الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 

العراق المطلوب لمصلحة الجميع

توماس فريدمان

ترجمة: عادل صادق العامل

عن: نيويورك تايمز

لقد تم تضييف الرأي العام الأمريكي لمهرجان على هذه الدرجة من الفوضى مؤخراً بحيث يمكن مسامحته على شعوره بالضياع كلياً. فقد علق الامريكيون بين رئيس يستمر في تلميع يوتوبيا بشأن العراق وجماعة تحليلية اصبحت مستهلكة باليأس. وهذه ليست الطريقة بأية حال للسير على السكة. فهناك طرق أفضل للتفكير بهذه المشكلة. والنقطة الجيدة للبدء بذلك هي من خلال التفكير بروسيا.

وأنا لدي (نظرية امالة للتاريخ). ونظرية الإمالة هذه تذكر ان البلدان والثقافات لا تتغير بالتحولات المفاجئة. انها تتغير عندما تقوم، من خلال قيادة أو دبلوماسية حكيمة، باخذ بلد، أو ثقافة أو إقليم تحت إمالته بالاتجاه الخطأ فتميله انت بالاتجاه الصحيح، بحيث يمكن للتحولات التدريجية الداخلية ان تحدث على مدى جيل.

واعتقد بأن التاريخ سيحكم على جورج بوش 41، وميخائيل غورباتشوف، وبرنت سكوكروفت، وجيمس بيكر، وهلموت كول، وما رغريت ثاتشر وفرانسو ميتيران بشكل لطيف جداً للطريقة التي اخذوا بها جماعياً الامبراطورية السوفييتية، التي أُميلت بالاتجاه الخطأ لزمنٍ طويل، فأمالوها هم بالاتجاه الصحيح، بمجرد طلقة أُطلقت. وكان ذلك احد الانجازات العظمى في القرن العشرين.

فهل روسيا فلاديمير بوتين اليوم هي ديمقراطية جيفير سونية؟ بالطبع لا. لكنها امة ضخمة أمليت بالاتجاه الخطأ وتمال الآن بالاتجاه الصحيح.

وتعريفي للبلد الذي أميل بالاتجاه الصحيح هو ذلك البلد الذي يوجد فيه ما يكفي من السوق الحرة، ما يكفي من حكم القانون، ما يكفي من الصحافة الحرة، الكلام الحر والتبادل الحر للآراء بحيث ان العامل الحقيقي للتغيير في التاريخ ـ الذي هو شيء ما يستلزم تسعة أشهر و21 سنة ليكبر، جيلاً على سبيل المثال ـ يمكن ان ينمو، ويخطط لمستقبله ويدرك امكانياته.

ان بناء الديمقراطية هو على الدوام عمل حالة تقدم ـ خطوتان إلى امام، خطوة إلى خلف. وما كان على احد ان يتوقع تحولاً يوتوبياً في العراق.

فالعراق لا يختلف عن أية دولة عربية عشائرية أخرى، حيث الديمقراطية خيار ثالث بالنسبة لكل شخص. فالخيار الأول على الدوام: (ان عشيرتي تفوز والمنافسون لي يخسرون). والخيار الثاني: (ان عشيرتي تخسر، ولذلك يجب على عشيرتك ان تخسر أيضاً). اما الخيار الثالث فهو: (ان عشيرتي تفوز وكذلك المنافسون لي).

وينبغي ان يكون املنا عودة العراقيين إلى الديمقراطية، العودة إلى الخيار الثالث ـ لا كنتيجة لقراءة ميثاقنا الخاص بالحقوق وإنما بقراءة وضعهم هم وتقرير ان تسوية براغماتية لتشاطر السلطة فيما بينهم هي أفضل من عنفٍ لا نهاية له. وسوف تتجذر الديمقراطية في العراق من خلال الواقعية، وليس المثالية، فنحن لم نحرر العراقيين ولا يمكننا ان نفعل ذلك. هم ينبغي ان يحرروا أنفسهم. وهذا هو ما فعله اليابانيون والألمان. وكل ما نستطيع ان نأمل فيه هو مساعدتهم في إمالة بلدهم بأتجاهٍ ايجابي وبذلك ينشأ الجيل القادم في بيئة لا تتعرض قوى التقدم وسياسات (فز وأفوز) فيها لإحباط دولة ممالة ضدهم.

وقد قال ميشيل مانيلبوم: (إني اعتقد بأن هذا الوقت هو الوقت المناسب للواقعية المتزنة، التي تعني التركيز على ما هو ممكن في العراق، وما هو الحد الأدنى الذي نريده من العراق، وليس على ما نوده مثالياً في العراق). ومانديلبوم هو خبير السياسة الخارجية لدى (جونز هوبكنز)، والذي كان كتابه المبهج الجديد، الصادر هذا الأسبوع، بعنوان (معنى الألعاب الرياضية)، يحتوي على مماثلات كثيرة بين ما يؤدي إلى الفرق الناجحة والبلدان الناجحة. (فالحد الأدنى الذي نريده هو عراق مستقر بشكل معقول، ولا يؤوي أرهابيين أو يهدد جيرانه).

ولكوني قد آمنت ـ ولا أزال ـ بإمكانية وأهمية تعديل ميل العالم العربي ـ الاسلامي عن الاتجاهات الخطأ المفصلة في تقارير التنمية الإنسانية العربية الصادرة عن الأمم المتحدة، إلى الاتجاهات الصحيحة، فإني اشعر بالمقت تجاه اخفاقات فريق بوش السياسية الدافع في العراق. وقد تحول هذا الفريق الآن في ذعر، بعد ان فقد مبرراته الواقعية المبالغ بها للحرب ـ اسحلة الدمار الشامل ـ نحو الطرف الآخر وقدم لنا هذه المرة مبرراً مثالياً مبالغاً به ـ وهو ان العراقيين جميعاً يتلهفون إلى الحرية والديمقراطية وأن بإمكاننا ان نوفر لهم هذا التحول في وقتٍ قصيرٍ، إذا ما ثابرنا عليه فقط.

إننا بحاجة إلى موازنة سياساتنا من جديد. فما زلنا نمتلك الفرصة لأن نفصل في العراق الشيء الوحيد الذي هو على الدوام الشيء الوحيد الممكن ـ وهو تعديل ميله باتجاه أفضل ـ وبذلك يستطيع العراقيون، على مدى جيلٍ، ان يحولوا ويحرروا انفسهم، إذا ما أرادوا. فما الذي يمكن ان يكون عليه عراق معدّل الميل بالاتجاه الصحيح؟

سيكون أكثر تديناً من تركيا، واكثر علمانيةً من إيران، واكثر فيدرالية من تركيا، وأكثر علمانيةً من إيران، واكثر فيدرالية من سوريا، واكثر من ديمقراطية من العربية السعودية واكثر استقراراً من افغانستان.


عوائل المجندات تبكي بناتها: مقتل 20 مجندة أمريكية في العراق حتى الآن

بقلم: داريل فيرس

ترجمة زهير رضوان

عن: الواشنطن برست

عندما وصل جثمان السرجنت إزيلا روبالكافا إلى مطار إلباسو من العراق، كانت والدتها تنحب مثل طفل، وصرخت ماريا روبالكافا بالاسبانية: (لا أريد رؤيتها هكذا) لكن بعد القداس الجنائزي في الأسبوع الماضي تقبلت ماريا حقيقة رحيل ابنتها التي توفيت بعد اصابتها بجروح بالغة بعد تفجير اطلاقات هاون خلال هجوم في الموصل في 8/ أيار، قبل ثلاثة ايام من عيد ميلادها السادس والعشرين.

إزيلا روبالكافا واحدة من 20 مجندة امريكية قتلت حتى الآن في عملية تحرير العراق ـ وهو أعلى رقم للمجندات الامريكيات اللاتي قتلن في ساحة المعارك منذ الحرب العاليمة الثانية، طبقاً لمؤرخ عكسري. هذا الرقم يشمل لوري بيستيفا (23 عاماً) التي قتلت في هجوم في الايام الاولى للغزو، وليزلي جاكسون (18 عاماً) التي قتلت يوم الخميس الماضي عندما اصابت عربتها عبوة ناسفة. الاخريات قتلن في عمليات اسقاط طائرات هيليكوبتر، حوادث طرق، أو عندما تنطلق البنادق بصورة عرضية أو بينما كن يحاولن ابطال قنابل.

بالإضافة إلى ذلك، جرحت 162 إمرأة في العراق، من بينهن 99 مجندة جروحهن بالغة تمنعهن من العودة إلى الخدمة، طبقاً لوزارة الدفاع. من بين الوجوه البارزة في هذه الحرب، ضابط البحرية جيسيكاينش، التي اسرت وانقذت في أيام الحرب الأولى، وضابط البحرية ليندي انجلاند، التي ظهرت مؤخراً في الصور التي توثق إساءة معاملة اسرى سجن أبي غريب.

لعقود طويلة، ابعدت قوانين وزارة الدفاع المجندات من المعارك المباشرة، مخافة ان يردد الجمهور الأمريكي صراخ ماريا روبالكافا ـ لا أريد رؤيتها هكذا ـ عندما تقبتل النساء في المعارك. لكن عندما تغيرت هذه القوانين في اواسط التسعينيات لم يندمر سوى القلة. الآن، ومع زيادة عدد النسوة اللاتي يخدمن في ما يطلق عليه عسكرياً (أعمالاً خطرة) في العراق، وسقوط الكثير منهن فأن اغلب الجمهور لم يزل صامتاً.

تقول إيلين دونيللي، رئيسة مركز الاستعداد العكسري، وهو مركز فكري في مشيغان، ان استمر مقتل المجندات فأن النقاش سيكون بالتأكيد أكثر حدة. (لم يسبق لنا أن رأينا استخدام مثيل لهذا في الجيش) وتضيف ان أكثر ما يقلقها هو مقتل الامهات، بيستيفا على سبيل المثال، تركت طفلين وراءها.

(نحن نطالب بأعادة تقييم هذه السياسة).

قد يعود موقع النساء الحالي في الجيش إلى التغيرات القانونية التي بدأت في العام 1948، عندما اجاز الكونجرس مرسوم دمج القوات المسلحة، والذي منح النساء منزلة في الجيش النظامي والاحتياط وكذلك في البحرية وقوات المارينز. في الوقت نفسه حدد القانون وجود النساء في تلك الاقسام إلى 2% من القوات واشترط عدم خدمة النساء في السفن التي يمكن ان يخدمن فيها لكن التقييدات الأخرى بقيت. في العام 1992 ألغت الولايات المتحدة القانون الذي يحظر على النساء العمل في الطائرات المقاتلة. بعد سنتين الغى وزير الدفاع ليس أسبن قانون المخاطرة في وزارة الدفاع. لقد تغير تعريف المعركة الارضية المباشرة، وقوانين جديدة سمحت للسناء بالخدمة في جميع الوحدات عدا تلك التي تشتبك بشكل مباشر في القتال مثل كتائب المدرعات والمشاة والمدنية.

في عام 1991 كانت النساء تشكل 11% من الجيش، لكن النسبة الآن وصلت إلى 15%، طبقاً لوزارة الدفاع. هنالك امرأة من بين كل سبع رجال في العراق. والنساء هناك خدمن في بطاريات صواريخ باتريوت، في الدوريات العسكرية، وبعض الادوار المساندة التي تضعهن بصورة خطرة امام العدو.

في العراق تضاعفت المخاطر نتيجة طبيعة حرب العصابات للهجمات التي اعقبت الحرب.

آباء وأمهات النساء اللاتي قتلن في العراق يتحدثون بفخر عن بناتهم. تقول ليزا فراي، والدة نيكول فراي التي قتلت في شباط الماضي عن عمر ينهاز الـ19 عاما بعد اصابة قافلتها بقذيفة هاون (اعتقد ان بعضهن أفضل من الرجال، لقد كانت نيكول تستعمل البندقية كمحترفة، بل انها أفضل من خطيبها الذي يخدم الآن في الحرب الوطني). تقول الام (ان مقتلها مزق قلبي، لكننا فخورون بها وبما انجزته).

لكن ليس كل المجندات أحسن عملهن، فصورة انجلاند وهي تمسك الرسن المربوط في عنق سجين عراقي مروعة. تقول الكابتن المتقاعد لوري ماننغ، رئيسة قسم النساء في المشروع العسكري ان هذا الصور ليست لها علاقة بجنس العسكري، انها تظهر فقط ان النساء قادرات على ارتكاب ذات الأخطاء التي يرتكبها الرجال. (لقد رأينا نساءاً أسيرات حرب، نساء قطعت أرجلهن، نساء قمن بأعمال بطولية، ولكننا أيضاً نشاهد الجزء المظلم من الموضوع).

معارضو ومساندو وضع النساء في اعمال خطرة يتفقون على شيء واحد على الاقل: ان هنالك مكاناً للنساء للتطوع في الجيش، وحيثما يذهب الرجال إلى الحرب فالنساء تتبع.

تياناً إرفي كانت تخشى الذهاب إلى العراق، لكنها صلبت نفسها كما يقول والدها راي افري. لقد بدت في وضع آمن في الخطوط الخلفية وهي تعمل كطباخة ومساعدة في قاعدة الطعام. لكن قافلتها تعرضت إلى عبوة ناسفة في 7 نيسان الماضي وقتلت وهي في الـ22 من العمر. يقول والدها (لم استطع ان اصدق، لقد قتلت قبل تسعة أيام من موعد عودتها، ويضيف بصوت منكسر (بعض الاحيان اشعر بأن النساء يجب ان لا يكن في موقف كهذا  ليس في خضم المعارك، ان الناس لا يعملون كم هو مؤمل ان تفقد شخصاً عزيزاً، إبناً كان اوبنتاً).

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة