الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 

 

من حكايات الشعوب 1) الأرنب وأذناه الطويلتان حكاية بيلاروسية

ترجمة/ أ. د. جليل كمال الدين

عندما ظهرت الوحوش في بعض الغابات لم يكن يتزعمها ملك الحيوانات الأسد، لأنه ببساطة لم يكن موجوداً في غابات المناطق الباردة. بل كان يتزعمها حيوان كبير هو الأيل، أيل الغابة، وكان ضخماً، مسموع الكلام لا يخلو من الفطنة والذكاء.

وذات مرة سمع أحد الأرانب المتطلعين الأيل الكبير يتحدث مع أنثاه. فتوقف على طريقة الفضوليين، وحشر نفسه: حسناً لأستمع عم يتحدثان؟

تسلل إلى مكان قريب منهما، وتخفى وراء بعض الشجيرات، وأصغى، يلتقط كل كلمة.. قال كبير الأيل:

-لدي قرون كبيرة طويلة، ينبغي أن أوزعها على الحيوانات، ولكن الحيوانات كثيرة، والقرون مهما كانت ضخمة، تظل قليلة بالنسبة إلى عدد الحيوانات، فلمن أعطيها؟

كان كبير الأيل يستشير أنثاه في ذلك وكان ذلك بالنسبة له مشكلة حقيقية.

ظل الأرنب مصغياً، وهو يفكر حبذا لو حصلت على قرنين، فهل أنا أسوأ من غيري؟

سأل كبير الأيل أنثاه:

-كيف أوزع قروني؟ لمن أعطيها؟

أراد الأرنب أن يتكلم، وإذا الزوجة تجيب:

-أعط قروناً للغزال، فهو من أقاربنا ولا يجوز أن تحرمه وسيلة للدفاع عن نفسه.

قال كبير الأيل:

-حسناً، إن الغزال يستحق فعلا، ذلك ولكن هذين القرنين الكبيرتين لمن أعطيهما؟

كادت (الأيلة) تفتح فاها لتجيب عن سؤال كبير الأيل، ولكن الأرنب الفضولي لم يصبر، فأطلع رأسه من وراء الشجيرات وصاح:

-إن القرون لي، أنا الأرنب، فلتتكرم علي بها، يا كبير الأيل، يا زعمينا!

فقال كبير الأيل:

-أهذا أنت، أيها الأرنب، ما لك بالقرنين، ماذا تفعل بهما؟

رد الأرنب:

-القرنان لازمان لي جداً، في حياتي. سأجعل كل أعدائي في خوف دائم وسيخشاني الجميع ويهابونني.

فقال كبير الأيل:

-حسناً خذهما!

فرح الأرنب وسر سروراً كبيراً، عبر عنه بالقفز والرقص والتبختر...

ولكن فجأة سقطت على رأسه مباشرة، من شجرة البلوط، ثمرة بلوط كبيرة.

انتفض الأرنب مذعوراً، وأسرع بالهروب والتخفي، على عادة الأرانب.

لكن ذلك لم يكن سهلاً. فقد اشتبك قرناه بالأحراش وعلق بها بشدة، ولم يستطع الفكاك، فجعل يولول مرعوباً...

أما كبير الأيل، وأنثاه الأيلة، فانهدا يقهقهان، ويشرقان بالضحك مما حصل للأرنب!

وقال كبير الأيل أخيراً:

 

 

-لا يا صاحبي! أنت كما أرى جبان لا تصلح للقتال. والجبان لا تعينه حتى أطول القرون وأضخمها. فلتأخذ

 

أذنين طويلتين، وليعرف الجميع أنك تحب استراق السمع...

***

....وهكذا ظل الأرنب بدون قرنين، ونشأت لديه أذنان طويلتان.. طويلتان...


حكاية جنوبية حنان أم

محمود كريم الموسوي

توفي زوجها وترك لها طفلاً صغيراً عمره بضعة أشهر، وكان زوجها حطاباً فقير الحال لم يترك لها ما يعينها على عيشها وتربية طفلها، فأخذت تعمل بغزل الصوف في بيتها، ولما لم يدر عليها مورداً كافياً، أخذت تعمل إلى ساعات متأخرة من الليل تصل أحياناً إلى الفجر، وكانت حريصة على راحة طفلها، وعدم بكائه فتضعه في حضنها ليرضع من صدرها وهي تغزل الصوف وكبر (ابن السالفة) وأصبح متعلقاً بأمه أشد التعلق، ولشدة حرصها عليه وحبها له لم تسمح له أن يلعب في الطريق مع أولاد الجيران، ولا تسمح له بأن يعمل أي عمل مهما كان بسيطاً، وكانت تطلب له الأدعية والتعاويذ ليحفظه الله من كل مكروه، وكبر (ابن السالفة) وأصبح شاباً، فبدأت تلح عليه بان تجد له بنت الحلال التي يتزوجها، وهو يرفض بشدة لئلا تأتي من تعكر صفو حياتهما، وتؤذي والدته بأي فعل كان، ولكن الأم تعاود وتلح عليه كي ترى أولاده قبل وفاتها، وتشاهده سعيداً هانئاً مع زوجته، والابن يرفض إلى أن أقنعته بأن بنت الجيران فتاة طيبة وجميلة، ويمكن خطبتها له فيكون معها سعيداً ويسعد أمه، وعندما وافق على مضض خطبتها له وشاء النصيب أن يتزوجها، وبعد فترة طلبت منه الزوجة أن يعمل بأي عمل ليجلب لها ما تحتاجه، وأن لا تكون عالة على أمه، وقد احتار بأي عمل يعمل وهو لا يعرف أي عمل لعدم اشتغاله، سابقاً، فأشارت عليه والدته بعد إلحاح الزوجة أن يعمل بمهنة والده فعمل حطاباً، ولكن مورد عمله لم يسد حاجات

زوجته، وبمرور الأيام أصبح للزوجة عشيقاً ففكرت بالتخلص من الأم ليخلو لها الجو، فاتفقت مع عشيقها على خطة، فوضعت الكركم على وجهها ليظهر أصفر اللون، ووضعت خبزاً يابساً في فراشها ليتكسر عند الحركة ويظهر صوتاً على أن أضلاعها تحدث صوتاً لشدة مرضها، ومرت أياماً وهي على هذه الحال والزوج يعتصر ألماً، فقرر أن يذهب إلى أي مكان ليبحث عن حكيم فيجلبه ليداويها ويشفيها من علتها و(المشافي رب العالمين)، ولما عرفت الزوجة بمقصده وصفت له حكيماً قريباً هو عشيقها وقالت له: أجلبه وسيكون الشفاء على يديه، ولما فعل ذلك وجلب الشخص المعني وشاهدها قال له: (إن دواءها صعب لا يمكن الحصول عليه)، ولما ألح عليه قال له هامساً: (إن شفاءها يتطلب أكل قطع من قلب والدتك)، فجفل وامتعض، وكلما سألته أمه عن قول الحكيم يتهرب من الإجابة والزوجة تلح بطلب الدواء على أساس إنها لا تعرف نوع الدواء، ويقول المثل: (كثر اللحاح يطك اللحيم)، وبعد أن اقنعته إنها شابة ويجب أن تعيش عمرها الذي كتبه لها الله سبحانه وتعالى، وإنها ستموت بالمرض ناقصة عمر، أخذ والدته لزيارة أقارب والده للتعرف عليهم وهم في مكان بعيد، وفي مكان خال من الطريق طلب من والدته أن تريح نفسها وتنام لتأخذ قسطاً من الراحة لطول الطريق، وعند نومها، قام بذبحها وأخذ قلبها، وفي عودته وهو مرتبك خائف عثر بحجر فأراد أن يسقط على الأرض، فقال له قلب أمه: (اصمله) أي (يحرسك اسم الله)، فندم على فعلته حيث لا يفيد الندم، وجلس يبكي وينتحب، فشاهده أحد المارة فسأله فحكى له الحكاية، فقال له أن لزوجتك عشيقاً وقد فعلت هذه الحيلة للتخلص من والدتك، فلم يصدق لكثرة ما أظهرته له من حب وود فسأله: (هل معك مفتاح باب البيت؟) فأجابه بالإيجاب، فقال له: (اذهب وافتح الباب خلسة ولا تحدث صوتاً وانظر ما سيكون). وعندما فعل ذلك شاهد زوجته بأحلى زينتها والحكيم الذي جاء به معها في الغرفة، وعندما شاهده هرب فقال لها: (من أجل هذا جعلتيني اقتل أمي)، فهوى عليها بالسكين الذي يحمله وهو يقول: (لاقتلنك بنفس السكين التي قتلت بها أمي) فقتلها ثم قتل نفسه.

 

 

 

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة