الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 

 

ما يقوله المواطن وضعته (المدى) أمام المسؤول دائرة كهرباء كربلاء.. شبكات قديمة وعمال يحملون السلالم وأمان مفقود

كربلاء / المدى

في كربلاء ثمة قلق متزايد والمواطن ينظر إلى الأعمدة والأسلاك الكهربائية والحسرة تأكل قلبه..يقول المواطن جبار: ليس لي ثقة بعد أن أرى الكهرباء مستقرة حتى لو استقر الوضع الأمني..الكهرباء لدينا فايروس مجهول أصابنا بلعنة القلق والضجر واخذ يأكل في بقايا عمرنا.. الأعمال معطلة والصيف كلما حل في العراق صار ضيفا غير مرغوب فيه.فيما تقول أم زهراء، إن الكهرباء مشكلة المشاكل في العراق عندما كان النظام السابق في الحكم كان يستغل الكهرباء للضغط علينا و الآن فان قوات الاحتلال وعدتنا بحياة افضل وهذا يعني في أول مهمة لها أن تهتم بالكهرباء، لكنها اخذت تمارس نفس الدور.. لا أحد يقدم لنا عذرا نقتنع به ودائرة توزيع كربلاء عاجزة عن تنظيم أمور القطع المبرمج..فيما يقول رئيس المهندسين عماد عبد الرزاق جابر مدير توزيع كهرباء كربلاء: إن الدائرة ليس لها علاقة بكميات الإنتاج الواصلة إلى كربلاء..فهي دائرة تتسلم الكهرباء وتوزعها وليس لها خزين مثل الدوائر الأخرى لكي تعالج النواقص..ويضيف إن الدائرة هي حلقة توصيل بين مكان الإنتاج ومكان الاستهلاك، أي ان ما علينا فعله هو التشغيل والصيانة لما يصلنا..والتشغيل عليه برمجة القطع وهي متصلة كتوجيه فني بالسيطرة الوطنية في بغداد..

برنامج القطع غير المبرمج

أسئلة كثير متناثرة في الشوارع تتفق على أن الكهرباء لا توزع بعدالة على الأحياء السكنية..يقول المواطن احمد من حي الغدير: إن كثرة الانقطاعات بتنا نعرفها، ولكن لماذا تكون ساعات القطع للأحياء الفقيرة أو

الشعبية اكثر من المناطق الأخرى..ويضيف احمد: إن الثلاث ساعات المخصصة مثلا لهذا الحي لم تكن مكتملة، فأما تأتي بعد ربع ساعة وتنطفئ قبل موعدها أو يحدث انقطاع في هذه الساعات لساعة أو اكثر، فيكون مجموع ما نحصل عليه من كهرباء هو اقل من ساعتين وربما ساعة ونصف..أما المواطنة أم مهدي فتقول: لم اعد اهتم بالكهرباء ولكن أولادي يريدون القراءة فلا يجدون ما ( ينور ) ظلمة الليل..وتضيف: لا توجد عدالة في برنامج القطع ولم نحصل على الساعات المخصصة للحي العسكري..

المهندس عماد يقول: أنا ادعو المتخصصين حي المجالس المحلية المواطنين الذين لديهم دراية بأمور الكهرباء لزيارتنا..عندها سيعرف المواطن الحقيقة ..ليس لدينا دخل في عمليات الانقطاع..هناك أحمال على هذا الحي أو ذاك بفعل التجاوزات، وهناك مراقبة من قبل الجهات المجهزة وهي التي تقوم بالقطع أما عن طريق الاتصال لنقوم بالقطع أو هي التي تقوم بالقطع..ويضيف مدير توزيع كهرباء كربلاء..هناك عجز في كميات الكهرباء وهناك مناطق تعتبر خطوط طوارئ مثل المستشفيات ودوائر الماء وغيرها التي لها تماس مباشر مع المواطن والتي تتطلب أن تكون الكهرباء لديها مستمرة لإدامة العمل..وهناك أمر آخر هي ليس لدينا القدرة على ملاحقة الأعطال في الأحياء بسبب ضعف الإمكانيات..بمعنى إن هذه الأحياء تقوم بصرف الكميات المحددة لها بسبب التجاوزات .

مركز صيانة واحد وإجراءات بطيئة

كلما جاء الصيف كثرت الحاجة إلى الكهرباء..حتى باتت العلاقة بين المواطن ودائرة الكهرباء لا تحددها حدود عدم الثقة..فبين العطل الذي يستمر عدة أيام دون تصليح وبين قدرة الدائرة على ملاحقة الأعطال الكثيرة، بات المواطن ينظر إلى الأسلاك والأعمدة التي تخلو من التيار الكهربائي..يقول المواطن سلام خالد..إن عمال الكهرباء لا يأتون إلا بشق الأنفس..وبعد مراجعات عديدة واتفاقات جانبية وكأن الراتب ما زال على وضعه السابق..ويضيف بحسرة..كلما حدث عطل في المحولة أو في الأسلاك التي توصل الكهرباء إلى البيوت فان عملية التصليح تستغرق أياما.

المواطن عبد الستار قال..في إحدى المرات حدث عطل في ثلاثة فروع من فروع الحي استغرق الحل لتصليح المحولة أيام العيد كلها وكانت أربعة ولم يأت العمال إلا بعد ( التواسيل ) وجمع مبلغ من المال من بعض البيوت وإعطائه إليهم..على الرغم من أن المهندس المسؤول في دائرة الصيانة أمر بتصليح العطل إلا أن العمال قالوا إن التصليح يحتاج إلى أسلاك جديدة وفواصم وقواطع ..والنتيجة مفهومة..الحصول على المال..

يجيب رئيس المهندسين عماد..سأقولها بصدق: إنني لا انفي قيام بعض العمال بأخذ المبالغ من المواطنين! ولكن المشكلة عندما يأتي المواطن ليشتكي فانه يرفض اعطاءنا الأسماء وبالتالي فان الأمر يصبح مرفوضا، فنحن لا نعرف أي العمال هم على الرغم من

المحاضرات والتوصيات. لكن الأمر متعلق بسلبيات (ترحلت) من العهد السابق الذي جعل العامل يمد يده ليأخذ رشاوى بسبب قلة الراتب وعدم المحاسبة..وهناك شيء آخر لا يعرفه المواطن : في كربلاء لدينا مركز صيانة واحد أنشئ سنة 1959 وكان عدد العمال لا يتجاوز العشرة يوم كانت كربلاء صغيرة تشغل بالديزل..والآن بعد هذه السنوات الطوال ما زال لدينا مركز واحد وكربلاء توسعت وصارت أحياء مترامية وعدد العمال لم يتجاوز الستين وبثلاث سيارات للوجبة الواحدة..نحن بحاجة إلى أربعة مراكز جديدة وتعيينات أخرى لنتمكن من سرعة الاستجابة لنداء المواطن وتغطية العطلات الكثيرة التي سببتها مشكلة قدم الشبكات الكهربائية.ويضيف: في السياقات المطبقة وفي كل دول العالم من المفترض أن يكون لكل خمسة آلاف وحدة سكنية مركز صيانة بثلاثين منتسباً وما هو مفترض في العراق وأمام ما نعانيه يجب أن يكون لدينا مركز صيانة واحد لكل وحدتين سكنيتين!!

خيوط العنكبوت في شوارع المدينة

أصبحت شوارع المدينة ذات سقوف سود على شكل خطوط متدلية.. وباتت الأعمدة الكهربائية تلتف حولها خيوط العنكبوت.. وصار لهذه الخيوط عمالها الذين يكسبون أرزاقهم من عمل ربط خيوط العنكبوت بين الأحياء..أسلاك كهربائية تقاطع فضاءات الشوارع حتى أنها أخذت تعطل مرور الشاحنات الكبيرة..انه مشهد تتكرر رؤيته في كل المدن.. يقول أحد رجال الدين: إن هذا حرام..هذا تجاوز على الممتلكات العامة واخذ حصة الآخرين..حرام علىكل من ( سحب ) كهرباء من حي آخر لبيته وهو ممنوع كذلك قانونا. يقول المواطن جواد: اعرف أن هذا ممنوع وحرام ولكن أصحاب المولدات هربوا بمولداتهم إلى بغداد لغلاء سعر الأمبير الواحد هناك وبتنا نعيش في ظلمة..ولأنني لا أستطيع شراء مولدة فهي تحتاج إلى (البانزين) الكثير الأزمات كما هو حاصل الآن.. الحاجة دفعت الجميع إلى عملية التجاوز.ويضيف: إن السبب الرئيس هو أننا بحاجة إلى كهرباء ولدينا أولاد في المدارس، وهناك حر لا يحتمل، وهناك سراق يخرجون في الظلمات إذا ما صعدنا فوق السطح وهناك أسباب أخرى.. كل ذلك دعانا إلى التجاوز..واعتقد انه حاجة ضمن حرمان لا يمكن تحمله إلا بهذه الطريقة.

 رئيس المهندسين عماد يقول..إن هذه التجاوزات هي من اكثر العقبات التي تواجه الدائرة.. وليس لدينا القوة القانونية أو ليس لدينا سلطة تدعمنا لتنفيذ القانون ومنع التجاوز..المواطن لا يعرف ما ذا تفعله هذه التجاوزات على الشبكات الكهربائية التي هي بالأساس قديمة ومستهلكة لا تتحمل أحمالا جديدة..نحن بحاجة إلى ثورة لتغيير اكثر من 90% من الشبكات التي عمر بعضها اكثر من أربعين عاما..ويضيف هناك تجاوزات أخرى لا تمتد حاجتها إلى ساعات القطع بل هي عملية مستمرة.. وهي وجود أحياء جديدة ومناطق كانت فارغة فاصبح التجاوز عليها ظاهرة مستباحة وهي بحاجة إلى

كهرباء، فتعمد إلى مد أسلاك كهربائية تتدلى من الأعمدة التي تسبب الصعقات الكهربائية إذا ما حدث عطل أو (زلغ بالواير )..ويؤكد المهندس عماد إن هناك اكثر من 34 حياً جديداً لا توجد فيه شبكات للكهرباء لعدم وجود التخصيصات، فيضطر المواطن إلى (سحب ) الكهرباء من الأحياء القريبة من سكنه فيكون هناك حمل آخر على المحولات التي صممت أساسا لتحمل جهداً معيناً، إذا ما عرفنا أن هذه المحولات قديمة وهي بحاجة إلى تغيير أصلا..أضف إلى ذلك الأحياء الجديدة المستحدثة في البساتين والأراضي الزراعية.

دائرة بلا مساعدات

أمام (حملات الإعمار) التي، على بساطتها، طالت الدوائر الأخرى لم تشمل دائرة الكهرباء.. المواطنون يقولون انهم لم يشاهدوا أية حملة لاعمار الشبكات الكهربائية فكل شيء على حاله..سيارات قديمة وسلالم محمولة على الأكتاف..وعمال ما زالوا يعملون بأدوات قديمة..المواطن امجد يقول: ذات مرة جاء أحد العمال لتصليح عطل في محولة الحي ..انزل سلمه من السيارة ولبس كفوفه ووجدتها مثقوبة..فكيف تريد من هذا العامل أن (يضبط ) عمله أمام هكذا حالة..

يجيب مدير دائرة الكهرباء: لم نحصل على مساعدات من أية جهة وان كنا حصلنا على شيء منها فهو لا يسد حاجة وكأنه قطرة من محيط..لقد وضعنا خطة لعام 2004 مثلا لم ينفذ منها شيء على الرغم من ان الشهر السادس سينقضي..هناك منظمات أرادت أن تنير الشوارع فقط فقلنا إن هذه الإنارة بحاجة إلى كهرباء والمواطن يريد النور في بيته قبل الشارع..أما قوات التحالف فقد زودتنا بعدد من المحطات الصندوقية تمت الاستفادة منها بعد المواجهات المسلحة التي شهدتها كربلاء مؤخرا، لأنها جاءت في وقتها كما يقولون..وما عدا ذلك لا شيء في الأفق من هذه المساعدات وما نعمل به هو من جهدنا وتعبنا..وما نحتاجه يفوق الشرح. يضيف المهندس عماد: مثلا لدينا رافعتا إنارة وما نحتاجه هو 20 رافعة لان العامل مازال يستخدم السلالم..ليس لدينا حفارات على الإطلاق وما نحتاجه هو 10 حفارات..نحتاج إلى رافعات ذات قدرات تحميلية عالية من 5 طن واكثر..وليس لدينا واحدة منها..لا توجد أية دائرة كهرباء في العالم ليس لديها مثل هذه الرافعات..نحتاج إلى اكثر من 30 سيارة للعمل الميداني للأقسام الفنية والتخطيط لان الدائرة ليست بناية بل يمتد عملها إلى ابعد نقطة فيها كهرباء تقع ضمن مسؤولياتنا، وما لدينا هو ثلاث سيارات صالحة للعمل..ثم إن العامل لدينا ليست لديه ملابس أو مستلزمات السلامة الصناعية فما زال يعمل وكأنه في خمسينيات القرن الماضي..إضافة إلى أن الدائرة بحاجة إلى عمال خاصة إذا افتتحت مراكز صيانة..والتعيينات متوقفة وما لدينا بحدود 80 عاملا والدائرة تحتاج إلى أضعاف هذا العدد..وإذا ما أردنا أن نتحدث عن الجانب الأمني فهذا أمر في غاية الصعوبة، فالعامل معرض إلى الاعتداء في أية لحظة وقد تعرض عدد من منتسبينا إلى

اعتداءات متكررة من قبل مجهولين، لذلك طلبنا من المواطن أن يستأجر سيارة لنقل العمال مع أدواتهم ليكونوا في حمايته..حتى اجور الكهرباء جعلنا عملية التسديد تتم في مراكز الجباية حفاظا على موظفينا من أي اعتداء؛ لأنه إذا ما كان مع الموظف مبلغ كبير قد جمعه من المواطنين في بيوتهم فان السرقة قد تحصل في أية لحظة!


الأغنياء يستطيعون  المغادرة لكن لا مهرب للفقراء من مواجهة الجريمة

باتريك كوكبيرن

ترجمة / عادل العامل

يشعر السيد قاسم سبتي بالفزع وهو يتحدث عن الاختطاف في بغداد. ويقول السيد سبتي، وهو رسام يملك صالة (حوار) للفن: (إن العديد من أقربائي اختطفوا بحيث إني أخشى أن أكون الضحية القادمة). وذكر اسم مالكة صالة فنية أخرى كان عليها أن تدفع للمختطفين مبلغ مئة الف دولار مقابل عودة حفيدتها.

الاختطاف يحقق ارباحاً أكبر!

وينتشر الخوف من الاختطاف في بغداد.

والسيد سبتي ليس بالرجل الثري بوجه خاص لكن الاختطاف يأتي في أعلى قائمة الاسباب التي تجعله يشعر بعدم الامان. ويقول: (إنك تشعر بأنك محظوظ إذا ما ذهب ابنك إلى المدرسة صباحاً وعاد سليماً في المساء).

ويعتبر الاختطاف إحدى المفردات العديدة التي أضيفت الآن إلى قاموس لغة اللصوص. فالضحية المختطفة، مثلاً، يسمونها (الطلي) أو الخروف، والشخص الذي يقوم بمهمة تحديد هدف جديد يسهم بثراء للمختطفين يدعى (العلاس)!

والحاصل الآن أن الانفجارات الانتحارية والمعارك بين القوات الامريكية والميليشيات هي التي تجتذب انتباه العالم الخارجي. غير أن حالة انعدام الامن المزمنة التي يشعر بها العراقيون هي نتيجة لتأثير الاجرام العنيف بدرجة مساوية تقريباً.

وقد قال المقدم فاروق محمود نائب رئيس فرقة مكافحة الاختطاف، في مركز قيادة الشرطة العراقية (إن المجرمين تحولوا إلى الاختطاف باعتباره نشاطاً مربحاً وخالياً من المخاطرة تقريباً: إن أهدافهم المفضلة هم الاطباء ورجال الاعمال. وفي 95 بالمئة من الحالات، يحصل المختطفون على المعلومات المطلوبة شخص قريب كصديق أو مساعد).

وعادةً ما تبلغ أسرة الرهينة بالاتصال برقم تلفون ثريا. وفشل قوات الامن الامريكية في مساعدة الشرطة العراقية لتعقب الثريا مصدر رئيس للتذمر وسط الضباط. فيقول المقدم محمود: (لقد أعطونا المعلومة لمرة واحدة. ووجدنا البيت حيث كان الضحية، وهوطبيب، وقد قتل، وكان المختطفون يطالبونه بعشرة آلاف دولار.)

غير أن فرقة مكافحة الاختطاف تحقق نجاحات فعلاً. ففي أحد الايام تلقى الرائد عبد الكريم معلومة من أحد المواطنين المبلغين بأن يلقي نظرة داخل بيت في بلدة سلمان باك جنوبي شرق بغداد.

(فوجدنا رجلين مربوطين ومكممين)، يقول الرائد، (وكانت هناك أسرة كاملة من المختطفين الذين يمتلكون مزرعة). وقد أرانا صورة للضحيتين، وهما شيخ اشيب الشعر وشاب، وقد احاط بهما ضباط الفرقة المنتصرون.

ولا تنتهي كل حالات الاختطاف، بالطبع، هذه النهاية السعيدة. ففي إحدى الحالات، أخذت ابنة رجل أعمال رهينة. وخلال الاحاديث بشأن إطلاق سراحها، قتل أخوها الرجل الذي كان يفاوضهم نيابةً عن المختطف. وبعد ايام قليلة أعيد رأس الفتاة في كيس. وعليه، فليس من المدهش أن يختفي الكثير من المنفيين العراقيين الذين عادوا بعد سقوط صدام.

وقد قال لي أحد الأشخاص: (إنني أحصل على القليل من المال لكن ليس بالقدر الكافي الذي يبرر هذا النوع من المجازفة.) وليس من المعروف كم هناك من الاختطافات يحدث في كل شهر. فالكثير منها لا يصل إلى علم الشرطة أبداً. وقد سأل أحدهم الرائد محمود عما إذا كانت لديه معدات لتعقب أثر اتصال تلفوني بواسطة الثريا. وعندما أجابه بالنفي قال: (في هذه الحالة، سأعالج هذا الاختطاف بنفسي).

وحين سألت الرائد محمود عن الكيفية التي ينبغي على رجل أعمال أن يحاول بها تجنب الاختطاف، قال بمرح، وسط ضحك الضباط الآخرين: (يذهب للخارج). وإذا لم يكن هذا ممكناً، فان على هؤلاء أن يخفوا حقيقة أن لديهم مالاً، وأن يراقبوا من يعمل لديهم من أشخاص، وينوعوا برنامجهم الروتيني. ولم يكن مدهشاً أن الكثير من العراقيين الأثرياء قرروا أن المسلك الأسلم هو الانتقال مع اسرهم إلى الأردن.

المضحك والمبكي في اخبار اللصوص

إن الاختطاف ليس التهديد الوحيد الذي تتعرضه له حياة المواطن العراقي اليوم. فقد هوجم ابن لأحد الأثرياء في بغداد وهو في سيارته من قبل مسلحين قبل أسابيع وكانت النتيجة غربلة السيارة بالرصاص. فقتلت زوجته وأبنه. ولا يزال من غير الواضح من الذي اراد اغتياله لكن العنف العشوائي السائد اليوم هنا شبيه بذلك الذي انتشر في أجزاء من روسيا في أوائل التسعينيات. والاختلاف هنا أن في العراق أيضاً خطر الموت قتلاً على أيدي المتمردين أو القوات الامريكية.

وكون المرء فقيراً في العراق اليوم لا ينجيه من الجريمة. ففي قلب بغداد، ضمن مشهد المنطقة الخضراء المحصنة حيث يقع مركز قيادة سلطة التحالف، تسرق الحافلات من قبل عصابات الشوارع كل يوم. وقد شاهد علي عبد الجبار، وهو سائق في محطة ساحة النصر، ركاب حافلته يتعرضون للسرقة ثلاث مرات، قائلاً: (وفي المناسبة الثالثة، قفز اللصوص إلى داخل الحافلة لأن الابواب مفتوحة في هذا الطقس الحار. فوقف اثنان منهم للحراسة في الخلف بينما راح آخران يجولان في الحافلة وهما يفتشان حقائب الناس ويسرقان ما يجدانه من نقود وحلي.)

ويقول السيد جبار: (وقد تركتني هذه التجربة اهتز، لا خوفاً بل غضباً. فقد حاولت أن لا اتطلع للوراء اليهم لئلا يعتقدون بأني يمكن أن اتعرف عليهم فيقتلونني. وعندما لاحظوا إني اتطلع اليهم ذات مرة من خلال المرآة طلبوا مني ان انظر بعيداً) وبعد عملية السرقة لم يذهب أحد إلى الشرطة. (ولم يناقش الركاب بعضهم

بعضاً الأمر، لأن هذا النوع من الامور أصبح جزءاً من الحياة اليومية في بغداد،) كما أضاف السيد جبار الذي يظن أن أغلب هؤلاء الركاب قد اعتقدوا، ولا بد، أنه كان على علاقة بتلك العصابة!

وهذه الفوضى الخطرة في الحياة اليومية هي أحد اسباب كون العراقيين على هذه الدرجة من معاداة الاحتلال. فحتى ضباط فرقة مكافحة الاختطاف لم يجدوا كلمة طيبة تقال عنهم.

ويتمتع المجرمون في العراق الآن بمزاج من الثقة العالية. فقد سرقت عصابة، في الناصرية مؤخراً عربة نقل بما فيها من أبقار وعددها اربع. وطلبوا فدية مقدارها مليون دينار، ولكنهم عادوا قائلين أيضاً أن الابقار كانت شرهة وأن على صاحبها أن يدفع خمسين الف دينار اضافياً للطعام الذي استهلكته، إذا اراد أن يرى أبقاره مرة أخرى!

 

 

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة