الأطفال
ونتائج جرائم الارهاب ..
قتلوا والده وهو بين أحضانه فأصيب الطفل سامر
بـ"متلازمة الصدمة النفسية"
بغداد/سها الشيخلي
ظلت
ضحكات جبار ونكاته المرحة يتردد صداها في ذلك القضاء الذي
ضم دكانه الصغير مع اولاده الثلاثة.. الذين يتقافزون امامه
كطيور مرحة.. كان يسميهم طيور الجنة وفجأة توقفت سيارة
سوداء امام دكانه ونزل منها ملتحون اطلقوا عليه ست رصاصات
اردوه قتيلاً في الحال.. كان اطفاله الصغار يتلمسون جراحه
ويصرخون مذعورين.. اما الصغير سامر البالغ من العمر 3
سنوات فقد وقف مشدوهاً ولم يقو حتى على الصراخ.
متلازمة الصدمة
تقول احدى
المواطنات: انشغل الجميع بتلك الحادثة وتركوا الصغير مسمراً
على الارض.. ولما كنت زبونة للضحية جبار وصديقة زوجته وجدت
من واجبي انقاذ (سامر) قبل ان يفوت الاوان.. اعطتني امه
تخويلاً بكل ما يتعلق بصحة صغيرها وذهبت الى مجلس العزاء
والفاتحة وكل الطقوس المفروضة بمثل هذه الحالات.. اخذت
الطفل الى مستشفى الطفل المركزي.. ولم تشفع لي علاقاتي
الواسعة بالمستشفى في انقاذ حياة الطفل (سامر) الكل التزم
بالاصوليات والروتين.. منها (اين ام الصغير؟ ولماذا تحضريه
انتِ؟ وما علاقتك بالموضوع؟) الا ان النجدة جاءتني من طبيب
تربطني به علاقة قرابة بعيدة تفهم موقفي وادخل (سامر) الى
العناية المركزة.. كنت قلقة مرتين.. الاولى على حياة
الصغير.. والثانية على اللوم الذي سيوجه لي من قبل عائلتي
او عائلة الصغير.. ومع كل تلك المخاوف لم اندم من موقفي
ذلك الذي املاه علي شعوري كأم.. وعواطف الامومة الجياشة في
شخصيتي. سألت بقلق ما هو المرض الذي ألمّ بـ(سامر) فجأة
عندما شاهد اباه وهو مضرج بدمائه فكان رد الاطباء ان
الحالة تسمى بـ(متلازمة الصدمة النفسية) والتي تصيب كل
الاعمار والناجمة عن التعرض الى ضغوط نفسية شديدة..
وازدادت مخاوفي حيال الصغير.. هل سيتكلم.. يقول شيئاً..
كانت عيناه مسمرتين في السقف وجسده النحيل متخشباً.. وبعد
ست ساعات حسبتها دهراً تحرك جسد الصغير ورمشت عيناه.. كنت
الى جانبه في غرفة العناية المركزة.. انظر اليه بحسرة والم..
وعندما شاهدني صرخ باعلى صوته
–
بابا
–
ثم اجهش بالبكاء.. فرح
الاطباء لهذا التحول في حالته وقالوا لي حمداً لله مرت
الازمة بسلام.. اخرجوا سامر من سريره بعد ان فكوا وثاقه
المتمثل بحزمة من الاسلاك الكهرومغناطيسية وانابيب اخرى لا
اعرف ما هي.. قالوا لي خذيه الى البيت ولكن بعيداً عن مسرح
الحادثة..
نتائج الارهاب
الارهاب الذي حط
على سطوح منازلنا لا يعني ازهاق ارواح الابرياء بل ان
نتائجه خطرة على المجتمع فمن مخلفاته الترمل واليتم وامراض
نفسية يعاني منها الكثيرون.. وحالة الصغير (سامر) واحدة من
هذه الحالات. يقول الدكتور احمد مصطفى مهدي اخصائي الامراض
النفسية والعقلية عن متلازمة الصدمة النفسية: هذه
المتلازمة تصيب كل الاعمار اثر التعرض الى ضغوط نفسية
شديدة خاصة تلك التي تهدد حياة الاقربين للمريض او حوادث
العنف والقتل في الشوارع ومن اعراض هذه الحالة الاكتئاب
النفسي الشديد والقلق ونوبات حادة من الفزع الشديد بحيث
تؤدي بالمريض الى تعطل الحواس وهي من نتائج ما بعد الصدمة.
ازمة الاخ الاكبر
وتواصل المرأة
التي احتضنت الطفل (سامر): شقيق سامر عمره 9 سنوات في الصف
الثاني ابتدائي كان مع اشقائه بجانب دكان والدهم القتيل..
تعرض (ستار) الى محنة اخرى جراء مشاهدته لجريمة القتل
الارهابي لوالده.. فقد كان يتعرض الى نوبات من الاغماء
تستمر لدقائق ثم يعود بعدها الى رشده.. وظلت تلك النوبات
تتكرر في اليوم بين 5
– 6 مرات.. وقد
تم عرض الطفل (ستار) على اطباء عديدين ولكن دون جدوى وهم
اطباء من مستشفى ابن رشد شعبة الاطفال وكان رد الاطباء
الاستشاريين ان هذه الحالة عرضية وسوف تزول بمرور الايام
مع اعطاء الطفل (ستار) حبوباً مهدئة ومطالبة والدته بالكف
عن استعراض وقائع تلك الجريمة.. ولكن هل يمكن لوالدة كل من
الطفل (سامر) وستار ان تنسى تلك الجريمة الارهابية. |