الحرية
حاجة ضرورية أم حالة من الترف؟!
بشرى
الهلالي
هل الحرية هي تلك
الكلمة التي ترددت كثيراً في كتب التاريخ والوطنية وتشدق
بها السياسيون والشعراء وسالت من اجلها الدماء أم هي تلك
الهرة الحبيسة في صدورنا التي ضاقت بها خجلاً، وعقولنا
التي اختارت لها سجناً ابدياً في زاوية ما بعيداً عن اعين
النقد والنقاد وواضعي مناهج السلوك المعلب في مجتمعات
مقولبة؟
- الحرية هي ان لانقلق او نخاف وطالما اننا نشعر بالخوف
والقلق اذن نحن لسنا احراراً..
كان هذا جواب السيدة (امل خضر) الناشطة في حقوق الإنسان..
وبعيدا عن الأجوبة العمومية التي قد توجه الموضوع وجهة
سياسية نحاول ان ننأى عنها قدرالإمكان.. سألنا السيدة امل:
* لو
اتيحت لك حرية كاملة ليوم مثلاً او نصف يوم.. مالذي
ستفعلينه؟
- بصراحة ربما لاشيء.. لأن ترك نفسي على سجيتها والاستسلام
لرغباتها يعني ان اعيش كما ارغب.. وهذا خطير.. فلو عاش كل
منا كما تشتهي النفس.. قد يتلف كل شيء وربما يضطرب نظام
الكون.. جميل ان اكون على سجيتي دون الإهتمام بمن حولي
ولكن قد تتداخل هذه الحرية مع حريات الآخرين فتسبب جرحاً
لهم.. اذن حريتي تنتهي عند بداية حرية الآخرين.. لأنه من
المستحيل ان تتفق الحريات على نظام واحد.. اذن ستعم الفوضى..
كان للآنسة (فداء عبد السلام) رأي أكثر جرأة قالت:
- لو اعرف انني سأجد من يحتملني لتركت نفسي على سجيتها..
ربما سيخرج الطفل الحبيس داخل رأسي.. أظن ان لا احد يستطيع
احتمالي.. انا مجبرة ا ن اتصرف وفق اهواء الغير.. ليس انا
فقط بل الجميع.. لهذا كل منا يحتاج الى ايجاد شخص يستطيع
ان يكون امامه على سجيته.. شخص يحبني بصدق.. لا اشعر
بالخجل امامه.. كالطفل مع امه.. مكشوفة تماماً.. بل ربما
اكثر من ذلك.. فعندما نكبر نبتعد حتى عن امهاتنا بل نضطر
احياناً الى ارضائهن او مجاراتهن ببعض السلوكيات رغم عدم
توفر القناعة.
* وهل وجدت هذا الشخص ؟
(ضاحكة بحزن)
- تعرفين ان هذا الموضوع يثير الشجون.. انا نفسي لم افكر
بأهمية الحرية في اختياري للشخص الذي سأرتبط به.. وجواباً
على سؤالك، لم اجده حتى الآن.. ولا اظنني ساجده.. فكل
الشباب الذين نقابلهم يمتلكون قوالب جاهزة عن زوجات
المستقبل.. وهم يلبسون الجينز قبل الزواج وربطة العنق بعد
الزواج.. فلو حاولت ان اتصرف بحرية امام زوجي لظن انني
مجنونة او فتاة نزقة.. فالرجل يريدها (موزونة) لتكون زوجة..
فالحرية (عيب) في نظر البعض.. اذن لاوجود لمثل هذا الرجل..
ولو وجد يوما فسنصنع قانونناً الخاص لأننا احوج مانكون الى
الحرية. ربما تكون فداء على حق.. نحتاج الى ان يكون كل منا
حراً مثل –
طرزان
–
وهو يمسك فرع الشجرة
ويترك نفسه الى حركة الغصن والرغبة في المخاطرة.. ولكن هل
بيننا من يمتلك شجاعة طرزان؟ الشاب (رائد فايق) احد الشباب
المولعين بالهبوط بالمظلات والذي كان يتدرب في احد النوادي
الرياضية بدا آسفاً لتوقفه عن التدريب بسبب الظروف الأمنية
واجاب –
طرزاننا
–
على كل هذه الأسئلة قائلاً:
- الشعور بالحرية، طبعاً، هو وراء عشقي لرياضة الهبوط
بالمظلات.. واصعب لحظة هي البداية.. اي الخروج من الطائرة..
ولكن بمجرد ان اطير في الفضاء يتملكني احساس هائل بانني
استطعت لفترة من الزمن ان اكون مع نفسي..
* الا يتملكك الخوف من السقوط او الموت؟
- اكيد.. وهذ ا يزيد من عزيمتي ويدفعني للتمسك بالحياة..
* اذن هل تظن ان نقطة البداية هي الأهم في امتلاكك للحرية
؟
- من المؤكد ان النظر الى ما حولنا ومراقبة تصرفاتهم
يدفعنا الى مراقبة تصرفاتنا.. فالأمر يشبه وجودنا في حفلة
وكل منا ينتظر ان يبادر احدهم الى الرقص.. فاذا وجد من
يمتلك زمام المبادرة ربما رقص الجميع والا انتهت الحفلة
وكل من الحضور يكبت رغبته بالرقص خوفا من انتقاد الحاضرين..
* لهذا يكون الرجل هو صاحب المبادرة في العلاقات العاطفية؟
- غالباً..ولكن برأيي ان الامر هنا يختلف.. يجب ان يمتلك
الطرفان حرية المبادرة.. الحب بحد ذاته هو حرية.. لا يجب
ان يخضع لقانون او حدود معينة.. لأنه عندئذ سيكون وظيفة او
علاقة شأنه شأن أية علاقة بيننا وبين من يحيطون بنا.. ومع
الأسف.. هذا ما نلاحظه على العلاقات الزوجية والعاطفية
التي تحيط بنا.. انها تخضع لقوانين بشكل يدعو للقرف احيانا..
حتى تبدو كل العلاقات متشابهة..
احلام شباب لم يدخلوا قفص الزوجية.. ما مدى قربها من
الحقيقة؟ وماذا قال عنها المتزوجون؟ السيد (كمال صكر) مدرس
متزوج منذ سبعة عشر عاما قال:
- كلنا كنا نحلم بالحرية.. نحملها منذ الطفولة في صدورنا
وتكبر تدريجياً حتى تتحطم على صخرة الواقع والتقاليد وربما
قوالب الحياة الجاهزة التي تفرضها علينا الظروف من ناحية
والعرف من ناحية اخرى.. فقد تنتقدني زوجتي او اولادي ان
مارست حريتي خارج الحدود المتعارف عليها.. ربما اترك
العنان لنفسي احياناً مع اصدقائي.. المقربين طبعاً..
فالثقة مطلوبة قد يتناقل الناس وربما
–
السلطة
–
ماقلته وربما جلبت
المشاكل لنفسي.. هنالك دائماً رقيب على كل واحد منا قد
يكون رقيباً سياسياً او اخلاقياً.. وطبعاً هو شخص آخر
غيرنا.. ربما نكون احراراً فقط عندما نخضع لرقيب ذاتي فقط..
هل يعرف الجيل الجديد معنى الحر ية حقاً وماذا ان منحناه
الحرية يوما؟ (ورقاء سعد) طالبة في المرحلة الأعدادية
اجابت:
- الحرية المتاحة لي هي الأكل والشرب واحياناً لبس ما احب..
لا اعرف كيف اعود الى البيت وحدي رغم اني ساذهب الى
الجامعة في السنة القادمة.. منذ المرحلة الأبتدائية وانا
اركب (سيارة الخط) في ذهابي وايابي للمدرسة واهلي لطفاء
تعلمت منهم ماهو (عيب) وممنوع.. لم اتعلم منهم الحرية..
وفي المدرسة، نقرأ ان الشعوب تناضل من اجل الحرية.. ولو
تركت لي الحرية يوماً.. لفعلت الكثير.. ربما تجولت في
الشوارع.. ركضت.. صرخت او لا اعلم. فعلاً اشعر بأنني مع
ابناء جيلي لانعرف الحرية وحرمنا منها.. اشعر بأننا اشد
مانكون بحاجةً الى الحرية في هذا الوقت..
|