تحقيقات

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

مجمع السجاد العائلي في الزعفرانية  .. (140)عائلة هربت من جحيم الإيجارات إلى جحيم انعدام الخدمات
 

بغداد/المدى
قادتها خطواتها المنهكة وسؤال "اهل الرحمة" الى ذلك المكان (مجمع السجاد العائلي) الذي كان بناية تابعة الى وزارة التصنيع العسكري في زمن النظام السابق في منطقة الزعفرانية.قبل ان تطأ قدمها هذا المكان مع 140 عائلة أخرى هاربة من جحيم الايجارات التي عمد أصحاب الدور المؤجرة الى رفعها بعد سقوط النظام. كان هذا المبنى قد تعرض الى السرقة والتخريب.
تقول الحاجة جميلة حسين 60 عاماً، كنت اسكن داراً في منطقة الفضل غير ان صاحبها ضاعف مبلغ الايجار مرتين وهددني برمي (اغراضي) في الشارع إذا لم اخل الدار خلال اسبوع بحثت كثيراً عن دار استأجرها لكني لم اجد، فاسعار الدور ارتفعت الى ثلاثة اضعاف مبالغها السابقة حتى وجدت من يدلني الى هذا المكان الذي سبقتني اليه عوائل عديدة.
لم نجد الا هيكلاً
يقول الحاج كاظم عبيد: عندما جئنا الى هذا المكان عرفنا انه كان بناية تابعة الى وزارة التصنيع العسكري، غير ان هذا المبنى تعرض الى السرقة والتخريب، وجدنا فيه اسلحة وصواريخ وعدداً عسكرية.
هذا المبنى على ما يبدو كان مصنعاً لمواد تدخل في صناعة الصواريخ، استغلت العوائل المساحة الكبيرة التابعة لهذا المصنع وقامت ببناء مساكن من البلوك والطين تفتقد الى ابسط مقومات السكن الطبيعي فهي لا تحمي من حر ولا مطر ولابرد..
الصواريخ بجوارنا
ام زهير تقول عائلتنا استغلت هذه المساحة الصغيرة لبناء مسكن من البلوك والطين بنيناه بمساعدة العوائل المتعاونة في هذا المجمع. بعد ان نظفنا المكان من بقايا الأسلحة والعبوات والصواريخ..
نقلنا الصواريخ الى مكان آخر ولكنها قريبة منا وقد جاءت القوات المتعددة الجنسيات وتأكدت من انها لا تشكل خطورة علينا لانها غير محشوة بالمتفجرات.
وتتابع ان العوائل كانت قد طلبت مساعدة القوات الامريكية في تنظيف المكان من الأسلحة والمتفجرات.. وفعلاً فقد قامت هذه القوات بنقل المتفجرات الى مكان آخر قريب من المجمع وتم دفنها واحاطتها بعلامات.
احمد الذي فقد ذراعه
اطفال المجمع الفقراء الذين يبدو الفقر والعوز قد ترك اثاره على وجوههم واجسادهم، لم يجدوا الا ساحة المجمع وبقايا الحديد والعبوات الفارغة والتراب وسيلة للهوهم..
قبل اشهر كان احمد يمضي وقته يلهو مع الأطفال في ساحة المجمع قادته خطواته الغضة الى كومة من التراب راح ينبشها فاغراه لغم ملون فسحبه وظل يلهو به ويتبادل مع الأطفال اللغم، سحب احمد صماماً في اللغم فانفجر وبتر يده واحرق جسده ولحسن الحظ كان بقية الأطفال بعيدين عنه عندما انفجر اللغم- نقل احمد الى المستشفى وبعد فترة خرج منه لكنه فقد ذراعه..
احمد يكره الان جميع لعب الأسلحة ويخاف من اصوات الانفجارات التي يسمع دويها. احلام الطفولة الفقيرة مكلفة ايضاً.
والدته تقول وماذا يجني الفقراء غير الألم والمرض والعوز.
متعاونون
يقول سمير عبد الكريم.. منذ ان سكنا في هذا المجمع لم نر مسؤولاً في الدولة صغيراً أو كبيراً واطلع على معاناتنا.. لكن في الانتخابات الاخيرة امتلأ المجمع بملصقات القوائم الانتخابية وكلها تعدنا بالخير وحل مشكلاتنا.
الا اننا لم نلمس بعد أي خير أو وعد من تلك الوعود فنحن معاناتنا متعددة.. لقد سكنا هنا مرغمين ومساكننا كما ترى لا تحمي من حر الصيف ولا مطر الشتاء إضافة الى شحة الماء والكهرباء ولا ننا لم نر من يهتم بنا وبمشاكلنا قررنا ان نعتمد على أنفسنا إذ ساهمت العوائل بمبالغ قطتعها من لقمة أطفالها لسحب انبوب الماء الذي تم تقسيمه بين كل مجموعة من العوائل على حنفية واحدة، كما ساهمت العوائل بجمع مبلغ اخر لمد تيار الكهرباء الى المجمع.. العوائل هنا متعاونة وهذا ما يخفف عنها مشكلاتها ومعاناتها.
ولكن الى متى سنبقى على هذه الحال ولماذا لا تلتفت الينا الحكومة والمنظمات الانسانية العديدة التي نسمع عنها ولا نراها.
مجمعان حديثان
عندما يدخل سكان هذ المجمع الى مساكنهم المبنية من الطين والصفيح والبلوك وعندما يخرجون فانهم ما ان يمدوا بصرهم الى الجهة المقابلة يرون مجمعين سكنيين فارغين بنيا حديثاً قيل انهما مجمعان لاسكان الطلبة.
تقول خالدة عبد الرزاق منذ ان سكنا هنا وهذان المجمعان فارغان كثيراً ما جعلني اتساءل لماذا لانسكن نحن فيها، لماذا هما فارغان وهناك عشرات الآلاف من العوائل تحلم بسكن يليق بالانسان، الم يبن هذان المجمعان باموال الشعب السنا نحن من الشعب، فلماذا لا تسكن العوائل هذين المجمعين، لماذا نبقى هنا في هذه المساكن التي لا تتوفر فيها ابسط مستلزمات السكن الحقيقي...
تضيف عيوننا ايضاً ننظر الى ذلك المجمع القريب منا والذي تم بناؤه في زمن النظام السابق واعطي للمقربين والضباط في الحرس الجمهوري والى مواطنين من جنسيات عربية كانوا يعملون في الأجهزة الامنية للنظام السابق، بينما كنا نحن نسكن تحت رحمة المؤجرين تتكدس أكثر من عائلة في غرفة واحة.
يقولون هذا بلدكم وخيره لكم.. لكننا لم ينوبنا من بلدنا غير عذابات الجوع والالم والحروب التي اخذت منا اعز الناس علينا، اما خيرات بلدنا فانها للغرباء ولاهل الحكم والسلطة.
هل حقاً هم يفكرون بنا ؟!
ويقول احد سكان المجمع فاضل يونس.. انه يسمع ويقرأ في الصحف عن المجمعات السكنية التي تقوم وزارة الاسكان والاعمار بتنفيذها لكنه لا يتوقع ان يأتي اليوم القريب الذي يمكن ان يحصل فيه الفقراء على سكن في هذه المجمعات..
يونس يعتقد بان الفقراء والمحتاجين حقاً الى سكن لن يفكر بهم احد وان هذه المجمعات تذهب الى المقربين من الحكومة والاحزاب اما نحن فسنظل نعيش على هامش الحياة.. ويتابع.. الكل يتحدث عن الفقراء وعن ابناء الوطن ولكن عندما يحين الاختيار الحقيقي فانهم جميعاً يتنصلون من وعودهم.
السنا ابناء الوطن؟
تحلم الحاجة جميلة بسكن لائق في بيت مثل بيوت المجمع الذي يقابلها فيه غرف مبنية من الطابوق وفيه ماء وكهرباء ومرافق صحية، وفيه باب يمكن ان تغلقه وتفتحه متى تشاء ليس مثل باب غرفتها الذي تتلاعب به الرياح.
وتقول الحاجة جميلة.. لقد تعبنا من الايجارات وتعبنا من التنقل من منطقة الى أخرى، ليس لنا جيران دائميون فكل مرة نحن في مكان.
وتتساءل الحاجة جميلة هل صعب على الحكومة ان تبني لنا هنا مجمعاً سكنياً.. السنا ابناء هذا الوطن، الم يقل المسؤلون انهم جاءوا لينصفوا الفقراء، متى يتم انصافنا.. نحن لا نريد أكثر من بيت يجمعنا تحت سقفه يحمينا من حر الصيف وبرد الشتاء.. لقد تعبنا يا ولدي لا احد يعرف معاناة وعذاب من لا يملك بيتاً الا مثله- فنحن نشعر كأننا غرباء لاننا لا نملك شبراً في هذا الوطن..
لا نبيع الوطن بكنوز الدنيا
وتضيف بعضهم يسموننا (الحواسم) لاننا سكنا هذه الأرض التي تعود الى الدولة.. سامحهم الله هؤلاء لانهم لم يشعروا بالمعاناة التي يشعرها من لا يملك سكناً.. وانا اريد ان اقول لهم نحن لسنا حواسم فنحن لم نسرق وطننا ولم نخرب بلدنا ولم نقتل اخوتنا.. من اجل بلدنا ضحينا بالغالي والرخيص.. ولم نبع وطنناً ونحن الفقراء الجائعين، الحواسم هم من باع الوطن ومن اغتنى وبنى القصور على حساب الوطن واهله وامنه واستقراره..
تصمت الحاجة جميلة وترفع رأسها.. هل كتبت كلامي هذا ياولدي..؟
قلت نعم.. ارجوك انشره... فعسى ان يقرأه الحواسم الحقيقيون الذين يقتلون اخوانهم من اجل المال عسى الله ان يهديهم الى الطريق الصحيح.. نحن الفقراء يا ولدي لا نبيع اخواننا في الدين والوطن بكنوز الأرض مهما جعنا ومهما عرينا.


مجتمع الطفولة في ضوء مقالات المدى ودراساتها .. محاولة لخلق وعي يحمي الطفولة
 

بعقوبة/ عمر الدليمي
ضمن موسمه الثقافي الحالي وتواصلاً مع نشاطاته ودراساته في عالم الطفولة قدم مركز ابحاث الطفولة والامومة في جامعة ديالى الأستاذ الدكتور صباح مهدي القريشي في ندوة حملت عنوان "مجتمع الطفولة في ضوء نشريات المدى" وهي دراسة مفصلة لما تم نشره في هذا المجال في الجريدة خلال عام (2004- 2005).
وافتتح الدكتور سامي مهدي العزاوي مدير المركز الندوة بكلمة اكد من خلالها ضرورة تضافر الجهود من اجل طفولة سليمة ومعافاة واستخدام الوسائل العلمية في التنشئة والتربية.
وبين المحاضر من خلال خمسة محاور تناولت ما نشرته (المدى) اهمية اهتمام وسائل الإعلام بخلق وعي اجتماعي عام يتعلق في هذا الجانب فضلاً عن المعالجات التي تقدمها هذه النشريات.
واشار في مقدمة البحث الى ان جريدة المدى التي تصدر عن مؤسسة المدى للاعلام والثقافة والفنون قد مثلت اتجاهاً فكرياً واصلاحياً معاً ومنبراً صحفياً متميزاً.
وقد شملت مساحة الدراسة اعداد الجريدة بدءاً من العدد (137) الصادر في حزيران 2004 وحتى العدد (474) الصادر في 27/ ب 2005، إذ تناول في المحور الاول معالجات الجريدة لجوانب امراض الطفل العضوية وفي المحور الثاني درس الباحث معالجات الجريدة لامراض الطفل النفسية فيما جاء المحور الثالث في منشورات الجريدة بشأن تشخيص العلاقة بين الطفل والظواهر الاجتماعية.
ودرس في المحور الرابع ما نشرته المدى عن الطفل واساليب التعلم الحياتية حيث ركز هذا المحور على كيفية التحدث الى الأطفال والاجابة عن اسئلتهم وتأثير التلفزيون.
وجاء المحور الامني لعرض جداول الدراسة حسب المحاور التخصصية وعرض استنتاجات الباحث التي خلص اليها وقد تضمنت اهتمام المدى الجدي بموضوعات المجتمع والاسرة والطفل وتنوع مفردات المادة المنشورة المختصة بمجتمع الطفولة واعتماد الدراسات المنشورة على الخبرة الاكاديمية المقترنة بالثوابت والتجربة العلمية التطبيقية، كذلك التصاعد الذي شهدته هذه المعالجة نظراً لحيوية موضوعات الطفولة وتجاوب القراء معها. وفي خاتمة استنتاجاته ركز الباحث على ان الجريدة قد عمدت الى المنهجية العلمية المتدرجة والبعيدة عن الاسفاف والتكرار والتداخل في المعالجات مما يشير الى ايجابية تسجل لكل المواد المنشورة.
وفي ختام الندوة التي حضرها جمهور كبير من الاساتذة والباحثين والمثقفين قدم الباحث عدة توصيات في جانب معالجة امراض ومشكلات الطفولة مشيراً الى اهمية اعتماد محرري الصفحات المختصة على الخبرات العلمية والاكاديمية في الجامعات والمعاهد المختصة، وضرورة تعزيز الموضوعات المنشورة بالصورة والمخططات الايضاحية لتقريب الافكار من القراء غير المختصين.
واقترح الباحث الذي يشغل رئاسة قسم التاريخ في كلية التربية جامعة ديالى اجراء دراسة مماثلة على صحف أخرى لا تقل انتشاراً عن المدى ومن ثم اجراء المقارنات بهدف تعميم الفائدة والتوسع في دراسة كل محور من محاور الدراسة الحالية أو دراسة محاور جديدة وبالتالي التوسع بالاجراءات والنتائج واقترح ان تكون هناك زاوية ثابتة للطفولة في المدى وان يتم عقد مؤتمر سنوي لتقويم ما تم نشره وردود فعل القراء إزاءه وبيان محددات الاهتمام به على مستوى الفرد والاسرة والمدرسة والمجتمع على ان يدعى الى هذا المؤتمر خبراء وكتاب الموضوعات المنشورة ونخبة من القراء بهدف الوصول الى افضل صيغ العمل والتفاعل.
وانتهى الباحث الى الاشادة بالمشروع الثقافي للمدى بشكل عام والقائم على حرية الرأي والرأي الاخر والساعي الى نشر الثقافة من خلال اصداراته في هذا المجال.


إنحناءة أمام التواضع العلمي
 

أ.د محمد يونس
نتمنى المبادرة السريعة بتعلميات جديدة تتلاءم وواقعنا الحاضر وظروفنا القاسية وتوجيه الملاك الإداري في الجامعات العراقية لتجاوز الروتين المقيت والتخوف والتوجس من المبادرة التي تكمن فيها مصلحة المؤسسة الجامعية والاستاذ!

لم يتعود المواطن العراقي على خروج (الوزير) على التقليد الذي (يحنط) السادة الوزراء وكأنهم من عالم آخر، فيكتب في المشكلة العويصة ويطرح النداءات ويطالب الجمهور بالمساعدة في حلها وايجاد الصيغ المناسبة للقضاء عليها ووزير التعليم العالي بما عهدنا فيه من شجاعة علمية وثقة عالية بالنفس وتواضع مبدئي واخرها مطالبة الجماهير والمنظمات بحماية الأستاذ الجامعي المهدد بالاخطار من كل جانب.
"فالاستاذ" لقب علمي رفيع لا تحصل عليه الا القلة المتميزة من التدريسيين والباحثين، الذين يفنون زهرة العمر في التدريس والبحث والتأليف ويقدمون عصارة مجهوداتهم الفكرية لعقود من السنين. ونجد ان الجامعات المتقدمة لا تفرط بالاستاذ الجامعي، بغض النظر عن العمر، مادام قادراً على العطاء، واعتادت على تكريس رعيلها الاول والتأليف والاشراف على الدراسات العليا، في حين تكلف العناصر الشابة بالتدريس لطلبة الدراسات والمسؤوليات الإدارية، وبذلك تتم المعادلة العلمية بشكلها النشيط والشفاف ويتحقق التفاعل الشامل بين الرعيل الاول من الاساتذة البارزين بتجربتهم الثرة ونتاجاتهم المؤثرة وبين الجيل الجديد المتعطش للعلم والخبرة، ويتمخض عن ذلك التألق والتفوق والابداع!
يتعرض الآن البعض من الرعيل الاول من الاساتذة الجامعيين العراقيين للذبح والاغتيال والاختطاف والابتزاز، ويضطر البعض الاخر الى مغادرة البلد تحت سوط التهديد بالموت البشع، والغريب في الأمر والذي يستعصي على الفهم ان بعض الدوائر الجامعية مكبلة الايدي بروتين متخلف لا يمت الى الواقع القائم بصلة، مما يتسبب دون قصد بحرمان البلد من الطاقات الجامعية القادمة من الخارج والمتطوعة لخدمة الوطن والمتعرضة لابشع أنواع المخاطر.
اننا نناشد الأستاذ الدكتور سامي المظفر واركان وزارته وملاكها المتميز ان تبث روحية التعامل الايجابي مع هذه القضية بواقعية صادقة، وتسهيل مهمة عودة الطاقات الجامعية وتجاوز الروتين المتخلف بجميع السبل والمبادرة الى الخطوات الخلاقة المتطورة مادام الهدف هو مصلحة البلد والمؤسسات الجامعية.
نتمنى المبادرة السريعة بتعلميات جديدة تتلاءم وواقعنا الحاضر وظروفنا القاسية وتوجيه الملاك الإداري في الجامعات العراقية لتجاوز الروتين المقيت والتخوف والتوجس من المبادرة التي تكمن فيها مصلحة المؤسسة الجامعية والاستاذ!


إنحراف الأحداث وجنوحهم .. أسبابها ومعالجتها مسؤولية الجميع
 

بغداد/ابراهيم الجوراني
من بديهيات القانون الجنائي ان الحدث الجانح والشاب المنحرف ماهو الا ناتج طبيعي للتنشئة الاسرية وتربيته الاجتماعية وهو بذلك مصنوع وليس مجبولاً على الانحراف والجنوح. واذا كان في كل مجتمع آفة تنهك قواه وتنخر اعضاءه فان الافة المشتركة لكل الشعوب هي الجريمة، فما هي العوامل التي تساعد أو تعمل على جنوح الاحداث وانحرافهم؟
يمكن ارجاع العوامل التي تعمل على جنوح الاحداث ووضعهم على طريق الاجرام الى منبعين اساسيين هما: شخصية الحدث الجانح نفسه من حيث تكوينه النفسي واعتلاله العقلي والجسمي وكذلك مجتمع الجانح وبيئته وما تحوي من مؤثرات تنمي الاستعداد الذاتي للجنوح وتوفر له اسباب الظهور والتأثير.
اولاً. الاسباب الداخلية (الشخصية)
وتكون في اغلبها نفسيه خاضعة للغرائز الاولية التي لم يتم اشباعها في سني الطفولة الاولى ومنها غريزة حب التملك والاستحواذ التي تدفع من يعاني منها نتجية قصوره النفسي- الى اشباعها عن طريق السلب والنهب والسرقة المقرونة في كثير من الاحيان بالاعتداء والقتل، أي ان الغريزة الواحدة غير المشبعة انتجت جريمتين في آن واحد هما: السرقة والقتل، ومن الغرائز الاخرى الغريزة الجنسية التي تدفع الى ارتكاب جرائم الشذوذ الجنسي وما يشبهها نتيجة ضعف الموانع الاخلاقية والدينية والقيمية التي تلجم تلك الغريزة.
لذا نجد ان عدم اشباع الغرائز أو تركها سائبة منفلته تجعلها تعيش مع الفرد مهما تقدم به العمر أو تحسنت احواله، واهل بغداد يتحدثون الى اليوم عن ذلك الشاب الذي كان يعبر نهر دجلة للجلوس في احد المقاهي لشرب الشاي ولكنه بعد شربه الشاي ودفع الحساب يعمد الى وضع (استكان) الشاي الفارغ في جيبه ليرميه في نهر دجلة عند عودته.. انه بالتأكيد لم يفعل ذلك لانه محتاج اليه بقدر ما يشبع في نفسه غريزة تأجل اشباعها منذ طفولته.. الا وهي غريزة حب التملك.
ومن العوامل المؤثرة في تكوين الجنوح الأمراض العقلية التي تجعل المصاب بها قاصراً عن ادراك ما يفعل وتفقده الاستبصار والتمييز بين الخير والشر والنفع والضرر والحلال والحرام، وذلك اصابة الشخص بالامراض الجسمية وخاصة الظاهرة لانها تولد في نفسه شعوراً بمركب النقص الذي إذا اقترن بمسبب اخر هو ضعف التوافق والتكيف سيدفع المصاب الى ارتكاب المخالفات ثم الجنح والجرائم بدافع اثبات الذات حيناً والانتقام من المجتمع وافراده حيناً آ
خر.
ثانيا. الاسباب الخارجية
ان أول هذه العوامل والاسباب هو سوء حال الاسرة وضعف السيطرة الايجابية فيها، فالافراد الجانحين هم بالتأكيد نتاج آباء وامهات لا يبالون ولا يعيرون وزناً للضوابط والروابط الاسرية هذا الجو المشحون بالعبثية واللاابالية وضعف الانتماء الاسري يدفع الحدث الى بناء علاقات سقيمة مع رفاق السوء الذين يتخذهم مثلاً في سلوكه المنحرف ومعيناً في ولوج عالم الاجرام، وتشغيل الاحداث والصبيان لا يقل خطراً عن التفكك الاسري وذلك لان الصبيان عندما يحتكون بالاكبر منهم سناً اثناء العمل سيكتسبون عادات وسلوكيات اكبر من اعمارهم تؤدي بهم الى الفساد الخلقي والاجتماعي، ولا ننسى تقصير المدارس في واجبها التربوي والاجتماعي الوطني في تنشئة جيل منضبط وتنمية الرقيب الذاتي لديه (الضمير) عن طريق رسم الحدود الثلاثة له (العيب والحرام والممنوع)، كما ان انتشار ثقافة العنف في الالعاب ووسائل الإعلام لها اثر كبير في التأسيس للمخالفة والجنوح في نفوس الأطفال والفتيات.
كيف نحمي الاحداث من الجنوح؟
ان حماية الاحداث من الجنوح تتطلب العمل الجاد بخطين متوزايين: الاول علاجي والثاني وقائي: ان علاج الجانحين عليه ان يتخطى العقوبة وام يشتق منها لان الجانح ليس مجرماُ ولا يمكن تصنيفه على وفق هذا الاساس ولكنه ضل الطريق وهو بحاجة الى رعاية نفسية اجتماعية مهنية كي يعود سالماً معافى الى مجتمعه ويمارس حياته العامة صحيح العقل والجسم مزوداً بقدر كافٍ من المؤهلات المعرفية والمهنية التي تساعده على الاندماج في الحياة العامة بدافعية ورغبة ومشاركة مع غيره من افراد المجتمع.
اما الوقاية من الانحراف والجنوح فيجب ان تبدأ بالاسرة عبر حمايتها من التشتت والتفكك وانهيار البناء العائلي في حالات الوفاة والزواج والطلاق وضمان حقوق الأطفال والتكفل برعايتهم من حيث الصحة والتعليم ومنع انزلاقهم في مهاوي الجنوح وكذلك محاربة العلل الثلاث (الفقر والجهل والمرض) بتأمين العلم المجاني والضمان الصحي والعمل الشريف لكل فرد في مجتمع بنشد البقاء والرقي.

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة