كشف
الأوراق النووية: كوريا الشمالية تقبل تحدي العالم
-العنوان:كشف
الاوراق النووية
-تأليف : جوردن
جي .جانغ
-عرض:
جوزيف كاهن
-ترجمة:
عبد علي سلمان
عن: النيويورك تايمز
ان
الحرب الكورية اشهر من أن تنسى. لقد كانت أمراً مجنوناً
اقحم بين الانتصار الكبير في الحرب العالمية الثانية وبين
مستنقع فيتنام.
لكن الولايات المتحدة التي قادت قوات الائتلاف في الحرب
الكورية وقدمت خسائر بشرية كبيرة وقاتلت ثلاث سنوات من اجل
استرداد خط طول (جغرافي) يفصل بين كوريا الشمالية وكوريا
الجنوبية كانت قد اجلت تصفية الحساب الى يوم آخر.
ولقد أدعى ستالين ان امريكا المقتدرة لن تتمكن من مهر (كوريا
الصغيرة) في حين اقتنع منتقدو الرئيس ترومان من الجمهوريين
بادعاءات الجنرال دوغلاس ماك آرثر الذي كان رأيه ان الجمود
يشكل خطراً على الحرية في كل مكان.
وبعد مرور خمسين عاماً فان هناك أزمة كورية جديدة تتمحور
حول الأسلحة النووية، والمراهنة جد خطرة حتى لبعض ذوي
البصيرة النافذة والخبراء ومنهم جوردن. جي. يانغ والذين
حذروا من ان امريكا تسمح لخطر متقيح ان يهدد مركزها
القيادي وحياة مواطنيها، ذلك ان كيم يونغ إيل ذا الشعر
الاجعد سليل الاسرة الشيوعية الحاكمة التي اوجدت الحرب
الكورية قد بات يمتلك اسلحة نووية وفقاً لاغلب المراقبين
العارفين.
وهو كذلك يمتلك الصورايخ البالستية القادرة أو التي ستكون
قادرة على حمل الرؤوس النووية الحربية، ولقد دامت
المفاوضات لاكثر من عقد واثمرت عن اتفاقين لنزع اسلحة
كوريا الشمالية النووية. اسفر الاتفاق الاول عن تهدئة
الوضعية لعدة سنوات قبل ان يقوم الطرفان بخرقه، اما
الاتفاق الآخر فكان اعلان مبادئ وصل الى سقوطه الاخير إذ
يبدو انه تبخر قبل ان يجف حبره.
ويسمى السيد يانغ والذي كان محامياً في الصين لفترة طويلة
ويعمل الان استاذاً جامعياً يسمى " المكاشفة النووية" بـ "
أزمة القرن النووية" وكذلك "لعبة فرخة الدجاج الشرسة على
هذا الكوكب" وهو يصرح بان مستقبل قيادة العالم بات معلقاً
على الميزان.
وقد كتب "كل شيء بات مكشوفاً في كوريا الشمالية" وكما يقول
فان هناك القليل من الأسئلة عن ان كانت كوريا الشمالية
تشكل خطراً ضخماً، فانتشار الأسلحة النووية اصبح هو
التهديد الذي حل محل الإرهاب. واذا استمرت ايران بمنهجها
الحالي فانها ستصبح اكبر مشكلة ضاغطة تواجه السياسية
الخارجية لواشنطن، وكما فعل السيد يانغ في كتابه السابق "
انهيار الصين الوشيك" فانه يعالج موضوعاً هاماً بهمة وبروح
استفزازية، لكن مبالغته وسوقه الافكار المتداولة يطغيان
على ملاحظاته الذكية، وغالباً ما يكون تصنيفه للحقائق
مقنعاً ولكنه نادراً ما يكون الهامياً. واشاراته للنظريات
واقوال الاخرين كانت عشوائية. فاقتباساته من (هوميروس
وميكافيلي وصامويل هنتنغتن ومالكوم كلادويل وفيديل كاسترو
وتوم ستوبارد) تقرأ وكأنها تباهٍ مثقف ويستمر السيد يانغ
بعرض كيف ان الولايات المتحدة، ولاعبين اساسيين هما الصين
وكوريا الجنوبية، سمحت لامةٍ خارجة على الطاعة تستطيع
بالكاد صناعة دراجة هوائية ان تصبح قوة نووية. وهي قصة ليس
من السهولة سرد تفاصيلها، ويوضح السيد يانغ كيف تم استنبات
الازمة في خمسينيات القرن الماضي وكيف تجذرت اثناء الحرب
الباردة ووصلت الى قمة نضجها في التسعينيات حين اكتشفت
كوريا الشمالية انها يتيمة التاريخ. وهو يتهم ادارتي
كلينتون وبوش بالعجز عن احتواء الخطر الكوري. وهو يرى،
وقوله معقول ان التحفظات تحدت الحل لان كيم يونغ إيل عمل
بطريقة مؤسساتية على تصوير ان الاقتصاد الكوري الشمالي
الذي كان على شفا الهاوية لن ينتعش بسبب انهيار الاتحاد
السوفيتي، وهكذا حصل كيم على مليارات الدولارات من الصين
وكوريا الجنوبية التي كانت مساعدات لاطعام شعبه وقام
بتقوية قواته العسكرية بها. لقد وصل الى الضفة عندما بلغت
المخاوف الخارجية من اهتماماته النووية الى درجة الحمى.
ويكشف كتاب "كشف الأوراق النووية" كيف استثمر كيم التصدعات
السياسية والعاطفية وعن ذلك يقول السيد يانغ ان كوريا
الجنوبية اصبحت بالضد من امريكا أكثر مما هي بالضد من
التسلح النووي. ويرى ان الكوريين الجنوبيين قد يسلمون
أنفسهم الى قيادة كيم لانهم ترعرعوا على عدم الثقة بواشنطن،
وبأي مستوى فان الولايات المتحدة ستجد صعوبة في ايجاد
الدعم الكافي لتشكيل ائتلاف ضد الشمال لحين قيامها باصلاح
تحالفها مع الجنوب.
وتطرح الصين المشكلات على انها مشكلاتها. إذ يرى السيد
يانغ مستنداً جزئياً على افتراضات ان الصين اما ان تكون قد
ساعدت كوريا الشمالية على بناء قوتها النووية أو كانت على
معرفة تامة بجهود العالم الباكستاني عبد القدير خان
لمساعدة بيونغ يانغ، وكتب المؤلف ان هناك احتمالاً ان تكون
الصين قد لعبت دوراً مزدوجاً، إذ رتبت محادثات الدول الست
حول القضية النووية، فيما كانت نستخدم وتساعد على انتشار
الأسلحة النووية لغرض اضعاف المصالح الأمريكية عالمياً.
وبرغم كل هذه الشكوك فانه يوافق ادارة بوش من ان أي حل
يتطلب مشاركة صينية كاملة، ولكن المؤلف لايقدم سوى اشارات
ضبابية حول كيفية قيام ادارة بوش باقناع الصين باتخاذ موقف
متشدد. هل يتطلب ذلك تبادل التهديدات ؟ ام التحدث اليها
بلهجة صارمة؟
ان الفشل الاكبر ربما هو عدم تمكن الكاتب من تناول
الخيارات المتوفرة بصورة جدية لقد سخر من المدخل السلس
الذي تفضله الصين وكوريا الجنوبية ولم يوضح سبب انعدام
الاول من تطور سلمي في الشمال. فهو يقترح ان تقوم الولايات
المتحدة من جانب واحد بتخفيف ترسانتها النووية من اجل
تسليط ضغط اخلاقي على كوريا الشمالية، وبعدها وان لم ينجح
هذا الحل فعليها ان تقوم بمهاجمة هذا البلد، ويبدو ان هذه
السياقات لن تحظى بدعم من البنتاغون.
واذا كانت كوريا الشمالية قد برهنت على عنادها الذي استمر
لخمسين سنة فان ذلك ليس بسبب ان احداً لم يفهم المخاطر، بل
لان لا احد وجد الطريق الصحيح لمواجهتها بمن فيهم مؤلف
الكتاب السيد يانغ نفسه.
|