وليام
سافير
ترجمة:
جودت جالي
الزمر
الثلاث التي تسيطر على العراق والتي لا تثق منذ زمن طويل
ببعضها البعض هي الآن على شفير حرب قبلية مفتوحة. لا أقصد
السنة والشيعة والكرد بل البنتاغون ووزارة الخارجية والسي آي
أي.
الشرارة
التي اشعلت حريق الولايات المتحدة البيروقراطي هو المنفي
العراقي السابق احمد الجلبي وهو مدني نظم القاومة ضد الطاغية
صدام حسين قبل ان تتسع وتصبح شعبية. منذ عام 1996 والسي آي
أي تمقته غاية المقت. في تلك السنة جند عملاؤنا السريون
ضباطا عراقيين لإسقاط صدام حسين.
يدعي
الجلبي انه قد حذر من ان المتآمرين قد اخترقوا وحين فشل
الانقلاب واعدم مئة متآمر تجرأ على أن يلوم الوكالة على
حماقة دموية اقترفتها. هذا في الأصل من مقت تينيت وجماعته له
وسبب نبذ الوكالة اللاحق لمعظم مصادر الاستخبارات العراقية
المقدمة من قبل جماعة الجلبي. اما الكره له في وزارة
الخارجية فأقل في طابعه الشخصي، ففي (فوغي بوتوم) كانت
دائماً سياسة الحق في الأسبقية والفضل في تغيير النظام التي
يلح عليها الجلبي تزدرى دائماً وحين سقطت بغداد كان
(العربيون) في الوزارة واقعين تحت تأثير تفضيل القادة السنة
في السعودية ومصر والأردن لفكرة ان ينصب رجل بعثي قوي مكان
صدام حسين من اجل (الاستقرار) الإقليمي رغم إرادة الأغلبية
الشيعية والأكراد في العراق.
البنتاغون
كما نعرف له رأي مختلف تماما في مهمتنا. وزارة الدفاع ارادات
إقامة عراق ديمقراطي لقطع مصادر الأرهاب في الشرق الاوسط.
لقد وجدت في الكثير من معلومات الجلبي مثلما في صلاته
المحتملة في إيران المهتمة بتطور الأوضاع في العراق فائدة
لها، وحقاً كما أشار مؤخراً في الأسبوع الماضي رئيس هيئة
الأركان المشتركة الجنرال ريتشارد مايرز إلى ان المعلومات
الاستخبارية التي زودها بها (قد انقذت حياة الجنود).
في هذا
التناوش الداخلي زرق روبرت بلاكويل وهو اكاديمي دبلوماسي
طويل اصبح بمثابة كولونيل بيت ويلسني للرئيس بوش مهمته هي:
ان نخرج من القضية كقوة محتلة مع بداية الصيف ونسلم مهمة
تنظيم التحول إلى مرحلة الانتخابات إلى مبعوث الأمم المتحدة
الاخضر الابراهيمي، ولأنجاز هذا اعتمد بلا كويل سياسة
تدليلية (ما يريده الأبراهيمي يحصل عليه).رجل الأمم المتحدة
الجزائري الذي كان مسؤولاً رفيع المستوى في الجامعة العربية
أراد اولا حماية السنة الفئة التي استفادت أكثر من غيرها
خلال حكم صدام، ولتسهيل مهمة الابراهيمي أبلغ بول بريمر ان
يرحب بالمزيد من البعثيين إلى السلطة واقنع قادة الولايات
المتحدة العسكريين بالتراجع عن الهجوم على الفلوجة المدججة
بالأسلحة وقلب التمرد في فترة ما بعد صدام.للأبراهيمي مطلب
آخر وهو التخلص من الجلبي الذي لم يكن يتذمر صراحة من نهاية
عملية اجتثاث البعث فقط بل قاد مجلس الحكم إلى تكليف شركة
حسابات واستخدام محامين للتحقيق في تورط الأمم المتحدة في
رشاوى الخمسة بلايين دولار من النفط مقابل الغذاء، وبناء على
أوامر صدرت له افشل بريمر المحاولة العراقية لاستعادة
الأموال المسروقةـ واستؤجر محاسبون أكثر مداهنة للأمم
المتحدة.
ثم ذهب
بريمر إلى نهاية الشوط. سمح للشرطة العراقية بأن تقتحم وتحطم
مقرات الجلبي السياسية وداره كذلك وتستولي على أجهزة الحاسوب
والأضابير وهذه هي طريقتنا في التعبير عن شكرنا له على
مساعدته لنا في الحمايات العراقية المحترفة الأساسية. رجال
مباحث السي آي أي السريون المبتهجون الذين رافقوا الغارة
نشروا اشاعات مفادها ان العراقي مثير المشاكل كان جاسوساً
لإيران ومبتز أموال من متلقي هبات النفط. هل هذا صحيح؟ من
يدري؟ ولكن صورته المحطمة جعلت غلاف النيوزويك معلقاً عليه
بفظاظة بعبارة (رجلنا المعتمد في العراق).رغم ان وزارة
الدفاع كانت محبطة جداً بفضيحة السجن لدرجة انها لا تقوى على
مناصرة احد فأن الجلبي مضى مبادرا إلى هجوم مضاد في عرض
تلفزيوني ليوم الأحد ليطلب مواجهة مع مدير السي آي أي جورج
تينيت أمام الكونغرس وتحت القسم. هذا السياسي الذكي يرى كيف
يمكن لكثرة أخطاء الثلاثي الإبراهيمي ـ بلا كويل ـ بريمر ان
تكسبه شعبية عند المعادين للأمريكيين في العراق.
يعمل
الابراهيمي وهو راض عما حصل على وضع اللمسات الأخيرة
للمجموعة المعينة لتولي السيادة (مثل البطاطا الحارة) حتى
موعد الانتخابات في وقت مبكر من العام القادم وعسى ان لا
يتجمد حلفاؤنا العراقيون المخلصون الأكراد.
بوب بلاكويل حدث بلباقة قبل اثني عشر عاماً سؤالاً سأله
المحافظون حول الصين قبل خمسين عاماً وهو يخبرني قائلاً
هنالك مشكلة (من فقد روسيا)؟ ولكي أتجنب السؤال نفسه حول
العراق في المستقبل سأكون مصغيا إلى ملاحظة ثبات قوية في
خطاب الرئيس هذه الليلة. |