الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 

 

استخدام بعض العراقيين كأدوات للمساومة

بقلم- محمد بازي

ترجمة زهير رضوان

     عن نيوز داي

طالبت القوات الامريكية والد السيدة جنان مؤيد- وعندما لم تتمكن من العثور عليه، اخذت زوجها مكانه.

يقبع ظافر ابراهيم في الحجز الامريكي منذ قرابة اربعة اشهر، تصر جنان على انه اعتقل كأداة للمساومة وبأن المسؤولين الامريكيين اخبروها بانهم سيطلقون سراحه عندما يسلم والدها نفسه. والدها عالم وعضو سابق في حزب البعث فرّ الى الاردن فور سقوط نظام صدام حسين. تقول جنان (35عاماً)، وهي معمارية، تحمل صورة صغيرة لزوجها  في محفظتها ((ان زوجي رهينة، انه لم يرتكب أية جريمة)).

في تطور قلما لوحظ في وسط فضيحة اساءة معاملة السجناء العراقيين، تعتقل القوات الامريكية عشرات العراقيين كأدوات للمساومة للضغط على اقاربهم المطلوبين لتسليم انفسهم، طبقاً لجماعات حقوق الانسان. هؤلاء المعتقلون لم يتهموا بارتكاب أية جريمة ويقول الخبراء ان احتجازهم يعد انتهاكاً لمعاهدات جنيف والقوانين الدولية الاخرى، كذلك تخاطر هنا الممارسة بربط الولايات المتحدة بممارسات دول لطالما انتقدت لقيامها باعتقالات عشوائية.

يقول جون غويغلي، أستاذ القانون الدولي في جامعة ولاية أوهايو ((من الواضح ان ذلك يعد انتهاكاً لصلاحيات الاعتقال، ان اعتقالك شخصاً ما وتقول بانك ستحتجزه حتى يعطيك معلومات عن شخص آخر، خاصة ان كان من اقربائه، من المفترض ان الاعتقالات تبنى على الاشتباه بان الشخص قد ارتكب مخالفة ما.

المسؤولون الامريكيون ينفون ممارستهم اسلوباً منهجياً في اعتقال الاقارب للضغط على الهاربين لتسليم انفسهم، وقال مسؤول امريكي رفيع طلب عدم ذكر اسمه ((ان قوات التحالف لا تحتجز رهائن. الاقارب الذين قد يملكون معلومات عن اشخاص مطلوبين يحتجزون بعض الاحيان للاستجواب، ومن ثم يطلق سراحهم، ليست هنالك سياسة حجز أشخاص كأداة للمساومة)).

لكن جماعات حقوق الانسان تقول انها قامت بتوثيق عشرات الحالات المشابهة لقضية جنان مؤيد، حيث ثبت ان افراد العائلة الذين لم يتهموا بأية جريمة احتجزوا لاسابيع او حتى لاشهر، وقيل لهم بانهم سيطلقون سراحهم فقط بعد تسليم القريب المطلوب نفسة الى القوات الامريكية. يقول باسم الربيعي، مدير مركز الدفاع القانوني، وهو مجموعة من المحامين العراقيين يقومون بحملات دفاعاً عن حقوق السجناء: (لدينا العديد من الحالات عن قيام القوات الامريكية بمداهمة المنازل بحثاً عن شخص ما، وعندما لم يتمكنوا من العثور عليه، يأخذون عضواً آخر من العائلة بدلاً منه, ان هذه الممارسات متواصلة منذ الايام الاولى للاحتلال الامريكي).

في تقرير صدر مؤخراً، تقتبس اللجنة الدولية للصليب الاحمر عن ضباط الاستخبارات العسكرية بأن 70 -  90% من حوالي 8000 سجين عراقي تحتجزهم قوات الاحتلال قد اعتقلوا (بالخطأ). في حالات مماثلة، اكتشف التقرير ان القوات الامريكية تعتقل الاشخاص لأشهر بعد ثبات براءتهم من أية تهمة.

ان احتجاز اقارب الهاربين هو نوع من (الاكراه الاخلاقي) المحظور حسب معاهدة جنيف الخامسة لعام 1949، طبقاً لغويغلي. المعاهدة التي تضمن حقوق المدنيين تحت الاحتلال العسكري تمنع ايضاً معاقبة شخص لمخالفة لم يرتكبها شخصياً,

 

 

في السبعينيات والثمانينيات كانت واشنطن تنتقد الاتحاد السوفييتي السابق ودول الكتلة الشرقية لممارساتهم في الاعتقال العشوائي ولاستخدامهم الاقارب للضغط على الفارين والمعتقلين السياسيين.

 

بتبنيها طرقاً مماثلة في العراق، يقول الخبراء، فأن واشنطن تخاطر بفقدان الارضية القانونية، يقول غويغلي (ان ذلك يجعل من الصعب على الولايات المتحدة انتقاد الدول الاخرى عندما تمارس انواع كهذه من الاعتقال التي من الواضح انها تتجاوز ما هو محظور قانونياً).

ان القانون الدولي يترك القليل للمدنيين تحت الاحتلال للاعتراض على الاعتقال غير الشرعي، وهذه حقيقة أدركتها السيدة جنان على نحو مؤلم. بدأت محنتها في 30 كانون الثاني عندما اقتحمت سيارتان همفي امريكيتان في الساعة الثانية والنصف صباحاً باب منزل الاسرة، فيما كانت طائرة الاباتشي تحلق على ارتفاع منخفض فوقه. طلب الجنود والدها، عبد الله مؤيد (66عاماً) وهو جيولوجي خريج الجامعات الامريكية. وأصرت جنان على انها لا تعرف ماذا أراد الجنود الامريكيون من والدها. أخبرت السيدة جنان الجنود بأن والدها فر الى الاردن لاجراء عملية جراحية لاصابته بسرطان البروستات، واظهرت لهم تقاريره الطبية.

لكنهم اعتقلوا الرجل الوحيد الموجود في المنزل (زوجها).

تقول جنان المولودة في اوستن، ولاية تكساس، حيث كان يعمل والدها ((لقد اخبرهم زوجي عدة مرات :أنا غير مشاغب، أريد العيش بسلام مع عائلتي. السيدة جنان متزوجة من ابراهيم (45عاماً) منذ ثماني سنوات.

لها ثلاثة اطفال تتراوح اعمارهم من 2-7 سنوات، وتعيش مع عائلتها الكبيرة. تقول السيدة جنان ان مجموعة من الجنود الامريكيين سلموها رسالة خطية من زوجها في السابع عشر من شباط. تقول الرسالة انه نقل من قاعدة امريكية في بغداد الى سجن ابي غريب حتى وصول عمي..أرجو منك ان تخبريه بأنه سيطلق سراحي عندما يصل هنا، طالما أنني لست الرجل المطلوب.. أرجو ان تلحي على والدك لتسليم نفسه بمحض ارادته. ذلك سيجعل الامور أسهل بالنسبة إليه. لن تساء معاملة أي شخص  يسلم نفسه بمحض ارادته. انهم يريدون طرح بعض الاسئلة عليه).

منذ استلامها رسالته، قامت السيدة جنان بزيارة سجن ابي غريب ثماني عشرة مرة . في اغلب الزيارات كانت تقف خارج البوابات مع آخرين ينتظرون عبثاً الحصول على أخبار عن ذويهم. احد الجنود الامريكيين شعر بالأسى عليها فبحث عن اسم ابراهيم في حاسوبه واخبرها بانه مصنف كسجين ذي ((اهمية استخباراتية)).

جنان، التي لغتها الانكليزية المشوشة هي بقايا طفولتها من تكساس، لم تعرف ماذا يعني ذلك وما مدى تأثيره على زوجها. لكن تقرير الصليب الاحمر وثق نمطاً من الانتهاكات- الاذلال، وضع كيس على الرأس، التهديد بالاعدام- ضد السجناء العراقيين الذين اعتبروا ذوي اهمية استخباراتية. (لقد واظب الجنود الامريكيون على القول احضري والدك فتحصلين على زوجك) تقول جنان وصوتها الناعم يخبو (كيف لهم ان يقولوا بأنه ليس رهينة؟).

في الخامس عشر من ايار، وفي زيارتها الثامن عشرة الى ابي غريب، تمكنت السيدة جنان من رؤية زوجها. اخبرها ابراهيم بأنه يُعامَل معاملة حسنة، لكنه قال ان المسؤولين العسكريين اجبروه على كتابة الرسالة التي تطلب من والدها تسليم نفسه.

تقول جنان (ان هذا الاسلوب يذكرنا بنظام صدام حسين، لقد وعدنا الامريكيون بأنهم سيجلبون لنا الحرية والديمقراطية. تحدثوا عن السجون في زمن صدام وتوقعنا منهم شيئاً أفضل، لكنهم الآن يمارسون الشيء نفسه، بل أسوأ).

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة