(أمراء الجحيم) في نيوزلندا
نيوزيلندا / المدى
أخذ المسرح العراقي خلال السنوات الثلاث يعيد مكانته
وحضوره الفاعل والمؤثر على مسرح الحياة من خلال دور العرض،
على شحتها في العراق، أو هناك في المنافي والمهاجر التي
عبر إليها المبدعون العراقيون بحثاً عن الحرية والخلاص،
بعيداً عن رقابة النظام السابق ومؤسساته الأمنية المرعبة،
وقد تميزت بعض العروض المسرحية وتفردت بمقارعتها للإرهاب
والموت والخراب، انتصاراً للحياة والبناء والحرية والسلام.
ومسرحية "أمراء الجحيم" التي عرضت مؤخراً على أحد مسارح
أوكلاند في نيوزلندا تصب في هذا الاتجاه من حيث الفكرة
والمعالجة والرؤية الإخراجية لظاهرة الإرهاب التي باتت
تؤرقنا وتهدد حياتنا جميعاً. المسرحية "موندراما" كتبها
الشاعر عبد الرزاق الربيعي في مهجره العماني بمسقط،
وأخرجها ووضع "سيناغرافياها" الفنان فاروق صبري في مهجره
النيوزلندي، وشاركه في تقديم العرض فنانون عراقيون آخرون،
وسام إبراهيم للديكور، بهروز غفور وصلاح سيف لتنفيذ وتوزيع
تأثيثات فضاء المسرح، العازف على العزاوي في تقديم الحان
عراقية فولكلورية
على آلة الجلو.
اعتمد العرض بالدرجة الأساس على مرويات بصرية منقولة
ببراعة من مشهد الحياة العراقية إلى مسرح التمثيل، هذا
النقل، ليس هدفه المحاكاة لإثارة الألم والحزن والأسى، لما
يجري من قتل وتخريب وتدمير وتشظية للحياة، كل يوم فحسب، بل
الهدف منه، فضح إدعائية الغرباء القادمين من خارج حدود
الوطن، وكشف مرجعياتهم العقائدية القائمة على الأوهام
والأباطيل من أجل صناعة الموت ونشر الظلام بين أبناء الوطن
الواحد، ويعتبر "أبو دلامة" المحور الرئيس في المسرحية، بل
هو الانموذج المحرك لثقافة العنف والإرهاب والظلام، ثم
ليكون أحد أمراء هذا الجحيم اليومي، عبر عقليته
الاستبدادية الظلامية. يقود هذا الـ"ابو دلامة" ستة
انتحاريين أو ناحرين على طريقتهم الإسلامية لينشروا الرعب
والخوف والموت على مسرح الحياة.
إذن، يتلخص هذا العرض المسرحي العراقي بامتياز، بتقديم
مرورية حكائية، تكشف عن هوية أمراء الموت ومصنوعيهم من
الانتحاريين، وكذلك وجهة خلفياتهم الاجتماعية والجغرافية
وكيف أنهم يتوحدون في العقد والأمرض والعقيدة المنبثقة على
إيمانيات باطلة وعصبية طائفية مقيتة، وفي النهاية يغمض
الأمير وانتحاريوه أعينهم عن رؤية واقع الاحتلال لأن جل ما
يحلمون به ويهدفون إليه، هو تفجير أحقادهم العقائدية
المفخخة لقتل الحياة وإيقاف دورتها.
|