حمايةً
لتوازن السوق الاقتصادية العالمية ..
اوروبا
تلعب دور الوسيط بين الولايات المتحدة والصين
بقلم/ أريك لوبوشيه
ترجمة/ المدى
عن:لوموند الفرنسية
دون
شك، لا يمكن تجنب الانتباه الى طموح الصين ووسائلها
الجديدة الحيوية للدخول في لعبة الموازنة الدولية والتي
تندرج ضمنها زيارة الرئيس هوجنيتاو الى الولايات المتحدة
مؤخراً حيث واجه اربعة تساؤلات مهمة، اولها لأولئك
المدافعين عن حقوق الانسان ويأتي بعدهم المنتشرون على
ارصفة البنتاغون حيث يثار قلق كبير حول سياسة التوسع
الاقليمي العسكري للصين.. يضاف الى ذلك جماعة رجال الاعمال
التي تتهم الصين بكل انواع الخداع واخيراً اعضاء البرلمان
ومجلس الشيوخ الذين يفكرون في كل تلك الامور مجتمعة..
بمواجهة كل ذلك، اجاب الرئيس الصيني بان لديه ما يكفي من
المتاعب بحيث لا يمتلك الوقت او الفرصة للمنافسة او
الاعتراض على التفوق الامريكي..، وقال ان كل ما يشغله
حالياً هو شراء القمح وطائرات البوينغ ووعد خلال تناوله
العشاء مع بيل غيتس باحترام حق العمل رغم تأكيده على وجود
"تضارب في الآراء" بين البلدين وبان على الغرب ان يعي ذلك!!
هنا يبرز سؤال في الولايات المتحدة عمّا سيمكن عمله مع
الصين وما السبيل الى تجنب حدوث توتر او صدام معها وتبرز
الحاجة الى عدم خوض جدل او مناقشات قد تفضي الى حدوث صراع
القرن الحادي والعشرين. بين "العُقاب" و"التنين"، فقد ولّى
زمن البراغماتية المفتوحة في عام 1972 ثم فترة حكم كلينتون
التي استمتع فيها الامريكان بمشاهدة الصين الحمراء وهي
تنضم الى معسكر اقتصاد السوق، ذلك ان ملياراً و300 مليون
نسمة دخلوا حالياً في اللعبة الدولية وقلبوا جميع الموازين
وصار بامكان الصين ان تجتذب جميع المستخدمين الصناعيين
وتضغط على الاجور العالمية وتشعل فتيل ازمة النفط والمواد
الاولية، كما ان الصين تصدر بضائعها حالياً الى كل مكان
وتجمد احتياطيها الاكبر في العالم وتفاقم التلوث وتطمح الى
ان تشتري الشركات الغربية مشاريعها ومنتجاتها..
قد يكون ردود الفعل المعترضة على سياسة الصين فيها شيء من
المبالغة لكن امريكا
–
كما هي عادتها دائماً
–
تنظر للامور بطريقة
فاحصة وسابقة لاوانها خاصة ان الصين استفادت من التكامل
الاقتصادي الآسيوي ابتداء من اليابان المبتكرة وحتى الصين
المحترفة وتحولت بفضل ذلك الى عملاق يمكنه منافسة الولايات
المتحدة..
ويبرز التوازن الجديد بين الندين عبر قيام الصين بشراء
بضائع كبيرة من اجود كنوز الامريكان وسد نقص الميزانية
الامريكية اضافة الى دفع الضرائب للحفاظ على آلية عمل جميع
الانظمة، فالصين تنفق حالياً على المستهلك الامريكي ليعمل
على شراء منتجاتها، لكن العجز المالي الامريكي لن يدوم الى
ما لا نهاية ولابد ان تتوقف الصين ذات يوم عند حدود معينة..
واذن؟ فقد وجد مذهب "الحمائية" أي حماية اقتصاد البلد
الكثير من المؤيدين له طالما لم تحترم الصين التزاماتها
الاقتصادية بعد دخولها في المنظمة العالمية للتجارة،
ومارست الانفتاح على الاسواق الاجنبية والصراع ضد القرصنة
العالمية.. الخ.
وتتركز سياسة الصين الاقتصادية الحالية حول سعر صرف الين،
بعد ان كانت مهتمة بتنشيط قدرتها على المنافسة فقط، وقد
اقترح شارلز سكومير عضو مجلس الشيوخ الامريكي فرض ضرائب
على الواردات الصينية بقيمة 27.5% طالما لم يتم تسعير الين،
بينما يطالب الصناعيون الامريكيون بزيادتها الى حد 40%..
اما معارضو مبدأ الحمائية فيطالبون بتطبيق الديمقراطية في
الصين وان تؤدي التبادلات التجارية وعدم التوازن الحاصل
حالياً الى انتشار المواطن الصيني كما يقول جاش مستراك من
حوض الباسفيك في الوكالة المالية لواشنطن.. وترى الصين ان
رغباتها بتحقيق الديمقراطية قد تقودها اخيراً الى التوقف
عن الاعتماد على صادراتها، طالما انها ستلتحق بالسباق
التجاري للسوق وقد تتعرض الى ردود فعل مضغوط عديدة من
بينها مذهب الحمائية، الذي يتم تطبيقه في الولايات المتحدة..
وبالنسبة للاوربيين، فقد يكون من الافضل لهم ان يمكثوا
خارج هذا التنافس سيما وان صمتهم يعطي انطباعاً بانهم
يودون الابتعاد عن اية مشكلة اقتصادية عالمية يمثل قطبيها
الولايات المتحدة والصين، وما دام التبادل التجاري
الاوروبي مع الصين اكثر توازناً والالمان يحصدون مكاسب من
وراء ذلك اضافة الى ضعف تأثير الحمائية في اوروبا فكل ما
يجري بالنسبة لهم هو امر وقتي ونسبي..
مع ذلك، يخشى المسؤولون الاوروبيون من انهيار سعر الدولار
لان قيمة اليورو ما هي الا انعكاس للعلاقة بين الدولار
والين ونتيجة واضحة لهما.. واذن، فعلى اوروبا ان تلعب دور
الوسيط على الاقل اذا كانت تمتلك ديبلوماسية اقتصادية مالم
تدفع الصين الى اعادة تسعير الين وتنويع احتياطيها
والتركيز على اقتصادها وقد يعمل الاوروبيون على تحذير
امريكا من خطورة الاعتماد على قروض الصين التي ستبني مجدها
المقبل على حساب نقص الميزانية الامريكية.. قد تشارك
اوروبا اذن في لعبة كبرى تقود الى تهدئة التوتر المتصاعد
في الخفاء لحماية اقتصادها وتوازن السوق العالمي.
|