(اشياء
تركتها في هافانا) ومأزق المهاجرين في أسبانيا الآن
ترجمة
واعداد
عادل العامل
تعد
حياة المهاجرين الاجانب في اسبانيا، وخاصةً من افريقيا
وأمريكا اللاتينية، واحدة من اهم الموضوعات التي تشغل بال
السينمائيين التقدميين الأسبان الذين يعتبرون ما يلاقيه
هؤلاء المهاجرون من قسوةٍ وإزدراء هناك امراً مخجلاً
ويحاولون معالجته سينمائياً على النحو الذي يقلل من وطأته،
في الأقل.
وهناك أفلام كثيرة في هذا الاطار خلال السنوات الاخيرة مثل
"رسائل الو"، "تاكسي"، و"أشياء تركتها في هافانا".
والفلم الأخير من إخراج مانويل غوتيريز أراغون، الذي كتبه
ايضاً بالتعاون مع الكاتب الكوبي سينيل باز، وقد حقق
نجاحاً تجارياً في اسبانيا، ويعد كوميديا من النوع الحلو
تركز على مأزق المهاجرين الكوبيين غير الشرعيين في مدريد.
وتقدم أسبانيا هنا كبلد مضيف يستغل المهاجرين الذين
ينتفعون بدورهم من الذين على شاكلتهم من المهاجرين.
ويظهر لنا هؤلاء مصطفين في مطار مدريد، في مشهدٍ تبدو فيه
اسبانيا بلاداً أبوية التعامل تستقبل المهاجرين بطريقة
تحسد عليها. وعندما تقوم نينا، وروزا، ولودميلا، وهن ثلاث
أخوات جئن إلى اسبانيا من أجل حياة افضل، بتقديم وثائقهن
مبتسمات للشرطي، يحذرهن بان تتقدم واحدة فقط في كل مرة،
متمتماً مع نفسه: "هؤلاء الكوبيات العاهرات"! وفي تبادلٍ
ما بين إيغور، وهو شاب كوبي يعيش في مدريد، والصديق القادم
للتو والذي جاء للقائه في المطار، يجري تذكير المشاهد بان
اخلاص اسبانيا لمستعمراتها الامريكية اللاتينية السابقة قد
تراجع لفسح المجال لميثاق جديد مع اوروبا.
فيقول الصديق: "هذه ليست بلاداً أجنبية، هذه وطننا"، فيرد
عليه إيغور قائلاً: "الوطن الآن عاهرة!".
وتظهر موضوعة عدم تقبل الأسبان للمهاجرين الامريكيين إلى
السطح عندما تقوم عمة بطلات الفلم، وهي لاجئة رسمية، بوضع
خطة للحصول على وضع قانوني لواحدة من بنات أخيها هؤلاء،
وهي ان تجعل نينا تتزوج من أسباني أسمه خافيير. ويمكن
لرغبة ام خافيير هذا ان تؤدي بالمرء للتفكير بأنها تتقبل
الكوبيين، إلا ان هذا الظن سرعان ما يتلاشى عندما توضع
شروط اتفاق ما قبل الزواج من طرف ابنة الأخ. فتصر الام على
ان تتخلى نينا عن حقوقها لملكية الابن، اضافة إلى ان الأم
أرادت من الزواج ان يضفي على أبنها الشاذ جنسياً محترمية
عائلية اجتماعية.
ويتكرر هذا الموقف العنصري في علاقة الشاب الكوبي إيغور
بمستخدمه، وهو مزور جوازات أسمه ادولفو، الذي لا يخاطب
إيغور إلا بـ "الكويبي". كما يبدو اتباع أدولفو هذا، من
رجال الشرطة الفاسدين الذين يحققون أرباحاً من بيع
الجوازات غير القانونية، على نفس المستوى من الرغبة في
اشعار ايغور بانه أجنبي. ولإسم أدولفو هذا دلالته المشيرة
إلى ماضي اوروبا الفاشي، وفي الوقت نفسه إلى هويةٍ متخطية
للحدود القومية، ومرغوب فيها لدى الاسبان - اوروبا الجديدة
التي تتراصف بسرعة كدرع، لا ضد جيران تساكنوا معهم بسلام
لقرون عدة فقط، بل وضد مهاجرين أتراك وأفارقة وعرب وغيرهم.
وهي على كل حال اسطورة أو موضع تنظر إليه العمة الكوبية
على ان الاوروبيين الوحيدين فيه هم الابقار والغنم
والدجاج، فالناس ما زالوا من البلاد التي ولدوا فيها،
إنكليزاً وفرنسيين وألماناً وأسباناً وبلجيكيين - بلجيكيين
بالذات، وهو الرمز الشفوي للهوية المتخطية للقوميات التي
يتبناها الأسبان، كما يظن.
|