النساء
في العمارة.. هذه الأيام
محمد
الحمراني
واحدة من
أهم المشاكل، التي يعاني منها المجتمع العراقي خلال هذه
المرحلة هي صعوبة تجول النساء في الأماكن العامة، وهذا ما
جعل المرأة بالتحديد تشعر بحالات اختناق. ولكن هذه المشكلة
لا وجود لها في محافظة ميسان فالنساء يجلسن في الكازينوهات
الصيفية ويتجولن إلى ساعات متأخرة من النهار في سوق العمارة
الكبير.
علاقات عشائرية
في كازينو
دجلة، كانت تجلس عائلة وتمارس طقوسها بحرية تامة، المواطنة
(ن، ع) والدة لأربعة أطفال قالت: نحن معتادون على هذا
الطقس.. منذ سنوات.. نبدأ الجولة من السوق مروراً بالحدائق
لتنتهي الجولة في الكازينو.. وفي بعض الأحيان نتعشى في
المطاعم المجاورة. وأضافت: في بداية الحرب كنا نخاف من أن
نخرج لأن الشوارع ممتلئة بالغرباء، وهذا ما جعل زوجي يتحسس
من ذلك، ولكن بمرور الأيام عادت العادات القديمة إلى وضعها
على الرغم من المحاذير الكثيرة التي نضعها أمامنا خلال
الـ(طلعة). (ر. خ) مواطنة أخرى كانت تتجول بمفردها عصراً..
حين سألناها إن كانت تتعرض إلى تهديد أو مخاطر أثناء تجوالها
في السوق. أجابت: إن الكثير من النساء يتجولن في سوق العمارة
وبعضهن من الشابات ويمارس مهناً كالخياطة والبيع في المحلات
ولم يتجرأ أحد على التحرش بهن أو الإساءة لإحداهن. وروت لي
حادثة لصديقة لها قال لها أحد المارة حين شاهدها: (ليش
متلبسين حجاب؟) فرد عليه شخص خلفها: (ليش إنتة ولي أمرها؟)..
فخاف الأول وانزوى بعيداً وأضافت: إن الاعتداء على امرأة من
قبل رجل أو التشهير بها ربما يعرض هذا الرجل إلى القتل. أحد
الشباب واسمه (حميد) كان يستمع إلى حديثنا ورغب في المشاركة
فقال: إننا في مدينة تؤمن بالعلاقات العشائرية وصلاتها
اجتماعية متينة، وأغلب النساء اللواتي يتجولن في السوق إذا
كن من داخل المحافظة فنحن نعرف عوائلهن وإذا كن قرويات ففي
الأغلب يصاحبهن أزواجهن ولا يتأخرن كثيراً إلى ساعات ما بعد
الظهر. وفي الأغلب يأتين للتبضع بثيابهن المحتشمة ولا يتعرضن
للأذى والمضايقات خلال التسوق.
البعثيون والتحرش
الطبيبة
(ف. ح) في لقاء معها أكدت إن أغلب الطبيبات يمارسن عملهن
بجدية وبدون حمايات أو وجود أقارب يحدون من المشاكل. وعلى
الرغم من أن المحافظة حصلت فيها عملية قتل لأحد الأطباء في
عيادته ولكن اتضح أن سبب ذلك مشاكل عشائرية وأضافت: على حد
علمي لم تتعرض أي طبيبة إلى مضايقة أو إحراج، وهنا أتكلم عن
المستشفيات والعيادات الخاصة. طالبة في الصف الثالث المتوسط
واسمها: (ح. ع) كانت الأكثر جرأة وهي تتحدث: أنا وصديقاتي
نذهب يومياً إلى المدرسة من دون أي إساءة أو مخاطر لأن
مدرستنا تقع في حي يعرف كل واحد فيه الآخر. وأضافت: ربما
كانت هذه التجاوزات في زمن صدام.. خاصة من قبل بعض رجال
الأمن وأولاد المسؤولين الحزبيين الذين (يتحرشون) بالطالبات
بعد خروجهن من الدوام الرسمي.. هذه الطالبة كانت هي وصديقتها
تتجولان بين حين وآخر في سوق بيع الأقمشة وكذلك في أسواق
الكهربائيات ولم تتعرضا إلى أية إساءة من أحد.
مجرد تحريات
من أجل
الغوص في أسرار هذا الموضوع أجريت تحريات عن سجل الجرائم لدى
دائرة شرطة العمارة ولم أعثر على أي جرم وقع ضد أي امرأة
خلال الشهر الماضي، فلا توجد جرائم قتل أو اختطاف مسجلة
رسمياً وهذا ما شجعنا على خوض حوار مع محام (رفض ذكر اسمه)
قال: إن الفترة بعد سقوط صدام شكلت رقماً قياسياً في عدد
الزيجات، لأن في بلدنا الكثير من الأشخاص الذين كانوا مهجرين
وبعضهم كان هارباً من الخدمة العسكرية ويخاف أن يتزوج في ظل
نظام طاغية مثل صدام.. الشباب عادت لهم حياتهم وهذا ما جعلهم
يسعون للزواج. وأضاف: حدثت خلال هذه الفترة حالات طلاق
ولكنها قليلة جداً.
سلطة الستلايت
إذن النساء
في العمارة بلا حماية وربما يختلفن بعض الشيء عن نساء بغداد
أو بعض المدن العراقية.. كان الكثير من أهل المدينة يخافون
التجاوز على النساء في الشوارع بسبب الإجراءات القمعية لنظام
صدام، ولكن زوال هذا النظام ولد أكثر من سلطة ومنها: سلطة
العشيرة وسلطة المحلة وهناك سلطة أكثر تحضراً تجعل المرأة
مرتبطة بمنزلها وهي سلطة الستلايت.. مجموعة السلطات الجديدة
أتاحت للمرأة أن تعي حريتها وتتبختر من جديد لأن لديها ظهراً
كونكريتياً يتشكل أينما حلت.
|