بين خطاب الضمان الايراني
والعربي
*بقلم: جيوف دي. بورتر
ترجمة: مروة وضاء
عن:
نيويورك تايمز
*جيف دي . بورتر مدير وكالة قسمِ مجموعةِ يورواسيا للشرق
الأوسطِ وأفريقيا.
في
نفس اللحظة التي تحث فيها الولايات المتحدة والاتحاد
الأوربي مجلس الأمن الدولي على إصدار قرار بفرض طوق على
إيران، دفعت سياساتهم تجاه قيادة السلطة الفلسطينية حماس،
طهران ورام الله للتقرب من بعضيهما.. إن فرصة حدوث ذلك
تثير القلق خصوصا في ظل القيادتين الفلسطينية والإيرانية
الحاليتين.
في الماضي منعت الاختلافات الاثنية والطائفية الفلسطينيين
والإيرانيين من تكوين علاقة فعالة. اما اليوم ومع تهديدات
الرئيس الايراني محمد احمدي نجاد باستئصال شأفة إسرائيل من
خلال عقيدة حماس التي تنكر حقها بالوجود. كلما تقربت ايران
اكثر من السلطة الفلسطينية ازداد احتمال قيام ايران
بالانتقام من أي عمل عسكري امريكي ضدها بتشجيع حماس على
مهاجمة اسرائيل. ستكون الدول العربية الحليفة للولايات
المتحدة سعيدة بمواجهة التأثير الايراني على حماس لكنهم
يواجهون عواقب هامة.
بعد فترة قصيرة من استلام حماس السلطة في اذار قامت
الولايات المتحدة والاتحاد الاوربي بقطع المساعدات عنها من
منطلق انها الان تحكم من قبل منظمة ارهابية. مما ترك
الحكومة غير قادرة على دفع رواتب 165.000موظف،مما ساهم في
خلق ازمة اقتصادية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
قام مسؤولو حماس بالتوجه الى العالم العربي فورا طالبين
تزويدهم بالتمويل. قدمت دول النفط والغاز كالجزائر وقطر
والسعودية التزامات ووعدت الجامعة العربية في اجتماعها في
اذار بالدعم المالي ايضا، لكن لم يصل الفلسطينيين أي تمويل
في الواقع. وذلك لتخوف المصارف التي تتعامل مع تلك
المساهمات من معارضة القانون الامريكي الذي يحذر من التورط
في التعامل في تمويل المنظمات الارهابية.
كما تعهدت ايران ايضا بارسال الاموال الى الحكومة
الفلسطينية بعد اجتماع عالي المستوى مع قادة حماس في سوريا.
ان الالتزام الايراني يختلف عن الالتزام العربي. بالرغم من
ان احمدي نجاد لا يقود سياسة إيران الخارجية إلا إن
خطاباته السياسية في المناقشات يمكن إن ترغم مجلس وصاية
إيران لإعطاء حماس مال اكثر بكثير من الذي ترغب الدول
العربية بالمساهمة فيه.
علاوة على ذلك ان فإيران لا تأبه بالقيود الأمريكية في
تمويل المنظمات الإرهابية، وتمتلك فرصة كبيرة لايصال
أموالها فعلا إلى السلطة الفلسطينية, لكن العائق الوحيد هو
إن المصارف الإيرانية ليس لديها مكاتب في الاراضي
الفلسطينية، ولا تمتلك المصارف الفلسطينية أي تمثيل في
إيران أيضا. يعتبر ذلك عائقاً تقنياً يمكن اجتيازه بسهولة
من خلال استعمال المصارف الوسيطة التي يمكنها تولي إيصال
الأموال الإيرانية للسلطة الفلسطينية.
صادقت الولايات المتحدة على اقتراح اوربي بتأسيس صندوق
لتحويل المساعدات الى الضفة الغربية وقطاع غزة. ستمنح تلك
المساعدات السلطة الفلسطينية تنفيسا مؤقتا. لكن بتجنب
حكومة حماس والتعامل فقط مع الرئيس محمود عباس تدفع هذه
الصفقة رئيس الوزراء ووزاراته الى البحث عن اموال من
مصادرهم الخاصة.
لا تزال نافذة الحوار مع حماس لتغيير موقفها نحو الاعتدال
مفتوحة. اذا ما استطاعت الحكومات العربية ايصال اموالها
الى السلطة الفلسطينية ستكون لديهم فرصة جيدة لارغام حماس
على اعتناق مبادرة 2002 العربية للسلام بالتخلي عن عقائدها
والاعتراف بأسرائيل. لكن اذا ما تمكنت ايران من ايصال
اموالها للفلسطينيين قبل الدول العربية ستكون حماس في موقف
لايسمح لها بالرفض. وبالتاكيد فأن ايران... لن تحثها على
الاعتراف باسرائيل. |