مواقف

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

الدروس التي لن يتعلمها الغرب

بقلم/ جون سنو
ترجمة/ فاروق السعد

عن: الغارديان

لا احد يعلم كيف ستنتهي مغامرة الناتو البريطانية في افغانستان. فبالاستناد الى من تصغي اليه، فهي واحدة من اخطر الادوار البوليسية لعصر جديد من الحروب اللا متكافئة، او مجرد تعزيز لانجازات المجتمع الدولي في فترة ما بعد 11/9 هناك. من المحتمل ان يتم إقناع القادة العسكريين الذين سلكوا طريق جاكسون بورك الى قندهار بان الامر هو كما في السابق. يذكرنا بورك بانه لا يمكن النظر الى التدخل الخارجي في أفغانستان بشكل منعزل، وبين أن ذلك هو نتيجة الأعمال الغربية قبل وبعد الهجمات على نيويورك وواشنطن. ومن الجزائر الى تايلاند، يتحرك بورك، الرئيس السابق لمراسلي الاوبزرفر في المنطقة، في ارجاء العالم الاسلامي كافة، راسماً اختلافات عميقة بين المجتمعات. ان هذه ليس هجمة متجانسة من قبل حشود المسلمين للنهوض كرجل واحد ضد الغرب. فلقاءاته الحيوية مع الاكراد، العرب، و المسلمين الآسيويين تكشف عن مواضيع معقدة، بين المجتمعات وتفوق ببعيد قدرة "الحرب على الارهاب" على اعطاء تحاليل او اجوبة. اعتاد الكثيرون منا على الاستنتاج بان بؤرة السخط الاسلامي تتمركز في وحول الاراضي التي تحتلها اسرائيل بعد حربي 1967 و1973 في الشرق الاوسط. واليوم، فان الفوضى في غزة والضفة الغربية هي جزء صغير من صراع اوسع. فالمعركة التي استمرت ستة عقود من اجل حماية اسرائيل قد اصبحت نوعا من الحروب التي بقيت فيها امريكا و حلفاؤها الاسرائيليون في الظل. ففي الوقت الذي بقيت فيه المصالح والتكتيكات و"الخبرات" الاسرائيلية نشيطة في المجالات السياسية والاستراتيجية والعسكرية، فان الحرب على الارهاب ذاتها هي اوسع من اي شيء اخر منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
ففي الغرب، قد يبدو الامر وكأنها حرب من النتف التي نراها في التلفزيون، ولكن لا يبدو بانها تشبه تلك التي خرج منها آباؤنا او أجدادنا في الاربعينيات. كان الوضع مشابها لذلك فقط في 11 أيلول2001، و للحظة واحدة فقط. و لكن بالنسبة الى العالم الاسلامي، ما كان يحدث في فترة زمنية قبل 11/9، وما اندلع بشكل موسع بعدها، يشعر منه يوميا بانه يشبه اكثر واكثر الحرب، حرب في المعنى الفيزيائي والعاطفي الغامر، كالذي شعر به الكثيرون في المانيا و اليابان في الثلاثينيات والاربعينيات.
يتجسد الوزن الاثقل للعالم الاسلامي تماماً في الجزء الشرقي من العالم العربي، في ايران، باكستان، الهند، اندونيسيا والفليبين. ان النزاع العربي
الاسرائيلي الطويل قد نتجت عنه هجرة جماعية فلسطينية عبرت عن نفسها في شتات علماني اوجدت حياة جديدة في جميع البقاع من مانهاتن الى الكويت. ان العالم الجديد غير المتجانس قد اثمر راديكالية في المجتمعات الاسلامية كافة. ولقد عبرت عن نفسها من "التبتون" الى التيمور وتشمل مئات الملايين من الناس. وهي تتغذى على شبكات الاتصالات التي نتجت عن ذات العولمة التي تبحث للغرب عن المزيد من الطاقة والمواد الخام والمزيد من الامن لتجهيز كليهما. تعتقد امريكا وحلفاؤها بان هذه الحرب هي ضد الارهاب. ولكن المسلمين يدركون بشكل متزايد بانها موجهة ضدهم. ففي المراحل المبكرة، كان العدو هم العرب. ومع ذلك فان العرب الوحيدين الذين يقاتلون في افغانستان في الثمانينيات كانوا اولئك الذين تم اغراؤهم للذهاب الى هناك عن طريق التمويل الامريكي، ومن ضمنهم اسامة بن لادن. واليوم، فان الاعداء هم ليسوا السعوديين الذين دفعت لهم المخابرات المركزية الامريكية فقط، ولكن من الصومال، السودان، الجزائر، افغانستان، باكستان وغيرهم. ونحن في الغرب غاب عنا حجم هذه الحرب، والدول التي أصابها الدمار بسببها. والأسوأ هو إننا نفقد حتى اهتمامنا في الدول التي تقوم قواتنا فيها بالاختباء انتظارا للـ" انسحاب الطويل". كيف يتأتى للغربيين الاشتباك في قتال يدار باسمهم؟ ان "العدو" مشتبك في كل دقيقة. لا يبالغ رجال الدين عندما يقولون لشعوبهم بان الضحايا هم مسلمون. لذلك فان حرباً يكون فيها الغربيون جاهلين او ضجرين هي تلك التي تقلق المسلمين بعمق وباعداد كبيرة. ان قصة القتلى الغربيين بسبب الارهاب، والتي تقدم تبريراً للقادة الغربيين لشن الحرب، لا تتناسب بسهولة مع التعليل الذي يسمعه معظم المسلمين. لقد سببت "الحرب ضد الارهاب" خسائر بشرية كبيرة بين المسلمين، يتم عرضها كل ليلة في التلفزيون على امتداد العالم الاسلامي. وما عدا 11ـ9 ذاتها، كانت الخسائر الغربية في الارواح بسيطة بشكل استثنائي؛ فلو لم يكن الامر هكذا، لكانت المجتمعات الغربية قد تحدثت. من السهولة على القادة البريطانيين و الامريكان في ان يقولوا بان العراق قد اصبح افضل بعد الاطاحة بصدام. ولكن المسلمين الذين تم قتلهم كانوا غير ملحوظين الى حد بعيد، في حين ان الذين ماتوا منذ ذلك الحين يمكن الاستدلال عليهم بسهولة. لم يكن بورك هو اول من شخص حماقة تحويل القاعدة الى اسطورة ضخمة بحجم الاتحاد السوفياتي، قادرة على تدمير الغرب. ولكن ما فعله بفعالية فاقت الغير هي استخدامه خبرته الشخصية لتشخيص تبعات رد الغرب المغلوط على 11/9. وهو يشير الى ان هاجس القاعدة عند الغرب قد انتج انظمة نابية حول العالم. "فبالنسبة الى حكومات مثل الجزائر، اوزبكستان، الفليبين وروسيا، كما يكتب، تنسب التمردات المحلية الطويلة الدائرة الى القاعدة، الرجل الدولي المخيف المكتشف حديثاً، وهذا قد كان نافعاً جداً، وبشكل تزامني يتم اطلاق سيل من المساعدات الدبلوماسية، العسكرية والمالية من واشنطن في الوقت الذي تقوم فيه ايضاً بحجب دور فسادها ذاته، ومحاباة الاقارب، والقمع وسوء الادارة التي لعبت دوراً في اشعال العنف. كانت نتيجــة 11/9 هي زيادة و تعزيز اسطفاف الجماهير ضد المصالح الغربية. لنلاحظ العلاقات المتطورة بين الصين والعالم الاسلامي: فلم يزر ملك السعودية بكين سوى الشهر الماضي. يحذر بورك من اننا ماضون في طريق العنف وعلى حساب تعرضنا للمخاطر، وان التشكي من اننا لا نمتلك ما يكفي من القوات في الميدان هي اجابة خاطئة. لا بد ان يكون هنالك طريق افضل من قصف الناس في الاراضي الاسلامية الغنية كي يدركوا الحياة الافضل التي، ومثلنا نحن، يطمحون اليها.


ظهور القاعدة يؤدي تدريجياً الى عزل امريكا

بقلم/ الكساندر آدلر
ترجمة/ عدوية الهلالي

عن: لوفيغارو

يمكن ان تخضع موجة الارهاب المنظمة من قبل القاعدة خصوصاً انطلاقاً من عام 2000 الى تفسيرين مهمين، ففي اوروبا مثلاً تبقى الاغلبية السائدة للاحزاب السلمية الانعزالية بينما يتضّح الفعل الاجرامي ويتضخم اكثر في امريكا لحسابات دينية وسياسية يضعها زعماء القاعدة انفسهم، والتفسير الثاني هو ان امريكا كان يمكن ان تكون نقطة انطلاق لصراع معقد يعود بالفائدة للقاعدة ويؤدي الى انتصار الاسلام الثوري.. واذا اخذنا الامر من جميع الوجوه بالنسبة لهذين القطبين المهمين، سننزع الى اعتبار الحملة الجهادية لا تحمل اهدافاً دينية بقدر ما تدور حول اطماع واهداف ستراتيجية تقف خلفها عقول مدرّبة منها المصري الظواهري او اياً كان من جنرالات الجيش الباكستاني..
يمكن القول اذن ان القاعدة انطلقت منذ البداية بفعل مساعدة قوى اكثر وعياً مما قد يبدو عليها ورغم محاولات اللواء مشرف في الباكستان مثلاً تجميد الازمة والسيطرة عليها فان هناك سلسلة من الحركات غاصت في عمق بلده وحولته الى منطقة بالغة الحساسية..
وفي العراق، وبعد استغلال القاعدة ونشاطاتها في انجاح الستراتيجية الامريكية في المنطقة، ادى انقلاب الاداء وبزوغ قوى جديدة تضاف الى القوى الشيعية
الكردية الى حدوث صدمة حقيقية لامريكا ولم تعد السيطرة على العملية كلها بسيطة وممكنة، فضلاً عن تطور الحركات المتطرفة في دول اخرى كالعربية السعودية وحركة الاخوان المسلمين في مصر التي ادت الصبغة العلمانية للسلطة الى تحجيمها الى حدٍّ ما.. ويأتي الانتصار المريب لحركة حماس في فلسطين ايضاً ضمن هذا السياق، لكن التقارب والتضافر الاقوى حالياً نشأ بين المصالح الامريكية والايرانية في العراق والذي بدأ بالنصر الانتخابي لاحمدي نجاد، يضاف اليه التكثيف المقصود للتحدي الايراني النووي لمواجهة امريكا..
في مثل هذه المرحلة، انطلق صاروخ بن لادن ليدعم التطور المطلوب للسياق العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة منذ عام 1990 والذي بلغ اوجه بفضل هجمات الحادي عشر من ايلول حيث ادى الى استقطاب بديهي واكيد للتأييد العالمي لامريكا.. مع ذلك ارتكبت ادارة بوش اثماً كبيراً من خلال جهلها وغطرستها واقدامها على عمل أي شيء ليبقى القطب الاسلامي في الشرق الاوسط معزولاً في المشهد العالمي.. ولكن، وبالتدريج برزت مواقف عدائية للستراتيجية الامريكية في امريكا اللاتينية (المنسية) وروسيا (المستهان بها) والصين (البعيدة عن التقدير الصحيح) كما تقاطعت السياسة الامريكية مع السياسة السلمية الانعزالية للامم المتحدة الاوروبية.. ورغم الاخطاء النادرة التي ارتكبها الثنائي اللاتيني شافيز وكاسترو، فهناك دول اخرى كالبرازيل والمكسيك وشيلي تحاول ايجاد ادوية ناجعة لهذا الداء.
وتقودنا النتائج الى القول بان الخطأ الاساسي نشأ في موسكو عندما قادت المصالح الروسية أبناءها الى محاربة الجهاد في محاولة منها لكبح قوة الصين وتأليف نسيج من العلاقات الفاعلة في مجال الطاقة مع بقية دول الغرب لينتهي الزمن الجميل بذلك مع انتهاء عصر بريجنيف.. مع هذا، قد يؤدي تفاقم الحروب الكلامية مع بوتين الى كسوف وتراجع واضحين في القوة الروسية، كما ان التبادل التجاري العالمي الحر ادى الى تحالف ستراتيجي مع موسكو في مقابل مناهضة للعالمية في بكين واضطراب في تطورات السلام الهندي
الباكستاني..
يقودنا كل هذا الى استنتاج معادلتين اساسيتين لاطلاق الحملة الجهادية في عام 2000 في فلسطين وكشمير فبعد اطلاق تلك المعركة الحاسمة، فقدت امريكا اغلب حلفائها الموجودين بينما اضعفت سياسة بوش الضيقة الافق في داخل امريكا دعم الرأي العام للحرب، وفي النهاية سيكون علينا ربما ان نرثي كل هذا الضعف في الموقف الامريكي..


مواجهـــــــة لإيقـــــاف الانهيـــــــار

  • كل قطاع في المجتمع المصري يصارع الحكومة من اجل إيقاف فوضى قادمة قد تعم المنطقة العربية

بقلم/ اهداف سويف
ترجمة/ نعم فؤاد

عن: الغارديان

مضى عام منذ ان تحركت الحكومة في مصر باتجاه العنف لمواجهة المتظاهرين المطالبين بالاصلاح. ففي شوارع العاصمة قامت قوى الامن الحكومية باتباع اسلوبين بهذا الخصوص: عصابات من مفتولي العضلات، ربما من المجرمين، وكذلك شبان يرمون الحجارة تم استخدامهم جميعاً لضرب المتظاهرين المسالمين تمهيداً لتطبيق الأسلوب الثاني القائم على مهاجمة النساء المحتجات، حيث نزعوا عنهن ملابسهن وقاموا بالتحرش بهن. ان الأسلوب الأخير هو انحراف بعيد جداً عن القيم والأعراف المصرية، ولا تزال ذكرى هذه الممارسة واضحة لدى المصريين في كل مكان، وهو ما أثار الأمهات ودفعهن إلى التحرك وتعبئة النساء العاملات للانضمام الى حركة الاصلاح. كما سلطت الأضواء أيضاً على عزلة الحكومة عن الشعب الذي يفترض تمثيلها إياه.
ان كلاً من المعارضة العلمانية والإسلامية تطالب بالإصلاح وليس بالثورة (الناس يريدون الديمقراطية والشفافية وسيادة القانون ويريدونها بدون عنف أو أذى). ومن الجدير بالذكر ان الاسطورة التي تتحدث عن وجود مصر بعد المعركة بين الاله حورس (القلب المفكر) وسيث (اله الموت والفوضى) والتي لم تحسم على ارض المعركة بل بالاحتكام الى القضاء، كان حكم القاضي انه بالرغم من كون حورس على حق الا ان سيث يجب ان لا يلقى في الظلمات، بل يحترم ويهيأ لحماية سفينة الشمس للاله رع التي تمثل (الحياة والنظام) من التنين انوفس الذي يمثل (الموت و الفوضى). ترتكز نظرة مصر الى ذاتها على النظام والتضامن وسيادة القانون، ولكن مصر تتأرجح ولسنوات على حافة الفوضى. ان عمليات التنمية التي شهدتها مصر على مدى 30 عاماً بدا تأثيرها الآن على حياة كل موطن. فقد وصلت اعداد سكان القاهرة الى الحد غير المسموح به، وازدادت فيها الأحياء الفقيرة المتناثرة والتي تفتقر إلى المياه الصالحة. ولأول مرة في التاريخ يصاب المصريون بسوء التغذية، ويقال ان تفشي السرطان وامراض التهاب الكبد والجهاز التنفسي سببتها انتشار المبيدات الزراعية والمواد الكيميائية المستوردة الأخرى، كما وصلت نسبة البطالة الى 12%. ان امة ارتبطت بارضها 6000 عام اصبحت الآن تقف في طوابير امام السفارات لطلب الهجرة، اما التعليم فقد اصبح مهزلة، وكذلك الرعاية الصحية، والفجوة بين الغني والفقير فتحت شدقيها بصورة قذرة وتلاشت فيها الطبقة الوسطى. كل ذلك يمكن تجنبه لو ان البلاد تدار وفق مصلحة شعبها وان تكون الحكومة مسؤولة امام شعبها ويحكمها القانون والدستور، وهو ما تسعى اليه حركة الاصلاح.
ان حقيقة كون مصر لن تنهار تعود بمعظمها الى القيم الراسخة في اسلوب الحياة المصرية: الصبر والتفاهم والتضامن. اما الآن فالامور بدأت تتصاعد، فالتصدع بدأ يظهر بين الاقباط والمسلمين وقد أظهرت الدولة إهمالاً وفساداً واضحين في هذا الموضوع. ان الموقف يتزايد فيه عدم الاستقرار والحكومة لا تبدي اي اهتمام بهذا الشأن ما عدا خطب من التزييف والتملق، وأصبحت قسوة قوى الامن والشرطة في الشارع هي الاجوبة على كل تساؤل. وفي الوقت نفسه مدد العمل لسنتين لقوانين الطوارئ البغيض مع الوعد بالغائها عندما يحل محلها قانون مكافحة الارهاب. ويلاحظ ان الرئيس يحاول ان يقحم ابنه ليتولى الرئاسة من بعده. و بالرغم من اتساع نطاق عدم شعبية الرئيس واعتماده على الدعم الامريكي، فان الدولة ايضاً بدأت تتخذ مواقف غير شعبية في سياستها الخارجية. والآن و بعد ان ادارت الدولة وجهها عن العدالة، ظهرت المطالبة بالتخلص من تدخلات المسؤولين السياسيين. و يرى المصريون ان النظام نفسه بدأ يصطدم مع القانون. فمن الناحية العملية يجد كل قطاع في المجتمع المصري نفسه في صراع مع نظام ربط مصالحه مع نخبة ضيقة من اصحاب المصالح، و يقوم بتوجيه اجهزته الامنية لقمع معارضيه.
قاوم الفلاحون بأيديهم دفاعاً عن أراضٍ اعيد تمليكها، اما العمال الصناعيون المخيمون في المصانع الحكومية الكبيرة فقد بيعت مصانعهم الى القطاع الخاص باسعار دون قيمها الحقيقية. كما قام الصحفيون بحملات مطالبين بحرية الصحافة، وعقد الأساتذة الجامعيون والمحاضرون اجتماعاتهم النقابية على الارصفة عندما أغلقت السلطات جامعاتهم. اما المهندسون المدنيون فقد بحثوا عن مكان لعقد مؤتمرهم بعد ان طردتهم السلطات من نقاباتهم. ووقفت مجموعة من كبار القضاة، حذرين خارج بناية ناديهم وكانت الأوشحة تلمع على صدورهم. وبأمكاننا قراءة الصراع الجاري الآن بين المجتمع المصري والمؤسسات الحكومية الذي تحول الى مواجهة مع الحكومة لاجبارها على الاصلاح و بالتالي على إيقاف خطر الانهيار والثورة. وعليه فان كل من لا يرغب بان يرى المنطقة العربية تنحدر الى فوضى اكثر يتوجب عليه مساندة هؤلاء الإصلاحيين.
ان الدعم الذي تحتاجه حركة الإصلاح، وبالأخص المعارضة العلمانية اليسارية، لا تريده أو تطلبه من اي مسؤول حكومي، ولكن من الأفراد والكيانات المهنية. ان بيان التضامن مع القضاة المصريين الذي اعلنته نقابة القضاة في فرنسا في 16 ايار قد قوبل بترحاب بالغ. وكذلك دعم مشابه من قبل جمعية الاساتذة الجامعيين البريطانية والاتحاد الوطني للصحفيين وكذلك الاتحادات الأخرى قد قوبلت بالترحيب ايضاً. ان على وسائل الاعلام ان تكون دقيقة في وصفها هذا الصراع، اذ لا شك ان جماعة الاخوان المسلمين هي جزء من حركة الاصلاح، الا ان قوة هذه الحركة و تأثيرها لا يرتبطان بفئة معينة.
ان زعيم حزب الغد، ايمن نور، موجود في السجن، ولكن ذلك لا يمنحه مكانة اكبر مما هو عليها فعلاً، فقد كانت وسائل الاعلام الامريكية بصورة خاصة مذنبة بهذا الشأن. أما وسائل الاعلام البريطانية فقد تجاوزت الحقيقة عندما اعلنت ان ايمن نور قد حصل على المرتبة الثانية في الانتخابات الرئاسية في ايلول الماضي لكنه لم يحصل الا على 1 % من الاصوات. ان الصورة التي تظهرها الصحافة الغربية عن ايمن نور ترتبط بحقيقة انه البديل المحتمل الذي تريده الولايات المتحدة في حالة حصول تغيير. فاذا ما تعذر دعم حسني مبارك فيمكن لايمن نور ان يمثل بداية جديدة للطريق ذاتها التي سار عليها مبارك المرتبطة بقيم وسياسات السوق الحرة. واذا ما اراد المصريون اتباع هذا الطريق فالمسألة مرتبطة بالحوار العام. ان على ايمن نور ان لا يبقى في السجن مثل المحتجزين السياسيين الآخرين في السجون المصرية الذين بلغ تعدادهم عشرين ألفاً والذين اضيف اليهم ثماني مئة آخرون احتجزوا الشهر الماضي. يجب ان يحصل ايمن نور على محاكمة عادلة ولكن على وسائل الاعلام الغربية ان لا توحي بانه سيخرج من السجن كقائد جماهيري. واخيراً بدأ الصحفيون يشيرون الى مبارك بكونه (فرعون مصر). لكن خلال وجود الفراعنة في الحكم لمدة 3000 عام، لم يعملوا او يتحدثوا الا عن الحقيقة وتأمين رفاهية المصريين ووجود مصر. الا ان الحكام الحاليين ليسوا فراعنة مع الأسف.

 
 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة