الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 

 

محلة الصدرية ذاكرة أجيال غائبة حاضرة؟

كمال لطيف سالم

كيف يمكن ان تزيح الغبار عن لوحة علقت في قبو لقرن بكامله؟

لابد انك ستلاقي الكثير من العناء لكي تكتشف مضامين اللوحة:

الأماكن.. الأسماء.. الوجوه.. التي غادرت أو طواها النسيان.

 شواهد لتأريخ

لمحلات بغداد تأريخ عريق يمتد إلى تشييد مدينة السلام هذه المدينة التي ادهشت الشعراء والمؤرخين والعلماء فكتبوا فيها ما كتبوا.. ومنطقة الصدرية ذكرها الكاتب البريطاني (فلكس جونز) في كتابه (احوال بغداد في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر) ان محلة سراج الدين كانت تتكون عام 1846 من جامع سراج الدين، وعقد الاباريقي، وعقد صدري، وحقد التكمه جي، وعقد السبيل خانة، وعقد طاق العينونة، وعقد اهل برشت، وعقد الحاج وعقد حبيب،

 سوق الصدرية

وسوق الصدرية امتداد لسوق الدهانة هو جزء من سوق الشورجة ويمتد إلى علاوي الحنطة والفاصل بينهما جامع المصلوب والهيتاويين.

يذكر الاستاذ رفعت مرهون الصفار مؤرخ محلات بغداد (ان دربونة الكبي ـ تبدأ من شارع الوثبة موازية لبداية سوق الصدرية حتى فضوة الصدرية).

ويورد الدكتور مصطفى جواد رأياً في محلة الصدرية يقول فيه (ان الكبي جاءت من وجود قبة كبيرة في هذه الدربونة).

أما الشيخ جلال الحنفي فله رأي آخر يورده بقوله (ان الاسم جاء من اسم احدى العشائر التي سكنت هذه الدربونة).

ويضيف الاستاذ سالم الآلوسي: (الكبة محرفة من القبة ويلفظها العامة ـ الكب ـ وهو ما يصطلح عليه عند مستخرجي الحصى من ضفاف الانهار وما يجاورها).

 أزقة أخرى

ومن الأزقة التي يتناولها الاستاذ رفعت ـ محلة الأتون وهي دربونة تتفرع من يمين سوق الصدرية بعد حمام السيد الذي اندثر، وهناك رأي يقول ان الاسم جاء من كثرة حرق الازبال في الطمة العائدة إلى حمام السيد. والأتون هو شدة الحر.

اما محلة الجميلات فهي سوق حديث يقع في نهاية الصدرية على الجهة اليمنى بعد جامع سراج الدين الذي يؤدي إلى العوينة.

اما الفرع الثاني لنهاية سوق الصدرية فهي ـ العزة ـ وتقع على يمين جامع سراج الدين الذين يؤدي إلى محلة العوينة وهو يعود إلى عشيرة العزة ـ التي سكنت هناك.

ومن المحلات الأخرى المتصلة بمحلة الصدرية ـ الدوكيجة ـ وبستان شاهين ـ والعوينة وهي محلة تبدأ من سراج الدين حتى جامع الخلاني وتحيطها محلات عديدة منها ـ صبابيغ الآل فتحي والمربعة وهناك درابين اندثرت مثل دربونة (المعدان) ودربونة (السادة).

 مساجد المحلة

في الصدرية العديد من المساجد منها ـ مسجد حسيبة الخضيري وحسينية (الكبي ـ ومسجد محمد الالفي ـ ومسجد صدر الدين وحسينية الاكراد الفيلية ومسجد سراج الدين).

اما مدارسها يضيف الاستاذ رفعت:

ـ في محلة الصدرية مدرسة العوينة الابتدائية التي اسست سنة 1920، والمدرسية الحسينية، ومدرسة الفيلية والتي اسست سنة 1946 وتوجد إلى جانب ذلك الكتاتيب مثل ملا كاظم الحلاق، ملا ملهم، ملا بيدة، ملا عليوي، ومن النساء ملة زهرة، ملة فاطمة.

 المقاهي والعلاوي

يقول السيد حسين سلمان احمد وهو من سكنة الصدرية:

قد اشتهرت الصدرية بعلوة الخضراوات وعلاوي الحنطة وهي تقع في نهاية الصدرية وفيها أيضاً سينما الفردوس الصيفي الذي حولت إلى كراج للسيارات.

ـ ويضيف معلومات أخرى عن مقاهيها قائلاً:

من اشهر مقاهي الصدرية مقهى النبكة ومقهى كريم الحاج لطيفي ومقهى دواد خزعل ومقهى زناد ويذكر انه كان فيها ـ قصي خون ـ ومقهى محمد علي وتقع على جانب شارع غازي.

 ذاكرة ذاكرة

ان صورة الأمس لا تزال هي الفعالية على هذه المحلة وغيرها بيد ان الذي يدخل الصدرية اليوم لا يجد سوى زحام وباعة من كل صنف أي انها اصبحت خليطاً غير متجانس عكس ما كانت عليه نسأل عاصم الجميلي وهو من سكان الصدرية القدماء عن ذكرياته فيقول في حسرة واضحة:

ـ في الصدرية كان مجتمع صغير يعرف بعضه بعضا فهناك الحاج حسن ابو المخاخ ومقهاه الذي كان يلتقي فيها مشاهير ابطال الزورخانة المرحوم عباس الديك، نايل الصباح، صادق الصندوق، وبيت النيار الذين كانوا يمتهنون بيع الدراجات الهوائية منهم الشاعر عبد الامير النياوراخية الذي لا يزال محله قائماً وكذلك عرف بيت الكواز وباعة التنانير ومنهم المرحوم رضا.

 رجالات ومشاهير

الصدرية كأي محلة أخرى برزت فيها شخصيات وفي شتى المجالات منهم الصحفي خضر الولي والاديب خضير عبد الامير ومنير عبد الامير ومن الرسامين جميل حمودي وفوزي محسن الأمين ومنعم الدوري وعبد الحمدي الدروبي صاحب برنامج الرفوف العالية ومن المشاهير أيضاً الراحل رشيد القندرجي محمد العاشق، فاضل رشيد، وعلي رزوقي، وعدنان عباس، والشاعر داود ابو عادل.

وقد اشتهرت الصدرية في صنع الحلويات اشهرهم صادق الشكرجي والحاج جواد الشكرجي وابراهيم الشكرجي.

ويضيف الفنان عدنان الخطاط ضمن ذكرياته:

في الصدرية عرفت صيدلية الشماع وماجد باقر، وعبد الصاحب بهية.

ومن الحلاقين جاسم وابراهيم وهم اخوة إضافة إلى الحاج خضير الكبابجي، وعاصم ابن حسن التتنجي، والصدرية كغيرها من محلات بغداد اصبحت صورة غير مكتلمة (الملامح بسبب ما لحقها من اهمال وما اصاب أهلها من تمزق وتشتت وحل محلهم الغرباء الذين يسعون إلى المادة والى زخارف زائلة لم تكن الشخصية البغدادية إلا نموذجاً للقيم والاخلاق وقديماً إذا اراد اهل مصر استحسان الشخص قالوا: انت تتبغدد علي.

ومع ذلك فمحلة الصدرية لا تزال تحمل ذات الحيوية والرواج مع اختلاف من عاصروها وعاشوا ذكرياتها.

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة