ظهور
القاعدة يؤدي تدريجياً الى عزل امريكا
بقلم/ الكساندر آدلر
ترجمة/ عدوية الهلالي
عن: لوفيغارو
يمكن
ان تخضع موجة الارهاب المنظمة من قبل القاعدة خصوصاً
انطلاقاً من عام 2000 الى تفسيرين مهمين، ففي اوروبا مثلاً
تبقى الاغلبية السائدة للاحزاب السلمية الانعزالية بينما
يتضّح الفعل الاجرامي ويتضخم اكثر في امريكا لحسابات دينية
وسياسية يضعها زعماء القاعدة انفسهم، والتفسير الثاني هو
ان امريكا كان يمكن ان تكون نقطة انطلاق لصراع معقد يعود
بالفائدة للقاعدة ويؤدي الى انتصار الاسلام الثوري.. واذا
اخذنا الامر من جميع الوجوه بالنسبة لهذين القطبين
المهمين، سننزع الى اعتبار الحملة الجهادية لا تحمل
اهدافاً دينية بقدر ما تدور حول اطماع واهداف ستراتيجية
تقف خلفها عقول مدرّبة منها المصري الظواهري او اياً كان
من جنرالات الجيش الباكستاني..
يمكن القول اذن ان القاعدة انطلقت منذ البداية بفعل مساعدة
قوى اكثر وعياً مما قد يبدو عليها ورغم محاولات اللواء
مشرف في الباكستان مثلاً تجميد الازمة والسيطرة عليها فان
هناك سلسلة من الحركات غاصت في عمق بلده وحولته الى منطقة
بالغة الحساسية..
وفي العراق، وبعد استغلال القاعدة ونشاطاتها في انجاح
الستراتيجية الامريكية في المنطقة، ادى انقلاب الاداء
وبزوغ قوى جديدة تضاف الى القوى الشيعية
–
الكردية الى حدوث صدمة
حقيقية لامريكا ولم تعد السيطرة على العملية كلها بسيطة
وممكنة، فضلاً عن تطور الحركات المتطرفة في دول اخرى
كالعربية السعودية وحركة الاخوان المسلمين في مصر التي ادت
الصبغة العلمانية للسلطة الى تحجيمها الى حدٍّ ما.. ويأتي
الانتصار المريب لحركة حماس في فلسطين ايضاً ضمن هذا
السياق، لكن التقارب والتضافر الاقوى حالياً نشأ بين
المصالح الامريكية والايرانية في العراق والذي بدأ بالنصر
الانتخابي لاحمدي نجاد، يضاف اليه التكثيف المقصود للتحدي
الايراني النووي لمواجهة امريكا..
في مثل هذه المرحلة، انطلق صاروخ بن لادن ليدعم التطور
المطلوب للسياق العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة منذ
عام 1990 والذي بلغ اوجه بفضل هجمات الحادي عشر من ايلول
حيث ادى الى استقطاب بديهي واكيد للتأييد العالمي
لامريكا.. مع ذلك ارتكبت ادارة بوش اثماً كبيراً من خلال
جهلها وغطرستها واقدامها على عمل أي شيء ليبقى القطب
الاسلامي في الشرق الاوسط معزولاً في المشهد العالمي..
ولكن، وبالتدريج برزت مواقف عدائية للستراتيجية الامريكية
في امريكا اللاتينية (المنسية) وروسيا (المستهان بها)
والصين (البعيدة عن التقدير الصحيح) كما تقاطعت السياسة
الامريكية مع السياسة السلمية الانعزالية للامم المتحدة
الاوروبية.. ورغم الاخطاء النادرة التي ارتكبها الثنائي
اللاتيني شافيز وكاسترو، فهناك دول اخرى كالبرازيل
والمكسيك وشيلي تحاول ايجاد ادوية ناجعة لهذا الداء.
وتقودنا النتائج الى القول بان الخطأ الاساسي نشأ في موسكو
عندما قادت المصالح الروسية أبناءها الى محاربة الجهاد في
محاولة منها لكبح قوة الصين وتأليف نسيج من العلاقات
الفاعلة في مجال الطاقة مع بقية دول الغرب لينتهي الزمن
الجميل بذلك مع انتهاء عصر بريجنيف.. مع هذا، قد يؤدي
تفاقم الحروب الكلامية مع بوتين الى كسوف وتراجع واضحين في
القوة الروسية، كما ان التبادل التجاري العالمي الحر ادى
الى تحالف ستراتيجي مع موسكو في مقابل مناهضة للعالمية في
بكين واضطراب في تطورات السلام الهندي
–
الباكستاني..
يقودنا كل هذا الى استنتاج معادلتين اساسيتين لاطلاق
الحملة الجهادية في عام 2000 في فلسطين وكشمير فبعد اطلاق
تلك المعركة الحاسمة، فقدت امريكا اغلب حلفائها الموجودين
بينما اضعفت سياسة بوش الضيقة الافق في داخل امريكا دعم
الرأي العام للحرب، وفي النهاية سيكون علينا ربما ان نرثي
كل هذا الضعف في الموقف الامريكي..
|