الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 

عن جرائم (أبو غريب) وصراع القيم واستملاك الآخر!

قاسم محمد عباس

وأنت تتصفح غرف الدردشة في شبكة الانترنيت، وتحديدا الغرف الأمريكية، تستمع أو تقرأ حوارا بين جندي أمريكي وبين زوجته أو صديقته ربما ستعثر على جزء مما يدور في العقل الأمريكي السائد، أو ربما ستصادفك مجموعة من الصور يرسلها جندي أمريكي لصديقته أو زوجته، وبالتأكيد هذه الصور لن تصل إلى الصحافة، فصادف أنني قد عثرت على مجموعة من هذه الصور تشير إلى حفلات المجون التي يقيمها الأمريكان في قصور صدام حسين، ومهما كانت هذه الصور غريبة ومدهشة إلا أنك وستدهش أكثر عندما تستمع لتعليق إحدى الزوجات على الصورة التي بعثها إليها زوجها: (نعم لا شك أنك تحتاج إلى الجنس وأنت بعيد عني أرجو أن تكون قد استمتعت في تلك الليلة ).. كلمات هذه الزوجة التي صادفتني قبل الكشف عن جرائم (أبو غريب) بأشهر صعقتني ورحت أفكر جدية في نظام القيم الذي تقوم عليه الحياة الأمريكية المعاصرة.

الآن وبعد بدء محاكمات الجنود الأمريكيين المتورطين في جرائم سجن (أبو غريب) من أمثال الجندي الآنف الذكر غدت أحداث  معتقل (أبو غريب) رمزًا لما يجري في العراق، وتعبيرا جلياً عن القيم الأمريكية التي يدافع عنها البيت الأبيض بقوة هذه الأيام.

فالفضائع التي حدثت تُذكّرنا بسؤال مهم: هل نحن إزاء وقائع استثنائية متفرقة وحالات فردية شاذة، أم أننا في مواجهة منظومة قيم، وجهاز من المفاهيم، وثوابت أمريكية لها مقدماتها ومعالمها  ونتائجها المفجعة؟

Text Box: ح    حسن               العدد 121        عن جرائم أبو غريب                       ص10

 

فالأسئلة الملحة تتركز في مصدر هذه  الممارسات الرهيبة ويشارك فيها من يشارك من أبناء الغرب على وجه التخصيص بقيمهم الأخلاقية، وهذا ما راح يدافع عنه كل من جورج بوش وبقية القادة الأمريكيين الذين جاهدوا لتكريس فكرة أن الذي حدث لا يمثل القيم الأمريكية، والأمر في واقع الحال تجاوز للسياق التاريخي الذي يقدم لنا نماذج ارتبطت بأذهان ضحايا القيم الأمريكية، فالحرب حرب أفكار ولا شك.

 

لقد جاهد العقل الأمريكي ولزمن طويل لربط هذه القيم  بأسماء ومنجزات إيجابية للعقل الأمريكي من مثل مشاهد الصعود إلى القمر والمريخ، أو ربطه بالثورة الفكرية والمنجزات العلمية أكثر من ربطه بالهبوط إلى حيوانية الاعتداء الجنسي على الأطفال، وارتبط بجوائز نوبل للسلام ومختلف العلوم، أكثر من ربطه بهيروشيما وناغازاكي ومعتقل (أبو غريب)، ربطه بالتسامح الاجتماعي والفكري أكثر من ربطه بنشر أخر إحصائية عن مواقع الجنس المحرم التي بلغت 75 % في مقابل 25 % من مواقع الجنس الطبيعي في أميركا.

فقيم الانهيار الأخلاقي ـ التي كشفت عنها الإحصائية أشارت إلى  أن ظاهرة انتشار الجنس المحرم انتقل إلى شبكة الانترنيت بوصفه جنسا طبيعياً حتى وصل نسبة هذه المواقع إلى 75 % من أصل كل المواقع الأمريكية الجنسية ـ ربما ارتبطت عند الكثيرين بالصور المعروفة المليئة بالحيوية والمتعة ترويجا للاستمتاع بمشروب الكوكاكولا وطعم  ماكدونالدز. وليس بصور تفجّر الدمع في العيون أمام إراقة الدماء البريئة في الشوارع السكنية بالقنابل العنقودية أو العبث بالكرامة الإنسانية داخل السجون والمعتقلات ووضع المعذّبين فوق بعضهم بعضًا أكوامًا من اللحم الحي.

لكن كيف يمكن فصل عناوين غوانتانامو و(أبو غريب) عن بقية العناوين الحضارية الغربية، أم أن ظهورها الآن أصبح  ـ كما كان حريق روما قبل انهيار إمبراطوريتها ـ  (حقبة حتمية ) على طريق طويلة بدأت بمجازر كريستوف كولومبوس بدعوى الاكتشافات الجغرافية، فأطلقت العنان لإبادة الهنود الحمر تحت عنوان نشر حضارة الإنسان الأبيض، ثم عبر محطات عديدة إلى أن وصلت إلى المنعطفات الراهنة في فلسطين وأفغانستان والعراق، تحت شعار ( مكافحة الإرهاب )  وإشاعة (الديمقراطية ).

 

أصبح واضحًا في هذه الأثناء أن القضية ليست قضية معتقل (أبو غريب) فقط، وليست حالات فردية  (استثنائية شاذة ) فحسب، كما يحاول جورج بوش واتباعه من منظري البيت الأبيض أن يقنعوا  العالم به، بل هي ظاهرة متفشية في المجتمع الأمريكي،تنطلق من منظومة القيم التي تنهض عليها الحياة في أمريكا، وما ردة فعل والدة المجندة الأمريكية التي اشتركت بجرائم معتقل (أبو غريب) إلاّ دليل على تجلي مستويات هذه القيم، فوالدة المجندة الأمريكية لم تجد في سلوك ابنتها ما يدعو للغرابة، ويجب ألا نندهش من هذا الموقف الذي يقوم على ثقافة الجنس المحرم.و إلاّ كيف نفهم ما نُشر من صور بعد الصور الأولى في المحطة التليفزيونية الأمريكية (سي بي إس ). أو ما حفلت وتحفل به الشبكة العالمية والبريد الإلكتروني من فضائع، وكان المسؤولون في الغرب يهملونه. وكذلك موقف هيئة الصليب الأحمر بالذات يوم 6/5/2004 بأنها سبق أن أطلعت الحكومة الأمريكية منذ شهور على ما وجده العاملون من الهيئة في السجون والمعتقلات في العراق، الأمر الذي دفع جون أبو زيد ـ الذي لم يخجل من الاعتراف ـ إلى تجاهل تقارير الصليب الأحمر التي كانت تقدم إليه بما في ذلك تقارير تتعلق بمعتقل (أبو غريب).

ولكن لم تتحرك الحكومة الأمريكية استجابة للصليب الأحمر ولا سواه، أي لم تتحرك على الرغم من علمها بما يحدث وليس جهلا به، فبقيت تعلم  ـ كما ظهر في تلعثم مسؤولين بكلماتهم مثل بوش ورامسفيلد - وبقيت تتجاهل، أو بقيت لا (تشعر) بأن من الضروري أن تتحرك، فما دام الأمر لا يهدد وجود أحد في السلطة فهو لا يستدعي التحرك!

حقوق الإنسان المشوهة

نعلم أن أول ما يؤرخ الغربيون به ـ ويجاريهم عليه من يجاريهم ـ لولادة حقوق الإنسان وحرياته مع تجاوز مجرى التاريخ من قبل حرب الاستقلال الأمريكية. ويلفت نظر المتأمل في الحدثين تاريخيًّا أن القاسم المشترك الأكبر بينهما هو أن تلك الولادة لم تكن في حاضنة دعوة عقدية أو فكرية أو ثقافية أو إنسانية أو سوى ذلك من المسميات المشابهة التي يمكن أن تُربط بها إرهاصات عصر (التنوير ) في أوروبا آنذاك، بل كانت ولادة منظومة الحقوق والحريات من البداية في حاضنة العنف حربًا وثورة، مع كل ما نقلته كتب التاريخ عن سفك الدماء في الحدثين المذكورين بالذات، وهذا في حقبة تاريخية كانت من قبل وبقيت من بعد حافلة بأسوأ أشكال التمييز العنصري، رقيق يُستعبد في الولايات المتحدة الأمريكية، وثوار يسفكون الدماء دون حساب؛ انتقامًا من بقايا إقطاع كان متحالفًا مع الكنيسة في أنظمة حاكمة تقتل العلماء وتحرق النساء في أوروبا.

السؤال المهم

أليست حاضنة العنف تلك هي التي جعلت مسألة الحقوق والحريات تخضع لمفهوم شائع إلى الآن يقوم على أساس  أنها يجب أن تنتزع انتزاعًا؟

إذا أردنا رؤية مدى تغلغل نزعة الصراع هذه في (النفس البشرية ) في الغرب فلن نجدها فقط مقترنة بالعنف في ساحات القتال أو العدوان السافر، بل نجدها منتشرة فعَّالة في مختلف ميادين العلاقات الاجتماعية وصارت جزءا من بنية المجتمع، حتى بات ينطلق من أن الوضع (الطبيعي ) هو ألا تحصل فئة من الفئات على حقوقها إلا بقدر ما تملك من قوة لتحصيلها، وهذا ما ألقى بظلاله على طريقة التعامل مع ما يسمى حركات التحرير الغربية، مثل تحرير المرأة أو إنصاف العامل، وحتى حقوق الطلبة التي تحولت إلى مطالب اجتماعية وسياسية أوسع نطاقًا، ولكن منذ ثورة الطلبة عام 1968.

الروح العنصرية كان ميادين انعكاسها التأصيل الغربي لمفهوم حق الملكية بصورة معبِّرة عن اعتماد القوة أيضًا سواء كانت قوة السلاح أو قوة المال أو القوة التقنية.

لقد أصبح حق الملكية ينطوي ـ منذ ما سُمِّي الاستكشافات الجغرافية ومنذ الحملات الاستعمارية ـ على حق الاستيلاء على ما يملك الآخر بالقوة..

والأهم من ذلك في إطار الحديث هنا هو انتشار الإحساس عند الفرد العادي بأن هذا الاستيلاء مشروع، بل باتت نزعة الاستملاك بالقوة هذه تنطوي على استملاك مصير الآخر.

يجب أن نبقى بعيدين عن التعميم، ولكن يجب الابتعاد أيضًا عن التهوين من شأن تغلغل هذه العناصر في تكوين النفس البشرية؛ ففي الإطار المذكور كانت المقدمات الأولى للحملات الكولونيالية الغربية توصف بالاستكشافات الجغرافية، وفي الإطار نفسه يغيب في هذه الأيام إحساس الفرد الغربي بوجود تناقض ما مع منظومة الحقوق والحريات الإنسانية أو المواثيق الدولية، عندما يتقبل ـ على سبيل المثال، دون محاولة وضع موقفه أصلاً موضع السؤال ـ نتائج الواقع الراهن القائم على (استيلاء المهاجرين اليهود على أرض فلسطين ). فمن يعتبر غرينيداد أرضًا بريطانية، وكناري أرضًا أسبانية، وجوايانا أرضًا فرنسية.. يعتبر دون شعور بالحرج فلسطين أرضًا يهودية إسرائيلية، مثلما بات يعتبر أيضًا أن للإنسان الغربي حق امتلاك (صناعة مصير الآخر )، وإيقاع العقوبة به من أجل مصلحته!

اتجاهات العنف المعاصر

إن للمعطيات التاريخية المذكورة آنفاً دوراً كبيراً في إيجاد المناخ الملائم لممارسة العنف، على مستوى الأفراد وعلى مستوى الدولة، ومع وصول هذا المناخ إلى الإنتاج الثقافي والإعلامي وغيره تحول إلى مدارس لترسيخ العنف بترويض النفوس عليه، ولا يعني أن يصبح كل فرد من الأفراد ممارسًا للعنف، مثل قابلية ذلك على التعميم. ارتفاع فرص العثور على من يمكن توظيفهم لمهمت العنف الوحشي. وقابلية تبرير ما ينكشف من تلك المهمات، لا سيما إذا كان ضحاياها ممن تزدري بهم النظرة العنصرية أو تشوِّه حقيقة صورتهم ممارسات التزوير الإعلامية.

يسري هذا على الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من البلدان الغربية الأخرى، ولاسيما أن البلدان الأوروبية سبق أن عرفت ما تعنيه عواقب ثقافة العنف وسيادتها، وقد أوصلت الإنسان الأوروبي نفسه إلى موقع الضحية في حربين عالميتين لم يمضِ عليهما زمن طويل في عمر التاريخ.

ولإدراك كيف كانت (ثقافة العنف ) تفعل فعلها، وتؤدّي المطلوب منها حسبما يريد من يوجّهونها يكفي إلقاء نظرة عاجلة على أحد الميادين المعروفة لصناعتها؛ إذ يشهد تاريخ السينما الأمريكية أن شهرتها الكبيرة قامت في المرحلة الأولى على العنف في أفلام رعاة البقر، ثم على العنف في موجة الأفلام البوليسية وأفلام الجريمة المنظمة، ومضت أشواط على ذلك حتى وصلت إلى موجة العنف في أفلام جيمس بوند ورامبو وأقرانهما. وكانت ـ  إلى جانب ذلك ـ تصنع صنعًا الأعداء في الحسّ الفردي الأمريكي، فمن كان اسمهم الهنود الحمر في ما مضى أصبحت أسماؤهم ألمانية وروسية وعربية وإسلامية، على حسب ما يحتاج إليه صناع القرار، في مرحلة معينة من المراحل السياسية الدولية، بل حتى ظهور موجة الأفلام الفضائية لم يمنع من اصطناع أصناف من الأعداء الخياليين، بما يحافظ على تصوير الآخر ـ أيًّا كان ـ  بأنه عدو شرير بالغ الخطورة، يتوجب أن يتحرك البطل الأمريكي ضده.. بكل الوسائل، وإن تجاوز سائر القيم وسائر الضوابط المعروفة تحت عناوين الحقوق والحريات الإنسانية، أو المواثيق القانونية الدولية، أو حتى الدستور الوطني الذاتي.. فالغاية المتمثلة في القضاء على شر إرهابي مرعب  تبرر كل وسيلة، وإن اتسمت بصبغة وحشية غير مسبوقة.

ويمكن التفصيل طويلا في كيفية تغلغل روح العنف في ميادين أخرى؛ لتظهر مثلاً خلفيات انتشار الجريمة على مستوى مرعب مذهل كمًّا ونوعًا في المدارس وعلى مستوى جيل الناشئة عمومًا، أو في صور الاعتداء الجنسي على النساء والأطفال، أو في صورة القتل العشوائي والقنص لحياة أي إنسان في الطريق أو السوق. أو الترويج للجنس العائلي أو زنى المحارم في الثقافة الأمريكية المعاصرة. جميع ذلك لم ينشأ اعتباطًا، مثله في ذلك مثل العنف على مستوى القوات المسلحة الأمريكية ومنظمات المرتزقة التي تستعين بها، فمن يطلع على برامج التدريب العسكري الأمريكية، وبرامج تأهيل العاملين في الأجهزة الأمنية والمخابرات الأمريكية، ويرصد التشابه الكبير بينها وبين كثير من الأفلام الخيالية، يمكن أن يستغرب عدم انتشار ظاهرة العنف الوحشي لو لم تظهر وتستشرِ، لا أن يستغرب ظهورها.. ما بين اليابان وفيتنام وأفغانستان والعراق وسواها.

إن في مقدمة ما تصنعه مدارس العنف هذه هو أن يتمكن الفرد من التجرد من إنسانيته ومن تأثير فكره وأحاسيسه عليه، إذا ما وجد نفسه وجهًا لوجه أمام مهمة توكل إليه، ويكون فيها (قتل الآخر).. وهو ما يتحقق بدءا بتصوير الآخر وحشًا مفترسًا يجب الانقضاض عليه مسبقًا، وانتهاء بنشر ما لا نهاية له من مشاهد العنف الدموي لجعله أمرًا اعتياديًّا ولنجرب ذلك بدخول (army rooms) الأمريكية في شبكة الانترنيت. والدخول في حوار مع واحدة من المجندات أو الجنود الامريكيين.فأول ما تتيقن منه هو أن  الانحراف متأصل منذ زمن طويل. ونذكر مثلاً على ذلك أن أحد الطيارين الذين ألقوا القنبلة الذرية على هيروشيما ثم ناغازاكي، كان يعبّر بعد عشرات السنين، أي بعد ظهور النتائج الإجرامية الكبرى للحدث، عن شعوره بالفخر بما أنجز، أو أن طيارًا آخر كان مكلَّفا بإلقاء قنبلة ذرية ثالثة، وألغيت مهمته عبر عن أسفه! لإنهاء الحرب قبل تنفيذ المهمة.

إن ما ينبغي تثبيته هنا هو أن الممارسات الحالية للجنود الأمريكيين (أو البريطانيين وغيرهم)، ومَن يعمل بإمرة المسؤولين السياسيين والعسكريين من مرتزقة تحت عنوان شركات خاصة للأمن. هذه الممارسات في العراق، أو في أفغانستان، أو في غوانتانامو، أو سواها، لا تنفصل إطلاقًا عن الجريمة الكبرى التي ارتُكبت أولاً في حق الإنسان الغربي، لا سيما الأمريكي والبريطاني في هذه الحالة بتجريده من إنسانيته؛ ليرتكب ما يرتكب من جرائم في حق الإنسان الآخر، فيقوم بذلك وكأنه يعبث على شاشة الحاسوب! إنه تجسيد لنظام قيم منحط، يفتقد لأبسط المحددات الأخلاقية الوضعية منها والسماوية.

التهوين من فضائع (أبو غريب)

ليست مشاهد (الاستمتاع والتلذّذ ) بارتكاب جريمة التعذيب في معتقل (أبو غريب) ـ وسواه ـ وحدها التي تشير إلى أنها أكبر من مجرد انتهاك لحقوق الإنسان بصورة بشعة؛ فالواقع أنه شاهد واحد من الشواهد العديدة على جوانب خطرة في هذه الظاهرة، منها التربية السلوكية والتدريب العملي والترويض النفساني بصورة تفقد الإنسان آدميته تجاه إنسان آخر.ثم الوصول إلى درجة اعتبار القتل والتعذيب وانتهاك الكرامات (أمرًا اعتياديًّا)، بل وأشبه بمغامرة (سياحية ) إلى درجة تصوير مرتكبي الجريمة بعضهم بعضًا، وتبادل تلك الصور ما بين أفراد قوات الاحتلال؛ أو إرسالها في الايميل إلى عائلاتهم،حتى يبلغ الأمر مبلغه مع ضمائر بعضهم، فينقلوا بعض ما وصل لأيديهم إلى وسائل الإعلام، وهو أمر يكشف بدوره أنهم يعلمون أن المسؤولين من القادة لن يتصرفوا لو اقتصر الأمر على (تبليغهم ) فيما لو كانوا جاهلين بما يجري. وكذلك برغم الإدانة اللفظية الشديدة على ألسنة المسؤولين فعلى أرض الواقع يسري تصنيفهم للجرائم المفزعة البشعة في خانة (مخالفات ) للتعليمات الإدارية الحكومية الرسمية نفسها تنطوي على تقنين التعذيب في نظر من يمارسه. في كثير من الحالات الصارخة يتحرك المسؤولون السياسيون أنفسهم عبر تصريحاتهم ومواقفهم في اتجاه يبيح الاعتقاد بأنهم لا يعلمون بما يجري فقط، بل يشجّعون عليه. ناهيك عن السياسة الرسمية على مستويات أخرى كالامتناع عن المشاركة في اتفاقيات حقوق الإنسان، وحقوق الطفل، ومكافحة التعذيب، وصولاً إلى (خوض معركة ) ضد تشكيل المحكمة الجنائية الدولية للمحاسبة على الجرائم الحربية والجرائم ضد الإنسانية.. فجميع ذلك يعطي مرتكب الجريمة الأمريكي الجنسية أو المحمي أمريكيًّا الإحساس بأن باستطاعته أن يرتكب ما شاء من الجرائم وهو مطمئن إلى وجود سياسات (تحميه ). والسياسة الإعلامية المتبعة من جانب صانع القرار الأمريكي، ومن يرتبط به من مالكي زمام الإعلام، وهي سياسة قائمة على التعتيم وطمس الحقيقة.

حظر نشر الحقيقة

حظر نشر الصور الواقعية عن ضحايا الحرب من الجانبين. و سد الأبواب على الشعب الأمريكي أمام وسائل الإعلام الأخرى قدر الإمكان. مسار عمل اتبع منذ بداية الحرب، وملاحقة من يكشف عن الممارسات الأمريكية في الحرب كشفًا مباشرًا، كما كان أثناء اقتحام بغداد في مطلع حرب الاحتلال، وفي حصار الفلوجة بعد عام على الاحتلال.. وتؤكد هذه السياسة الإعلامية أن القائمين على صناعة قرار الحرب يدركون تمامًا أن الكشف عن حقيقتها يعني الكشف عن وجه (جريمة بشعة ) يعارضها الإنسان العادي.

التصدي للفضائع المقززة

لا بد في مواجهة هذه الظاهرة المرضية الفتاكة في حياة البشرية من العمل تجاه المسؤولين عنها عبر كشف مفاصل القيم الأمريكية  بأقصى ما يمكن أن تجده من الانتشار الذاتي والدعم.

وعلى المستوى (الرسمي العالمي ) بتضييق دائرة الحصار على أصحاب القرار من خلال نشر كل ما يمكن نشره للرأي العام؛ للكشف عن أن الجولة التي يخوضها الطرف المعرض للعدوان الوحشي، إنما هي معركة (الإنسان) في كل مكان.

وعلى مستوى الجبهة الذاتية والجماهيرية العالمية بالتركيز في هذه القضية وسواها على تلاقي الجهود من وراء أسباب الاختلاف العديدة ومن وراء الحدود القريبة والبعيدة، على استنفار الروح الإنسانية والقيم الإنسانية وكل من يتمسك بها؛ ليشارك مشاركة فعَّالة بمختلف ما يتوفّر لديه من الوسائل.

فكيف والحال هذه لو عرفنا أن القاضي الأمريكي لا يخجل من وصف جرائم سجن (أبو غريب) وهو يحاكم أحد الجنود بعدم التزام بالتعليمات وتجاوز على حقوق السجناء، فيحكم عليه بالسجن لمدة عام واحد عليه في الوقت الذي اعترف فيه الجندي انه قام بهذا الفعل بأمر من المخابرات الامريكية.


 

 

إساءة محكومة وأخرى حاكمة

نزار حيدر

لحسن حظ سجناء (أبو غريب)، أنهم تعرضوا لسوء المعاملة على يد رعايا بلد، للسلطة الرابعة فيه دور مفصلي يهلك ملوكا ويستخلف آخرين، لتثار لمصلحتهم كل هذه الضجة السياسية والإعلامية، إثر تسريب صور التعذيب النفسي والجسدي الذي تعرضوا له على يد عدد من عناصر الجيش الاميركي.

ولحسن حظهم كذلك، أنهم تعرضوا للإهانة في موسم التنافس الانتخابي الرئاسي الاميركي، لتتحول قضيتهم إلى مادة انتخابية دسمة، ينفخ في نارها قوم، ويطفؤها آخرون.

ليحمدوا ربهم، إذن، أنهم عذبوا على يد أناس يتربص بهم الإعلام، وليشكروا الله تعالى، لأنهم  وقعوا بيد عناصر يعتذر رئيسهم بالنيابة عنهم إذا أخطأوا، ويوبخهم، وقد يصدر ضدهم أحكاما قضائية، بسبب ارتكابهم جريمة.

فلو كانوا قد تعرضوا لمثل ذلك، وأكثر، على يد ازلام نظام الطاغية الذليل صدام حسين البائد، أو أي من الأنظمة العربية، لذهبوا مع الريح، من دون أن يحس بهم أحدا.

ففي اللحظة التي كان العالم يشاهد فيها تلك الصور البشعة التي تسربت من معتقلات سجن (أبو غريب) في العاصمة العراقية بغداد، كان آلاف، وربما ملايين آخرون، يطعمون وجبات طازجة من اشد أنواع التعذيب النفسي والجسدي في المئات من سجون ومعتقلات أنظمة البلاد العربية والإسلامية، ولكن، ولسوء حظهم، من دون أن يسمع أحد صراخهم وعويلهم أثناء وجبات التعذيب، أو يصغي إلى أنينهم الهادئ المتسرب من حناجرهم المتعبة بعد الانتهاء من تلك الوجبات القاسية، التي يموت تحت طائلها الكثير ممن لا تسعفهم أجسادهم النحيفة تحمل آلام العذاب والتعذيب.

وفي الأثناء كذلك، تتعرض آلاف النساء الطاهرات العفيفات الشريفات، لاعتداءات جنسية على يد وحوش وأزلام هذه الأنظمة، التي هبت جميعها، هبة رجل واحد، لتستنكر ما حصل في (أبو غريب) متجاهلة حقيقة أن في كل بلد عربي و(إسلامي) العشرات من (أبو غريب) تشهد صورا أبشع مما يشهده (أبو غريب) بغداد، ومنذ عشرات السنين.

فارق واحد فقط بين الصورتين، فبينما تتسرب فضائع بغداد، يظل الإعلام المأجور يتستر على فضائح العواصم العربية الأخرى.

الجريمة بشعة، لا شك في ذلك، والصدمة كبيرة، لا أحد ينكر ذلك، فقد عرت تلك الصور، ثقافة جندي الاحتلال الاميركي الذي يقول عنه رئيسه جورج بوش، انه ذهب إلى العراق لمساعدة شعبه لإقامة النظام الديمقراطي.

كما كشفت جانبا من حضارة الغرب الذي يتشدق بإيمانه بحقوق الإنسان وكرامته ودفاعه عن الحرية والديمقراطية.

إنها وصمة عار في جبين الإنسانية وحضارة الغرب على وجه التحديد، لذلك اهتز لها العالم فاضطر الرئيس بوش للاعتذار، أو هكذا فهم من كلامه، كما ارتجت لها أركان البيت الأبيض وقبة الكونغرس وأضلاع البنتاغون الخمسة، فتسابق المسؤولون الاميركان لرمي مسؤولية ما حصل على الآخر، كل  لتبرئة نفسه وجهازه وجنوده، بطريقة أو بأخرى، حتى انتهى المطاف بوزير الدفاع رونالد رامسفيلد الذي لم يجد بدا، وهو يدلي بشهادته أمام اللجنة الخاصة التي شكلها الكونغرس للتحقيق في الفضيحة، من تحمل المسؤولية والاعتراف بالذنب.

ولكن.....

هل سمعنا يوما، أن حاكما عربيا إرتجف له جفن، بسبب تعرض مواطن للمعاملة السيئة على يد خزنة سجونه؟.

وهل سمعنا يوما، أن زعيما عربيا إهتز له شارب، بسبب حالة انتهاك شرف تعرضت لها مواطنة على يد جلاد في إحدى زنزاناته التي امتلأت بها البلاد؟.

وهل سمعنا يوما، أن حاكما عربيا إعتذر لشعبه بسبب معاملة سيئة تعرض لها سجناء؟.

وهل سمعنا يوما، بأن زعيما عربيا وعد مواطنيه بتوبيخ جلاد، ارتكب جريمة ضد سجين عن طريق (الخطأ) مثلا؟.

وهل سمعنا يوما، أن حاكما عربيا أقال وزيرا أو مديرا عاما أو مسؤولا في مصلحة السجون، لأنه لم ينتبه إلى ما يجري في السجون والمعتقلات من انتهاكات خطرة لحقوق الإنسان؟.

أم سمعنا بأن زعيما عربيا مارس التعذيب والقتل وكي وجوه ضحاياه بالمكواة بيديه الملطختين بدماء الأبرياء، كما فعل الطاغية الذليل صدام حسين مع المئات من ضحاياه، منهم الشهيد الصدر الأول؟.

أم سمعنا بأن زعيما عربيا يبصق بوجه أسيره، لأنه قال بيتا من الشعر هجا فيه حزبه وعصابته، كما فعل (القائد المؤسس) ميشيل عفلق بالشهيد السيد حسن الشيرازي، عندما زاره مرة في سجنه؟.

أم سمعنا بأن زعيما عربيا يمنح الجلادين أنواط الشجاعة وأوسمة الشرف، بما يتناسب وحجم الجرائم التي يرتكبها ضد ضحاياه في السجون والمعتقلات، كما كان شأن المجرم ناظم كزار؟.

أم سمعنا بحملات تنظيف السجون، ليس من الأوساخ قطعا، وإنما من نزلائها كلما امتلأت بهم، كما كان يفعل ابن الطاغية الذليل قصي الذي كان يصدر أوامره بقتل من في السجن من المعتقلين، كلما زار سجنا ورآه ممتلئا، فكان عدد ضحاياه في كل وجبة إعدام جماعية، يصل في بعض الأحيان، إلى أكثر من ألف معتقل وسجين؟.

أم سمعنا بأن زعيما عربيا لم يسعفه الوقت لاعتقال الناس قبل إعدامهم، فأمر بدفنهم أحياء في مقابر جماعية، تم حتى الآن الكشف عن أكثر من (600) ألف ضحية في مختلف مناطق العراق؟.

أم سمعنا بأن زعيما عربيا أراد أن ينتقم من الأهالي، ويختبر سلاحه الفتاك في نفس الوقت، فأمر برش مدينتهم بالسلاح الكيمياوي، ليقتل ويجرح ويصيب بعاهات مستديمة ويشرد أكثر من (150) ألفاً من أهلها، تلك هي مدينة حلبجة؟.

أم سمعنا بأن حاكما عربيا يفتخر بإبنه الذي أطلق يده ليعبث بأعراض الناس صباح مساء، تحميه سلطة أبوه وعصابات القتلة المجرمين الجاهزين في أية لحظة، للانقضاض على فريسة الابن المدلل، لإحضارها عنوة، أو قتلها إذا أبدت مقاومة، ذلك هو عدي ابن الطاغية الذليل؟.

أم سمعنا بان زعيما (قوميا) غزا جارته (الشرقية)، فاعتدى على النساء العربيات، فانتهك شرفهن وتجاوز على عفتهن، ثم قتلهن ودفنهن في مقابر جماعية، من دون أن يحس به أحدا؟.

أم سمعنا بان هذا الزعيم (العروبي) غزا جارته الأخرى (الجنوبية)، فاغتصب النساء واخذ الرجال أسرى، غيبهم في طوامير السجون ثم قتلهم وأخفى أثرهم، وظل طوال الوقت ينكر الحقيقة، إلى أن أسقط نظامه، وعثر عليه، متخفيا كالوحش الذليل، في بالوعة؟.

أم... أم... أم...

أف لهذا الزمن التعيس الذي يحتج على جريمة ويبررأخرى، ويستهجن إساءة ويستحسن أخرى، ويوظف خطأ ويسكت عن آخر.

لم كل هذه الازدواجية في المعايير و....الشخصية؟.

أوليس الظلم واحداً، وكلاً لا يتجزأ؟ أم أن هنالك ظلماً قبيحاً، وآخر حسناً؟.

أف لهذه الازدواجية التي ترى القذى في عيون الآخرين ولا ترى الجذع في عيونها؟ وترى الليرة المسروقة في بطن (غوار) ــ وهو هنا المواطن العربي المغلوب على أمره ــ ولا ترى الملايين المسروقة في بطون الحكام وعوائلهم وزبانيتهم؟.

لقد أثبتت أزمة الصور بأننا أسرى الإعلام، وليس أسرى الحقيقة، فما يسربه الإعلام يشغل بالنا، فنبكي عليه أو نضحك منه، أما صراخ المواطن، وآلام الضحايا المغيبين في طوامير السجون المظلمة، أو الرعايا المسحوقين ظلما وعدوانا، فلا نعير لهم أية أهمية، أما إذا اقتضت الضرورة والمصلحة القومية العليا، فنتهمهم ونكذبهم ولا نصدق ما يقولون، فنشيع مثلا، أنهم عملاء لمصلحة قوى أجنبية، أو يعملون لمصلحة أجهزة مخابرات خارجية، لا يعرف أحد عنوانها فربما يكون في المريخ أو فوق القمر، لا ادري.

أما إذا تزامن التسريب الإعلامي مع صرة من المال يجود بها الحاكم، فنهمله والحجة جاهزة (إنها قصة مختلقة، وصور مركبة بإخراج فني محكم).

الإعلام العربي من جانبه تلاقف الصور تلاقف بني أمية للخلافة بعد مقتل الخليفة الثاني، والتي شبهها شيخهم الأعمى (أبو سفيان) بتلاقف الصبية للكرة، فراح هذا الشيطان الأخرس يعيد ويصقل ويكرر، كما يقول المثل العراقي، لدرجة التقزز والاشمئزاز، أصابت الحياء في مقتل.

ترى، أين هذا الإعلام من ملايين الصور المماثلة التي تشهدها يوميا سجون الأنظمة العربية؟.

وأين كان على مدى (35) عاما، عندما واصل النظام الديكتاتوري الشمولي البائد سياسات القتل والاغتصاب والتعذيب والثرم والتذويب بالأسيد لضحاياه، ومن مختلف شرائح المجتمع العراقي، وغير ذلك؟.

لو لم يكن هذا الإعلام، خائناً شرف المهنة، فيبادر إلى فضح جريمة الطاغوت، ونقل احتجاج المواطن، ولم يسكت على جرائم الأنظمة، ويصطف مع مصالح الشعوب، رافضا هبات الحاكم التي يقدمها له  لقطع لسانه، لما آلت الأمور إلى ما نراه اليوم من أنظمة ديكتاتورية وأمية وفقر واستبداد وعنف وإرهاب وسحق منظم لحقوق الإنسان ومصادرة دائمة لحرية المواطن وتجاوز على كرامته وإنسانيته، وأخيرا احتلال أجنبي.

والآن...

أغلب الظن، ان الرئيس الاميركي بوش لم يصدر أوامره للقوات الاميركية في العراق لتمارس كل هذه الفضائح ضد العراقيين السجناء، ومع ذلك فانه اعتذر على ما فعلوا، أما في بلادنا فلا يصدق أحد ان جريمة من هذا النوع ترتكب من دون أن يكون الحاكم قد أصدر الامر بنفسه، للجلاد الذي ينفذ بلا نقاش تحت شعار (أوامر)، ومع ذلك لا يعتذر الحاكم لأحد إذا ما تم الكشف عنها.

فكم هو جميل أن يتعلم زعماؤنا من الرئيس بوش، فيعتذروا إذا تسربت فضائحهم للإعلام، أو أزكمت روائحها العفنة، أنوف الملأ.

ما أحلى أن يتعلموا كيف يعتذرون لشعوبهم عندما يرتكب رعاياهم جرائم إرهابية فضيعة ضد الشعوب الأخرى، كتلك التي يرتكبها الإرهابيون القادمون من خلف الحدود في العراق.

ما أحلى أن يتعلم الإعلام العربي من زميله الاميركي، فيلاحق الجريمة التي يرتكبها الحاكم، ولا يسكت عن الفضيحة إذا مارسها ابن الحاكم، ويتابع الباطل في عقر داره، بلا كلل أو ملل أو خوف أو طمع.

كم نتمنى أن يكون العراق الجديد، في الأقل، مكشوفا أمام السلطة الرابعة، ليس فيه مناطق معتمة، لا يسمح للإعلام بالوصول إليها، حتى لا يدبر أمر بليل، ولا ترتكب جريمة، ولا يقع خطأ، ولا تمارس فضائح، ولا يسرق مال عام، ولا تشيع الفاحشة السياسية والرشاوى والمحسوبية وانتهاك حقوق الإنسان وسحق كرامته.

إذ، لو تيقن المسؤول انه مراقب من أجهزة السلطة الرابعة، فلا يحدث نفسه بخطأ أو سرقة أو تجاوز على احد، من جانب، وحتى يتعلم الحاكم كيف يعتذر إذا أخطا، ويتعلم الوزير كيف يستقيل إذا اكتشف فضائح في وزارته وهو نائم على أذنيه أو مشغول عن موظفيه، ويعاقب شرطيا إذا ظلم مواطنا بلا ذنب، ليطمئن الناس على أرواحهم وأموالهم وحقوقهم وأعراضهم وكرامتهم.

أخيرا، فلقد صدمت وأنا استمع إلى الرئيس بوش، وهو يقدم اعتذاره إلى ملك الأردن عبد الله الثاني في حديقة البيت الأبيض، بسبب فضيحة صور (أبو غريب) (العراقي)، إذ ما الداعي لان يعتذر له؟.

كان من الأجدر أن يعتذرا معا إلى العراقيين، بوش بسبب جرائم جنوده ضد سجناء (أبو غريب)، والملك عبد الله بسبب جرائم رعايا بلاده من الإرهابيين ضد المواطنين العراقيين الأبرياء الذين استشهدوا بالعمليات الإرهابية، التي ثبت أن مواطنين أردنيين يقفون وراءها.

أم أن الرئيس بوش أراد أن يقول للعالم، والعراقيين على وجه التحديد، بأنه قرر تسليم ملف العراق إلى الأردن، ومن ورائه أجهزة معروفة في إدارته تتخذ من الأردن قاعدة لعملها ونشاطها في المنطقة، وهي التي قالت عنها مرة تقارير موثقة بأن الملك وأبوه يتقاضون رواتبها بشكل منظم، ومنذ أمد ليس بالقصير؟.

اللغز يبحث عن حل؟. أم فهمه واستوعبه العراقيون؟.

 

 

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة