النفط يتقدم
نحو الصدارة .. الازمة تتفاقم: الثمار
الاولى المباشرة للحرب على العراق
سجلت اسعار
النفط العالميةارتفاعات مستمراً محطمة الارقام القياسية التي
بلغتها منذ اكثر من عشرين عاماً. فقد قفز سعر الخام الخفيف
في الولايات المتحدة ليتخطى حاجز الـ41 دولاراً للبرميل
الواحد في اعقاب المخاوف المنتشرة حول اوضاع العرض والطلب.
لقد
ارتفع الخام الخفيف في الولايات المتحدة الى 41.17 دولاراً
للبرميل الواحد متخطياً بذلك الرقم القياسي المسجل في تشرين
الاول عام 1990 بـ2 سنت للبرميل الواحد وافادت انباء لاحقة
انه تجاوز الـ42 دولاراً.وفي غضون ذلك فان منظمة اوبك تدرس
اقتراحاً تقدمت به في السعودية لزيادة الانتاج بمليون ونصف
مليون برميل يومياً للمساعدة في التغلب على الازمة.ويذكر ان
سقف الانتاج الذي كان سائداً في منظمة الاوبك باستثناء
العراق هو 24.5 مليون برميل يومياً لغاية نهاية آذار الماضي.
الا ان المنظمة قررت تخفيض الانتاج بمليون برميل يومياً ليصل
الى 23.5 مليون برميل لمنع التهافت على شراء النفط وتعزيز
المخزون الستراتيجي لبعض البلدان وخاصة الولايات المتحدة
الذي ساعد في ارتفاع الاسعار ارتفاعات جنونية سوية مع
الهجمات الارهابية في مدينة ينبع السعودية التي أثارت
المخاوف من احتمال انقطاع امدادات النفط السعودي.
وتقول الـ
بي بي سي ان راكبي السيارات السياح في اعياد ايار في
الولايات المتحدة يشكلون 12% من الزيادة في استهلاك الوقود.
وفي غضون
ذلك قال ناطق باسم البيت الابيض ان ادارة بوش تحث منتجي
النفط على الا يتصرفوا بطريقة تسيء للولايات المتحدة.
أما خام
برنت في لندن فقد ازداد 54 سنتاً للبرميل ليستقر عند مستوى
38.49 دولاراً للبرميل.وقال رئيس منظمة اوبك بورنومويو سجيا
نتورو انه في الوفت الذي تبدي فيه الدول الاعضاء قلقها حول
الاسعار فيتوجب عليها ان تتفق حول زيادة الانتاج.ومن المتوقع
ان تناقش الاوبك تغييرات في خطة انتاجها في 3 حزيران في
بيروت كما ستعقد اجتماعاً تشاورياً، يتحول الى مؤتمر وزاري
استثنائي في امستردام نهاية هذا الشهر.
وقال السيد
يوسيجا نتورو للصحفيين: (لقد بعثت رسائل الى الدول الاعضاء
حول المقترح السعودي (بزيادة الانتاج) ولم اتلق أي ردود لحد
الان).
وقال ان
الدول الاعضاء قد سمح لها ايضاً ان تنتج فوق الحصص المقررة
لها وقال ان قدرة اوبك للتأثير على الاسعار هي محدودة نوعاً
ما.
واضاف..
وفي الحقيقة فان البلدان المنتجة الرئيسة قد اضافت فعلاً
ميلوني برميل يومياً بما يشكل 2.5% من الطلب العالمي على
النفط دون ان يحدث ذلك تأثيراً على الاسعار.
نزاع حول
الانتاج
بيد ان
وكالة الطاقة الدولية (وهي المنظمة التي ترعى مصالح الدول
الصناعية المتقدمة) تزعم بان بلدان اوبك لا تضخ طاقتها
الكاملة. وقد شخصت طاقة احتياطية اجمالية تبلغ 2.5% مليون
برميل يومياً تتوزع بين اعضاء الاوبك العشرة (باستثناء
العراق) ونصفها تقريباً لدى السعودية.
وان القوة
الحالية في أسعار النفط كما تقول الـ بي بي سي، التي ارتفعت
بنسبة الربع خلال هذه السنة وحدها تعود جزئياً الى آلية
العرض والطلب.
هناك مخاوف
حول الامدادات في الشرق الاوسط حيث يعتبر انعدام الاستقرار
السياسي عاملاً مهدداً لانتاج النفط. وقد اثبتت اسواق بعض
الدول المستهلكة مثل الولايات المتحدة وهي اكبر مستورد للنفط
في العالم انها اكثر تعطشاً مما توقع المحللون وخاصة كلما
يتقدم موسم الذروة في استخدام السيارات في الصيف.
وكانت
الوكالة الدولية للطاقة قد تنبأت ان يزداد الطلب العالمي على
النفط عام 2004 بمقدار 1.95 مليون برميل يومياً على الرغم من
النمو البطيء في اقتصاديات البلدان المتقدمة. (لكن معدلات
النمو الفعلية في الولايات المتحدة والمانيا وفرنسا من جهة
وفي الصين والهند من جهة اخرى قد فاقت هذه التوقعات بكثير).
وتقول البي
بي سي ان المحللين يقولون ان الترابط الوثيق تقليدياً بين
العرض والطلب قد انهار جزئياً وان عدداً من اكبر المنتجين في
العالم وخاصة من خارج الاوبك، لم يتمكنوا لاسباب فنية من
زيادة انتاجهم لدرجة ذات شأن، مما أدى الى ارتفاع الاسعار.
وهناك
عوامل اخرى اكثر تأثيراً تلعب دورها، فليس كل الطلب المتزايد
مرتبطاً فعلاً بزيادة الاستهلاك. وبدلاً من ذلك يبدو ان
المشترين الرئيسين وخاصة الحكومات يخزنون النفط احتراساً من
احتمال حدوث تخريب في هيكلة الامداد.
لقد كان
المخزون البترولي الستراتيجي للولايات المتحدة مؤثراً نشطاً
بصورة خاصة وقد اقتفت اثرها حكومات مثل الصين والهند.
وبنفس
الوقت فقد تنبأ المتأجرون بالبيع الآجل والاسواق الاختيارية
بشحة العرض مما ادى الى رفع الاسعار.
ان
المحليين ينقسمون الان بين اولئك الذين يعتقدون ان الاسعار
ستستمر بالصعود مع تقدم الصيف واولئك الذين يقولون انه ليس
هناك مبرر أساس لتبقى الاسعار مرتفعة لوقت طويل.
هذا وكانت
التقارير الاولية التي جاءت تحمل ردود الفعل لبداية بوادر
صعود الاسعار وعبورها حاجز الاربعين دولاراً للبرميل لاول
مرة منذ ان قام النظام السابق في العراق بغزو الكويت عام
1990 تفيد ان المحللين لا يجدون احتمال فتور الاسعار قريباً
لجملة اسباب منها زيادة الطلب العالمي على النفط وازدياد
التنسيق بين دول الاوبك والمخاوف من تصاعد اعمال العنف
والارهاب في الشرق الاوسط الذي يضم احتياطي العالم من النفط.
وقالت
صحيفة النيويورك تايمز الامريكية ان ردود الافعال في
البلدان المستهلكة كانت تثير الريبة من حيث صمتها المطبق
ولم يكن هذا الصمت اكثر فصاحة مما كان عليه في الولايات
المتحدة.
صحيح كانت
هناك تعابير عن القلق بشأن الاثار الاقتصادية لارتفاع اسعار
النفط في عدد من البلدان. فقد اعرب رئيس وزراء بريطانيا توني
بلير عن قلقه ازاء ارتفاع تكاليف الطاقة في حين أشار جان
كلود تريشيه رئيس البنك المركزي الاوربي لارتفاع اسعار النفط
كسبب لعدم لجوئه لتخفيف اسعار الفائدة.
وفي امريكا
قالت ادارة الرئيس بوش انها قلقة من تأثيرات ارتفاع اسعار
البنزين في سنة الانتخابات في حين اكد وزير الخزانة جون سنو
ان تصعيد أسعار النفط ليس (عاملاً مساعداً) للاقتصاد.
ولكن ما
وراء ذلك فهناك عدد من الاسباب التي تجسد موضوعه لماذا لم
يظهر الساسة وبصورة خاصة في الولايات المتحدة حرصهم لان
يدعوا منظمة الاوبك بصراحة لاتخاذ اجراءات لتخفيض اسعار
النفط.
واولها هو
تحاشي المزيد من الاضطرابات التي تزعزع الاستقرار في
السعودية وهي موطن اكبر احتياطيات العالم. والسبب الثاني هو
هبوط شعبية الولايات المتحدة التي تشكل نسبة ربع استهلاك
العالم من الطاقة في الشرق الاوسط منذ ان شنت حملتها
العسكرية ضد العراق في السنة الماضية وان احتلالها الذي
يفتقد للشعبية لاحد اكثر رموز الاسلام تعبيراً من الناحية
الدينية قد أثار موجات من العنف في السعودية المجاورة وآثار
المخاوف حول انقطاع امدادات النفط.
وربما ما
هو اكثر اهمية لادارة بوش الافتضاح المثير لسوء تصرف القوات
الامريكية تجاه العراقيين في سجن أبي غريب مما أثار عاصفة
نارية من الانتقادات في جميع انحاء العالم، دفع الكثير من
المراقبين الى القول انه شكل تحدياً للسمعة الادبية لامريكا
خاصة في العالم العربي والاسلامي.
وقال
المحللون انه في ظل هذه الاوضاع، من الصعب جداً اطلاق
الدعوة علناً الى السعودية كي تطلق الانتاج وتساعد الاقتصاد
الامريكي. انه أمر في غاية الحساسية بالنسبة للحكومة
السعودية الاستجابة لمثل هذا الطلب ويضيف المحللون ان زيادة
عائدات النفط قد يكون سعراً معقولاً يتوجب دفعه لمساعدة
الزعماء السعوديين للمحافظة على الاستقرار الذي يضمن جريان
النفط دون انقطاع من اكثر اعضاء الاوبك نفوذاً.
وان هذه
العوامل مجتمعة قد تبقي اسعار النفط في حالة الصعود لفترة
غير قصيرة.
ان
منظمة اوبك المقرر اجتماعها في 3 حزيران لتقرر تخفيف القيود
على الانتاج قد تعيد النظر في سعرها المستهدف ليكون في حدود
24-32 دولاراً للبرميل بعد ان كان في حدود 22-28 دولاراً.
|