إشارة
قبل أيام وأثناء ذهابي المستمر إلى وزارة العدل لتغطية
الأنشطة التابعة لمؤسساتها استوقفني مشهد في التقاطع القريب
من الوزارة، إذ تصادمت سيارتان من نوع (كيا) وبرغم أن
الأضرار التي لحقت بالسيارتين كانت طفيفة للغاية، إلا أن
السائقين اندفعا إلى بعضهما مثل ثورين هائجين أبدآا بالصراخ
والشتائم وراح كل واحد منهما يكيل للآخر مالا يمكن ذكره من
التهم والكلام البذيء حتى كاد يصل صراع الكلمات الصارخة إلى
عراك بالأيدي.
هنا توقفت سيارة لرجال الشرطة.. وترجل منها شرطيان بملابسهما
الأنيقة وراحا يستفهمان الأمر من السائقين. وبين (أخذ وعطاء)
استطاع الشرطيان فض النزاع، ولم يتركا السائقين حتى قبل
أحدهما الآخر، ثم ذهبا لكنهما لم ينسيا أن يقبلا الشرطيين
اللذين تدخلا لفك نزاعهما الذي كاد يتطور باتجاه لا تحمد
عقباه.
هذه الحادثة ربما هي من بديهيات الخلق التي يجب أن يتوفر
عليه رجال الشرطة. ولكننا في هذه المرحلة قد نندهش ويصيبنا
العجب أن يكون رجال الشرطة على هذه الطبيعة الشفافة في
التعامل مع ما يعتري المواطنين من إشكالات ربما لا تستدعي
إجراءات قانونية وغير ذلك، وسبب دهشتنا وذكرنا لتصرف
الشرطيين في تلك الحادثة، هو ما حملته الذاكرة، ذاكرة
العراقيين من صور مستهجنة وربما وحشية عن عمل رجال الشرطة
أبان الحكم المباد، وكيف كانوا يصنعون من (الحبة قبة) كما
يقول المثل، فبدلاً من تقليل شأن المشكل الذي يعترض
المواطنين والمحاولة في إيجاد حل يتلافون من خلاله توسيع
نطاق النزاع يقومون بإحالته إلى إجراءات روتينية قذرة من اجل
الاستفادة مادياً من طرفي النزاع بعد أن يعدوا كل طرف بأنهم
سيظهرون له الحق، حتى يتوسع الأمر ويتحول إلى حال من الحقد
والانتقام هذه ربما عينة بسيطة لتصرفات رجال الشرطة
اللاأخلاقية أبان حكم النظام السابق وهو ما يختلف مع الحالة
التي استوقفتني في تصرفات رجال الشرطة الحالية والتي أتمنى
أن تكون دائمة بشفافيتها وأن تكون شعاراً لمبدأ الحرية الذي
يسعى له العراق الجديد فشكراً لرجال الشرطة على خلقهم الرفيع
وإلى الأمام من أجل عراق حر ديمقراطي ينعم بالأمن والسلام.
المحرر
|