الديمقراطية في الشرق الاوسط بحاجة إلى دعم
*بقلم: دانيل بليتكا
ترجمة فاروق السعد
عن: واشنطن بوست
*دانيل بليتكا: نائب رئيس قسم دراسات سياسة الدفاع
والخارجية في معهد المشروع الامريكي.
بعد
الانتخابات الديمقراطية، اصبحت السلطة الفلسطينية مدينة
بمبلغ 1.3 مليار دولار وجالسة على حافة كارثة مالية. لقد
جعل قادتها المنتخبون الارهاب اداة للدولة. وكل ذلك يطرح
مسالة ان كانت الولايات المتحدة تقوم بارتكاب خطأ قاتل في
الدفع من اجل الاصلاح الديمقراطي في الشرق الاوسط. ان
الاجابة هي كلا، ولكن يجب على واشنطن ان تدفع بشكل اقوى-
ليس فقط ضد الانظمة الارهابية فحسب، بل من اجل بناء مؤسسات
المجتمع الحر. وبالتاكيد، كان نجاح حماس حكاية تحذيرية.
فبدلا من ان تقوم باتخاذ مواقف اكثر اعتدالا للتكيف مع
اعباء القيادة، اتخذت حماس مبدا متشددا واستخدمت سلطة
الدولة لدعمه. بالرغم من الضغوط من الغرب ومن حكومات عربية
اخرى لنبذ العنف، قامت حماس بتعيين مطلوبين في المناصب
المهمة واطرت على الاعمال الارهابية ضد المدنيين في
اسرائيل. تمسك الرئيس بوش بموقفه، مصرا على ان الانتخابات
الفلسطينية كانت" صحية للمجتمع". في الحقيقة، اوضح بوش بان
اشباه حماس غير كافين لثنيه عن فضائل الديمقراطية. والرئيس
على حق، إلى حد ما. اولئك الذين في القيادة يستحقون ان
يختبروا. فان كانت حماس قادرة على القيادة، وعلى تحقيق
احلام الفلسطينيين، ستكون هنالك نداءات من اجل اعادة
التقييم. ان المؤشرات المبكرة تدل على ان الشعب الفلسطيني-
الذي، طبقا لاستطلاعات الراي، صوت إلى حماس احتجاجا على
فساد فتح وسوء الادارة- ستخيب آماله إلى حد بعيد. فهل يمكن
فعل المزيد للمساعدة في تشكيل اللوحة السياسية المتنوعة في
الشرق الاوسط؟ يعتمد الجواب بشكل كبير على مسألة ان كانت
الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون يعتقدون بان هنالك في
الواقع اكثر من بعدين للسياسة في العالم الاسلامي. فان كان
هنالك، مثل الغرب، عماليون واشتراكيون وراسماليون
وليبراليون، وعليه يوجد مجال للنمو. ان مفاتيح النجاح هي
الصحافة الحرة، التسجيل غير المقيد للاحزاب السياسية،
تمويل عام للاحزاب الشرعية ونهاية للاكراه السياسي المدعوم
من قبل الدولة. تمتلك الولايات المتحدة النفوذ الدبلوماسي
والاقتصادي للمساعدة في خلق المجال للديمقراطية الحقة في
الشرق الاوسط. فليس جميع الناخبين في المنطقة يؤمنون
بالطغيان، سواء كان علمانيا او اسلاميا. لكن زرع بذور الشك
هو بضاعة المتاجرة للقادة الاقليميين، طريقة مؤكدة لاخافة
امريكا من مسيرتها العقيمة من اجل الحرية. فالرئيس المصري
حسني مبارك، الذي هو في السلطة منذ 1981، احدث مصيبة في
انتخاباته العامة العام الماضي. ورغم ان الحزب نفسه غير
شرعي، نجح مرشحو (الاخوان المسلمون) في الانتخابات. لقد
استفاد الاخوان المسلمون جزئيا من مؤسسة رفيعة من جهة ومن
جهة اخرى من سجن مبارك لقادة معتدلين واكراه صفيق للناخبين.
واستخدمت العائلة المالكة في السعودية نفس اللعبة في
انتخاباتها التي جرت عام 2005. فقد كان المرشحون
المعتدلون(الذين يدعون إلى سياسة نظام معتدلة) قد حجبوا
بشكل درامي من قبل المرشحين الاسلاميين المتطرفين،
والكثيرون من أفراد العائلة المالكة لم يزعجوا انفسهم
بالتصويت، سامحين للمتشددين بتحقيق فوز سهل. كان رد فعل
الولايات المتحدة على هذه الخدع السياسية متضاربا. فقد
عملت واشنطن ضجة حول اعتقال ومطاردة سياسيين معتدلين في
مصر. وعندما قام مبارك بشكل مفاجىء بتاجيل الانتخابات
البلدية، أوقفت واشنطن مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة مع
مصر. وفي اماكن اخرى، على اية حال، كان رد الفعل اخرس. ولم
يبذل الا القليل جدا من الجهد على تشجيع الاحزاب المعتدلة
في الشرق الاوسط. ففي مصر هنالك تنوع واسع في وجهات النظر
وما لا يقل عن حزب معارض واحد جدي، علماني. ومن بين
الفلسطينيين، كان هنالك ما لا يقل عن خمسة احزاب سياسية
فيما بين القطبين فتح وحماس. ونفس الشيء هو صحيح في النظم
الاسلامية السياسية للمغرب ولبنان. ففي مناطق حيث يكون
هنالك قطبان فقط، يكون هذا لان الحكومة تعمل على التاكد من
انه لا يوجد هنالك من اوكسجين لاي شخص اخر. واذا ما ارادت
الولايات المتحدة وحلفاؤها ان تحل المشكلة، فالعتلة بحاجة
إلى ان توضع في المكان الوسط لتتم عملية الرفع. فلقد كانت
المنطقة مهدا للابتكارات والافكار في الماضي؛ والشعوب
بحاجة إلى مجال لالتقاط الانفاس كي تتمكن من الحصول عليها
مرة اخرى.
|