تقارير المدى

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

العـلاقات الامريكيـة - الليبية .. من تبادل الاتهامات بدعم الارهاب الــى العمـــل المشــترك لــتعزيز الديمقراطــية

  • سارعت طرابلس باعادة اليورانيوم العالي التخصيب الى موسكو، ودحرت اكثر من ثلاثة الاف قنبلة كيمياوية وسلمت تصاميم اسلحتها النووية واجهزة الطرد المركزي الى واشنطن
     

في بيان لوزيرة الخارجية الأمريكية، أعلن يوم 15 ايار استئناف العلاقات الدبلوماسية وسحب ليبيا من "قائمة الدول التي لا تتعاون مع جهود الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب".
ليبيا اعتبرت أن قرار إعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة وفتح سفارة أمريكية في طرابلس يمثل "بداية صفحة جديدة لمصلحة الشعبين". شكل قرار الإدارة الأمريكية رفع ليبيا من قائمة الدول الراعية للإرهاب وترفيع مستوى التمثيل الدبلوماسي معها إلى مرتبة السفارة، مفاجأة للمراقبين لأنه جاء بعد أسابيع فقط من نشر اسم ليبيا ضمن القائمة السنوية للدول "الداعمة للإرهاب"، والتي تصدرها وزارة الخارجية الأمريكية.
بداية الازمة
وكانت الولايات المتحدة سحبت آخر سفير لها من ليبيا في عام 1972، ثم سحبت جميع الموظفين الحكوميين من ليبيا وأقفلت سفارتها في أعقاب مهاجمة مظاهرة جماهيرية مكاتب السفارة وإضرام النار فيها في 2 كانون الاول 1979. ويعود تصنيف ليبيا على قائمة الدول الراعية للإرهاب إلى العام نفسه (1979) ثم زاد تدهور العلاقات الثنائية خلال الثمانينات من القرن الماضي، خاصة في أعقاب حادثة تفجير طائرة تابعة لشركة "بان أمريكان" فوق قرية لوكربي في سكوتلاندا. وحمل الإبقاء على ليبيا ضمن القائمة الأمريكية "للدول الراعية للإرهاب"، الدوائر الدبلوماسية والأوساط الإعلامية المتابعة للملف على ترجيح استمرار المسافة، التي أرادت واشنطن أن تحافظ عليها في علاقاتها مع ليبيا منذ 28 حزيران 2004، تاريخ افتتاح مكتب الارتباط الأمريكي في طرابلس.
شعرة معاوية
وكانت الإدارة الأمريكية أبقت على درجة من التحفظ في وتيرة التطبيع مع ليبيا، على رغم التصريحات المتفائلة التي كان يُـدلي بها سيف الإسلام، النجل الأكبر للعقيد معمر القذافي والمسؤول عن ملف العلاقات مع أمريكا، والتي وصلت إلى حد الإعلان عن تبادل زيارات بين شخصيات من الصف الأول في الجانبين خلال سنة 2005، غير أن الأحداث لم تؤكدها.
وكان يُعتقد أن بقاء ملف الممرضات البلغاريات المتهمات في قضية حقن الأيدز لأطفال ليبيين عالقا، هو السبب الرئيسي الذي حال دون استكمال خطوات التطبيع التي انطلقت بشكل حاسم مع دفع أكثر من 2 بليوني دولار بعنوان تعويضات 103 لأسر ضحايا طائرة "بان أمريكان" وإنهاء الرئيس بوش في 19 ايلول 2004 العمل بقانون الطوارئ القومية تجاه ليبيا.
ومما عزز تلك التكهنات، أن الإتحاد الأوروبي اعتمد سياسة مشابهة في تشدده إزاء ملف البلغاريات، لكن تأكد الآن أن الأجندة الأمريكية مختلفة عن الأجندة الأوروبية.
الأزمة النووية
فتفاعلات الأزمة النووية مع إيران شكّـلت الازمة النووية أحد العوامل الهامة في تسريع التطبيع مع ليبيا، لأن واشنطن أرادت أن تبعث برسالة للدول التي تسعى لأن تحذو حذو إيران، مشيرة إلى أنها يمكن أن تتعرض لأحد نوعين من المعاملة: العصا أو الجزرة.
وكان البيان الرسمي الأمريكي واضحا في هذا السياق، إذ أكد الرئيس جورج بوش أن "التخلي عن السعي للحصول على أسلحة الدمار الشامل، يمكن أن يؤدّي إلى علاقات أفضل مع الولايات المتحدة وغيرها من الدول الحرة. لكن مواصلة السعي للحصول على تلك الأسلحة، لن يجلب الأمن ولن يأتي بالهيبة الدولية، وإنما يؤدي إلى العزلة السياسية والصعوبات الاقتصادية وعواقب أخرى غير مرغوب فيها".
وعلى تلك النغمة نفسها، عزفت وزارة الخارجية الأمريكية في معرض تفسيرها لقرار التطبيع، إذ قالت في بيانها بالمناسبة إن "ليبيا استجابت بصدق وإخلاص، ليس فقط في مجال الإرهاب الدولي، وإنما أيضاً في مجال أسلحة الدمار الشامل المرتبط به"، مُعتبرة أن "ليبيا نموذج مهم للإشارة إليه أثناء إلحاحنا على تغيير في سياسة دول أخرى، مثل إيران وكوريا الشمالية وغيرهما، باعتباره تغييرا أساسيا للمصالح الأمنية القومية الأمريكية وللأمن والسلام الدوليين".
وكان بوش ووزيرة خارجيته يُـشيران من وراء ذلك إلى إعلان الحكومة الليبية في 19 كانون الاول 2003 أنها قررت "بإرادتها الحرة أن تتخلى تماما عن الأسلحة المحرمة دوليا"، كما قررت بالإضافة إلى القضاء على برامجها الخاصة بأسلحة الدمار الشامل أن تقيّـد نفسها بالاحتفاظ بالصواريخ التي يتماشى مداها مع مواصفات النظام الخاص بالسيطرة على تكنولوجيا الصواريخ فحسب.
الوثائق الليبية
وفي هذا الإطار، سلمت ليبيا الوثائق الخاصة بتصميمات الأسلحة النووية التي تلقتها من السوق السوداء عبر شبكة العالِـم الباكستاني عبد القدير خان ثم نقلتها إلى الولايات المتحدة.
وكذلك الشأن بالنسبة لأجهزة الطرد المركزي الخاصة بتخصيب اليورانيوم، وما شابهها من أجهزة ووثائق وحاويات فلورايد اليورانيوم السداسي الذرات التي تم نقلها أيضا إلى الولايات المتحدة. وفي هذا السياق أيضا، أعاد الليبيون إلى روسيا أكثر من 15 كيلوغراما من الوقود المنتج حديثا لمفاعلات اليورانيوم العالي التخصيب، كما سارعوا في السنة نفسها إلى تدمير أكثر من 3,600 قنبلة كيماوية غير معبأة بحضور المفتشين التابعين لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية، بالإضافة لكل مخزونهم من العناصر الكيماوية والمواد الأساسية لتصنيع العوامل الكيماوية.
والأهم من ذلك، أن ليبيا توجّـهت برسالة إلى مجلس الأمن الدولي في 15 اب 2003 قالت فيها إنها تلتزم بـ "عدم الانخراط في تنظيم أو تمويل أو التكليف بأعمال إرهابية أو التحريض على التكليف بارتكابها أو دعمها بشكل مباشر أو غير مباشر"، و"التعاون في المعركة الدولية ضد الإرهاب". وبناء على تلك التطورات، تم استئناف التمثيل الدبلوماسي الأمريكي في ليبيا في 8 شباط 2004 بوصول موظفين أمريكيين إلى قسم المصالح الأمريكية بالسفارة البلجيكية في طرابلس الغرب، ثم تقرر رفع مستوى تلك البعثة إلى مكتب اتصال في 24 حزيران من نفس العام.
مكتب اتصال
وعلى أساس المعاملة بالمثل، دُعيت ليبيا إلى فتح مكتب اتصال في واشنطن في 8 تموز 2004، بعدما كانت الحكومة الأمريكية أغلقت المكتب الشعبي الليبي (السفارة الليبية) في تموز 1981 وطردت الموظفين الليبيين. ومن هذا المنظور، تراجعت أمريكا عن معارضة انضمام ليبيا لمنظمة التجارة العالمية، كما قدمت الحكومة الليبية شواهد على "نبذها للإرهاب"، وخاصة لدى اجتماع وزير خارجيتها عبد الرحمن شلقم مع نظيرته كوندوليزا رايس في 17 ايلول 2005 وإصدارهما بيانا مشتركا على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، كرّر التزام ليبيا بنبذ الإرهاب. وأثمرت تلك المبادرات قرارين أمريكيين جديدين في 28 ايلول 2005، سمحا لليبيا بتجديد وبيع طائراتها من طراز سي 130 المحتجزة في الولايات المتحدة مع تعهد الشركات الأمريكية بتقديم المساعدة لليبيين في جهودهم الرامية إلى تدمير مخزونهم من الأسلحة الكيماوية، كما رفع بوش في 28 شباط 2006 الحظر المفروض على أنشطة بنك التصدير والاستيراد الأمريكي في ليبيا. وتُوَج هذا المسار بانطلاق إجراءات شطب اسم ليبيا من قائمة الدول الراعية للإرهاب في 15 ايار الجاري ورفع مستوى التمثيل الدبلوماسي في طرابلس إلى درجة سفارة.
تسلسل زمني للعلاقات الامريكية - الليبية
- 1973: قام الزعيم الليبي معمر القذافي بتأميم قطاع النفط وحظر على السفن التابعة لسلاح البحرية الاميركي دخول المياه الليبية. واتهمت واشنطن القذافي بالضلوع في الارهاب وسحبت سفيرها من طرابلس.

-- 1978: فرضت الولايات المتحدة حظرا على الصفقات العسكرية مع ليبيا.

-- 1979: في أعقاب الثورة الايرانية، تعرضت السفارة الاميركية للتخريب وسط أعمال شغب في طرابلس.

-- 1981: طردت الولايات المتحدة دبلوماسيين ليبيين. تم اسقاط مقاتلتين ليبيتين بنيران سلاح الجو الاميركي الذي اتهمته طرابلس بانتهاك الاجواء الليبية.

-- 1986: كثفت الولايات المتحدة حظرها الاقتصادي المفروض على ليبيا وجمدت الارصدة الليبية في البنوك الاميركية. وقالت ليبيا ان اشتباكا بحريا مع القوات الاميركية في خليج سيرت أدى الى مقتل 58 ليبيا.
-- 5 نيسان: اتهمت الولايات المتحدة ليبيا بالضلوع في هجوم بقنبلة على ديسكو في برلين يرتاده الاميركيون.
-- 15 نيسان: شنت الولايات المتحدة غارة جوية على مدينتي طرابلس وبنغازي مما ادى الى مقتل 41 شخصا.

-- 1988: انفجرت طائرة تابعة لخطوط بان اميركان فوق مدينة لوكربي الاسكتلندية مما ادى الى مقتل 270 شخصا كانوا على متن الطائرة وفي مكان سقوطها.

-- 1991: اتهمت الولايات المتحدة ليبيا بالضلوع في تفجير الطائرة وتم الطلب باستدعاء عميلين ليبيين للمثول أمام المحكمة.

-- 1992: أصدر مجلس الامن قرارا حمل الرقم 748 ويدعو الى فرض حظر عسكري وجوي على ليبيا. وتم فرض عقوبات اقتصادية جديدة على ليبيا في عام 1993.

-- 1998: ابرمت ليبيا اتفاقا مع الولايات المتحدة وبريطانيا يحاكم بموجبه المتهمان الليبيان بالضلوع في تفجير لوكربي امام محكمة اسكتلندية تعقد في هولندا.

-- 2003: قبلت ليبيا المسؤولية القانونية عن تفجير لوكربي كما قبلت دفع تعويضات لعائلات الضحايا. وتم رفع العقوبات الدولية عن ليبيا واعلن القذافي بعد ذلك تخلي بلاده عن اسلحة الدمار الشامل.

-- 2004: الولايات المتحدة وليبيا تفتحان شعبتين للمصالح الخاصة في عاصمة البلدين في شباط. ويتم تخفيف العقوبات الاميركية على السفر.
--23 اذار: القذافي يلتقي وليام بيرنز مساعد وزيرة الخارجية الاميركية في طرابلس في اول لقاء مع مسؤول اميركي منذ اكثر من 30 عاما.
-- 3 حزيران: استئناف صادرات النفط الليبية الى الولايات المتحدة، وفي الشهر نفسه، يتم رفع الاتصالات الرسمية الى مستوى "مكاتب ارتباط". وترفع الولايات المتحدة بعض العقوبات الاقتصادية عن ليبيا في ايلول.

-- 2006:
51 ايار: واشنطن تعلن انها ستعيد علاقاتها الدبلوماسية الكاملة مع ليبيا وتزيل اسمها عن لائحة وزارة الخارجية للدول الداعمة للارهاب.


إرتفاع اسعار النفط يدخل الحكومة التونسية في حالة طوارئ
 

يعيش كبار موظفي وزارة المالية التونسية في "حالة طوارئ"، حيث تواجه الحكومة اختبارا صعبا، لعله الأكثر خطورة منذ عام 1988.
فمنذ أن أخذت أسعار النفط ترتفع بطريقة جنونية نحو الارتفاع، وهذه الحكومة تحاول أن تمتص التداعيات السلبية لذلك الارتفاع على توازناتها المالية ومضاعفاته الاقتصادية والاجتماعية.
بالرغم من نجاح الفريق العامل مع محمد الغنوشي، الوزير الأول في التغلب على صعوبات عديدة تعاقبت خلال السنوات الأخيرة، وتمكنّـه من تحقيق نوع من الاستقرار، إلا أن الخبراء يعتبرون الاقتصاد التونسي من بين الاقتصادات "الهشة" أو القابلة للتأثر بأي متغيرات إقليمية ودولية.
وفي هذا السياق، أشار وزير المالية إلى أن أسعار النفط إذا ما واصلت ارتفاعها على النسق الحالي، فإنها ستبتلع ثلثي ميزانية التنمية. هذه الميزانية التي توقعت بأن سعر برميل النفط سيستقر هذا العام عند حدود 60 دولاراً.
مواجهة الصعوبات
فكيف ستواجه الحكومة التونسية وضعية اقتصادية ومالية شديدة الصعوبة، بعد أن قدّر البنك الدولي وصول سعر البرميل قبل نهاية السنة الجارية بحوالي 80 دولارا؟
يكاد اللجوء إلى مراجعة قانون المالية بالزيادة والنقصان في آخر السنة يصبح "عادة الاستثناء"، حسب تعبير أحد نواب المعارضة في البرلمان، وهو ما تكرر منذ عام 2002، حسبما ورد في مداخلة النائب إسماعيل بولحية، ويعود ذلك أساسا إلى ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية، مما خلف عجزا في ميزانية الدولة بلغ في أواخر العام الماضي (2005) حدود 1.140 مليون دولار.
وحتى يتم التخفيف من حجم العجز الذي ازداد مع الأشهر الخمسة الماضية، لجأت الحكومة إلى رفع أسعار المحروقات مرتين منذ مطلع العام الجاري (2006). وحتى يتم امتصاص التململ الاجتماعي لعموم التونسيين، وخاصة أصحاب السيارات، تم تنظيم حملة إعلامية متواصلة بهدف إشعار التونسيين بضرورة التعاون من أجل التحكم في الطاقة، وتنفيذ حزمة من الإجراءات المتنوعة.
خلية مراقبة
لكن مع أهمية ذلك، فإن أوساطا عديدة تتساءل عن مدى قدرة هذه السياسة على مواجهة الصعوبات القادمة، كما تم إحداث خلية مراقبة نسق تطور أسعار النّفط وأداء سوق الصّرف العالمي، والهدف المركزي، هو بذل قصارى الجهد لتقليص حجم العجز في ميزانية الدولة.
فكل زيادة بدولار واحد في سعر البرميل، تثقل كاهل الميزانية بـ 35 مليون دينار نفقات إضافية، وتفكر الحكومة حاليا في جميع الحلول، بما في ذلك اللجوء إلى الطاقة النووية
ويعتبر الاقتصادي عبد الجليل البدوي أن "النظام الذي شجع على صعود مجتمع استهلاكي اصطناعي، وغرس ثقافة الدعم الاقتصادي والخضوع السياسي، قد استنفد طاقته"، ويعتقد بأن ارتفاع أسعار النفط سيزيد بشكل آلي من خطورة اختلال ميزان المدفوعات، سواء بالنسبة للديون الخارجية أو ميزانية الدولة.
من جانبه ينفي وزير المالية تحميل المستهلك وحده تداعيات الأزمة، والدليل على ذلك أن حجم دعم الدولة قد ارتفع إلى ملياري دينار بعد أن زاد سعر البرميل 15 دولارا إضافيا عن السعر المرجعي عند إعداد الميزانية، والذي كان 60 دولارا. غير أن البدوي يعتبر أن الطبقة الوسطى التي تشكل القاعدة الاجتماعية الأساسية للنظام السياسي، هي التي سيلحقها الضرر الأكبر بعد أن تآكلت قدراتها الشرائية طيلة السنوات الأخيرة، ويدعو الحكومة إلى اختيار وسائل أخرى لمواجهة المشكلة غير تحميل المستهلك مزيدا من الأعباء المالية والاجتماعية.
تقليص الاستهلاك
ومن بين هذه الوسائل، تقليص استهلاك الإدارة للطاقة بإلغاء أسطول السيارات الإدارية وبيعها بالتقسيط للموظفين، واستبدال كوبونات البنزين التي تُـعطى اياهم ضمن بقية الامتيازات بمِـنح مالية. لكن البدوي يعتقد بأن السلطة لن تقدم على ذلك لاعتبارات سياسية.
كيف يمكن للقوى الشعبية ان تساهم في تقديم اقتراحات في وقت تتعرض فيه المعارضة للملاحقة، وتمنع فيه السلطة الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني من ممارسة حق التعبير والتجمع.. وفي هذا الصدد تختلف وجهات نظر احزاب المعارضة مع اختلاف الموقع والعلاقة بينها وبين النظام، فحركة الديمقراطيين الاشتراكيين تساءلت من خلال النائب إسماعيل بولحية عن الكيفية التي ستواجه بها الحكومة سيناريوهات المستقبل المنظور و"هل ستلجأ إلى استعمال جزء من عائدات الخصخصة التي وفّـرت للميزانية مبلغا هاما يقدر بـ35% من رأس مال شركة اتصالات تونس"؟
أما أحمد نجيب الشابي (الحزب الديمقراطي التقدمي)، فقد اتهم الحكومة بحجب المعلومات عن المعارضة والأوساط الأكاديمية.
متسائلا: "كيف يمكننا أن نساهم في تقديم اقتراحات في وقت تتعرض فيه المعارضة للملاحقة، وتمنع فيه السلطة الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني من ممارسة حق التعبير والتجمع، ويحتكر النظام القرار". لكنه من جهة أخرى، طالب بدوره بأن لا تتحمل الجماهير الضعيفة القِـسط الأوفر من أعباء هذه الأزمة، وطالب السلطة بأن تعترف بالمجتمع والنقابات والأكاديميين ومنظمات رجال الأعمال، بحكم أن ذلك شرط أساسي لتحقيق التكافل الاجتماعي الذي تحتاجه البلاد في مثل هذه الظروف.
قلق التونسيين
بغض النظر عن أصداء هذا الجدل الذي ستتصاعد أصداؤه في الأشهر القادمة، فالمؤكد أن حالة من القلق بدأت تسود الأجواء الاجتماعية في تونس، ولا حديث بين التونسيين، إلا عما يمكن أن تخفيه التطورات القادمة من زيادات محتملة في أسعار المحروقات وما يتبعها، حيث ارتفعت أسعار المحروقات ثلاث مرات منذ بداية هذا العام.
وما تخشاه الحكومة، هو أن يؤدي هذا التململ إلى تصاعد الحركة المطلبية، خاصة وأن عدد الإضرابات قد ازداد في الأشهر الأخيرة، كما أصبحت أصوات النقابيين أكثر ارتفاعا، وتكفي الإشارة في هذا السياق إلى قرار كل من نقابة التعليم الأساسي ونقابة التعليم الثانوي شنّ إضراب عن العمل خلال الفترة القادمة.
ولعل الإسراع باتخاذ إجراءات لصالح محدودي الدخل وفاقدي السند، بما في ذلك أصحاب الشهادات، ليس سوى محاولة استباقية لامتصاص ردود فعل هذه الفئات الحساسة جدا لأي ارتجاج يُـصيب أسعار المواد الأساسية.
والسؤال المطروح حاليا: هل ستتمكّـن السلطة من الاستمرار في المحافظة على الاستقرار الاجتماعي والسياسي؟ وهل ستتمسك بنفس الوسائل التي اعتمدتها منذ بداية التسعينيات أم أن الظروف الجديدة ستجعلها أقل تصلّـبا وأكثر انفتاحا على المعارضة والمجتمع المدني؟


معركة الرئاسة التركية  .. حجاب الزوجات.. وفرص الأزواج
 

انطلق النقاش في تركيا حول الانتخابات الرئاسية قبل سنة من انتهاء ولاية الرئيس احمد نجدت سيزر المدافع عن العلمانية والذي غالبا ما يدخل في اختبارات قوة مع الحكومة ذات التوجه الاسلامي المحافظ.
 

وستكون لحزب العدالة والتنمية (المنبثق عن التيار الاسلامي) الحاكم منذ الانتخابات التشريعية في 2002 مبدئيا كلمة الفصل في اختيار الرئيس المقبل للجمهورية في نيسان 2007 لانه يملك الغالبية المطلقة في الجمعية الوطنية.
وفي ظل النظام البرلماني المعتمد في تركيا، ينتخب رئيس الدولة من قبل الجمعية الوطنية لولاية من سبع سنوات. ويتولى الرئيس التركي منصبا فخريا ولا يتدخل في شؤون السلطة التنفيذية.
وتنظر الاوساط السياسية إلى رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان ورئيس البرلمان بولند ارينج على انهما بين الافضل حظا للفوز بالرئاسة. والرئيس المقبل سيكون الرئيس الحادي عشر لتركيا. لكن اردوغان وارينج، الشخصيتين البارزتين في حزب العدالة والتنمية، اصبحا اعتبارا من الان موضع جدل لدى الاوساط السياسية وفي الصحافة.
وتقول وسائل الاعلام المؤيدة للعلمانية ان هذين الرجلين لا يمكنهما الوصول إلى سدة الرئاسة في البلاد لان زوجتيهما، وعلى غرار زوجات عدد من نواب ووزراء حزب العدالة والتنمية، تضعان الحجاب.
وتعتبر وسائل الاعلام ان وصول سيدة اولى ترتدي الحجاب في تركيا امر غير مقبول خصوصا ان تركيا دولة علمانية الطابع تريد الانضمام إلى الاتحاد الاوروبي.
ومثل هذا الاحتمال سيؤدي ايضا إلى مصاعب عدة على مستوى المراسم بسبب منع ارتداء الحجاب في المؤسسات العامة والجامعات.
وتعتبر الاوساط المؤيدة للعلمانية وبينها الجيش الذي يعتبر نفسه حامي مبادىء الجمهورية، ارتداء الحجاب على انه اشارة واضحة لدعم الاسلام السياسي.
وكان حزب العدالة والتنمية وعد بالغاء هذا الحظر عند وصوله إلى السلطة لكنه لم يتمكن من مواجهة الاوساط المؤيدة للعلمانية التي تدافع عن المبادىء التي ارساها مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال اتاتورك (1881-1938).
وبدأ الجدل منذ سنوات حول هذه المسالة ووصل إلى حد التساؤل هل ان القصر الرئاسي في انقرة يعتبر "مكانا عاما" وبالتالي يحظر دخول النساء المحجبات اليه ام لا

وبالنسبة لسيزر فان القصر الرئاسي هو مكان عام وبالتالي، وفي بادرة رمزية، رفض على الدوام دعوة الزوجات المحجبات لقادة حزب العدالة والتنمية إلى حفل الاستقبال الرسمي في مناسبة تاسيس تركيا في 29 تشرين الاول.
وسيزر المعروف لدى وسائل الاعلام بطريقة عيشه المتواضعة ونزاهته، يثير ايضا استياء الحكومة عبر وسائل اخرى لا سيما معارضته بشدة لقوانين حول المدارس القرآنية. وكان سيزر، الرئيس السابق للمحكمة الدستورية الذي يحظى باحترام كبير، اعلن ايضا عام 1998 ان الحركة الاسلامية التي انبثق منها حزب العدالة والتنمية غير شرعية.
واردوغان، الاسلامي السابق الذي عدل مواقفه، لم يدل حتى الان باي تعليق حول طموحات رئاسية محتملة.
وفي المقابل فان ارينج الذي دعا الدولة عدة مرات إلى "تحديد" مبادىء العلمانية التي يعتبرها صارمة جدا، يبدو اكثر ميلا لتقديم ترشيحه. وقد اثار دنيز بايكال رئيس حزب الشعب الجمهوري (اشتراكي-ديموقراطي)، ابرز تنظيم معارض في البرلمان، مفاجأة الاسبوع الماضي عبر دعمه ضمنا ترشيح نائب رئيس الوزراء الحالي عبد اللطيف سينير، الشخصية المعتدلة في حزب العدالة والتنمية.
والسيناريو المحتمل الاخر بالنسبة لحزب العدالة والتنمية، بحسب المراقبين، سيكون دعم ترشيح "مستقل"، اي شخصية غير منبثقة من الطبقة السياسية مقربة إلى حد ما من عقيدة حزب العدالة والتنمية، ولا يعارضها الجيش.


القبارصة اليونانيون يتوجهون لصناديق الاقتراع غداً .. اول انتخابات تشريعية منذ رفضهم خطة انان لاعادة توحيد الجزيرة

  • استطلاعات الرأي ترجح فوز يمين الوسط الذي يتزعمه الرئيس القبرصي تاسوس بابادوبولوس

  • الجزيرة تعتمد في اقتصادها على السياحة وتمتلك سادس اسطول تجاري في العالم

نيقوسيا/ (اف ب)

دعي القبارصة اليونانيون الى مراكز الاقتراع لتجديد اعضاء برلمانهم يوم غد الاحد في اول انتخابات تشريعية منذ رفضهم في استفتاء نيسان/ابريل 2004 خطة اعادة توحيد الجزيرة التي اقترحها الامين العام للامم المتحدة كوفي انان.
توقع الفوز
ورجح استطلاع اجري مؤخرا ان يفوز حزب يمين الوسط (ديكو) الذي يتزعمه الرئيس القبرصي تاسوس بابادوبولوس وكان في طليعة رافضي توحيد الجزيرة في الاستفتاء، بمقاعد اضافية في البرلمان.
ويتوقع ان يزيد هذا الحزب عدد مقاعده من تسعة الى 21 في برلمان يبلغ عدد مقاعده 56 كما افاد استطلاع نشر في الرابع عشر من ايار قبل اسبوع من عملية الاقتراع.
وقد يتم هذا التقدم على حساب اثنين من ابرز الاحزاب وهما "اكيل" (شيوعي-20 مقعدا) و"ديزي" (يمين، معارض 19 مقعدا) المختلفان حول طرق انهاء انقسام الجزيرة منذ ثلاثين سنة.
ويتطلع بابادوبولوس لان تكون هذه الانتخابات التشريعية تأييدا لسياسته المعارضة لخطة كوفي انان.
معارضة التوحيد
واكد مطلع الشهر الجاري امام انصاره "يجب ان تثبت هذه الانتخابات ان الشعب القبرصي اليوناني حازم في معارضته خطة انان".
وقال بابادوبولوس ان المجتمع الدولي يأمل في ان ينتج عن عملية الاقتراع دعم متزايد لخطة انان "لكن علينا ان نخيب ظنهم".
وللمرة الاولى منذ عشرات السنين يشارك 270 ناخبا قبرصيا تركيا يقيمون في الشطر الجنوبي من الجزيرة في الانتخابات التشريعية الى جانب 470 الف ناخب قبرصي يوناني وذلك بفضل تعديل دستوري اجري مؤخرا.
وفي سابقة اخرى تتقدم مرشحة قبرصية تركية للمرة الاولى منذ 1963 الى الانتخابات. وتترشح الشاعرة نيشي ياسين المقيمة في جنوب الجزيرة عن حزب الديموقراطيين الموحدين المؤيدين لاعادة توحيد الجزيرة.
ويتوقع ان يعزز الرئيس بابادوبولوس موقعه في هذه الانتخابات ليس بزيادة عدد نوابه في البرلمان فحسب بل بفضل الدعم المتواصل الذي يمنحه اياه حزب "اكيل".
نتائج الاستطلاع
وافاد استطلاع الرابع عشر من ايار ان اكيل سيحصل على 30.1% من اصوات الناخبين مقابل 28.6% لحزب "ديزي" في حين قد يحصل "ديكو" على 16% متفوقا على الحزب الاشتراكي "ايديك" (العضو في الائتلاف الحكومي) الذي سيحصل على 6.4%.
ويقول المحللون ان موقع بابادوبولوس المناهض لخطة انان ارغم بعض شركائه على تليين خطاباتهم المؤيدة لاعادة التوحيد.
واعتبر المحلل السياسي سوفرونيس سوفرونيو ان "الاحزاب لم تغير مواقفها منذ الاستفتاء باستثناء "اكيل" الذي تبنى موقفا ملتبسا في 2004 واصبح تحت ضغط "ديكو" يدعو اكثر الى رفض التوحيد".
وبعد فشل خطة اعادة التوحيد التي وافق عليها القبارصة الاتراك انضمت جمهورية قبرص الى الاتحاد الاوروبي في ايار 2004.
ويتعرض تاسوس بابادوبولوس ومحمد علي طلعت "رئيس جمهورية شمال قبرص التركية" (التي لا تعترف بها سوى انقرة) الى المزيد من الضغط لاستئناف المفاوضات برعاية الامم المتحدة.
ويلح الرئيس القبرصي اليوناني على انه مستعد للبدء في مفاوضات سلام جديدة بعد الانتخابات بعد سنتين من الركود.
وقبرص مقسمة منذ 1974 عندما اجتاح الجيش التركي شمال الجزيرة ردا على انقلاب نفذه قوميون قبارصة يونانيون تدعمهم المجموعة العسكرية التي كانت حاكمة في اثينا بهدف الحاق الجزيرة باليونان.
الخارطة القبرصية
جمهورية قبرص (الجزء اليوناني من الجزيرة) التي تشهد انتخابات نيابية في 21 ايار، هي الكيان الوحيد المعترف به دوليا في الجزيرة المقسومة منذ 1974.
وفي الجزء الشمالي من الجزيرة الذي اجتاحته القوات التركية ردا على انقلاب نفذه القبارصة اليونانيون بدعم من اثينا يهدف الى الحاق قبرص باليونان، تم في 1983 اعلان "جمهورية شمال قبرص التركية" الممتدة على 36% تقريبا من مساحة الجزيرة والتي لا تعترف بها الا انقرة.
ويفصل بين شطري الجزيرة خط ممتد على 180 كلم من الشرق الى الغرب.
الوضع الجغرافي والمساحة
قبرص جزيرة واقعة في الحوض الشرقي للبحر الابيض المتوسط تبلغ مساحتها 9251 كلم مربع وتقع على بعد 60 كلم من الشواطىء التركية و200 كلم من الشواطئ اللبنانية والسورية.
السكان: يقيم نحو 800 الف شخص في الشطر الجنوبي بينهم نحو الف قبرصي تركي.
العاصمة: نيقوسيا وهي مقسومة الى شطرين ويبلغ عدد سكانها 250 الف شخص.
اللغة الرسمية: اليونانية والتركية، وتنتشر الانكليزية على نطاق واسع.
الديانات: المسيحية الارثوذكسية (80%) والمسلمة (18%) واقليات مسيحية مارونية وارمنية ولاتينية (2%).
تاريخ: خضعت الجزيرة على التوالي لادارة او استعمار من اليونانيين والفرس والمصريين والرومان والبيزنطيين والفرنج والبندقية ثم العثمانيين (1517-1878). بعدها انتقلت الى الانتداب البريطاني وتحولت الى مستعمرة في 1925. استقلت في 1960 خلال رئاسة الاسقف مكاريوس للجزيرة.
وضعت الامم المتحدة خطة تهدف الى اعادة توحيد الجزيرة خضعت لاستفتاء في شطري الجزيرة في 2004، وقد رفضها القبارصة اليونانيون ما حال دون تطبيقها. وانضمت جمهورية قبرص اليونانية وحدها في الاول من ايار 2004 الى الاتحاد الاوروبي.
المؤسسات السياسية: النظام رئاسي. وقد انتخب تاسوس بابادوبولوس من حزب ديكو (وسط اليمين) رئيسا في 16 شباط 2003 من الدورة الاولى لولاية من خمس سنوات خلفا لغلافكوس كليريدس من حزب ديزي (محافظ).
ويتم انتخاب البرلمان لخمس سنوات. ويبلغ عدد النواب الذين يمثلون المجموعة القبرصية اليونانية 56، بينما بقيت المقاعد الـ24 المخصصة للنواب القبارصة الاتراك والتي ينص عليها دستور1960، خالية منذ 1964، اثر توترات طائفية.
وسمح للقبارصة الاتراك المقيمين في جنوب الجزيرة، بموجب تعديل دستوري اخير، بالتصويت وبالترشح الى الانتخابات المقررة في 21 ايار. وقد سجل نحو 270 ناخبا قبرصيا تركيا اسماءهم على سجلات القيد الانتخابية الى جانب نحو 500 الف ناخب قبرصي يوناني.
ووصل الحزب الشيوعي (اكيل) في الطليعة خلال الانتخابات البرلمانية في ايار 2001، بنسبة 35% من الاصوات.
اقتصاد: السياحة هي المصدر الاول للموارد (نحو 20% من اجمالي الناتج الداخلي). وتملك جمهورية قبرص الاسطول التجاري السادس في العالم.
النمو: بلغ 2% في 2004.
المدخول الفردي سنويا: 18الف يورو في آذار 2004.
البطالة: 2.9% في تشرين الاول 2004.
العجز في الموازنة: 7% من اجمالي الناتج الداخلي.
التضخم: 1.4% في شباط 2004.
الواقع العسكري: يبلغ عدد عناصر الجيش 12 الف جندي قبرصي يوناني، بالاضافة الى آلاف الجنود اليونانيين. (يبلغ عدد عناصر الجيش في شمال الجزيرة 4500 من القبارصة الاتراك، بالاضافة الى انتشار ثلاثين الف جندي تركي).
تشرف قوة سلام تابعة للامم المتحدة (انشئت في 1964) على المنطقة الفاصلة بين الجنوب والشمال. وتم تخفيض عدد عناصر هذه القوة في تشرين الاول 2004 من 1200 عنصر الى 860.
ولا تزال بريطانيا تحتفظ بقاعدتين عسكريتين في الجزيرة منذ استقلال قبرص.

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة