

 

بمناسبة فصل الربيع: إذا كنت مصاباً بالحساسية.. فماذا تعمل؟
                                                                                                                 مها محسن
مع حلول موعد فصل الربيع تمتلئ الحدائق بالزهور والرياحين وينتشر عبق رحيقها في كل مكان ويكثر طلع النخيل ومعه يتهيأ المتمرسون في هذا المجال لتلقيح النخيل إلا إنه مع كل هذه المباهج يزداد عدد العراقيين المصابين بالحساسية، فترى العيون قد احمرت وترى الأنوف والسوائل تسيل منها، ويسعل الكثيرون والبعض يصاب باحتباس في الصدر وصعوبة التنفس ويحار المرء ماذا يفعل لعلاج هذه الحالات المؤقتة التي تظهر مع فصل الربيع وتختفي معه.
كانت البروفيسورة شيريل قد انتقلت إلى منطقة المسيسبي المليئة بأنواع عديدة من الأشجار بداية التسعينيات وعندها بدأت هذه الاختصاصية في مجال الصيدلة تعاني العديد من أعراض الحساسية فالعطاس المستمر والسعال واحتقان العين كانت جميعها أعراضاً مرتبطة بالحساسية، وللتخلص منها كان على البروفيسورة أن تتناول مجموعة من المهدئات المعروفة للجميع إلا أن هذه العقاقير تتسبب الخمول فاختارت طريقاً آخر فقد قررت إجراء اختبار الحساسية للتخلص منها إذا كانت فعلاً مصابة بالحساسية. وكان الاختبار يتضمن عملية فحص باستخدام وخز الإبر لجلد المريض وهو الاختبار المفضل لمرضى الحساسية لعشرات السنين وعندها اكتشفت البروفيسورة أنها حساسة لعدة أنواع من الأشجار، وقد اقترح الطبيب المعالج زرقها أسبوعياً بإبر تحتوي على مستخلصات من النباتات المعينة لتعزيز مناعتها. وخلال ثلاث سنوات كانت البروفيسورة تذهب أسبوعياً لكي تزرق بالإبرة إلا أن ذلك لم ينفع معها ولم تخف الحساسية حتى عند ذهابها إلى مناطق أخرى يقل فيها تركيز هذه النباتات عندها أصيبت البروفيسورة بالإحباط. إلا أن الحياة والحظ تدخلا فالبروفيسورة شيريل الاختصاصية في الصيدلة والأبحاث الطبية صادفت إحدى الشركات الطبية التي طلبت منها إجراء فحص الحساسية من خلال فحص الدم ولم تكن شيريل تعلم أن هنالك فحصاً للدم خاصاً بالحساسية وبعد إجراء بحوث لعدة أشهر اقتنعت بضرورة قيامها بإجراء الفحص على نفسها وكانت المفاجـأة إذ أظهر الفحص عدم وجود أي حساسية لديها ولم تصدق ذلك فقررت إعادة الفحص في مختبر آخر وكانت النتيجة نفسها حيث لم يتم العثور على أية أجسام مضادة للحساسية في دمها وقرر الأطباء أن ما يصيبها ليس الحساسية، وتتذكر شيريل هذه اللحظات متسائلة “لا أدري ما الذي يحصل في داخل جسمي”. المشكلة هي أن الكثير من الأشخاص يعانون العطاس والسعال لأسباب كثيرة في حين أن الكثير يعتقدون أن وراء ذلك سبباً واحداً وهو الحساسية وفي الواقع أن بعض الأدوية والمواد الكيمياوية بل حتى بعض الظروف الصحية قد تسبب هذه الأعراض ويقول الخبراء أن الالتباس قد يحدث نتيجة لسوء التشخيص أو التشخيص الذاتي ويقول أحد الاختصاصيين أن العديد من الأشخاص يقوم بتشخيص مرضه ذاتياً ويقوم هو بعلاج نفسه، وفي الواقع يجهل الأطباء حجم هذه المشكلة حتى الآن، فهؤلاء يدخلون إلى الصيدلية ويختارون الأدوية المهدئة للحساسية أو أن يكون الأمر مشابهاً للبروفيسورة شيريل.
لا يشك الأطباء في أن العديد من الناس مصابون بالحساسية فالخبراء يعتقدون أن (20-25)% من سكان العالم مؤهلون جيداً لكي يصابوا بحساسية الجهاز التنفسي وحساسية الجلد ومن ضمنهم 35 مليون مواطن أمريكي مصابين بتهيج الحساسية الموسمية وهذا التهيج هو تضخم الغشاء المخاطي الداخلي للأنف. ويعالج الأطباء المصابين بالحساسية منذ أكثر من قرن إلا أن السبب الحقيقي للمرض لا يزال غامضاً على الرغم من أن أعداد الماصبين به في ازدياد.
إلا أن المفتاح الحقيقي للموضوع يكمن في تاريخ العائلة. وتشير الدراسات بأنه إذا كان الأب مصاباً بالحساسية فإن احتمالية إصابة الابن بها هي 48% أما إذا كان كلا الوالدين مصاباً بالحساسية فإن احتمالية إصابة ابنهم بالحساسية هي 70% إلا إنه حتى الحساسية الناتجة عن مورث جيني فإنها تحتاج إلى عملية تحفيز في المحيط وهي أمور تترواح بين التلوث المفرط والنظافة المفرطة. إلا أن نظرية جديدة بدأت تفرض نفسها وهي تدعى بالنظرية الهجينة والتي تتحدث عن احتمالية قيام أجسامنا بتوليد أجسام مضادة ضد هذه العوامل البدائية مثل رائحة الحشائش أو الغبار لأنه لا يجد أعداء يوجه أجسامه المضادة لهم نتيجة لتطور العلم واكتشاف العقاقير وقد بينت الإحصاءات أن أبناء الريف الذين يعيشون بالقرب من الأعلاف والبكتريا التي تعيش في مخازن المحاصيل الزراعية وغبار المنازل عادة ما يعانون الحساسية بشكل أقل من أبناء المدن ويعتقد أحد الاختصاصيين أن الأجسام المضادة التي تنتج في جسم الانسان كانت أصلاً مخصصة للدفاع عن الجسم ضد المكروبات فقبل ألف سنة لم يكن الناس يعلمون أن هنالك حاجة لغسل أيديهم قبل تناول الطعام وطهي الطعام واليوم فإن الأجسام المضادة لا تزال موجودة تبحث عن فريستها التي توجد في الأفق والعين والرئتين والقناة الهضمية وعندما نتحسس بالمشكلة فإنها تفرز العديد من المواد الكيمياوية التي تحاول دفع الدخلاء بعيداً عن الجسم وهذا ما يؤدي إلى ظهور أعراض الحساسية المألوفة. إن سبب إطلاق هذه العوامل يعزى إلى وجود أنواع معينة من البروتينات في جسم الانسان ويكون إطلاق الخلايا المضادة للمواد الكيمياوية كرد فعل على وجودها لذا فإن الإنسان لا يمكن أن يكون حساساً لدخان السكائر أو العطور والواقع أنه يوجد بعض التداخل في هذا المجال فالانسان قد يكون حساساً للفلفل ولكن هذه تختلف عن الحساسية الناتجة عن الغبار والوقع أن هنالك قصوراً في فهم الآلية التي يعمل بها الجسم كرد فعل على العديد من المحفزات. لقد اتضح أن المسبب في حساسية البروفيسورة شيريل هو الكلور المستخدم لتعقيم حمامات السباحة التي ترتادها بانتظام ثلاث مرات في الأسبوع ونظراً لأن طبيبها لم يسألها عن عاداتها اليومية فإنه لم يعرف بوجود الكلور وتأثيره على البروفيسورة التي اكتفت بعلاج بسيط لمعالجة موضوع حساسيتها لقد أحست البروفيسورة بالارتياح والغضب في آن واحد فقد قضت عشر سنوات من عمرها وهي تنتقل من طبيب إلى آخر وأنفقت كميات ضخمة من الأموال لشراء العقاقير التي لم تساعدها على الإطلاق وهي تتساءل ما عدد الحالات المشابهة في العالم؟

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة