في
العالم العربي:
البعض يرفض قيام انظمة ديمقراطية على الطراز الامريكي
بقلم: بيير روسلان
ترجمة: عدوية الهلالي
عن :لوفيغارو
كان
انتصار حماس في الانتخابات الفلسطينية والذي أضيفت اليه
الصعوبات الكثيرة التي واجهت تشكيل الحكومة في العراق
وأزمة البرنامج النووي الايراني، قد أسهموا جميعاً في
تخفيف حدة الحملة الامريكية لبناء الديمقراطية في العالم
العربي والتي منحها الرئيس الامريكي الاولوية في مهامه
خلال فترة انتدابه..
ولكي تصبح أمريكا القوة الوحيدة الاكبر في العالم، لابدَّ
أن تبحث عن حلفاء اقليميين لترسيخ الديمقراطية في العراق
وعزل ايران، ما لم تُقدم على قلب الانظمة السياسية والتي
تتهّم بأنها أقل ديمقراطية من غيرها.. وفي مثل هذه الظروف،
وكما يحدث غالباً في تاريخ الولايات المتحدة، توضع الامور
الاخلاقية على الرف ويحل محلها اللجوء الى مذهب
البراغماتية أي الاتكاء على الذرائع والحجج لتنفيذ مخطط ما..
وتبقى الحاجة الى الاصلاحات والطموح الى الحرية في العالم
العربي قائمة، لذا فقد نجحت الانتخابات في بعض الدول سواء
بفعل الضغوط الامريكية أو بدونها، لكن المشكلة هي وصول
الاسلاميين الى السلطة، وهذا الاستقراء للاحداث الماضية
يؤكد حالات لا يمكن تفاديها وهو ما اثار حفيظة عدد من
الانظمة التي تقاوم الضغوط المتطرفة بسبب انفتاح سياسي
أكبر، ففي مصر مثلاً، لم يؤثر فوز الاخوان المسلمين في
الانتخابات على العملية السياسية، مع هذا فلا يبدو ان هناك
بديلاً سيعقب الرئيس المصري حسني مبارك غير الاسلاميين.
لقد أدى ايقاف المساعدات الغربية للحكومة الفلسطينية الى
تقليل حجم مصداقية الغرب في عيون الرأي العام العربي اضافة
الى رفض قيام ديمقراطية على الطراز الامريكي..
وهناك حاكم آخر كان قد أبدى تأييده لموقف الولايات المتحدة
واوروبا سابقاً لكنه وضع مسافة معقولة بين تأييده اياهم
وانتقاده المواقف الجديدة حين صرّح في المؤتمر السنوي
للديمقراطية الذي عقد مؤخراً في الدوحة أن الديمقراطية في
فلسطين كانت تجربة عربية مهمة تستحق التشجيع لا تشويه حق
الشعب في اختيار قادته أو ايقاف المساعدات المخصصة للحكومة!!
ورغم المساعدات الرمزية التي وعدت بعض الدول بها فلسطين
مثل قطر والعربية السعودية فقد رفضت دول اخرى في المنطقة
وصول الاسلاميين الى رئاسات الحكومات خصوصاً بعد النظرية
المهيجة التي تبنتها طهران، فقد هنأت الجمهورية الاسلامية
في ايران نفسها بوصول المتطرفين في الدين الى السلطة
الفلسطينية..
وتؤكد ايران على حجم الظلم واللاعدالة الواقعين على فلسطين
بعد فرض العقوبات ضد حماس اضافة الى اعتراضها على رفض
برنامجها النووي المستخدم
–حسب
مزاعمها- للأغراض المدنية، بهذه الطريقة، تأمل ايران ان
تصبح حاملة اللواء في العالم الاسلامي.
وما العمل إذن بمواجهة خطر التطرف، هل يمكن مثلاً سحب
المتطرفين من جميع الانتخابات؟ أم تبجيل شخص واحد كما يحدث
في الانظمة الاستبدادية وهو ليس حلاً كما لا يمكن اعتبار
النيات الامريكية الحسنة حلاًّ أيضاً..
يبقى النزاع لأجل تحقيق الديمقراطية قضية الساعة بشرط بناء
مجتمعات مدنية حقيقية لا تقوم على فرض نموذج قادم من
الخارج.. هذه القضية جرت مناقشتها في مؤتمر الدوحة وبرزته
من خلال النقاشات الخشية من حدوث ما يسمى "صدمة الحضارات"
والتي تستخدم غالباً كذريعة لتنفيذ مآرب عديدة، في الوقت
الذي لا يخشى فيه الاسلاميون ذلك ولا يملكون مثل هذه
الوساوس والشكوك فهم يعرفون جيداً كيف يستفيدون من
الديمقراطية لاغراضهم الخفية..
ويبرز لدينا تساؤل ملح، فلماذا لا يعمل الديمقراطيون على
الاستفادة من تلك الدروس التي قادت الاسلاميين الى النجاح؟
لعلّهم بحاجة الى فرض أنفسهم في النسيج الاجتماعي ليس من
خلال الجوامع ولكن من خلال انجازاتهم في مجالات الصحة
والتعليم والاقتصاد والمعلوماتية وغير ذلك.. فالاحزاب
الدنيوية والمعصرنة عليها ان تخرج من قاعات الاجتماعات
وتستغل تمثيلها المتواضع جداً اليوم في المؤسسات الرسمية
بالتداخل مع الشعب وانجاز بعض المشاريع الخدمية له..
|