المدى الثقافي

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

من اوراق اسبوع المدى الرابع .. مثقفو الخارج جزء من الثقافة العراقية الواحدة (2 - 2)

داود امين

اسباب موضوعية
-تدخل بعض المنظمات الحزبية في شؤون الرابطة وفرضها اشخاص معينين على هيئاتها القيادية مما ولد استياء لدى المثقفين الذين اعتبروا الرابطة كيانا ثقافيا مستقلا حتى لو ضم الكثير من الحزبيين.
-انهيار الاتحاد السوفيتي والتجربة الاشتراكية، وضعف وتراجع حركة التحرر العربية والعالمية، وفشل التجارب الثورية في العالم الثالث وهيمنة القطب الواحد. ان كل ذلك خلق ردود فعل كبيرة وعميقة لدى المثقفين العراقيين اسوة ببقية المثقفين العرب، وجعلهم يعيدون حساباتهم ويتاملون فيما جرى بدهشة واستغراب!
-افتقاد المعارضة العراقية واحزابها سياسة ثقافية واضحة، وموقفاً سليماً ازاء المثقفين العراقيين، ففي كل الجبهات التي قامت منذ اوئل الثمانينيات (جوقد، جود، لعم، وموعم) ثم مؤتمرات لندن وصلاح الدين لم يكن هناك حضور او اي دور للمثقف العراقي للمساهمة في رسم مستقبل العراق، في حين ان (لجنة الدفاع عن الشعب العراقي) التي تشكلت بعد انقلاب 8 شباط عام 1963 كان يرأسها مثقف عراقي مرموق هو الشاعر محمد مهدي الجواهري ..
-الاحباطات والانكسارات المتواصلة التي عاشتها حركة المعارضة العراقية، التي ارتبط المثقف العراقي بها وربط مصيره بمصيرها كفشل التحالفات وفشل حركة الانصار وخروج النظام ( منتصرا)! في حربه مع ايران وبقائه فترة طويلة رغم هزائمه وجرائمه وبشاعاته.
-حرب الخليج الثانية وضرب العراق من قبل الولايات المتحدة وحلفائها والحصار الاقتصادي الذي فرض على العراق وشعبه لعب دورا في تشويش الصورة لدى عدد غير قليل من المثقفين العراقيين..
الاسباب الذاتية ..
يتميز المثقفون عموما بالحساسية العالية وهي صفة عامة لا تخص المثقفين العراقيين وحدهم، انهم حالمون بمثل عليا وبقيم نبيلة تتجسد في العدالة والمساواة، لذلك فان خدش هذه الاحلام العادلة او ثلمها ولو قليلا بحكم الواقع وقساوته يشكل ردود فعل حادة لدى المثقفين، وقد شكلت الغربة التي طالت كثيرا ( منذ عام 1979) وتبعاتها من وضع اقتصادي غير مستقر ووضع عائلي مرتبك وتنقل دائم وغياب الجمهور الحقيقي الذي يحتاجه المبدع لتوصيل مادته .. ان كل هذه الصعوبات تركت اثارها العميقة على نفسية المثقف العراقي المنفي، الذي بدأ يميل للعزلة وتحقيق برنامجه الخاص، على حساب البرنامج العام، وقد قل صبر المثقفين ازاء بعضهم، وكثرت الخلافات فيما بينهم، وقد فشلت الكثير من الافكار والمشاريع لتجميع المثقفين العراقيين واعادة تأسيس كيان جديد يجمعهم، بل ان مشاريع اقل سعة وحجما، ولمجموعة قليلة من المثقفين، كان مصيرها الفشل ايضا .
الهجرة الاخيرة والمستمرة للمثقفين العراقيين
شكلت حرب الخليج الثانية والانتفاضة الشعبية التي اعقبتها والحصار الاقتصادي الدولي الذي نتج عنها، شكل كل ذلك تدميراً مستمراً للطبقة الوسطى في العراق، والمثقفون عموما ينتمون إلى هذه الطبقة، لذلك كان التدمير واضحا وصارخا في صفوفهم وقد استطاع المئات من هؤلاء الخروج من العراق، بعد عام 1990، لاسباب هي في الجوهر اقتصادية وذات طابع فردي، أي انقاذ الذات وما يحيط بها من عائلة وابناء من شبح المجاعة وانسداد الافق وقد اصبح بعض هؤلاء، ممن ساهمت السلطة واجهزتها في اخراجهم، ابواقا ناعقة للنظام في حين ظل آخرون يترقبون، اما الغالبية فقد وقفت مع قوى المعارضة العراقية ونشطت في فضح السلطة واجراءاتها القمعية ضد ابناء الشعب، وهذه المجموعة، بحكم صلتها القريبة بالوطن وفهمها للمناخ الثقافي الذي تكون خلال العقود الثلاثة الماضية، لانها كانت جزءا منه وخرجت من وسطه، فهي اقدر على فهم اللوحة الثقافية في الوطن، واكثر صلة وقربا بمثقفي الداخل، وعلى كل من يريد ردم الهوة بين ما يسمى بمثقفي الخارج والداخل ان يستفيد من هؤلاء الذين لم تمض على مغادرتهم العراق سوى سنوات قليلة ..
وأخيراً ... ماذا بعد؟!
لقد كان المثقف العراقي الذي يعيش خارج الوطن، ربما اكثر من غيره من العراقيين الآخرين حماسا للعودة لوطنه، وقد رسم احلاما وردية عن عراق مابعد صدام حسين، عراق خالِ من الارهاب والعنف والاعدام والتعذيب والسجون والمعتقلات .. عراق تقال فيه الكلمات الحرة والاناشيد الجميلة.. كان الشعراء والقصاصون والمسرحيون والموسيقيون يتخيلون ان الساحات والقاعات والمسارح ستحتضنهم وستغص تلك الاماكن بالجمهور المتلهف لما سيقدمونه.. لكن صخرة الواقع العراقي منذ سقوط الصنم حتى الان صدمت الاحلام المشروعة لهؤلاء العراقيين المتعطشين للوطن، واضافت لكواهلهم عبئا جديدا لم يتصوروه على الاطلاق، فتسرب اليأس إلى نفوس الكثيرين منهم وتبخر الامل.. فما يجري في الوطن الآن من كوارث وبشاعات لايمكن استيعابه او تفسيره.. أن اسئلة كثيرة تواجه المثقف الان تتعلق بمستقبل وطنه وشعبه، ولكن احداً لم يستشره في ايجاد اجابات لها.. متى ينتهي الارهاب؟؟ متى تنقشع غيمة الطائفية التي تلبد الآن سماء الوطن؟؟ متى يصبح العراق، وليس الحزب او الطائفة او العشيرة او العنصر او المنطقة هم الجميع؟؟ متى تصل الخدمات للناس وتنتهي البطالة؟؟ متى تزدهر ثقافة العراقيين المتنوعة؟؟ متى؟؟ متى؟؟
وحتى تجري الاجابة على هذه الاسئلة الاساسية والملحة وحتى يُشرك المثقف العراقي، سواء كان في الوطن او خارجه في الاجابة على هذه الاسئلة ... اقول حتى يتحقق كل ذلك اطرح مهمات اراها ضرورية لمن يتصدى لمسألة استثمار طاقة المثقفين العراقيين في الخارج، وهذه المهمات تتلخص في:-
جرد المثقفين العراقيين الموجودين في الخارج وتصنيفهم حسب اختصاصاتهم .
تخصيص ملفات خاصة عنهم في الصحافة العراقية (المدى مثلا) والاشارة لنتاجهم الادبي والفني وتوسيع نشره .
تنظيم النشاطات الثقافية الخاصة بهم في المدن العراقية والعاصمة، مثلا معرض تشكيلي يدور في المحافظات لثلاثين تشكيلياً عراقياً مهاجراً او منفياً، اسبوع للمسرح المهاجر، للفلم السينمائي .. للصور الفوتغرافية ..إلخ
دعم الجمعيات والروابط والاتحادات الخاصة بالمثقفين وتبريز دورها والتعريف بها في الفضائيات والصحف العراقية.
تكريم المثقفين البارزين، والذين ربطوا حياتهم ونشاطاتهم الابداعية بقضايا الناس، وهم كثيرون ومعروفون في المنافي.
طبع الكتب والدواوين والروايات والمؤلفات الاخرى للمثقفين العراقيين في الخارج، واعادة طبع المنشور منها وتوزيعها في انحاء الوطن ..


الــرقـابــة والـمـســـرح

(ان رجل الشرطة والرقيب يسألان الكاتب بينما يسأل الناقد الكاتب فحسب) .. جورج ستيفن
 

علي مزاحم عباس

من السذاجة الاعتقاد بأن العالم قد تخلى عن الرقابة على المصنفات الادبية والفنية والفكرية تخلياً كاملاً وحقيقياً.

فمن المعروف ان البلدان التي شرع فيها قانون رقابي تمارس فيها الرقابة مباشرة وغير مباشرة. لهذا ليس غريباً ان تنتفي الحرية المطلقة وبالتالي الرقابة. قد تنبثق الرقابة في ذات المبدع حين يراقب جدل الذات والموضوع فتمسك بتلابيب المبدع وتدس اصابعها في صلب العملية الخلاقة فلا يجد بداً من الانصياع لشراكها. اما ما يحصل في البلدان التي يختفي القانون فيها فتحل محلها رقابة من نوع آخر.
فالراديكالية المتشددة تجثم على انفاسها بمحرماتها وكوابحها. كما تؤثر مؤسسات المجتمع المدني الفجة، وتندس الثقافة الجماهيرية المبتذلة وتحرفها تضليلات الاعلام الديماغوغي الاستهلاكي. والامر والانكى من هذا كله هيمنة السوق بقوانينه الطاغية التي لا ترحم ولا تحترم قيماً أو ضميراً يردعها اذ يهمها ترويج السلعة ليس إلا وحين يجد المبدع نفسه في مواجهة هذه العوامل أو واحد منها تراه وقد راح ضحية رخيصة وبات امثولة وعبرة. فما العمل.؟ هل يصمت ويعزل نفسه ليموت مبدعاً قبل ان يفنى فيزيقياً متحولاً إلى رقم في صف القطيع ام يرفض فيحتكم إلى القانون دفاعاً عن حقوقه، والقانون يتظاهر بالحفاظ على مصالح المجتمع العليا وآداب المجتمع!، وتدور في الاعماق الصراعات مستجيراً من نار حارقة إلى قوة ماحقة. ترى هل يتخذ سمة المنتظر أملاً في ظروف اكثر تحضراً وانسانية كيما تتفتح مواهبه؟ على أي حال التاريخ لا يصنعه الانتظار. اليس كذلك؟
والآن لنذكر الرقابة في المسرح: فمن المعروف ان المسرح في ابسط مظاهره نصا وعرضا يخضع في بعض البلدان إلى اكثر من شكل رقابي فعندما تنشر المسرحية في مطبوع أو عند عرضها فلا بد من ان تمر على الرقيب قبل كل شيء ليفحص كيفية معالجة النص وينظر إلى ما بين يديه ويفحصه بعين الريبة خاصة عندما تكون الجهة المنتجة محط شك فتراه يشحذ خياله وحواسه ليقرأها بين السطور أو ما خلفها فتراه يرفض النص لاعتبارات غالباً ما تكون مضحكة أو هابطة متخيلاً حيثيات مضمرة لا اساس لها في صلب النص. وتأخذ السلطة برأي الرقيب فلا رجوع عنه - وفي الغالب لا قرار استئناف إلا في حالة التوازنات السياسية أو اسباب (ذرائعية) براغماتية، وغالباً ما يزايد الرقيب على صاحب الاثر الادبي أو الفني في نواحيه الادبية والفنية وان كان لا يعير التفاتاً إلى انحطاط مستوى العمل وتهافته.
ومن المعروف ايضاً، ان طبيعة العرض المسرحي المركبة والحية هي محصلة التحام وتظافر عناصر التجسيد ومستلزمات التشخيص وهو ذو طابع حي انساني حيث يتواجه المتفرج والمؤدي ويحس بنبضه ويشعر بمشاعره وينفعل بانفعالاته. وهنا يتميز العرض المسرحي بطابع آخر هو عملية التغيير طيلة ايام العرض ففي يوم يتألق العرض أو يتردى لظروف خاصة وأخشى ما يخشاه الرقيب ان يتصرف المخرج أو الممثل في المعاني أو يضمنها رموزاً واشارات لم تمر عليه، فاشارة واحدة قمينة بقلب المعنى رأساً على عقب وتعرض الرقيب إلى المأزق.
وثمة صفة ثالثة يتصف بها العرض المسرحي هي قابليته على الاسقاط السياسي أو الاجتماعي والاسقاط ذلك الخيط السري والسحري الذي يربط المشاهد بفريق العرض، يربط الصالة بالخشبة أو بين العالم الداخلي للعرض بشفراته لغته الخاصة وبين اذهان ومخيلات المتلقي وعالمه الداخلي ووعيه الجمعي وكثيراً ما ادى ادراك الرقيب للاسقاط إلى الغاء العرض. ومن امثلة ذلك تفسيره لمسرحية "رسالة الطير"لقاسم محمد عن نص تراثي، فقد ربط الرقيب بين محتوى العرض والمعارضة الخارجية فالعرض ينتقد خطأ اعتمادها على الضمير الاجنبي لتحقيق الفوز والتغيير، فعليها الاعتماد على قواها الذاتية أي في الداخل. وهكذا تعرض المخرج والمعد الفنان قاسم محمد إلى المساءلة الامنية. فهذا المثال يؤكد خطورة المسرح حين يمارس الاسقاط دوره في التنوير والتحريض. وقد ادركت السلطات هذه الخطورة وبطلان الدعوة إلى نبذ السياسة في المسرح. قد تكون هذه صحيحة فيما يخص المسرح الفج ذي المضامين الظلامية والفاشية والمعالجات الضحلة التي تتعكز على السياسة المباشرة الغبية. بعد هذا هل يقول البعض بوجود حرية مطلقة وان لا وجود للرقابة الا في الخيال؟


صدر عن (المدى ):  أساطير الآلهة في بلاد الرافدين

عرض المدى الثقافي
المؤلف: ناجح المعموري
شكلت أساطير الآلهة في بلاد الرافدين نبعاً غزيراً للإبداع الفني والأدبي الذي انتشر في كل بقاع العالم وترك تأثيرات واسعة على الأساطير والإبداعات الإنسانية، وكانت هدفاً للدارسين والباحثين على اختلاف انتماءاتهم.
يقول المؤلف:
قادني ولعي بموضوعة الخلود في الأساطير وجمع المعلومات عنها الانتباه إلى مجمع الآلهة في الديانة القديمة والذي لعب دوراً مهماً ومعروفاً لنا في ملحمة جلجامش مثلاً حيث قرر مصير انكيدو، بشيء من العسف والظلم. كذلك موقف آنو المعروف مع آدابا في أسطورته. لقد دفعني هذا الموقف وتلك الأهمية التي تتمتع بها الآلهة وسط مجلسها إلى متابعتها وتدوين المعلومات عنها والعناصر المكونة لها والوظائف المنوطة بها، مع تحولاتها ومتغيراتها التي تحصل بشكل موضوعي بين المراحل الحضارية.
وابتدأت بتدوين البطاقات ومن مصادر القراءة المتنوعة، حتى تجمع لديّ عدد كبير من البطاقات وفكرت بالتركيز على مجلس الآلهة فقط، لأن محاولة إحصاء كل الآلهة، مسؤولية صعبة ومعقدة جداً، تحتاج إلى فريق عمل متكامل.
لذا شرعت بأعداد مسرد عن الآلهة في بابل وآشور مستعيناً بالبطاقات المتوفرة لدي، ولم أدون المصادر تحت مسرد كل إله من الآلهة لأنها كثيرة جداً وتقطع على القارئ متعة الاسترسال والتدفق في القراءة، وأعتقد أنني قدمت جهداً، عانيت بسببه الكثير من المتاعب، عند الاطلاع على المصادر ونقل المعلومات وتوحيد البطاقات وصياغتها ومحاولة الحفاظ على إطارها المعلوماتي الخاص بالديانة القديمة وأملي أن يكون هذا الجهد البسيط مساعداً للقراء والدارسين المولعين بتأريخ الحضارة والديانات القديمة، وسيظل هذا المشروع قابلاً للنمو والتطور كلما سنحت لي الفرصة للحصول على المعلومات الجديدة من خلال المصادر أو من القراء.

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة