الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 

 

الشاي المشروب الشعبي المحبب إلى النفوس
                                                                                     محمود كريم

عندما تراجع موظفاً ولا تجده في مكانه، فأول ما يتبادر إلى ذهنك أنه في كافتريا الدائرة يتناول الشاي، ومن أراد السفر مسافة طويلة، اتجه لأقرب مقهى أو بائع شاي ليشرب الشاي قبل ركوبه الحافلة، والذي يدخل مطعماً يختم وجوده فيه بتناول الشاي، وعند حضور مجلس فاتحة في الريف يكون تقديم الشاي واجباً، وعندما تريد لقاء صديق في مقهى لتشرب معه الشاي، وعندما تلعب (الدومينو) أو (الطاولي) في المقهى مع الأصدقاء، يكون لأقداح الشاي حضور بين آونة وأخرى للاعبين، والمتفرجين، وعندما تنتهي محاضرة في الدراسات الجامعية، تجد الأستاذ يشرب الشاي في الإدارة، في حين يتزاحم الطلاب في نادي الكلية للحصول على أقداح الشاي، قبل بدء محاضرة أخرى، وأقداح الشاي لينشط الذهن، ويريح الأعصاب، ويساعد على السهر والمطاولة، وفي رمضان يكون للشاي حضور فاعل في جلسات السمر، وفي كثير من جلسات الشاي يتجمع أفراد العائلة، ويناقشون شؤون حياتها بهدوء وصفاء ومودة.
وبرغم كثرة المقاهي، وكلها تقدم الشاي، انتشر الباعة على الأرصفة وفي الأسواق ومرائب الحافلات بمحال صغيرة، وكثر الباعة المتجولون في الأماكن المزدحمة بالناس، مثل الساحات والأسواق الكبيرة.
وأول من شرب الشاي في العراق هو الوالي العثماني مدحت باشا عام 1870، حيث جلبه له ناصر الدين شاه إيران هدية، عندما نزل في بغداد قادماً لزيارة العتبات المقدسة، وسرعان ما انتشر استعمال الشاي بين الناس، وتزايد الاهتمام به، وكثر تناوله حتى أصبح عرفاً، ظهرت له عادات وتقاليد ومعتقدات، فمن عادة العراقيين أن يشربوا الشاي بعد أي وجبة طعام مهما كانت بسيطة، ويحلو للمدخنين أن يتناولوا الشاي مع سحب دخان سكائرهم، ومن تقاليد أهل الريف، عدم وضع الملعقة (الخاشوكة) في قدح الشاي، ووضعها في صحنه عند التقديم لأن وضعها في القدح، يثير تفسيرات ربما تشعل صراعاً من الصعب تهدئته، ومن المعتقدات التي ظهرت مع سطوة الشاي، إن ظهور فقاعات (وغف) عند تحريك الشاي لذوبان السكر، دليل على رزق قادم ذلك اليوم، وإذا كانت هنالك ملعقتان في قدح وأحد عند التقديم، تنبأ بأن شاربه سيتزوج مرتين.
والشاي هو نبات بساق طويلة، وزهرة بيضاء، لها أوراق صغيرة تقطف ثلاث مرات في السنة، في الربيع والصيف وأوائل الخريف، بعد السنة الثالثة من عمر الشجرة وقد اكتشفه الصينيون في الألف الثالث قبل الميلاد، والشاي على أنواع، والأسود منه هو الذي يستعمل في العراق مستورداً من مناشئ زراعته، مثل الصين والهند، وسيلان، لأن مناخ العراق لا يلائم زراعته، ويصنع الشاي (_يخدر)، أما على الفحم، وأما على الخشب، أو على نار هادئة، وأطيب طعم له عندما يكون على الفحم، ويشرب بأقداح صغيرة تسمى (استكان)ويصنع في إبريق يسمى (قوري)، أما لوحده، أو يضاف له الهيل، وهناك من يحب إضافة الحليب إليه عند وضعه في القدح فيسميه (شاي حليب) وهو صحياً أكثر من الشاي لوحده، أما الشاي بالنعناع، والشاي المتبل فغير مرغوب بهما في العراق.
ومن فوائده عند تناوله بكميات معتدلة، وغير مركزة فإنه يساعد على تنشيط القلب، وتهدئة الأعصاب، وتقوية التركيز الفكري، لاحتوائه على مادة الكافائين المنبهة، كما يساعد على إيقاف الإسهال، ومنع الجفاف، وتعويض السوائل المفقودة، ومقاومة البرد شتاءاً، وتقليل العطش صيفاً، والتنبه من الإغماء، كما يستعمل غرغرة في حالة التهاب اللوزتين، ويساعد على مضغ الطعام وهضمه إذا تم تناوله بعد نصف ساعة، أو تزيد قليلاً، كما يمكن استخدام كمادات منقوعة بالشاي لمعالجة إصابة العيون، أما أوراقه (الشاي اليابس) فتستخدم في تنظيف السجاد وصبغ بعض الأنسجة القطنية.
أما مضاره، فتظهر في تناوله بكميات كبيرة، ومركزة، فيسبب الإمساك وعسر الهضم لوجود التاينن في محلوله، ويؤدي إلى زيادة خفقان القلب، ويكون له تأثير سلبي على المصابين بارتفاع ضغط الدم، أو أمراض القلب، والاستمرار بتناوله يؤدي للإدمان عليه، خصوصاً لدى الأطفال، حيث يؤدي إلى إضعاف أعصابهم لوجود مادة الكافائين فيه، وإن تناوله قبل النوم يسبب الأرق، كما إن الإكثار منه يؤدي إلى تغير لون الأسنان الناصعة البياض.
إن البديل الصحي هو (شاي كوجرات) الذي اشتهرت بزراعته محافظة القادسية قبل أكثر من ثمانين سنة، فهو مانع للعطش، يقوي ضربات القلب، ويهدئ الأعصاب، ويساعد على خفض ضغط الدم المرتفع، وله أهمية في تصلب الشرايين، وأمراض المعدة والأمعاء، ويسهل عملية الهضم، ومدرر جيد، كما يوصف في معالجة اختلال وظيفة الكبد والصفراء.

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة