تحقيقات

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

أرض العراق أكبر حاوية للألغام في العالم وأطفاله أغلب ضحاياها

  • الناجون من انفجارات الألغام يعانون أمراضاً نفسية وانحرافات شخصية
  • روى احد الاطفال الذين شهدوا الحادث: عندما عثر علي على لغم كنا نلهو قرب اغنامنا، تجمعنا حوله واخذنا نلعب باللغم، ثم تركناه بيد رحيم وابتعدنا عنه، لكنه سحب كبسولة الصاعق فانفجر اللغم واودى بحياته في الحال..
  • شيوخ العشائر الذين حضروا الجلسة برأوا الطفل علي من مسؤولية مقتل الطفل رحيم..
     

بغداد/اياد عطية

في جلسة فصل عشائرية ادعت عائلة الطفل رحيم كامل (7 سنوات) الذي لقي حتفه بانفجار لغم ان عائلة الطفل علي حبيب (11 سنة) يجب ان تتحمل دية مقتل طفلها بزعم ان( علي) كان المتسبب في مقتل رحيم..
قال احدهم: ان الذين زرعوا الارض بالالغام هم الذين يتحملون مسؤولية مقتل الطفل رحيم.. كما ان المسؤولية تقع الآن على عاتق الحكومة في انقاذ الناس من الالغام وخصوصاً اطفال القرى في المحافظات الحدودية الذين عادة ما يكونون ضحايا في ارض الالغام..
مشاهد مقتل الاطفال، او عوقهم تتكرر خاصة اطفال مربي الاغنام الذين يتنقلون الى مناطق العشب في موسمي الشتاء والربيع والذين يجهلون خطورة مثل هذه المناطق المزروعة بالالغام..
وفي بيان اصدرته الامم المتحدة بمناسبة اليوم العالمي للتوعية بمخاطر الالغام.. بينت المنظمة انه على مدى عقود من الحروب والصراعات الداخلية اصبح العراق مكسواً بالالغام الارضية والذخائر غير المنفجرة ونفايات الاسلحة الاخرى، واكد البيان ان 99% من ضحايا الالغام هم مدنيون وان غالبيتهم من الاطفال دون سنة 14 سنة..
مدن الجنوب وكردستان
وتشير تقارير اعدتها منظمات دولية ان غالبية الالغام الارضية مزروعة على شكل حقول عشوائية تتركز في مدن جنوب العراق وكوردستان وان اللغم المعروف (P. M. N) هو من اخطر انواع الالغام المزروعة والذي يتسبب بقتل او اعاقة من يلمسه.
ويقول الدكتور حيدر حسن طارش: ان مئات الآلاف من الاطفال يمشون الآن على عكازات فالعديد منهم قطعت اطرافهم العليا او السفلى بسبب الالغام او الانفجارات والمفخخات، وان الطلب على الكراسي المتحركة والاطراف الصناعية يتزايد مع تزايد ضحايا الالغام والسيارات المفخخة واذا كان معظم الاطفال في الجنوب وكردستان هم من ضحايا الالغام فان اطفال بغداد هم ضحايا السيارات المفخخة والعبوات الناسفة.. ويقول روجر راتب الممثل الخاص للامم المتحدة في العراق: ان الاطفال اكثر عرضة للاصابة او الموت جراء الجروح الناجمة عن الذخائر المتفجرة من الكبار اذ ينجذب الاطفال الى المنظر الخارجي المتميز ذي الالوان البراقة لهذه الاجسام القاتلة موضحاً: ان معظم الاطفال يفقدون حياتهم قبل وصولهم الى المستشفى..
اما السيدة فاليورغا ممثلة الامم المتحدة لشؤون اللاجئين في العراق فأكدت: ان الموت بالالغام والعبوات والمفخخات يحاصر اطفال العراق.. وان العديد من المناطق السكنية في المدن المكتظة بالسكان تنتشر فيها الذخائر غير المنفجرة وفي الغالب فان الاطفال الذين يعودون الى منازلهم هم الاكثر عرضة للضرر لانهم على الاغلب غير مدركين لمخاطر اللعب والعبث بالالغام والمتفجرات.
آثار نفسية
على الرغم ان الالغام والمتفجرات والذخائر تؤدي الى كوارث بشرية وتفتك بارواح الناس الا ان آثارها تمتد الى الناجين منها خاصة الذين يتعرضوا الى اعاقة او جروح خطيرة تنتج عنها..
ويقول الدكتور جبار النصار اخصائي الامراض النفسية: ان الآثار التي تترتب على تعرض الاطفال لحوادث تفجيرات حتى وان نجوا منها تصيب جهازهم النفسي وتنعكس على شخصيتهم وربما تصيبهم بامراض نفسية خطرة وانحرافات نفسية مدمرة. فالصدمة النفسية التي تعقب مثل هذه الحوادث تؤثر بشكل لافت على شخصية الانسان وبالاخص الاطفال منهم مما ينعكس على مجمل نشاطاتهم الحياتية..
وربما تخلق لديهم سلوكاً عدوانياً او احساساً بالاحباط واليأس خاصة الذين يتعرضون الى العوق او اصابات خطرة تشوه خلقتهم. ولهذا فان الاطفال الذين يعيشون ظروف الحروب والعنف والتفجيرات المستمرة تنعش في ذاكرتهم هذه الكوارث والاحداث وتنعكس بالتالي على شخصيتهم وتؤدي الى امراض نفسية وانحرافات شخصية خطرة وضغوط متنوعة لا حصر لها، ولذا فان هؤلاء الاطفال بحاجة الى رعاية صحية خاصة، من اجل التغلب على الصدمات والآثار التي سببتها لهم تلك الحوادث، وبالنسبة لاطفال العراق فاني استطيع ان اقول انهم يعانون من صدمة الحروب والاحداث التي مرت بهم وما زالت مستمرة، وعلى الرغم من عدم توفر احصائيات رسمية لدينا او دراسات متكاملة عن الامراض النفسية التي سببتها تلك الاحداث الا اني استطيع ان اشخص العديد من الامراض النفسية التي اطلعت عليها شخصياً واخطرها الانحرافات السلوكية والضغوط النفسية والكآبة الناتجة عن الاحساس بالضياع وفقدان الامل، والخوف الذي يتلبس ذاكرة الاطفال على هيئة اشباح تنتابهم وتشكل لهم كوابيس من الصعوبة التخلص من آثارها الا بتحسين بيئة الطفل ومعالجته نفسياً..
الظروف الامنية تعوق جهود مكافحة الالغام
تحتاج عملية ازالة الالغام في العراق الى جهود كبيرة وعمل مضن وامكانات كبيرة، والواقع ان بلداً مثل العراق يواجه اقسى هجمة ارهابية وما زالت مؤسساته في طور البناء والتكوين من الصعوبة ان يستطيع حل هذه المشكلة بمفرده او انه قادر على حلها الآن.. فمئات الضحايا الذين يتساقطون الآن بفعل العمليات الارهابية بالسيارات المفخخة والعبوات الناسفة، هم الذين يحتاجون الى حلول ومعالجة سريعة من الحكومة ومؤسسات الدولة.. وبات من الصعوبة على الحكومة العراقية توجيه جهودها الى مكافحة الالغام التي تطوق المدن الحدودية باستمرار معاناة السكان الآنية نتيجة استمرار اعمال العنف والعمليات الارهابية..فالمستشفيات العراقية تستقبل يومياً عشرات الضحايا نتيجة انفجار السيارات المفخخة والعبوات الناسفة، فيما تركز القوات الامنية جهودها على مكافحة الارهاب وانقاذ المدنيين من اخطار العبوات الناسفة..
ولهذا فان الجيش العراقي الحديث التكوين قد شكل وحدات لاتلاف الالغام.. ويقول النقيب قحطان من الكتبيبة (30) وحدة اتلاف الالغام.. بدأت وحدتنا بمجموعة صغيرة يديرها ستة ضباط وتضم حوالي 80 جندياً.. وقد اثبتت وحدتنا وجودها منذ الانتخابات الماضية والايام التي تلتها.. اذ قامت هذه الوحدة بعمليات كبيرة في ابطال الالغام وتفكيكها.
ويستدرك النقيب قحطان: لكننا بحاجة الى المزيد من الخبرات والتدريب والتأهيل وبحاجة الى المزيد من الوحدات الهندسية المتخصصة في ابطال العبوات والمتفجرات، وتابع: عندما يكتمل تسليح وحدتنا وتزويدها باحدث المعدات التكنولوجية في مجال مكافحة الالغام فان مهاماً كبيرة اخرى بانتظارنا.. لكن عملنا الآن ينحصر في ابطال العبوات والمتفجرات التي يستخدمها الارهابيون وتلحق اضرار مباشرة وفادحة بالمدنيين. ومن الصعوبة ان ينشغل جنودنا الآن بمهمات مكافحة الالغام المزروعة اثناء الحروب الماضية والمتوزعة في معظم المناطق الحدودية في الشمال والشرق والجنوب، فيما تواجه الآن حرب العبوات الناسفة التي نركز جهودنا لاكتشافها وابطالها وتقليل الخسائر في صفوف المدنيين التي تنجم عنها.
مساعدات دولية
يعيش العراقيون اليوم في بقعة تعتبر الاكثر حشداً للالغام الارضية والمتفجرات، وفي مسح قامت منظمات دولية تابعة للامم المتحدة شملت اثنتي عشرة محافظة شمل (11250) منطقة سكنية. ووفقاً لليونيسيف فان التقدم الذي حصل في تكنولوجيا الالغام جدد الامل بامكانية القضاء على هذه المتفجرات باسرع وقت..
وينفذ البرنامج الانمائي للامم المتحدة في العراق الآن مشروعاً طويل الامد للتخلص من الالغام عن طريق تزويد الحكومة العراقية من خلال الهيئة الوطنية لمكافحة الالغام بالمستشارين والدعم المادي وتحريك المصادر من اجل مواجهة هذه المشكلة..
وتقول الامم المتحدة ان جهودها اسفرت حتى الآن عن تطهير ما يقارب 9.5 مليون متر مكعب من الاراضي واكثر من خمسة وعشرين الف قطعة من الذخائر. واصبح بالامكان استخدام هذه المساحة للاغراض الزراعية.
اضافة الى ذلك تبذل منظمة اليونيسيف جهوداً كبيرة في تنظيم حملات اعلامية ودورات تدريبية وتوجيه المواطنين حول خطورة مخلفات المواد المتفجرة.
وتقوم الشركة الدولية لتقنية الاعمال المتعلقة بالالغام ومجموعة ازالة الالغام الدنماركية بمهام مكافحة الالغام في العراق بتكليف من مكتب الامم المتحدة لخدمة المشاريع وقد توسع البرنامج ليشمل مناطق واسعة في الجنوب.
ولاهمية التوعية في هذا البرنامج فان منظمة (هانديكاب انترناشيونال) تقوم بحملة توعية بالتوازي مع حملة مكافحة الالغام. ويقول داميان فاليت رئيس عمليات المنظمة في العراق.. تقوم بتوزيع ملصقات ومنشورات على المدارس والمساجد والمستشفيات تحذر من خطورة الالغام والذخائر غير المنفجرة.
وفي مسح قام به الجيش العراقي مؤخراً اكد وجود ما يقل عن 131 صاروخاً مبعثرة في العاصمة وحدها.. وان العديد من المواطنين يطالبون باستمرار وحدات الجيش العراقي بازالتها خشية من انفجارها بأية لحظة بفعل الحرارة.
وتبقى ازالة الالغام من بلد تعد ارضه الاكثر زراعة بالالغام بحاجة الى جهود غير عادية واجهزة وتقنية عالية للتخلص من الالغام.. وعندما يستطيع اطفال العراق الذهاب الى مدارسهم والعودة سالمين دون ان يخشى ذووهم الانفجارات والالغام.. سيكون العراق بذلك قد تخلص حقاً من كوارث الحروب وآثارها.


التعليم وحقوق الانسان في العراق الجديد

فاضل طلال القريشي

ينص الاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي اعتمد في 10/كانون الاول عام 1948 م على ان "لكل شخص حقاً في التعليم" ومع ذلك يوجد في الوقت الحاضر زهاء نصف المجتمع العراقي يجهلون القراءة والكتابة وآلاف الاطفال في سن الالتحاق بالمدرسة لم تتح لهم فرصة التعليم بسبب الحالة الاقتصادية السيئة. ومع المتغيرات التي تطرأ اليوم على مجال العمل الانساني لحقوق الانسان بالمنطقة والعالم يجب ان تخطو "وزارة التربية" خطوة جريئة للامام ووضع مناهج في مجال حقوق الانسان للمراحل كافة وبالتنسيق مع وزارة حقوق الانسان وذلك من اجل التعرف بحقوق الانسان ومناقشة اوسع للاوضاع والتحديات التي تواجهها وزارة التربية بدءاً بصانع القرار ومروراً بالمثقفين والمهتمين بالشؤون الانسانية الى سائر افراد الجمهور العام ويتطلب ذلك المزيد من الجهد لدعم عمل الانسان في مبادرة هادفة الى تحجيم الآثار الناجمة عن انتهاك حقوق الانسان وإتاحة الفرصة بتقديم العون لنا في هذه المحنة لان الابرياء دائماً يدفعون الثمن. لذا لا استبداد ولا ارهاب نريد التقدم بهدوء واقترح ان يصار الى وضع مناهج لحقوق الانسان ومواد اخرى يوضح فيها للطلبة ظاهرة (العنف) والارهاب القديم والحديث وبحث اسبابه والقاء نظرة على المعاهدات الدولية المبرمة لمكافحته من خلال المناهج الدراسية طبقاً لهذه المعاهدات سيما ان الارهاب محرم في جميع الاعراف والاديان فهو منهج للهلاك والرعب واقول هل ينسى الضحايا جلاديهم؟. وكيف نجد السبيل هل هو النسيان ام الصفح، العفو، ام العدالة ومعاقبة المسؤولين؟. ان الاجابة على هذا السؤال يرسم خطاً فاصلاً بين ما هو سياسي وما هو شخصي.. بين المصلحة العليا للدولة والمتطلبات الفردية. وينبغي اشاعة مبادئ لا فرق بين عربي وكردي وسني وشيعي ولا فرق بين مسلم ومسيحي ولا فرق بين ابناء السهل والجبل كلهم عراقيون يحتاجون للمساعدة والاغاثة في ظل حقوق الانسان وبلا بيروقراطية لذا ادعو بان يكون التعليم للجميع (ترجمة الحق الى حقيقة) لضشمان ان يتمتع التلاميذ والطلبة والمعلمون والمدرسون والعاملون في مجال التعليم بحقهم الانساني في تعلم جيد وملائم، فاستثمار حقوق الانسان هو تعبير عن قيام ثورة التعليم للبرهنة بان التعليم من افضل الاستثمارات التي يمكن للعراق الجديد ان يزدهر به وعليه نقترح شحذ همة اعضاء مجلس النواب بتفعيل هدف التعليم اذا ما اردنا ان يتم التعليم، والاهم من ذلك هو هذه الافكار لا تهجع في الاوراق الاكاديمية ولا هي من المواضيع التي تتناولها المؤتمرات الدولية بالنقاش بل انها توضع في حيز الممارسة على الصعيد الوطني فالمادة (28) من اتفاقية حقوق الطفل ترسخ حق جميع الاطفال دون تمييز في التعليم ونوعية ذلك التعليم فاذا كان المطلوب من الاطفال ان يجلسوا في الصفوف بشكل مكتظ يصل الى (60) تلميذ في الصف الواحد وان يرددوا كالببغاء ما يقوله المعلم. فمن الواضح ان حاجتهم للتعليم والتطور لم تلب بعد وعليه فان الاتفاقية تنص في مادتها (29) على توجيه تعليم الطفل نحو تبني نماذج تعليمية تتمحور بصورة اكبر حول الطفل نفسه وعلى نحو يشارك فيه التلاميذ بالعملية التعليمية بنشاط ويفكرون بالمشاكل ويحلونها بانفسهم ومن هذه الطريقة يتطور لديهم احترام الذات الذي يعد من الامور الجوهرية للتعليم واتخاذ القرارات طوال حياة الانسان وستصبح المدارس لابداعات التلاميذ وسلامتهم ويتمتعو بحياة آمنة وتدابير لائقة للصحة العامة وبمعلمين ملهمين ومناهج مناسبة حيث يحترم التلاميذ ويتعلمون احترام الآخرين ومواجهة الحياة وتمكنهم من الاندماج بمزيد من الفعالية في عالم العمل وان اسلوب المشاركة في التعليم هو اكثر الاساليب كفاءة وفعالية بالنسبة لتطوير المهارات والمواقف والمعارف لدى الاطفال والبالغين على حد سواء.


الأطفال ونتائج جرائم الارهاب .. قتلوا والده وهو بين أحضانه فأصيب الطفل سامر بـ"متلازمة الصدمة النفسية"

بغداد/سها الشيخلي

ظلت ضحكات جبار ونكاته المرحة يتردد صداها في ذلك القضاء الذي ضم دكانه الصغير مع اولاده الثلاثة.. الذين يتقافزون امامه كطيور مرحة.. كان يسميهم طيور الجنة وفجأة توقفت سيارة سوداء امام دكانه ونزل منها ملتحون اطلقوا عليه ست رصاصات اردوه قتيلاً في الحال.. كان اطفاله الصغار يتلمسون جراحه ويصرخون مذعورين.. اما الصغير سامر البالغ من العمر 3 سنوات فقد وقف مشدوهاً ولم يقو حتى على الصراخ.

متلازمة الصدمة
تقول احدى المواطنات: انشغل الجميع بتلك الحادثة وتركوا الصغير مسمراً على الارض.. ولما كنت زبونة للضحية جبار وصديقة زوجته وجدت من واجبي انقاذ (سامر) قبل ان يفوت الاوان.. اعطتني امه تخويلاً بكل ما يتعلق بصحة صغيرها وذهبت الى مجلس العزاء والفاتحة وكل الطقوس المفروضة بمثل هذه الحالات.. اخذت الطفل الى مستشفى الطفل المركزي.. ولم تشفع لي علاقاتي الواسعة بالمستشفى في انقاذ حياة الطفل (سامر) الكل التزم بالاصوليات والروتين.. منها (اين ام الصغير؟ ولماذا تحضريه انتِ؟ وما علاقتك بالموضوع؟) الا ان النجدة جاءتني من طبيب تربطني به علاقة قرابة بعيدة تفهم موقفي وادخل (سامر) الى العناية المركزة.. كنت قلقة مرتين.. الاولى على حياة الصغير.. والثانية على اللوم الذي سيوجه لي من قبل عائلتي او عائلة الصغير.. ومع كل تلك المخاوف لم اندم من موقفي ذلك الذي املاه علي شعوري كأم.. وعواطف الامومة الجياشة في شخصيتي. سألت بقلق ما هو المرض الذي ألمّ بـ(سامر) فجأة عندما شاهد اباه وهو مضرج بدمائه فكان رد الاطباء ان الحالة تسمى بـ(متلازمة الصدمة النفسية) والتي تصيب كل الاعمار والناجمة عن التعرض الى ضغوط نفسية شديدة.. وازدادت مخاوفي حيال الصغير.. هل سيتكلم.. يقول شيئاً.. كانت عيناه مسمرتين في السقف وجسده النحيل متخشباً.. وبعد ست ساعات حسبتها دهراً تحرك جسد الصغير ورمشت عيناه.. كنت الى جانبه في غرفة العناية المركزة.. انظر اليه بحسرة والم.. وعندما شاهدني صرخ باعلى صوته بابا ثم اجهش بالبكاء.. فرح الاطباء لهذا التحول في حالته وقالوا لي حمداً لله مرت الازمة بسلام.. اخرجوا سامر من سريره بعد ان فكوا وثاقه المتمثل بحزمة من الاسلاك الكهرومغناطيسية وانابيب اخرى لا اعرف ما هي.. قالوا لي خذيه الى البيت ولكن بعيداً عن مسرح الحادثة..
نتائج الارهاب
الارهاب الذي حط على سطوح منازلنا لا يعني ازهاق ارواح الابرياء بل ان نتائجه خطرة على المجتمع فمن مخلفاته الترمل واليتم وامراض نفسية يعاني منها الكثيرون.. وحالة الصغير (سامر) واحدة من هذه الحالات. يقول الدكتور احمد مصطفى مهدي اخصائي الامراض النفسية والعقلية عن متلازمة الصدمة النفسية: هذه المتلازمة تصيب كل الاعمار اثر التعرض الى ضغوط نفسية شديدة خاصة تلك التي تهدد حياة الاقربين للمريض او حوادث العنف والقتل في الشوارع ومن اعراض هذه الحالة الاكتئاب النفسي الشديد والقلق ونوبات حادة من الفزع الشديد بحيث تؤدي بالمريض الى تعطل الحواس وهي من نتائج ما بعد الصدمة.
ازمة الاخ الاكبر
وتواصل المرأة التي احتضنت الطفل (سامر): شقيق سامر عمره 9 سنوات في الصف الثاني ابتدائي كان مع اشقائه بجانب دكان والدهم القتيل.. تعرض (ستار) الى محنة اخرى جراء مشاهدته لجريمة القتل الارهابي لوالده.. فقد كان يتعرض الى نوبات من الاغماء تستمر لدقائق ثم يعود بعدها الى رشده.. وظلت تلك النوبات تتكرر في اليوم بين 5 – 6 مرات.. وقد تم عرض الطفل (ستار) على اطباء عديدين ولكن دون جدوى وهم اطباء من مستشفى ابن رشد شعبة الاطفال وكان رد الاطباء الاستشاريين ان هذه الحالة عرضية وسوف تزول بمرور الايام مع اعطاء الطفل (ستار) حبوباً مهدئة ومطالبة والدته بالكف عن استعراض وقائع تلك الجريمة.. ولكن هل يمكن لوالدة كل من الطفل (سامر) وستار ان تنسى تلك الجريمة الارهابية.

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة