مختارات من الشعر الآذربيجاني
 

عالم شعري لم يكن في يوم من الأيام معروفاً بالنسبة لنا، عالم شعري ينزع نحو توثيق اليومي بعاداته وطقوسه يؤرخ نظرة للعالم تستحضر الماضي البعيد والمستقبل في موقف شعري ينفتح على الذات بقوة تلك الذات التي لم توفر ظروف الحروب والسياسة الاطلاع على تاريخها، و لا بأن يقرأ العالم تلك التجربة الشعرية الحافلة بالهم الانساني . صفحة آداب شرقية تقدم نماذج من الشعر الآذربيجاني بتنوع أجياله واشكاله الشعرية التي تحلم بالانفلات من قبضة أوضاع سياسية وقفت في وجه مستقبل الشعر والحياة.
هذه النماذج الشعرية صورة عن آفاق التجربة الآذربيجانية المؤمنة بالأمل تتجلى في هذه الصور الشعرية لتقدم لنا بانوراما عن الحياة والأمل والتجربة الانسانية عبر حساسية استثنائية
احتفت بالحياة والشعر والانسان.
 

المدى الثقافي

ترجمة : حامد خضير الشمري

الشاعر : سليمان رستم

    شاعر الشعب في أذربيجان .. درس في كلية الاداب في جامعة موسكو . صدرت له الدواوين التالية : من الحزن الى البهجة، النجوم، صوت شاعر، أغاني السلام، ليس بوسعي ان انسى، وغيرها . له مسرحية مشهورة بعنوان ( كاجاك نابي) .

  ـ بحر قزوين ـ

أبوسعك أن تصف بحر قزوين
والفجر يوشك على الانبلاج ؟
لقد جعلني السؤال أفكر
بأي رد سأجيب
**********
بحر قزوين مثل سماوات
تزينها خيوط تسفح الشمس عليها الضوء
وكمخمل داكن الزرقة ناعم
يطرز الذهب حافته
********
ويرين الصمت على بحر قزوين أحياناً
رمادياً وصافياً كصخر الاردواز
حيث تكتب النوارس بأجنحتها المستدقة
ابياتاً شعرية للقدر
*********

وكمقاتلين يقودهم بابك
قاتلوا في الزمن الغابر
ضد غزوات الاعداء
ليحموا وطنهم او يموتوا

الشاعر : مامد رحيم

ولد في باكو وتخرج في معهد أصول التدريس حيث درس في قسم الأدب واللغة . اصدر ديوانه الاول ( رغبة ) واتبعه بـ ( الكتاب الثاني ) و ( حب الوطن ) و ( على شواطئ بحر قزوين ) و( ربيع الحب ) و ( عندما تخفق الأحلام ) وكان مترجماً بارعاً نقل إلى لغته قصائد غوته وبرانجر وشعراء آخرين .

ـ السلـــــم ـ

كان يهبط بسرعة فائقة وانا ازحف اعلى السلم
وبينما يهبط ذلك الشاب كان يهمهم بلحنه البهيج
وبينما اصعد انا يثقل الاسى قلبي
تلك الخطوات
تلك الخطوات الحجرية الباردة
الى الاعلى واحدة بعد الاخرى
بطيئة جداً .....!
***********
ولكن هذا كله معكوس في سلم الحياة
لان عليّ ان اهبط
بينما اراقب الشاب يصعد
كسهم طليق ينطلق اعلى سلم الحياة
*********
وتصعد احدى الفتيات مع فتى دون اكتراث
ولكن لم يكن بوسعي أن أقول من ذلك الشاب
قد يكون شبابي الذي فرَّ بعيداً على عجل
********
اراقب سرعة الشاب واتنهد بحسرة مريرة
لانه يصعد الى الاعلى بينما أهبط أنا
أسفل درجات السلم تلك .

الشاعر : رسول رضا

ولد في في مدينة جوكاجي وتخرج في جامعة أذربيجان . اصدر عدداً كبيراً من الدواوين منها ( الايام المتجهمة، اعوام وابيات، تأمل، أنا الأرض، وغيرها . وهو شخصية اجتماعية مهمة وشغل منصب وزير في التصوير السينمائي ورئيس اتحاد الادباء في الجمهورية، ورئيس تحرير الانسوكلوبيديا العظمى .

ـ نافذة على المستقبل ـ

أشرعت نافذة
تطل على المستقبل
ونظرت عبر السنين
ورأيت الناس
يسيرون
ورأيت الجسور العظيمة
قد شيدت من دعامات الحدود
التي انتفت الحاجة اليها
وهي تعبر البحار وتربط الجبال
ورأيت الطرق الخارجية
معبدة كلها
بأحجار السجون والحصون
ورأيت الناس
البيض والسود والصفر
وكل الالوان يسيرون سوية
وانا وانت وسطهم
وقد أمن قلبانا بالحاضر
وطفحا بآمال الغد
وصرخت :
" ايها الاخوة ! "
" أيها الاخوة "
ورنّت أصواتهم بالإجابة
وتكلمنا . . وتكلمنا
وواصلنا الكلام
جميعنا بلغة واحدة
أيها الاخوة آمنوا بهذا
ايتها الاخوات
وكل الأمهات والابناء
أيها الناس آمنوا بهذا
كيف بوسعكم ان تعيشوا
بدون ايمان واعتقاد
بأن كل هذا
لا محالة
آت

الشاعرة : نكيار رافيبيلي

ولدت في مدينة جيانجا، وتخرجت في معهد موسكو ـ قسم الأدب، أصدرت ديوانها الأول ( شعر ) واتبعته بمجموعات اخرى منها ( هناك يأتي البحر، نخلتان ) ولها مؤلفات عديدة للأطفال، وقد منحت شهادة شرف في الأدب الأذربيجاني .

-زهزة تتفتح وسط الركام-

زهرة وسط الركام
كيف يقال
ان في قفر كهذا لا يمكن ان تنمو زهرة
لقد حطمت جدران المنزل
واصبح مأوى للريح العاتية وثلج الشتاء
ودمرت الريح الهائجة المتع العزيزة لهذا البيت الحبيب ذات مرة
واخترقت عابر السبيل بشفقة كئيبة
والستائر التي طرزتها أيادي النساء الرقيقة
تدلّت رثّة كأعلام مزقتها القذائف فوق مدينة مهجورة
ووسط ركام الحجر والانقاض تفتحت زهرة
وملأت افكاري بسؤال
: اي بستاني غرسك ؟
اخبريني بقصتك وسر حياتك
ومع ان المكان لم يعد يهتز بأغنية العندليب
وقد هجرته الطيور
لكن نفس الربيع الاول دعاك الى الوجود
فأفصحت الزهرة بصوت ادمي!! انني صوت الأرض
انني تلك الحياة العظمى التي يجب ان تنتصر على الموت

الشاعر : جابر نوروز

ولد لعائلة فلاحية وتخرج في معهد غوركي للادب في موسكو، اصدر ديوانه الاول ( الحب للانسان) واعقبه بديوان (سنيني) وقد قام بترجمة الشعر الروسي الى لغته القومية، وشغل منصب رئيس تحرير مجلة النجم المختصة بأدب الشباب الأذربيجاني .

- القــلـــب -

الحرب تحيا مع بيوت الايتام التي تولدها
ساعات الانتظار القلق مع اللقاء والقبلات
عندما يكون العشاق العالم فوق أوج البهجة
كل الأشياء تمتزج في قلبي
وتأتي وتذهب وتصل وتغادر
قنبلة ذرية تسقط في بحر " السلام "
انها تخرس آلاف الاصوات
انها تحرق قلبي قبل كل شيء
لانها يجب ان تسقط في قلبي أولاً
قلبي أعمق من أعماق الفضاء
ومشاعره تتجاوز طيف الطبيعة كلها
وتؤسس هيكلاً للقادة والعباقرة
آلاف القمم ومستجمعات الامطار تحف قلبي
ذلك القلب الذي يستجيب لرعود الأرض والسماء
القلب الذي فيه اطوال موجية اكثر من المذياع حتى الان
وهي تلتقط أبعد نداء او صرخة مبثوثة
وفي اللحظات التي يبتهج فيها الناس ويبتسمون
تستحضر الموجات انهار البهجة في قلبي كالفولكا والكورا
واللحظات التي يحزن فيها شخص ما في مكان ما بدموع مريرة
تتكسر في ومضة على أذن قلبي المرهفة
كبير قلبي كشخص مفعم بالتعاطف
وهنا تمشي الأحزان مع المباهج يداً بيد
واخيراً يشبه قلبي تلفازاً ملوناً
يبرمج كل العالم حتى اصغر أرض
ولهذا تحلق على قلبي سفن فضاء متضرمة نحو إحدى النجوم
وتعود محملة من بعيد بباقات الزهور المتألقة للابطال وتتأرجح عائدة نحو الأرض
الجمال كما يقول المثل يعدو حقيقياً نحو القلب
ولهذا فأنا معشوق واحب بأقصى ما أستطيع
ولهذا ارفع رأسي عالياً لانه أسمي الإنسان

الشاعر: إبراهيم كبرلي

ولد لقرية فلاحية واتم تعليمه في مدرسة زراعية تقنية وعمل بعدها مهندساً زراعياً ودرس في معهد غوركي للادب في موسكو حيث تخرج فيه واصدر ديوانه الاول ( شبابي ) ولعل من ابرز ابداعاته (المحنة) و( رجل بلا ظل) .

-رغبتـــي -

ذات مرة سألني احد الاصدقاء بدهشة :
:" أية قوة داخلية تلهمك ؟ "
بل تغلق عينيك طيلة الليل
بل تنبض بالاشعار دون كلل ..
**********
بيد أني اخبرت صديقي ذلك
" أنني قضيت الليل بالعمل المضني المتواصل
وارتشفت الفجر الثمل كخمر
ومر الليل على امواج البهجة المنبعثة
***********
الماء والنار خصمان
لكن الانهار المتدفقة تجعل الاضواء متوهجة
فلتمض ِ حياتي كما يجري النهر
ونفسي لهفى لمحاكاة الجدول

الشاعر : فكرت خوجا

ولد في مدينة ( أكداش)، ودرس في مدرسة السكك التقنية في بامو وبعدها في معهد غوركي للادب في موسكو، اصدر دواوين عدة منها ( النورس) و ( مدين للعالم) و( كأن القمر يستحم في البحر ) .

-هيروشيما -

الليل
هادئ
كلص محترف
فيقتحم الحلم بيت حياتي
وارى نفسي منفصلاً عن الارض وخارجها
والكوكب الأزرق الصغير يعوم في الفضاء كسفينة بالغة الصغر
فأحاول الوصول اليه وهو يتوهج قانياً لاجد نفسي مع قبضــــــة ٍ
من القصب اليابس الهش المحترق في يدي
الارض تحترق
والسماء
والماء
والهواء
صه!
فأسمع
صوتاً
يقول
صبر
القرن
العشرين
قد انفجر
الدمع المتضرم يسفح أهدابي
وتتصاعد احلامي وامالي لهباً
وتصير دروب الحياة رماداً ويسقط سديم سام برقائق لاذعة على وجه الانسانية الواهن
وتكتسح العالم ريح قرمزية غريبة وتلطخ انفاسها المهلكة الهواء
فأفتح في رعب عيني : العالم في طمأنينة وانا جزء منه
والشمس متألقة في السماء الزرقاء التي لن تغدو معتمة أبداً
ثم تأتي ومضة الذكرى
الليلة الاخرى وقبل النوم كنا نتناقش حول هيروشيما .

الشاعر : فكرت صادق

ولد في مدينة ( كيور دامر )، وعمل في مهن عدة، فقد كان كهربائياً ومعلماً ومحرراً في الصحف والمجلات وتخرج في كلية فقه اللغة في أذربيجان، أصدر ديوانه الاول ( يد الاستاذ) واتبعه بـ (الطريق) و( يوم واحد للشعر ) و ( البحر يأتي الى شوارعنا )

بـــاكــــو

ترتقي بيوتها نحو السماء صفوفاً
وتجري شوارعها كالانهار صوب البحر
وسواء تجلب الشمس لها الدفء او لاتجلب
فلباكو نارها الخاصة تحت الارض
حتى البحر يمنحها النار
وكذلك تفعل قلوب فتياتها الجميلات
وتداعب الانسام الرقيقة امواجها المكللة بالبياض
والتموجات البهيجة لشعر الفتيات
ويطرد الغروب الحزن والاسى
والفجر مزيج من البحر والشمس
يا مهد أسعد احلامي
باكو ! لقد امتلكت قلبي
لا مدينة في العالم
يمكن ان تقارن بك