بغداد /
رحمن الجواري
يبدو إن
مشكلة تكرار أزمة وقود السيارات في العراق اخذت منحى غير
اعتيادي وبدأت تتفاقم يوماً بعد آخر والسبب في ذلك يعود
لأكثر من جهة ووزارة.. (فطوابير) السيارات تجدها عند مدخل كل
محطة وكثيراً ما تسبب الاختناقات المرورية وخاصة في تلك
المحطات المتواجدة في الشوارع المزدحمة وسط العاصمة بغداد.
الكهرباء وراء الازمة
المدى
حاولت أن تقف على اسباب هذه الازمة والحلول المقترحة
لتذليلها فزارت اكثر من محطة والتقت بأكثر من مسؤول فيها إلا
أنهم اجمعوا أن لا تذكر أسماؤهم لأنهم غير مخولين بالتصريح
حسب توجيه وزارة النفط.. وكانت أحاديثهم على أن أسباب الازمة
هي ليس شحة وقود السيارات وأن الكميات المخصصة لمحطاتهم هي
نفس الكميات في السابق قبل ألازمة وأن خزانات المحطات مملوءة
إلا أن انقطاعات التيار الكهربائي في بغداد ولساعات طويلة
جعل المواطنون يستخدمون المولدات الكهربائية بشكل أكثر من ذي
قبل وهذا ضاعف الطلب على مادة البنزين وكلنا نعلم بفضل وزارة
الكهرباء اصبح في كل بيت مولد كهربائي تحسباً للانقطاعات
المتكررة وخاصة في هذه الأيام اللاهبة وامتحانات طلاب
المدارس الذين يطالعون مناهجهم صباحاً ومساءً استعداداً
لتأدية الامتحانات النهائية.
وهذا أدى
إلى أن اصحاب السيارات الخاصة والاجرة وغيرهم من تجار
الازمات إلى استغلال هذه الظاهرة للمتاجرة من خلال عودتهم
للمحطة لأكثر من مرة بعد تفريغ خزانات سياراتهم وتخويل من
يبيعها لهم باضعاف السعر المحدد مما يدر عليهم ارباحاً كبيرة
تجعلهم يمتهنون هذه الطريقة غير المشروعة ولا يستطيع صاحب
المحطة أن يمنعهملأنهم يأتون حسب (السرة) وبدون تجاوز على
صفوف الغير.
عمال المحطات
وبين لنا
عدد من عمال المحطات إنهم يتعرضون لمشاكل التهديد والوعيد من
المواطنين الذين يجلبون العلب البلاستيكية (والجلكانات) لغرض
ملأها بالبنزين خلافاً للتعليمات وعند رفض ذلك يتعرضون إلى
الالفاظ النابية والكلمات البذيئة (وعنتريات) مختلفة الاشكال
واستعراضات للقوة بحركات بهلوانية على مرأى ومسمع رجال
الشرطة في المحطات الذين لا يستطيعون عمل أي شيء يذكر.
خزن غير صحيح
أما ظاهرة
خزن البنزين في البيوت فقد تجاوزت المعقول من قبل بعض
العوائل التي لا تعير اهتماماً لمخاطر هذا الخزن غير المبرر
في هذا الجو الحار والذي قد يؤدي إلى حرائق تودي بحياة
العائلة بأكملها.
تعطل بعض المحطات
ولكن هل
هذه هي كل الاسباب التي ادت إلى خلق الازمة اعني خزن البنزين
وتكرار التزود بالوقود لأكثر من مرة والمولدات الكهربائية
التي تعمل ليلاً ونهاراً؟ اجابني أحدهم لا بل هناك اسباب
أخرى منها توقف العمل في بعض المحطات مثل محطة منطقة الـ
(55) في مدينة الصدر والتي كانت تغذي اكثر من عشرين الف
سيارة يومياً بحجة عدم وجود حماية لها ومحطة الـ (77) في نفس
المدينة لكونها عاطلة ومحطة باب المعظم بحجة الترميم
والاعمار مما أدى إلى زخم كبير على المحطات العاملة في تلك
المناطق.
إضافة إلى
تحويل 7 محطات أخرى إلى بيع البنزين المحسن فقط وهي الكيلاني
والادريسي والشعب والمستنصرية والاعظمية والمنصور والخالصة
في الوقت الذي يمكن أن تعمل هذه المحطات بخطين للعادي
والمحسن وباكثر من وجبة عمل.
مطلوب زيادة المحطات
أما
المعالجات كما يرى بعض العاملين في محطات الوقود فهي زيادة
عدد المحطات هو الحل الاجدى نفعاً وخاصة إن المحطات الموجودة
لا تستوعب هذا الكم الهائل من السيارات الداخلة إلى القطر
والتي بلغت عشرات اضعاف ما كانت عليه في الوقت الذي بقيت
محطات الوقود بنفس عددها وأن تكون الزيادة ليس في بغداد بل
تشمل جميع محافظات العراق.
ودعا عامل
آخر في محطة وقود أخرى إلى ضرورة زيادة عدد المحطات المسموح
لها بيع الوقود إلى اصحاب (الجلكانات) إضافة إلى المحطات
الثلاث هي السبع ابكار والرسالة والوزيرية ليتسنى للمواطنين
الحصول على هذه المادة لمولدات الكهرباء وتخفيف الزخم الحاصل
على المحطات الاخرى وتلافي الاشكالات بين المواطن وعمال
المحطة.
بنزين مستورد
وعلمنا إن
البنزين الذي يوزع حالياً هو مستورد من دول الجوار هي سوريا
والاردن وتركيا والسعودية بسبب توقف مصفيا بيجي والدورة عن
العمل وعدم تمكنها من سد حاجة السوق المحلية! يا للعجب دولة
تمتلك ثاني احتياطي نفطي في العالم تستورد مشتقاته من دول
تستورد النفط الخام منها..!
وحملنا
العديد من عمال هذه المحطات ضرورة دعوة المواطنين للتعاون
معهم والابتعاد عن التصرفات اللا مسؤولة وها نحن ندعو
المواطنين إلى ذلك كما ندعو وزارة الداخلية إلى ضرورة اتخاذ
اجراءات رادعة بحق المسيئين والمتجاوزين على النظام والحق
العام.
مشكلة بسيطة وحلولها متوفرة
وبعد ذلك
استطلعنا آراء المواطنين الذين ينتظرون وصول سياراتهم إلى
مدخل المحطة بعد أن امضوا ساعات طوال تحت اشعة الشمس للحصول
على حصتهم من البنزين (وتفويل) سياراتهم لغرض استخدامها في
عملهم اليومي.. فمنهم من القى اللوم على وزارة النفط ومنهم
من قال إن وزارة الكهرباء وتصريحاتها الرنانة هي السبب ومنهم
من القى باللائمة على بعض ضعاف النفوس الذين يخزنون البنزين
ويبيعونه في السوق السوداء على حساب الآخرين.
وقال البعض
منهم إن مشكلة الوقود بالنسبة للعراق تعد مشكلة بسيطة لما
يمتلك البلد من امكانات في توفير هذه المادة إذا ما ارادت
وزارة النفط أن تكلف نفسها وتحل هذه المشكلة.. ولكن التقاعس
واللامبالاة وغياب الرقابة وعدم الاهتمام بأمور المواطنين
جعلت هذه المشكلة وغيرها تكبر يوماً بعد يوم والمسؤولون
والموظفون في هذا القطاع الحيوي ينظرون تحت اقدامهم وليس لهم
نظرة ابعد من ذلك |