مواقف

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

المحافظون الجدد يضربون مجددا
 

بقلم ديفيد كلارك
ترجمة فاروق السعد

عن:الغارديان

لم تكن المرة الاولى التي لعبت فيها ادارة بوش دورا مهما في اقناع توني بلير على طرد وزير خارجيته. فلم يتم التطرق الى الامر الا لماما، و لكن ابعاد روبن كوك في 2001 كان قد جاء بعد حالات عدائية من واشنطن و تعابير خاصة عن الشكوك في داوننغ ستريت حول قدرته على العمل مع ادارة جمهورية. و مرة اخرى، ربما يكون هنالك عوامل اخرى، و لكن لا يبدو أن أيّاً من تلك التي اقترحت في حينها مقنع. ان التعديل الوزاري في الاسبوع الماضي يساعد في وضع الصورة في سياق جديد موحٍ. لقد جاءت اولى علامات ما سياتي في عملية التحضير للانتخابات الرئاسية عام 2000، عندما بدأت البرقيات من السفارة البريطانية في واشنطن تتحدث عن موقف متشكك تجاه حكومة بلير من جهة اولئك الذين يحتمل ان يشغلوا مناصب مهمة في ادارة بوش المقبلة. كان اناس مثل دك تشيني و رتشارد بيرل يعبرون عن الشكوك حول مدى الاعتماد على حزب العمال، مستشهدين بوجود وزراء مهمين ساندوا نزع السلاح النووي و انتقدوا سياسة الولايات المتحدة الخارجية في الحرب الباردة. كان هنالك سبب بسيط للافتراض بان تلك البرقيات قد تركت اي تاثير الى ان وقعت حادثة صغيرة نسبيا في مؤتمر سنوي لحزب العمال. فمثل جميع الوزراء، كان كوك قد كلف بكتابة ورقة "بيان اولي" ، تعلن عن اجندة حزب العمال في فترته الرئاسية الثانية و تبين كيف ان الحكومة كانت تنوي التاسيس على انجازاتها. كان احد الاقتراحات يشير الى تعيين مبعوث خاص للترويج لالغاء عقوبة الاعدام. ان تغيير موقف الحكومة البريطانية المؤيد للالغاء العقوبة قد كان و احدا من قرارات كوك المبكرة في السياسة الخارجية، و كان يعتقد بان مبعوثا خاصا سيكون موضوعا لا جدال فيه، و لكنها طريقة مفيدة لاعطاء دفعة لسياسة الحكومة. كانت لبلير افكار اخرى. ففي اليوم الذي اعلن فيه عن الاقتراح، حذر يوناثان باول و مسؤولون اخرون في داوننغ ستريت من انه كان غير مقبول و يجب ان لا يتم التطرق اليه مرة اخرى. فما السبب؟ ان السبب الوحيد الذي قدم هو ان المبعوث الخاص سينغمس و بشكل لا يمكن تجنبه في " هز الاصبع" في وجه امريكا، و هي واحد من اكبر منفذي عقوبة الاعدام، و لهذا سيوتر العلاقات الدبلوماسية مع واشنطن. فتحت جميع الظروف لن يسمح رئيس الوزراء بذلك، خصوصا تحت ادارة جمهورية. ان بامكان وزارة الخارجية ان تواصل مساندة الغاء عقوبة الاعدام، و لكن ليس على اية طريقة معلومة معينة. لقد كان كوك على بينة من ضعفه، خصوصا بعد ان انتهت مقترحات فلوريدا بالاعدام في الاتجاه الخاطئ. لقد حاول ان يكرر العلاقات القوية التي كان يتمتع بها مع مادلين اولبرايت عن طريق تنمية العلاقات مع خليفتها، كولن باول. و في الحقيقة، كان الاثنان قد اقاما علاقات مبنية على الاحترام المتبادل حتى قبل ان يؤدي بوش اليمين الدستورية. و لكن بتوقع عملية تهميش باول نفسه، لم يجد ذلك الا القليل من النفع. و كما كشف كوك في مذكراته، لم يهجر المحافظون الجدد ابدا عداءهم اليه و بالنهاية حصلوا على ما يريدون. يبدو أن المعاملة التي تلقاها سترو تشكل تذكرة غريبة، و لكن موضوع ايران هو نوع جدي مختلف عن اي شيء كان كوك يتصارع معه قبل خمسة اعوام. فهنالك حاجة ملحة بالنسبة الى بلير لان يخبر بوش ما تجرأ عليه آتلي لاخبار ترومان في الحرب الكورية: بان قرار الوصول الى عتبة القنبلة الذرية قد يشجع انتشارها و يجعل من امريكا منبوذة من قبل المجتمعات المتمدنة. قد يعتقد بانها ستراتيجية ذكية في ان يتم تسليط ضغوط على طهران عن طريق ترك جميع الخيارات مفتوحة، و لكن الايرانيين ليسوا الوحيدين الذين هم بحاجة الى ردع. مرة اخرى، يبدو أن بلير راغب في وضع رغبات الولايات المتحدة فوق تلك التي لدى الشعب البريطاني. و هذا ينبغي ان يكون سببا كافيا لتمني رؤيته و هو يترك المنصب باسرع ما يمكن.
كان ديفيد كلارك مستشارا خاصا الى روبن كوك من 1997 الى 2001.


في العالم العربي: البعض يرفض قيام انظمة ديمقراطية على الطراز الامريكي
 

بقلم: بيير روسلان
ترجمة: عدوية الهلالي

عن :لوفيغارو

كان انتصار حماس في الانتخابات الفلسطينية والذي أضيفت اليه الصعوبات الكثيرة التي واجهت تشكيل الحكومة في العراق وأزمة البرنامج النووي الايراني، قد أسهموا جميعاً في تخفيف حدة الحملة الامريكية لبناء الديمقراطية في العالم العربي والتي منحها الرئيس الامريكي الاولوية في مهامه خلال فترة انتدابه..
ولكي تصبح أمريكا القوة الوحيدة الاكبر في العالم، لابدَّ أن تبحث عن حلفاء اقليميين لترسيخ الديمقراطية في العراق وعزل ايران، ما لم تُقدم على قلب الانظمة السياسية والتي تتهّم بأنها أقل ديمقراطية من غيرها.. وفي مثل هذه الظروف، وكما يحدث غالباً في تاريخ الولايات المتحدة، توضع الامور الاخلاقية على الرف ويحل محلها اللجوء الى مذهب البراغماتية أي الاتكاء على الذرائع والحجج لتنفيذ مخطط ما..
وتبقى الحاجة الى الاصلاحات والطموح الى الحرية في العالم العربي قائمة، لذا فقد نجحت الانتخابات في بعض الدول سواء بفعل الضغوط الامريكية أو بدونها، لكن المشكلة هي وصول الاسلاميين الى السلطة، وهذا الاستقراء للاحداث الماضية يؤكد حالات لا يمكن تفاديها وهو ما اثار حفيظة عدد من الانظمة التي تقاوم الضغوط المتطرفة بسبب انفتاح سياسي أكبر، ففي مصر مثلاً، لم يؤثر فوز الاخوان المسلمين في الانتخابات على العملية السياسية، مع هذا فلا يبدو ان هناك بديلاً سيعقب الرئيس المصري حسني مبارك غير الاسلاميين.
لقد أدى ايقاف المساعدات الغربية للحكومة الفلسطينية الى تقليل حجم مصداقية الغرب في عيون الرأي العام العربي اضافة الى رفض قيام ديمقراطية على الطراز الامريكي..
وهناك حاكم آخر كان قد أبدى تأييده لموقف الولايات المتحدة واوروبا سابقاً لكنه وضع مسافة معقولة بين تأييده اياهم وانتقاده المواقف الجديدة حين صرّح في المؤتمر السنوي للديمقراطية الذي عقد مؤخراً في الدوحة أن الديمقراطية في فلسطين كانت تجربة عربية مهمة تستحق التشجيع لا تشويه حق الشعب في اختيار قادته أو ايقاف المساعدات المخصصة للحكومة!!
ورغم المساعدات الرمزية التي وعدت بعض الدول بها فلسطين مثل قطر والعربية السعودية فقد رفضت دول اخرى في المنطقة وصول الاسلاميين الى رئاسات الحكومات خصوصاً بعد النظرية المهيجة التي تبنتها طهران، فقد هنأت الجمهورية الاسلامية في ايران نفسها بوصول المتطرفين في الدين الى السلطة الفلسطينية..
وتؤكد ايران على حجم الظلم واللاعدالة الواقعين على فلسطين بعد فرض العقوبات ضد حماس اضافة الى اعتراضها على رفض برنامجها النووي المستخدم
حسب مزاعمها- للأغراض المدنية، بهذه الطريقة، تأمل ايران ان تصبح حاملة اللواء في العالم الاسلامي.
وما العمل إذن بمواجهة خطر التطرف، هل يمكن مثلاً سحب المتطرفين من جميع الانتخابات؟ أم تبجيل شخص واحد كما يحدث في الانظمة الاستبدادية وهو ليس حلاً كما لا يمكن اعتبار النيات الامريكية الحسنة حلاًّ أيضاً..
يبقى النزاع لأجل تحقيق الديمقراطية قضية الساعة بشرط بناء مجتمعات مدنية حقيقية لا تقوم على فرض نموذج قادم من الخارج.. هذه القضية جرت مناقشتها في مؤتمر الدوحة وبرزته من خلال النقاشات الخشية من حدوث ما يسمى "صدمة الحضارات" والتي تستخدم غالباً كذريعة لتنفيذ مآرب عديدة، في الوقت الذي لا يخشى فيه الاسلاميون ذلك ولا يملكون مثل هذه الوساوس والشكوك فهم يعرفون جيداً كيف يستفيدون من الديمقراطية لاغراضهم الخفية..
ويبرز لدينا تساؤل ملح، فلماذا لا يعمل الديمقراطيون على الاستفادة من تلك الدروس التي قادت الاسلاميين الى النجاح؟ لعلّهم بحاجة الى فرض أنفسهم في النسيج الاجتماعي ليس من خلال الجوامع ولكن من خلال انجازاتهم في مجالات الصحة والتعليم والاقتصاد والمعلوماتية وغير ذلك.. فالاحزاب الدنيوية والمعصرنة عليها ان تخرج من قاعات الاجتماعات وتستغل تمثيلها المتواضع جداً اليوم في المؤسسات الرسمية بالتداخل مع الشعب وانجاز بعض المشاريع الخدمية له..


عندما تصادر الدول الكبرى دور الامم المتحدة وامينها العام
 

ترجمة: زينب محمد
عن: لوموند دبلوماتيك

في محاضرة مشهورة وزعت في جامعة اوكسفورد عام 1961 حول موضوع العمل المدني في المنظمات الدولية بين الواقع والقانون قال الامين العام للامم المتحدة الاسبق/ داك همرشولد/ الذي توفي في اثناء قيامه بمهمة لحفظ السلام في الكونغو، ان القضايا التي نثيرها هنا ربما اصعب في جولتها الفلسفية والنفسية لانها تطرح علينا سؤالاً مهماً، وهو هل الموضوعية ممكنة عند تطبيق المبادئ السياسية؟ وهل تتفق النزاهة الشخصية مع تسوية الخلافات العميقة في القيم وفي وجهات النظر؟ وهل تقوم الشرعية على اجماع الاراء ام على مبادئ غامضة ورمادية؟ وهل بوسع اي فرد ان يكون موضع ثقة ويتجاوز وضعه الاجتماعي والشخصي؟
من السهل صياغة واجبات الموظف في المنظمة الدولية.. ولكن تكمن الصعوبة في تطبيق تلك الواجبات الدولية، فالمادة (100) من ميثاق الامم المتحدة تتضمن مطلبين اساسيين هما: على الامين العام للامم المتحدة والملاك العامل معه، عدم تلقي اية تعليمات او توجيهات وعدم السعي اليها من اية حكومة او سلطة اخرى خارج اطار المنظمة الدولية، وان تتعهد كل دولة عضو باحترام الصفة الدولية للامين العام والملاك العامل في الامم المتحدة ومسؤولياتهم وان لا تسعى الى التأثير فيهم بقصد تجريدهم من مسؤولياتهم وذلك لضمان اعلى مستوى من الفعالية والنزاهة والموضوعية في عمل المنظمة وبعكس هذا المبدأ حاولت الدول العظمى مراراً التأثير على عمل الامين العام للامم المتحدة لفرض وجهة نظرها، كما حاولت فرض اسلوب جديد من تبادل الادوار داخل مجلس الامن لتجريد الامين العام من اهم مسؤولياته وهي حفظ السلام في مناطق الصراع، كما حاولت مصادرة صلاحياته وتهميش دور المنظمة وتقليصه ضمن العمليات الانسانية.
ويفترض من الامتيازات والحصانات الممنوحة للامين العام للامم المتحدة والملاك العامل معه ان تحميهم من تأثيرات اية دولة او طرف يحاول مصادرة قرارات الامين العام والتزاماته داخل اطار المنظمة او يفرض وجهة نظر خاصة عليه وعليها، وترى محكمة العدل الدولية ان على الامم المتحدة ان تحمي موظفيها من اية محاولة خارجية للتأثير في نزاهة موقفهم من خلال تامين وضع اجتماعي ومالي مرض للعاملين في خدمة المنظمة ضماناً لاستقلاليتهم الفردية، وبالتالي استقلالية عمل وقرارات المنظمة نفسها. وبرأيي المحكمة الدولية من الضرورة ان لا تدعهم يلجأون الى طلب الحماية من اية جهة خارج اطار المنظمة. وان لا يعتمد العاملون في المنظمة حتى على دولهم، لان استقلالهم يعني استقامة عمل المنظمة، وتقول المحكمة في رأي استشاري انه بغض النظر عما اذا كان العاملون في المنظمة ينتمون الى بلد غني او فقير، وعما اذا كانوا يقبلون او يرفضون المهمة الموكلة اليهم، فانهم يتمتعون بحماية المنظمة في اثناء ممارستهم واجباتهم الدولية. ان اهم ما تواجهه المنظمة في عملها هو مشكلة ولاء الموظفين المدنيين العاملين بمعية الامين العام. ويعتقد ان هناك موظفين يخضعون لتأثير دولهم، والادهى من هذا انهم يتلقون الاوامر منها، بل ان الولاء للمنظمة وللعمل الذي تفرضه الامم المتحدة كما تنص عليه الاسس القانونية الخاصة بالقمة الدولية ، ففي الخمسينيات اكتشف مسؤولون في منظمة الامم المتحدة ان الموظفين الاميركيين الذين كانوا يعملون في سكرتارية المنظمة كانوا يتلقون توجيهاتهم من حكومتهم مباشرة واتهموا بعدم الولاء للمنظمة الدولية مما استدعى تحقيقاً شاملاً في الموضوع، وبعد هذا الحادث سعت المنظمة
في معارك مستمرة- لضمان توزيع جغرافي صحيح وعادل للمواقع في سكرتارية للامم المتحدة وبما يؤدي الى تقليل عدد الوظائف التي يشغلها مواطنو الدول الاعضاء في المنظمة لتفادي حصول الانتهاكات في الصفة الدولية للموظفين وعدم التأثير في عملهم وقراراتهم ويحتل عمل السكرتير العام للامم المتحدة صدارة الاهتمام فنادراً ما يخلو التعيين في هذا المنصب كما يشير الحال من الاثارة والقلق، وذلك لحساسيته واهمية الوظفية التي يتولاها الشخص المنتخب وبخاصة في الجانب السياسي منها.
وعلى سبيل المثال انتقد الامين العام السابق للامم المتحدة بطرس غالي في كتابه (خمسة اعوام في بيت من زجاج) ادارة كلنتون ووزيرة الخارجية اولبرايت لمنعها ترشيحه لولاية ثانية وتدخلها في عمل المنظمة ودافع عن استقلالية الامم المتحدة وقراراتها في مواجهة القوة العظمى الوحيدة بعد انتهاء الحرب الباردة، مؤكداً على ضرورة بقاء الامم المتحدة الصوت الرئيس للشعوب الاضعف.. وكشف غالي ان محادثاته الهاتفية من مكتبه في نيويورك كانت مراقبة من قبل الادارة الاميركية وعناصر الـ سي، آي، أي مما يعني ان واشنطن سعت لمصادرة استقلالية عمله كأمين عام للامم المتحدة بخرقها قانونياً
قرارات ونصوص ميثاق الامم المتحدة المادة (99) من ميثاق الامم المتحدة تشير الى انه بوسع الامين العام للامم المتحدة ان يوجه عناية مجلس الامن الى اية قضية قد تهدد برأيه- بقاء السلام والامن الدوليين، وتوسع العمل السياسي للامين العام تدريجياً من المشاركة في الدبلوماسية متعددة الاطراف ضمن هيكلية الامم المتحدة، من خلال التوسط في العديد من الازمات الى الاضطلاع بادوار حساسة بشكل استثنائي في التخطيط والاعداد والتنفيذ لعمليات حفظ السلام، غير ان عمليات حفظ السلام صارت من اختصاص الولايات المتحدة الاميركية او الناتو وليس من اختصاص المنظمة الدولية، ومضى الوقت الذي كان فيه الامناء العامون للامم المتحدة يحملون العديد من وجهات النظر المتعلقة ببؤر الصراع وكيفية القيام بالمهمات المختلفة وتنفيذها لحل المشاكل الدولية مع الاحتفاظ باستقلاليتهم وعملهم، وفرض سياسة المنظمة، ففي عام 1948 اخبر تريغفيلي الذي كان يؤدي خدمته في امانة المنظمة بحماسة واضحة، اخبر مجلس الامن في احد اجتماعاته بانه على يقين من ان مجلس الامن سوف يتفهم ان على الامين العام ان يحتفظ بحق البحث والتقصي الضروري برأيه- لتقرير مدى حاجة اي جانب من جوانب المشكلة الى اهتمام المجلس وفقاً لشروط الميثاق متحدثاً عن الصراع الكوري- ولكنه بعد ذلك وجد نفسه مرغماً على الاستقالة، كانت هذه رسالة واضحة الى الامناء العامين اللاحقين الذين افهمتهم القوى الكبرى ان بوسع الامين العام ان يؤدي مهمته فقط في حالة دعم القوى الكبرى له! وربما تعلم بعض الامناء العامين السابقين الدروس المتعلقة بعلاقات القوة التي حاولت الدول الكبرى فرضها على الامانة العامة للامم المتحدة وذلك من خلال عدم تجاوز حدود الصلاحيات والسلطات الممنوحة اياهم في قضايا الصراع الدولي على الرغم من ان فلسفة الميثاق تجيز للامين العام التصرف حتى في حالة غياب الاساس القانوني لعمله اذا وجد، ان لابد من التحرك والتصرف العقلاني لحل قضية او صراع ما بل ان بعض الامناء العامين الذين تعاقبوا على سكرتارية الامم المتحدة كانوا يصرحون أن على الدول الاعضاء في المنظمة ان لا تطلب من الامين العام التصرف بشأن قضية ما ان لم يستند الى اساس قانوني ينص عليه الميثاق، او قرارات الهيئات الرئيسية للامم المتحدة، مع علمهم أن فلسفة الميثاق تتيح لهم التصرف المعقول ضمن الحدود التي ينص عليها، وتواجه رغبة الامناء العامين في تنشيط المنظمة الدولية وتأكيد حيادية عناصرها والكيفية التي تدعم الآلية الموضوعية لتعمل على وفقها الامم المتحدة والحفاظ على استقلالية القرار الدولي والنأي بعمل المنظمة عن تأثيرات الدول الكبرى، تواجه عراقيل من جانب تلك الدول التي تتحرك لاحتواء مبادرات الامناء العامين من خلال استخدام حق النقض (الفيتو) الذي تملكه في مجلس الامن علماً ان اي قرار تتخذه اية دولة دائمة العضوية في مجلس الامن يتطلب اقناع الاعضاء الدائميين وغير الدائميين بوجهة نظرها، استناداً الى نص المادة (2)، الفقرة (1) من ميثاق الامم المتحدة التي تؤكد قيام المنظمة على مبدأ السيادة المتساوية لكل الدول الاعضاء في المجلس بينما تشير الوقائع الى وجود ممارسات وضغوط على المجلس باتجاه خرق القوانين الدولية مما يستدعي بالضرورة اعادة بناء المؤسسة الدولية على وفق ارادة المجتمع الدولي بان تعمل الامم المتحدة بعيداً عن تأثيرات الهيمنة المطلقة لقوة واحدة، وعلى اية حال يبقى الامر متوقفاً الى حد كبير على مبدئية الذين يتولون منصب الامانة العامة للمنظمة الدولية وعلى شجاعتهم وجرأتهم في التمسك باستقلالها ونزاهة فعاليتها واستعدادهم للقيام بالدور الذي حدده لهم الميثاق فضعف الامين العام يشجع على التمادي ويدفع بالمنظمة الى المزيد من التهميش.

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة